متى تدرك واشنطن مغزى هجمات الحوثيين على السعودية؟

متى تدرك واشنطن مغزى هجمات الحوثيين على السعودية؟


29/03/2022

يرى باحث ومفكر سياسي يمني، في سلسلة الهجمات التي نفذتها الميليشيات الحوثية على المنشآت السعودية، بأنها المحطة الأخطر في سياق الأزمة اليمنية، خصوصاً أنها تتمثل في محاولة الولايات المتحدة ربط مسار السلام الأمريكي في اليمن بثنائية المعادلة الإيرانية-السعودية، وليس ثنائية الشرعية اليمنية والانقلاب الحوثي.

وفي ضوء ذلك، يقول الباحث اليمني عبده سالم: "يصبح أيّ تحريك للملف اليمني ضمن هذه المعادلة الأمريكية البعيدة عن الشأن اليمني، وعبر أدوات غير أدوات الشرعية اليمنية، والتحالف الذي تقوده السعودية، أمراً غير ذي جدوى، خاصة عندما تتجاوز الخطة الأمريكية للسلام الملف اليمني إلى ملف المنطقة بشكل عام، وفي إطار خطة أمريكية لإدماج القضية اليمنية ومراكز الصراع الإقليمي بالمنطقة في بوتقة واحدة".

وبعثت سلسلة الهجمات العنيفة والمسلحة التي نفذتها الميليشيات الحوثية في اليمن، على المنشآت المدنية السعودية، بردود فعل إقليمية ودولية عديدة، والتي اصطفت تجاه إدانة تلك الحوادث المتكررة.

عبده سالم: التصعيد الحوثي يهدّد منظومة الأمن الإقليمي والدولي

وتسبّبت إحدى الهجمات الحوثية، نهاية الأسبوع الماضي، في اندلاع حريق هائل بمنشأة نفط تابعة لشركة أرامكو، غير أنّ تحالف دعم الشرعية ذكر أنّه "تمت السيطرة على الحريق دون وجود أيّة إصابات أو خسائر بشرية".

استهداف البنية التحتية السعودية

ووفق بيان التحالف الذي تقوده السعودية؛ فإنّ الهجمات الحوثية التي نجم عنها "نشوب حريق بخزانين اثنين تابعين للمنشأة النفطية"، لم تسفر عن خسائر بشرية، مؤكداً أنّه "ليس هناك أيّ تأثير أو تداعيات لهذه الهجمات العدائية على مناشط الحياة العامة بمدينة جدة".

اقرأ أيضاً: ماذا بعد قرار مجلس الأمن إدراج جماعة الحوثي على قوائم الإرهاب؟

وقال المتحدث باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع؛ إنّهم شنوا نحو 16 هجوماً، حيث جرى "استهداف أرامكو جيزان ونجران بأعداد كبيرة من الطائرات المسيرة، واستهداف أهداف حيوية ومهمة في مناطق جيزان وظهران الجنوب وأبها وخميس مشيط بأعداد كبيرة من الصواريخ البالستية"، وتابع: "رداً على  استمرار الحصار على اليمن وعمليات قوات التحالف، وتدشيناً للعام الثامن من الصمود، نفّذت قواتنا عملية كسر الحصار الثالثة، وذلك بدفعات من الصواريخ البالستية والمجنحة وسلاح الجو المسير".

المفكر السياسي اليمني عبده سالم: لـ "حفريات": تتجاوز الخطة الأمريكية للسلام الملف اليمني إلى ملف المنطقة، وفي إطار خطة أمريكية لإدماج القضية اليمنية بمراكز الصراع الإقليمي

ولا تعدّ الهجمات المسلحة التي تنفذها ميليشيات الحوثي أمراً جديداً أو طارئاً، حيث يحفل سجل التنظيم المسلح والمدعوم من إيران بوقائع عديدة. وخلال الشهر الجاري ارتفعت وتيرة الهجمات التي استهدفت المملكة، ومعها الانتقادات الأممية، وقد نددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالهجمات على السعودية، بينما قالت جالينا بورتر، نائبة الناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية، إنّ واشنطن تندد بهجمات جماعة الحوثي اليمنية على منشآت نفطية بالسعودية وتعدّها "غير مقبولة". وأضافت: "الولايات المتحدة تواصل العمل مع السعودية لتعزيز دفاعاتها".

وإثر هجمات مماثلة، منتصف الشهر الجاري، أكّد مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، على رفض وإدانة الولايات المتحدة لهجمات الحوثيين على "البنية التحتية المدنية" في السعودية، بينما طالب الحوثي بضرورة التعاون مع الأمم المتحدة وخفض التصعيد في النزاع، لافتاً إلى أنّ الحوثي "يشنّ هجماته بتمكين إيران" التي تزودهم بمكونات الصواريخ والطائرات المسيرة وبالتدريب والخبرة، الأمر الذي يعدّ بمثابة "انتهاك" لقرارات مجلس الأمن التي تحظر توريد الأسلحة إلى اليمن.

إدانة أممية لهجمات الحوثي

وشدّد مستشار الأمن القومي الأمريكي على أنّ الحوثيين رفضوا الدعوات لوقف إطلاق النار في اليمن "وردوا عليها بهجمات جديدة"، وقال إنّه "لا يمكن أن تتوقف الحرب إلا إذا وافق الحوثيون على التعاون مع الأمم المتحدة ومبعوثها"، كما أكد على أنّ واشنطن "ستواصل تقديم الدعم الكامل لشركائها في الدفاع عن أراضيهم" من هجمات الحوثيين.

 

اقرأ أيضاً: أزمة وقود جديدة يفتعلها الحوثيون لهذه الأهداف... والتحالف يُكذب مزاعمهم

وفي حديثه لـ "حفريات"، يوضح الكاتب والمفكر السياسي اليمني، عبده سالم؛ أنّ هناك تصعيداً حوثياً خطيراً عبر إطلاق المزيد من الصواريخ والمسيرات الحربية على المدن والمنشآت النفطية السعودية، الأمر الذي يهدّد منظومة الأمن الإقليمي والدولي، بينما يشل حركة النقل، وكذا تدفق النفط للأسواق الدولية.

يأتي كلّ ذلك بالتزامن مع التحضيرات لانعقاد مؤتمر إقليمي دعت إليه دول مجلس التعاون الخليجي لجمع الأطراف اليمنية، بمن فيهم الحوثي، بحسب سالم، وذلك من أجل التشاور للخروج بخطة وطنية إقليمية، لجهة تحقيق سلام شامل، وهو المؤتمر الذي رفضه الحوثي، ثم لم يكتفِ بهذا الرفض إنّما عمد إلى التصعيد الميداني، بواسطة الصواريخ والمسيرات الإيرانية على المدن السعودية، في تحدٍّ واضح لإرادة اليمنيين ودول مجلس التعاون على حد سواء.

من المرجح أن تضاعف واشنطن من ضغوطاتها على وكلاء إيران بالمنطقة في حال استمرار التصعيد بالشكل الذي يهدد مصالح واشنطن، والوجود الأمريكي بالمنطقة، فضلاً عن حلفاء الولايات المتحدة

ويتابع: "لا شكّ في أنّ هذا التصعيد ستكون له انعكاساته على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكذا على مستوى مشاريع المبعوث الأممي في اليمن؛ بالإضافة إلى ارتداداته على شكل وطبيعة وجهات النظر السعودية- الأمريكية المتباعدة بالأساس إزاء مسألة الحوثي في اليمن، لا سيما أنّ مسار السلام الذي ينتهجه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في اليمن، مرتبط بشكل وثيق بخصوصية العلاقة السعودية– الأمريكية أكثر من ارتباطه بالشأن اليمني".

 

اقرأ أيضاً: قائد القوات المشتركة: الحوثيون قابلوا مبادرات السلام بانتهاكات... هذا ما ارتكبوه خلال 16 شهراً 

ويشير الأكاديمي اليمني، الدكتور ثابت الأحمدي، إلى أنّ هناك عدة مساع إقليمية، تقودها السعودية الإمارات تجاه التهدئة والوصول لتسوية سياسية للحلّ في اليمن، لافتاً في الوقت ذاته إلى وجود فرضيتين فيما يتصل بتعاطي الإدارة الأمريكية مع الحوثيين "الإرهابيين"، الأولى أنّ واشنطن "متخبطة" في رؤيتها، ولا تمتلك موقفاً واضحاً حيال هذه الجماعة المدعومة من طهران، لأيّ سبب من الأسباب، بالتالي، تغلب "الحالة الرمادية والضبابية" على مواقفها.

ثابت الأحمدي: الإدارة الأمريكية تدرك جيداً كل تصرفاتها وتعرف الحوثيين وارتباطاتهم الخارجية

والفرضية الثانية، وفق الأحمدي، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّها (أيّ الإدارة الأمريكية) تدرك جيداً كل تصرفاتها وتعرف الحوثيين وارتباطاتهم الخارجية، بالتالي، تمارس لعبة "البيضة والحجر"، بمعنى أنّ "قلبها مع الشرعية ومع المملكة العربية السعودية، لكن سيفها مع الحوثيين وإيران".

 

اقرأ أيضاً: "الحوثي" يستوفي معايير الإرهاب

ويلفت الأكاديمي اليمني إلى أنّ الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قد أدرج الحوثيين في قائمة المنظمات الإرهابية في نهاية فترة رئاسته، وفجأة جاء بايدن ليرفعهم من القائمة، ثم عاد وصنّف جماعة منهم في قائمة المنظمات الإرهابية، وغير بعيد أن يتم رفع هؤلاء من القائمة مستقبلاً.

 

اقرأ أيضاً: كيف يتحوّل الاعتداء على الإمارات إلى وبالٍ على الميليشيا الحوثية؟

يتفق والرأي ذاته، المحلل السياسي اليمني، أبو سياف الحميد، والذي يرى أنّ الحوثي بكلّ المعايير الحقوقية الدولية يعدّ "تنظيماً إرهابياً"، الأمر الذي تؤكده عقوبات الخزانة الأمريكية، مؤخراً، على شبكات دولية تقوم بتمويل الحوثيين؛ وهي العقوبات التي جاءت على خلفية العدوان العسكري على مطار أبو ظبي حيث تتواجد القاعدة العسكرية الأمريكية بالقرب منها والذي يعدّ تهديداً مباشراً لمصالح واشنطن بالخليج.

ويؤكد الأحمدي، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّه يتعين على إدارة بايدن إعادة تفعيل قرار الإدارة الأمريكية السابقة، برئاسة دونالد ترامب، بخصوص تصنيف الحوثي جماعة إرهابية، لكن إدارة بايدن اكتفت بفرض عقوبات على شركات تقوم بتمويلها، ومنها مؤسسات تابعة لحزب الله اللبناني، كما أنّه من المرجح أن تضاعف واشنطن من ضغوطاتها على وكلاء إيران بالمنطقة في حال استمرار التصعيد بالشكل الذي يهدد مصالح واشنطن، والوجود الأمريكي بالمنطقة، فضلاً عن حلفاء الولايات المتحدة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية