لا تزال مدينة نيس السياحية الواقعة جنوب غربي فرنسا تعيش تداعيات الصدمة جراء حادثة الطعن التي شهدتها كاتدرائيتها أول من أمس، كما تتوالى المعلومات عن القاتل الذي نفذ الهجوم، وقتل فيه 3 أشخاص، وقطع رأس امرأة من بينهم.
وقال مسؤول الادعاء في قضايا الإرهاب بفرنسا، أول من أمس، إنّ المشتبه به في قتل 3 أشخاص داخل كنيسة نوتردام بمدينة نيس، وصل إلى المدينة بالقطار حاملاً بطاقة هوية تابعة للصليب الأحمر الإيطالي، وفق وكالة "فرانس برس".
وأضاف المسؤول الفرنسي إنّ المشتبه به بدّل ملابسه في محطة القطار ثم ترجّل إلى الكنيسة ليشرع في هجومه.
الادعاء الفرنسي: وصل المتهم إلى نيس بالقطار حاملاً بطاقة هوية تابعة للصليب الأحمر الإيطالي
ووفقاً للمعلومات، فإنّ منفذ هجوم نيس التونسي إبراهيم العويساوي، من مواليد 29 آذار (مارس) 1999، وينحدر من قرية سيدي عمر بوحجلة في القيروان وكان يقيم في صفاقس.
وغادر العويساوي تونس في رحلة هجرة غير شرعية في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي ووصل إلى مدينة باري الإيطالية يوم التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) قبل أن يتوجه إلى نيس الفرنسية.
ووفقاً لمسؤول فرنسي، فقد رصدت كاميرات المراقبة الشاب في محطة القطار في نيس، ثم توجه مشياً على الأقدام مسافة 400 متر حتى وصل إلى كنيسة نوتردام، حيث نفذ هجومه الدموي بالسكين.
وكان قد قال متحدث قضائي تونسي إنّ المشتبه به التونسي في هجوم نيس لم يكن مصنفاً كمتشدد قبل أن يغادر تونس.
إبراهيم العويساوي، من مواليد 29 آذار 1999، وينحدر من قرية سيدي عمر بوحجلة في القيروان وكان يقيم في صفاقس
غير أنّ مسؤولاً قضائياً تونسياً كشف لوكالة "رويترز" للأنباء أنّ المشتبه به في هجوم نيس سبق أن اعتقل في العام 2016 بسبب العنف واستعمال سلاح أبيض.
وقال المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في تونس، محسن الدالي، أمس، إنّ الملف القضائي يشير إلى توقيفه قبل 4 أعوام بسبب عنف في المنطقة التي يقطن بها عندما كان قاصراً.
وكانت الشرطة ذهبت الى عائلة العويساوي، أول من أمس، وأجرت تحقيقات مع أفراد العائلة التي نفت أن يكون متشدداً.
وقال شقيق إبراهيم ياسين العويساوي متحدثاً لـ"رويترز" في بيتهم " أخبرنا إبراهيم عندما اتصل بهم فجراً يوم الخميس عبر الفيديو أنه وصل للتو إلى نيس ووجد مكاناً في أسفل مدرجات مبنى مقابل للكنيسة سيخلد فيه للنوم ويرتاح قليلاً، وأنه لم يعرف أحداً هناك، وقال إنه سيغادر المبنى في الصباح ويبحث عن تونسي للتحدث معه ليرى ما إذا كان يمكنه البقاء معهم أو العثور على وظيفة".
أوقف إبراهيم قبل 4 أعوام بسبب جريمة عنف في المنطقة التي كان يقطن بها عندما كان قاصراً
وإبراهيم العويساوي اعتقل لارتكاب جريمة عنف واستعمال سكين قبل أربع سنوات عندما كان مراهقاً. وتخلى عن المخدرات والكحول وبات مداوماً على الصلاة، إلا أنه لم يكن مدرجاً على أي قائمة تونسية أو فرنسية للجهاديين المشتبه بهم، وفقاً للشرطة في البلدين.
في منزل عائلة العويساوي بطينة في ضاحية صفاقس، يبكي والداه وتسعة من إخوته وهم يتحدثون تحت وقع الصدمة. وعندما عرضت تقارير التليفزيون موقع الهجوم، تعرفوا على المكان لأول وهلة وقالوا إنه حدثهم من المبنى الذي كان يتلقى فيه العلاج بعد إصابته برصاص الشرطة.
ولم يخبر إبراهيم عائلته بمخططه للهجرة لعلمه أن والدته كانت ترفض ذلك لكنه أصر على الذهاب هذه المرة بعد أن فشل في ذلك العام الماضي مثل كثيرين من أقرانه في المنطقة وفي عديد من جهات البلاد ممن يحلمون بالوصول إلى أوروبا بحثاً عن كسب سريع وتحسين أوضاعهم البائسة.
وتحدث ياسين بصدمة عن طموحات شقيقه قائلاً "لقد كان يقول أريد أن أعمل وأن أتزوج وأن أشتري منزلاً وسيارة مثل أي شخص آخر".
وتقول عائلته وجيرانه إنه كان يبيع الوقود المهرب في كشك صغير للوقود بالمنطقة.
السلطات التونسية سمحت بفتح تحقيق فيما إذا كان هناك وجود لجماعة تُدعى "المهدي بالجنوب التونسي"
كانت عائلة العويساوي تعيش في طينة منذ أن كان إبراهيم رضيعاً، وهو واحد من ثلاثة أولاد وسبع فتيات في العائلة بعد أن انتقلوا للعيش هناك قادمين من منطقة نائية في القيروان اسمها بوحجلة.
وقالت أخته عفاف لـ"رويترز" إن إبراهيم انقطع مبكراً عن الدراسة وإنه لا يتقن أي لغة باستثناء العربية.
واشتغل العويساوي ميكانيكياً قبل أن يوفر قليلاً من المال ليشتري مضخة وقود لعلها تساعده في توفير ما يحتاجه للوصول إلى الضفة الأخرى.
عائلته وجيرانه يقولون إنه لم يكن معروفاً أن لديه أي آراء متشددة أو ينتمي إلى دوائر جهادية وكان لا يتردد بانتظام على مسجد المنطقة.
وأعلنت السلطات القضائية في تونس في وقت سابق فتح تحقيق في شبهة تورط تونسي في عملية إرهابية.
من ناحية ثانية، أفادت وكالة الأنباء التونسية، أمس، أنّ السلطات سمحت بفتح تحقيق فيما إذا كان هناك وجود لجماعة تُدعى "المهدي بالجنوب التونسي" وأنها نفذت هجوم نيس، بعد مزاعم تتعلق بإعلان مسؤوليتها عن الهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت الوكالة إنّ مكتب المدعي العام بمحكمة مكافحة الإرهاب التابعة للسلطة القضائية فوض وحدة أمنية متخصصة لإجراء هذه التحقيقات.
وأضافت الوكالة أنّ الوحدة ستسعى لمعرفة ما إذا كان التنظيم موجوداً ومدى مصداقية المزاعم التي أُثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه المسؤول عن الهجوم الذي وقع في المدينة الفرنسية أول من أمس.