ما الفوائد التي ستحصدها الإمارات حال نجاح بعثتها إلى المريخ؟.. مركز كارنيغي يجيب

ما الفوائد التي ستحصدها الإمارات حال نجاح بعثتها إلى المريخ؟.. مركز كارنيغي يجيب


23/07/2020


قال "مركز كارنيغي للشرق الأوسط"، في تحليل على موقعه الإلكتروني، إنّ الرحلة الفضائية التي أطلقتها دولة الإمارات العربية المتحدة إلى المريخ قبل أيام "تعيد الذاكرة إلى الإنجازات العربية والإسلامية في مجال العلوم، وتحضّ العرب على إحياء هذه الروح". وأضاف المركز الأمريكي أنّ دولة الإمارات تستهدف بذلك "تدعيم وضعيتها الجديدة كقوة إقليمية صاعدة، وإعادة تشكيل النظام الجيوسياسي الشرق أوسطي لصالحها".

كارنيغي: قدرة الإمارات على إنجاز المهمة المريخية ومدى تأثير ذلك على سياستها الخارجية النشطة سيُحدد الدرجة التي ستُطوّر بموجبها نفسها إقليمياً

ولفت مركز كارنيغي إلى أنّ "الإمارات تريد عبر خوضها غمار السباق إلى الفضاء وضع نفسها في حقل لطالما احتلّه خصوم إقليميون كإسرائيل وإيران". وتابع: "يتركّز التفكير الإماراتي على تميّز دولتهم عن باقي الدول، وترقية أجندتها الخاصة رغم التحديات المحيطة". وأكد المركز في تحليله "أنّ الإمارات ستحصد فوائد جمّة في حال نجحت بعثتها إلى المريخ".

وبشكل متسارع، أضحى الفضاء مساحة جديدة لدول الشرق الأوسط، تعرض فيه سطوتها وتتنافس في خضمه على قيادة المنطقة، بحسب "كارنيغي" الذي أردف يقول: "تُعتبر دولة الإمارات، التي أطلقت قبل أيام رحلة فضائية إلى المريخ، صورة لهذا التوجه، الذي يهدف أيضاً إلى تحفيز روح الاعتزاز لدى الإماراتيين والمواطنين العرب عموماً. فهذه ستكون المرة الأولى التي تُطلق فيها دولة عربية رحلة إلى الفضاء الخارجي".

مشاعر عروبية

"مسبار الأمل" هو الاسم الذي أطلقته الحكومة الإماراتية على مهمتها إلى المريخ، التي أحاطتها بمشاعر عروبية. فهذه الرحلة، وفقاً للمركز الأمريكي، "تعيد (الذاكرة) إلى الإنجازات العربية والإسلامية في مجال العلوم، وتحضّ العرب على إحياء هذه الروح. كذلك، ليس ثمة نقص هنا في الحماسة الوطنية الإماراتية: إذ وقّتت دولة الإمارات إنجاز المهمة قبل الذكرى السنوية الخمسين لقيام الدولة، في كانون الأول (ديسمبر) 2021. كما ربطتها أيضاً بهدف أكبر؛ وهو تشييد مستوطنة بشرية على المريخ خلال المئة عام المقبلة، أي بحلول العام 2117".

قوة إقليمية صاعدة

وفي معرض توقعات المركز الأمريكي لأهداف وآفاق المهمة الإماراتية إلى المريخ ذكر كارنيغي أنها تستهدف تدعيم وضعيتها الجديدة كقوة إقليمية صاعدة وإعادة تشكيل النظام الجيوسياسي الشرق أوسطي لصالحها، هذا علاوةً على أنها دشّنت، ضمناً، سباقاً إقليمياً في الفضاء، وهو نسبياً أمر مُستجد في الشرق الأوسط. وأشار المركز البحثي إلى أنّ "قدرة دولة الإمارات على إنجاز هذه المهمة المريخية ومدى تأثير ذلك على سياستها الخارجية النشطة، سيُحدد الدرجة التي ستُطوّر بموجبها نفسها إقليمياً".

في الواقع، إسرائيل هي الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي بدأت برنامجاً فضائياً في العام 1983، وقد استفادت من الخبرة الأمريكية، واستطاعت إطلاق قمر اصطناعي استطلاعي العام 1988. كذلك، حاول الإسرائيليون الهبوط على القمر في العام 2019، لكنهم فشلوا في ذلك. لكن، وعلى الرغم من أن البرنامج الفضائي الإسرائيلي هو الأقدم في المنطقة، إلا أنه لم يكن أولوية لتل أبيب. وهذا ليس الحال مع دبي، كما يقول مركز كارنيغي، فدبي أسّست مركز محمد بن راشد للفضاء العام 2006، وقامت الحكومة الاتحادية في الإمارات بتبنّيه وتوسيعه في العام 2014 من خلال إقامة وكالة الإمارات للفضاء. وتشاركت الإمارات مع ثلاث مؤسسات أكاديمية أمريكية في تصميم وإعداد بعثتها إلى المريخ. وكوّنت الإمارات فريقاً لدعم هذه الجهود ضمّ أفراداً لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والثلاثين، ثلثهم من النساء، وبرئاسة وزيرة يافعة، هي سارة الأميري، التي تدير ملف التكنولوجيا المتقدمة في الدولة. أبرزت هذه الخطوات صورة الإمارات بأنها تحمل راية الشباب والنساء، وبأنّ المشروع ينطوي على تعاون دولي تضمّن تصنيعاً في الولايات المتحدة وإطلاقاً من اليابان.

بيت الحكمة العربي

وفضلاً عن إسرائيل، تظهر إيران نشطة إقليمياً في الفضاء، لكن تعاونها الدولي لم يكن على قدر الوتيرة الإماراتية الكثيفة نفسها. مع ذلك، كانت طهران تنتج الأقمار الاصطناعية منذ تأسيس وكالة الفضاء الإيرانية في العام 2004، ما جعلها الدولة الفضائية الثانية في المنطقة. كما أنها أرسلت حيوانات إلى الفضاء، وأطلقت مسباراً عسكرياً في نيسان(أبريل) الماضي.

اقرأ أيضاً: بماذا علق محمد بن راشد على وصول أولى صور مسبار الأمل؟.. صورة

وأشار مركز كارنيغي إلى أنّ السعودية كانت قد قادت جهداً عربياً في العام 1976 لبناء القمر الاصطناعي "عرب سات"، وأطلقت أول رائد فضاء عربي إلى الفضاء، هو الأمير سلطان بن سلمان. وقد شجعت مشاركة الأمير في رحلة مكوك الفضاء "ديسكوفري" في العام 1985 على التفكير في وضع سياسة فضائية. بيد أن ذلك عُلٍّق بعد تحطّم مكوك "تشالنيجر".

الإمارات ستحصد فوائد جمّة في حال نجحت بعثتها إلى المريخ. فمثل هذا الإنجاز لم تحققه سوى أمريكا وروسيا والهند ووكالة الفضاء الأوروبية

وقال مركز "كارنيغي" إنّ "الإمارات ستحصد فوائد جمّة في حال نجحت بعثتها إلى المريخ. فمثل هذا الإنجاز لم تحققه سوى الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق والهند ووكالة الفضاء الأوروبية. الفضاء هو الخطوة المناسبة التالية للإمارات، التي قد ترفع مكانة البلاد أكثر. وهذا سيسمح لها بتعزيز صعودها بعد العام 2011 كقوة وسطى في المنطقة بعد أفول نجم المراكز الإقليمية التقليدية، وكل هذا قد يمنح الإمارات وزناً أكبر في القضايا الإقليمية الشائكة.

ولأن الإمارات، بحسب كارنيغي، لم تُرد أن تذهب هذه اللحظة من الاهتمام الإقليمي بالتوجه إلى الفضاء سُدى، قامت بتأسيس أول مجموعة عربية للتعاون الفضائي العام 2019. ضمّت هذه المجموعة 11 دولة عربية كان هدفها الأول تطوير "813"، وهو قمر اصطناعي لاستطلاع الأرض؛ جاء اسمه من السنة التي وصل فيها بيت الحكمة العربي إلى ذروته، مع تسنّم المأمون منصب الخلافة في العصر العباسي؛ إبان ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، وسطوع نجم العِلم فيها. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية