ما أبرز ملامح المشهد السياسي الفرنسي قبيل الانتخابات التشريعية؟

ما أبرز ملامح المشهد السياسي الفرنسي قبيل الانتخابات التشريعية؟


01/06/2022

يشهد الشارع الفرنسي حالة من الزخم السياسي قبل نحو أسبوعين من انعقاد الانتخابات التشريعية المقررة في الفترة من 12 إلى 19 حزيران (يونيو) الجاري،  لاسيما أنّها تجري في ضوء الكثير من التحديات التي تشهدها البلاد إثر تداعيات الأزمة الأوكرانية، وأبرزها الأزمة الاقتصادية.

وبدأ الفرنسيون بالخارج بالتصويت في الانتخابات التشريعية، يوم الجمعة ٢٧ أيار (مايو) الماضي، وحتى الأربعاء 1 حزيران (يونيو) الجاري، عبر الإنترنت، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

ويواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي بدأ ولاية جديدة بالبلاد مطلع الشهر الماضي، تحديات كبرى تتعلق بمدى قدرته على حسم الانتخابات المقبلة، في مواجهة التحالفات الانتخابية لأحزاب اليسار من جهة، واليمين المتطرف بزعامة منافسته الأقوى مارين لوبان، خاصة أنّ استطلاعات الرأي التي جرت في البلاد مؤخراً رجحت احتمالات تقدم تحالف اليسار الراديكالي بقيادة جان لوك ميلانشون، على كتلتي ماكرون ولوبان.

 فيما تشير آخر الإحصائيات إلى أنّ 49% من الفرنسيين لايرغبون في هيمنة الرئيس ماكرون وحركته على الجمعية الوطنية وعلى رئاسة الوزراء، ويفضلون أن يكون اليسار هو المتوج بالانتخابات التشريعية، بحسب مراقبين.

ملامح بارزة في المشهد الانتخابي الحالي

تطفو الكثير من الملامح المميزة لهذه الانتخابات، أبرزها التوقيت، والظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد في الفترة الراهنة، في مقدمتها الأزمة الاقتصادية، وحالة التنافس السياسي بين الكتل المختلفة بينما يحتل تحالف اليسار مقدمة استطلاعات الرأي للأحزاب المرشحة لحسم غمار الانتخابات، بحسب المحلل السياسي، رئيس تحرير صوت الضفتين بباريس نزار الجليدي.

 نزار الجليدي: يحتل تحالف اليسار مقدمة استطلاعات الرأي للأحزاب المرشحة لحسم غمار الانتخابات

وفي قراءته للمشهد الانتخابي الراهن في البلاد، يقول الجليدي في تصريح لـ"حفريات"، إنّ الأولوية التي يجب أن يركز عليها المرشحون هي تقديم حلول للملفات الاقتصادية، خاصة القضايا التي تهم قطاعات كبيرة من الجمهور الفرنسي مثل ارتفاع الأسعار، والإستراتيجية الخاصة بالتعامل مع واردات الغاز ومدى القدرة على تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين خلال الفترة المقبلة مع استمرار الأزمة الأوكرانية.

نزار الجليدي: يتجه تكتل اليسار الفرنسي لحسم الانتخابات التشريعية المقبلة بقوة وكذلك التيار الاشتراكي، في ضوء تغير الأولويات لدى الشارع وتزايد الضغوط الاقتصادية

ويتوقع المحلل السياسي أن يتجه تكتل اليسار الفرنسي لحسم الانتخابات التشريعية المقبلة بقوة وكذلك التيار الاشتراكي، الذي تتعالى حظوظه يوماً تلو الآخر، في ضوء تغير الأولويات لدى الشارع وتزايد الضغوط الاقتصادية والحاجة المُلحّة لإيجاد حلول ناجزة لتلك الأزمات المتفاقمة إثر تداعيات الأزمة الأوكرانية، مشيراً إلى أنّ البلاد تتجه نحو حدث جديد من المساكنة السياسية بين رئيس حكومة وبرلمان يساري ورئيس جمهورية يميني، هو إيمانويل ماكرون.

ماذا تعني المساكنة السياسية؟

والمقصود بالمساكنة السياسية في فرنسا، عدم انتماء رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلى التيار السياسي نفسه، بمعنى أنّ غالبية نواب الجمعية الوطنية لا ينتمون إلى التيار السياسي الذي ينتمي إليه رئيس البلاد.

تطفو الكثير من الملامح المميزة لهذه الانتخابات، أبرزها التوقيت، والظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد في الفترة الراهنة

وبحسب "فرانس 24"، عرفت فرنسا هذا النوع من المساكنة السياسية 3 مرات خلال الجمهورية الخامسة، أولاً في عهد  ميتران مع جاك شيراك من 1986 لغاية 1988 ثم بين ميتران وإدوار بلادور من 1993 إلى 1995 وأخيراً بين جاك شيراك ورئيس الحكومة الاشتراكية ليونال جوسبان من 1997 إلى 2002.

ولا يروق هذا الوضع عادة، لرئيس الجمهورية الذي يفقد بعض الصلاحيات المتعلقة بالسياسة الداخلية نتيجته، لكن بإمكان رئيس الجمهورية إجبار رئيس الحكومة على الاستقالة شريطة تنظيم انتخابات تشريعية جديدة، وفق الدستور الفرنسي.

كيف تجري الانتخابات في البلاد؟

تسمح الانتخابات التشريعية بانتخاب 577 نائباً في الجمعية الوطنية، يصوتون على القوانين الجديدة. يقوم أيضاً النواب بمراقبة أعمال وأداء الحكومة؛ إذ بإمكانهم مساءلة الوزراء، كتابياً أو شفهياً، مرتين في الأسبوع (الثلاثاء والأربعاء) حول المستجدات السياسية والاقتصادية في الدوائر الانتخابية التي فازوا فيها أو حول مواضيع تتعلق بالشؤون الداخلية للبلاد، بحسب "فرانس 24".

إنّ 49% من الفرنسيين لايرغبون في هيمنة الرئيس ماكرون وحركته على الجمعية الوطنية وعلى رئاسة الوزراء

وتنقسم فرنسا إلى 566 دائرة انتخابية، فيما تمت إضافة 11 دائرة انتخابية جديدة في 2012 تمثيلاً لمليوني ونصف مليون فرنسي يعيشون في الخارج ليبلغ العدد الإجمالي للدوائر 577.

وتتنافس في الانتخابات الفرنسية المقبلة 3 كتل سياسية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، الأولى هى الكتلة الداعمة للرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، وحزبه الذي غيّر اسمه إلى "النهضة" بدلاً من "الجمهورية إلى الأمام"، وحزب الوسط الديمقراطي، وحزب "هورايزون" (آفاق) إضافة إلى أحزاب أخرى صغيرة وشخصيات انضمت إلى ماكرون حديثاً والكل تحت مسمى "معاً".

أما الكتلة الثانية فتعود لحزب "التجمع الوطني" الذي تتزعمه مارين لوبان، منافسة ماكرون في الجولة الرئاسية الحاسمة التي حصلت على 41.5% من الأصوات؛ فهي تحظى بشعبية كبيرة وتنوي الدفع بمرشحين عن كافة الدوائر دون استثناء، بعد أن رفضت عرض التحالف من منافسها الأكثر يمينية وشعبوية، إريك زيمور، الذي حصل على 7% من الأصوات.

وتعود الكتلة الثالثة لليسار بكل ألوانه وبزعامة جان لوك ميلونشون، رئيس حزب "فرنسا المتمردة" أو "فرنسا الأبية" الذي حصل في الدورة الرئاسية الأولى على أكثر من 7 ملايين ناخب (22% من الأصوات).

مواضيع ذات صلة:

إخوان فرنسا: عقود من الانتشار والتغلغل والازدواجية

كيف ستنعكس رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي على تركيا؟

في تقرير غير مسبوق: 7 أسباب تصنع الإرهابيين في فرنسا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية