ما النتائج المترتبة على إخراج السودان من قائمة "رعاة الإرهاب"؟

ما النتائج المترتبة على إخراج السودان من قائمة "رعاة الإرهاب"؟


28/10/2020

بدأت نتائج رفع اسم السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب، المُدرج فيها منذ عام 1993، تتحقق تدريجياً، على أرض الواقع، فبعد أيام قليلة من القرار الأمريكي، شهدت البلاد بوادر انفراجة نسبية للوضع الاقتصادي الذي عانى الأمرّيْن في فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، كما ارتفع سعر الجنيه أمام الدولار بنسبة 25% للمرة الأولى منذ عدة عقود.

 

بدأت نتائج رفع اسم السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب المُدرج تتحقق تدريجياً

ويتوقع مراقبون زيادة المكتسبات الناتجة عن رفع البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وانعكاسها على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما يسهم في عملية الاستقرار والتنمية وتحسين مستويات المعيشة وتحقيق الاستغلال الأمثل من موارد الدولة.

انتهاء العزلة وفك الحصار

في 23 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أعلنت الولايات المتحدة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد أن حولت الخرطوم 335 مليون دولار في حساب لضحايا هجمات على سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا وعائلاتهم، وقالت رئاسة مجلس الوزراء السودانية، الأحد الماضي، إنّ إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ستؤدي للبدء في إعفائه من الديون الخارجية المتراكمة، وإعادته للتعامل مع المؤسسات المالية الدولية والاستفادة الكاملة من المنح التنموية والعون العالمي.

في 23 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أعلنت الولايات المتحدة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب

يقول السياسي والباحث السوداني الدكتور المحبوب عبد السلام، إنّ بلاده عاشت في أزمة طويلة الأمد نحو قرابة ثلاثة عقود بسبب وضعها على قوائم الدول الراعية للإرهاب، ورسّخت جهوداً مُضنية للخروج منها ورفع العقوبات التي كانت تقوض الاستثمارات والتنمية ومعظم أشكال التعاون الدولي والخارجي، وجعلت السودان دولة معزولة خاصة فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: رفع السودان من قوائم الإرهاب: دعاية لترامب وتحفيز لنتنياهو

ويتابع عبد السلام في حديثه لـ "حفريات" أنّ بلاده تأثرت بشكل بالغ الضرر بسبب وضعها ضمن الدول الراعية للإرهاب، "فكانت تعاني من حصار سياسي واقتصادي تسبب في تراكم الديون، وتراجع مستويات الاستثمار والتنمية نظراً للقيود المفروضة على التعاملات المالية مع عدة دول، لذلك سعى قيادات الحكم الانتقالي بقوة للخروج من "عنق الزجاجة" والتوصل إلى حل لرفع الحصار المفروض على البلاد"، مشيراً إلى أنّ "الفترة الحالية هي فترة انتقالية، ولكنها تأسيسية في الوقت ذاته، وكان من المستحيل تحقيق أي نجاحات خاصة في المجال الاقتصادي بدون هذه الخطوة".

اقرأ أيضاً: هل يدرج السودان قريباً حزب الله اللبناني على قوائم الإرهاب؟

ويوضح عبد السلام أنّ "الخروج من الحصار الكبير المفروض على البلاد كان يقتضي بالضرورة فتح ملف تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أنّه كان الدافع الرئيسي للسودان للتداخل في هذا الملف الذي لم يكن ضمن أولويات المرحلة الانتقالية، ولكنه كان ضرورياً بوصفه خطوة أساسية لتحقيق هدف الخروج من قوائم الإرهاب، برغم أن تصريحات المسؤولين تقول إن الملفين غير مرتبطين ببعضهما".

عام من التفاوض

وفي خطاب متلفز، قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إنّ التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لرفع اسم البلاد من هذه القائمة تطلب جهود سنة من التفاوض، ونتطلع لأن يخطر ترامب الكونغرس رسمياً بإزالة اسم السودان؛ لأنّ هذا القرار يمثل أقوى دعم للانتقال نحو الديمقراطية في السودان ولشعبه؛ إذ إنّ تصنيفه على قوائم الإرهاب كلّفه كثيراً وأضر ّضرراً بالغاً، مؤكداً أنّ شعبه لم يكن يوماً راعياً للإرهاب أو داعماً له، مشيراً إلى أنّ نتائج المناقشات التي أدارها الخبراء السودانيون مع الإدارة الأمريكية لأكثر من سنة توصلت إلى تخفيض مبلغ العقوبات من 10 مليارات دولار أو تزيد إلى بضع مئات من الملايين.

ارتفع سعر الجنيه السوداني أمام الدولار بنسبة 25% للمرة الأولى منذ عدة عقود

ولفت عبد السلام إلى أنّ "رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان اتخذ الخطوة الأولى بهذا الصدد عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو  في أوغندا مطلع العام الجاري، وهو لقاء أثار حفيظة الشعب السوداني، وكذلك الأحزاب، ولكن بعدما اتضح الأمر وأنه موصول بخروج السودان من القائمة اختلفت الرؤية كثيراً ووضعت الأمور في نصابها الحقيقي".

اقرأ أيضاً: ماذا فعل الترابي بالسودان؟

ووفق رئاسة مجلس الوزراء السوداني، سيؤدي القرار إلى البدء في عملية إعفاء السودان من الديون الخارجية المتراكمة، عبر مبادرة إعفاء الدول الأكثر فقراً والمثقلة بالديون، وهو عبء أثقل كاهل الاقتصاد السوداني، إذ يبلغ أكثر من 60 مليار دولار معظمها من فوائد ومتأخرات الديون التي تجاهل النظام البائد تسديدها، وذلك في إطار برنامج إصلاحي اقتصادي شامل قامت الحكومة بإعداده وإجازته.

المواطن السوداني أهم المتأثرين بالقرار

ويرى الباحث السوداني أنّ انعكاسات إدراج بلاده على قوائم الإرهاب كانت حاضرة وبقوة في حياة المواطن في كافة المناحي وخاصة الاقتصادية؛ مثل الوقود والخبز وكل أسس الحياة، مشيراً إلى أنّ الشعب السوداني لديه رغبة حقيقية ومُلحّة في تنمية شاملة وتحسن في ظروف المعيشة والارتقاء بالخدمات والتنمية.

 

رئاسة مجلس الوزراء السوداني: سيؤدي القرار إلى البدء بعملية إعفاء السودان من الديون الخارجية المتراكمة

وعن نتائج القرار يقول عبد السلام إنه "في البداية؛ سيحدث انفراج من القبضة المطبقة على عنق السودان منذ سنوات، وسيتم جدولة الديون وزيادة حجم التعاون الدولي وزيادة المنح المقدمة للمشروعات والتنمية، كما سيتم ضخ الاستثمارات دون قيود على التمويلات، كما ستسمح بعودة السودان إلى النظام المصرفي العالمي مما يسهل عملية التحويلات البنكية"، مشيراً إلى أنّ السودان بلد يمتلك مقدرات ضخمة في مجال الزراعة  و"متوقع أن يكون ضمن البلاد المساهمة في حل مشكلة الغذاء، لذلك سيستفيد بشكل كبير من التكنولوجيا الزراعية في إسرائيل، ولكن الأهم أنّ العلاقات ستتحسن مع أمريكا ورفع العقوبات سيساعد على تحقيق تعاون اقتصادي كبير مع القوى الدولية والإقليمية".

حمدوك: التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لرفع اسم البلاد من هذه القائمة تطلب جهود سنة من التفاوض

ومن جانبها عبرت وزيرة المالية السودانية، هبة محمد علي، في تصريح لها، عن تفاؤلها بشأن رفع بلادها من قوائم الإرهاب، وقالت إنّ "الحكومة ستسعى  للدفع باتجاه إعادة فتح فروع لمصارف أجنبية كما ستحصل على 7.1 مليار دولار سنوياً، وأن الحكومة تعمل على إعادة جدولة الديون المترتبة على السودان أو إعفائه منها".

عودة الاستثمارات الدولية.. أهم المكاسب

من جانبه، يرى الباحث المصري المتخصص في الشأن الأفريقي عبد المنعم علي، أنّ أهم التغييرات الإيجابية المتوقعة جراء رفع السودان من قوائم الإرهاب، تتمثل في فتح الباب أمامه لاستقبال دعم الهيئات الدولية المانحة، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، و"من شأن ذلك أن يعزز فرص السودان في استقبال الاستثمارات الدولية، كما يفتح المجال أمام مشاركة السودان في المنتديات الاقتصادية المختلفة تمهيداً لدمج البلاد في النظام المالي الدولي وتسهيل الاستثمار".

اقرأ أيضاً: هذا ما تستفيده السودان بعد رفع اسمها من قوائم الإرهاب

ويتابع في دراسة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب: دلالات وتبعات "، أنّه نتج عن إدراج السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب خسائر سياسية واقتصادية عديدة، قدّرها البعض بحوالي 350 مليار دولار، نتيجة لتوقف التدفقات المالية والتسهيلات الدولية، الأمر الذي حال دون تمكن السودان من إجراء التحويلات المالية مع المؤسسات المالية الدولية، فضلاً عن القيود المختلفة التي تفرضها قائمة الإرهاب الأمريكية مثل المساعدات الخارجية التي تقدمها الحكومة الأمريكية، وحظر صادرات الدفاع ومبيعات الأسلحة، وكذلك تقييد تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج إلى السودان وبعض السلع الزراعية الاستراتيجية والأجهزة الطبية، فضلاً عن فقد الخرطوم لنسبة كبيرة من الأساطيل الجوية والبحرية بسبب نقص قطع الغيار ووقف أعمال الصيانة، الأمر الذي أدى إلى حدوث اختلالات مالية وتراجع اقتصادي كبير. وبهذا المعنى، فإنّ رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب يمكن أن يُحدث تغييرات إيجابية متعددة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية