ما هي مآلات المواجهات مع إسرائيل وما مستقبل حزب الله بعد اغتيال نصر الله؟

ما هي مآلات المواجهات مع إسرائيل وما مستقبل حزب الله بعد اغتيال نصر الله؟

ما هي مآلات المواجهات مع إسرائيل وما مستقبل حزب الله بعد اغتيال نصر الله؟


03/10/2024

يعد حادث الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله حادث نقطة تحول في تاريخ الحزب، ستكون لها تداعياتها على مصيره، ومستقبل ومآلات مواجهاته المسلحة مع إسرائيل، وربما أيضا علاقته بإيران والمحور الشيعي الذي تقوده.

كما وصفه مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" الأبرز ضمن سلسلة من “العمليات الناجحة” التي نفذها الجيش الإسرائيلي، وعطّلت بشكل كبير نظام القيادة والسيطرة لدى حزب الله، وقوّضت عددًا ضخمًا من قياداته السياسية والعسكرية، وحيّدت جزءًا كبيرًا من قدراته الاستراتيجية، في أقل من أسبوع، منذ بدأت حملتها الجوية الكثيفة ضد الحزب.

الأمين العام السابق لحزب الله: حسن نصر الله

واعتبر المركز في دراسة بعنوان "ماذا بعد اغتيال حسن نصر الله؟.. مستقبل حزب الله ومآلات المواجهات مع إسرائيل"، أن التردد وبطء الرد الإيراني على العمليات الإسرائيلية التي طالت حتى قلب العاصمة الإيرانية طهران، بطرق عديدة، منح تل أبيب الفرصة لضرب أكبر عدد ممكن من الأهداف، وتهديد حزب الله وجوديًا، قبل أن تقرر الجمهورية الإسلامية ومحورها شكل وحجم الرد المناسبين.

هل سيسقط حزب الله في الفوضى؟

واستبعد المركز إمكانية سقوط الحزب في الفوضى وتفكيك أواصره بعد فقدان القيادة والسيطرة، بقتل قيادته السياسية والعسكرية فقط، وذلك بالنظر إلى الدور المتعدد الأوجه، الذي يلعبه حزب الله في لبنان بما في ذلك حضوره السياسي وسيطرته على شبكات الرعاية الاجتماعية ــ يوفر حاجزًا ضد الانهيار. 

كما أنه، وعلى النقيض من الجماعات والتنظيمات الأصغر حجمًا التي تتفكك عندما تفقد قادتها، متأصل في المجتمع اللبناني، الأمر الذي يجعل بقاءه أكثر ترجيحًا، حتى في ظل عمليات قطع رؤوس القادة.

وأشارت الدراسة إلى أن مسيرة حزب الله، الممتدة لأكثر من 40 عامًا، أثبتت أنه لا يعتمد فقط على القادة الأفراد. فالتنظيم يعمل ككيان منظم ومنضبط للغاية، مع آليات داخلية قوية تسمح له بالصمود في وجه التحولات القيادية. 

لا تزال القيادة الأمنية لحزب الله، بحسب ما هو متاح من معلومات لمركز "تريندز"، حتى الآن، سليمة لم تُمس، بل وتمارس مهامها في ضبط وتنظيم صفوف الحزب، وتنسيق العمل الميداني داخليًا وخارجيًا. فضلًا عن أنه في حال صحت الأخبار حول سلامة خليفة نصرالله المنتظر، هاشم صفي الدين، فمن المحتمل أن يمارس الحزب حملة مكثفة وعنيفة ضد أهداف ومدن إسرائيلية، كما سيأتي لاحقًا.

ما الذي تريده إسرائيل من حملتها في لبنان؟

بدأت إسرائيل نهجًا جديدًا؛ بعد 11 شهرًا من عملية “السيوف الحديدية”، قررت خلاله ممارسة الضغط العسكري الكثيف على حزب الله؛ وبعد تأكد إسرائيل من أن “حماس” باتت في أضعف حالاتها منذ نشأتها، وفي ظل تردد حزب الله وإيران في الرد على تل أبيب، كما هددا مرارًا، تمهيدًا لخوض مواجهة مفتوحة.

وقد اتخذت في ذلك جملة من الخطوات؛ أبرزها ر هدف الحرب على لبنان من “حراسة الشمال”، كجبهة ثانوية، إلى هدف إعادة سكان الشمال إلى منازلهم. وكان هذا إجراءً حكوميًا لجعل العمليات العسكرية والاستخباراتية الوشيكة التي ينفذها الجيش والموساد في لبنان جزءًا من الحرب، وتخصيص الموارد، وفقًا لذلك.

ثم بدأت حملة ضد قادة حزب الله وكبار مقاتليه، وكانت عملية نسف أجهزة “النداء الآلي” واللاسلكي” بين يدي الآلاف من قيادات وعناصر حزب الله، يومي 17 و18 أيلول / سبتمبر، هي العملية النوعية الكبرى والفريدة من نوعها.

كما شنت ضربة نوعية في بيروت في 20 أيلول / سبتمبر، أدت إلى مقتل جميع قادة “وحدة الرضوان” تقريبًا، خلال اجتماع سري، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصرالله، في عمليات استهداف دقيقة، تشير إلى اتساع حجم وعمق الاختراقات الإسرائيلية للحزب وكوادره.

ولاحقا نفذت حملة قصف جوي مكثفة استهدفت مخزونات ومستودعات الأسلحة والذخيرة لدى حزب الله، ومنصات إطلاق الصواريخ والقذائف. والمرجح أن تستمر هذه الحملة أسابيع عدة؛ بهدف تقليص مخزون الحزب من الصواريخ والقذائف بشكل منهجي.

ما الذي سيفعله حزب الله؟.. الخيارات والتحديات

تقول الدراسة إن ما سيأتي بعد اغتيال حسن نصرالله سيعتمد على ما سيفعله الحزب، وما ستفعله إيران. والملاحظ حتى الآن أن سلسلة العمليات السرية والعلنية التي شنتها إسرائيل، في الآونة الأخيرة، ضد حزب الله، وردود الفعل المنضبطة نسبيًا من جانب الحزب، تسببت في اعتقاد أصبح شائعًا، على نطاق واسع، بأن الحزب لم يعد قادرًا على الدفاع عن عناصره وردع إسرائيل.

لكن اغتيال نصرالله قد يجبر حزب الله على شن ضربات موسعة على إسرائيل؛ في محاولة لتنفيذ عملية انتقامية، وردع المزيد من المحاولات الإسرائيلية؛ لاستهداف ما تبقى من قادة الحزب.

وترى الدراسة أن الحزب لا يزال قادرًا على إطلاق وابل كبير من الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى على المدن الإسرائيلية الكبرى والمواقع العسكرية، مرجحة أن ن تكون هذه الضربات مصممة بشكل متزايد؛ لإرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وإلحاق خسائر كبيرة في الأرواح؛ ردًا على محاولة اغتيال نصرالله.

الحسابات الإيرانية.. ما الذي ستفعله طهران؟

قبل بضعة أيام من العملية في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، التي أسفرت حتى الآن عن مصرع حسن نصرالله وعدد آخر من قادة الحزب، ورَد أن حزب الله ناشد النظام الإيراني القيام بعمل عسكري مباشر ضد إسرائيل. 

ومع ذلك، يبدو أن طهران لم تستجب للطلب. ويبدو أن إيران لا تجد أي سبب للتدخل المباشر في هذه المرحلة، وتعتقد أن إسرائيل لا تستطيع إنزال الهزيمة الكاملة بحزب الله، ولكن ستُستدرج إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.

ولاحظت الدراسة أن إحجام طهران عن الاستجابة للتحديات الإسرائيلية مرتبطًا باستراتيجيتها الجيوسياسية الأوسع نطاقًا. فإيران منخرطة حاليًا في جهود دبلوماسية مع الغرب، خاصة فيما يتصل ببرنامجها النووي، والتدخل العسكري المباشر في لبنان سيخلط الأوراق الإيرانية تمامًا في هذا الملف.

كما أشارت إلى أن طهران فضلت أن تظل موردًا ومنسقًا للهجمات المسلحة ضد إسرائيل بطريقة تتجنب إعطاء تل أبيب مبررًا لضرب أهداف استراتيجية داخل أراضيها، أو تدفع الولايات المتحدة إلى التدخل المباشر ضد إيران نيابة عن إسرائيل. 

اغتيال نصرالله قد يجبر حزب الله على شن ضربات موسعة على إسرائيل في محاولة لتنفيذ عملية انتقامية وردع المزيد من المحاولات الإسرائيلية

وهو ما يشير إلى أن طهران تتحرك بحذر؛ لتوازن بين رغبتها في تجنب الصراع المكلف، والحاجة إلى الحفاظ على صورتها كحليف موثوق به لدى حزب الله وغيره من الحركات المتحالفة معها.

ومن المرجح أن تزيد طهران من حجم مساعداتها لحزب الله؛ لضمان بقائه في ظل استمرار حملة الاغتيالات والهجمات المستهدفة التي تشنها إسرائيل ضد حزب الله، ، وكذلك ستدفع الميليشيات الإقليمية الأخرى في “محور المقاومة” إلى شن هجمات لدعمه. 

ومع ذلك، فإن إحجام إيران عن اتخاذ أي إجراء نوعي وفاعل، خاصة بعد فشلها في حماية زعيم حزب الله، نائب المرشد الإيراني الأعلى في لبنان، وقبله، منع هزيمة “حماس” من جانب إسرائيل، يثير، بحسب الدراسة، تساؤلات حول استعدادها لحماية حلفاء طهران في لحظات الأزمة.

مآلات الضربات ضد حزب الله.. السيناريوهات المحتملة للمواجهة مع إسرائيل

طرحت الدراسة مجموعة من السيناريوهات المتوقع حدوثتها،؛ بينها تكثيف إسرائيل الضغط العسكري على حزب الله وصولًا إلى العملية البرية، وهو السيناريو المتوقع، ويتأسس على مدركات لدى تل أبيب، مفادها أن وضع حزب الله الحالي الضعيف والمتصدع يوفر لها فرصة لتوجيه مزيد من الضربات؛ من أجل فرض المزيد من تدهور القدرات الاستراتيجية للحزب.

وتوقعت الدراسة نجاح حزب الله في “اختبار نقل القيادة” ومفاقمة الحالة الأمنية داخل إسرائيل، ويتأسس هذا السيناريو على صعود شخصية بحجم وسمات “هاشم صفي الدين”، الرئيس التنفيذي لحزب الله، إلى موقع قيادة الحزب، وما يعنيه ذلك من نقلة مهمة تنهي تردده في توجيه ضربات كثيفة ومركزة ضد أهداف استراتيجية إسرائيلية، وذلك حسبما يتردد بأن “صفي الدين” كان من أنصار استهداف تل أبيب مباشرة.

كما يمكن دفع إيران باتجاه دخول الميليشيات التابعة لها في سوريا إلى داخل لبنان، وهو سيناريو ضعيف، بحسب الدراسة، ويفترض قيام طهران بالدفاع عن حزب الله بشكل غير مباشر، من خلال عدم الاكتفاء بإرسال مستشارين من الحرس الثوري؛ لرأب الصدوع التي حدثت في بنية حزب الله القيادية والعملياتية، لكن إلى جانب ذلك الدفع باتجاه دخول نحو 40 ألفًا من عناصر الميليشيات التابعة لها في سوريا إلى الداخل اللبناني لمساندة حزب الله.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية