ماذا ينتظر قيادات النهضة المتهمين بـ"تسفير الشباب التونسي"؟

ماذا ينتظر قيادات النهضة المتهمين بـ"تسفير الشباب التونسي"؟

ماذا ينتظر قيادات النهضة المتهمين بـ"تسفير الشباب التونسي"؟


20/09/2022

تشكل إعادة فتح قضية "تسفير الشباب التونسي" المتهم فيها قيادات حركة النهضة الذراع السياسية لجماعة الإخوان بالبلاد، الفصل الأخير في تاريخ الحركة المأزومة، ونهاية نشاطها السياسي، وأنّه سيقود مستقبلاً لتقديم دوافع قانونية لحل الحركة وطيّ صفحة الإخوان في البلاد إلى غير رجعة، وفق خبيرين تحدثا لـ"حفريات".

وعاد الملف الأخطر إلى واجهة الجدل في تونس، بعدما أوقفت السلطات مؤخراً عدداً من المسؤولين والسياسيين من قيادات حركة النهضة، على ذمة قضية تسهيل تسفير المئات من   الشباب التونسي لبؤر إرهابية في الفترة التي حكم فيها التنظيم البلاد إبّان عام 2011، أبرز تلك القيادات النائب السابق عن الحركة في البرلمان التونسي الحبيب اللوز، وهو محسوب على الجناح المتشدد أو التنظيم السري للحركة، بحسب مراقبين، وشغل منصب المدير العام السابق لإدارة الحدود والأجانب بوزارة الداخلية، وتم توقيفه الأربعاء الماضي.

وفي القضية ذاتها، أوقف رجل الأعمال وصاحب شركة الطيران "سيفاكس"، وهو المرشح السابق للانتخابات الرئاسية محمد الفريخة، الذي سبق له أن ترشح للبرلمان أيضاً عن "النهضة"، وشملت التوقيفات أيضاً، بحسب صحيفة "النهار العربي"، عدداً من المسؤولين الأمنيين، من بينهم محافظ سابق لمطار تونس قرطاج الدولي.

كما أصدرت النيابة التونسية ليل الثلاثاء قراراً باستمرار احتجاز، نائب رئيس حركة النهضة علي العريض، إلى يوم الأربعاء، بعد تحقيقات جرت معه خلال الأسبوع الجاري على ذمة القضية ذاتها.

مسمار أخير في نعش إخوان تونس

المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي قال في تصريح لـ"حفريات": إنّ ملف تسفير الشباب التونسي لبؤر الإرهاب والتطرف إلى خارج الدولة، هو أخطر الاتهامات التي تواجه حركة النهضة داخل البلاد، ويُعدّ بمثابة المسمار الأخير في نعش الحركة الإخوانية التي مارست ودعمت مختلف أشكال العنف والتطرف إبّان حكمها للبلاد، خلال (10) أعوام يطلق عليها التونسيون "العشرية السوداء".

نزار الجليدي: ملف تسفير الشباب التونسي لبؤر الإرهاب والتطرف إلى خارج الدولة، هو أخطر الاتهامات التي تواجه حركة النهضة

وبحسب الجليدي، فإنّ قضية تسفير الشباب ليست بجديدة، وتمّت إثارتها عدة مرات خلال فترة حكم الإخوان للبلاد، ولكنّ الجماعة استخدمت أذرعها السياسية داخل البرلمان لقبر القضية نهائياً والتغطية عليها، وقد واجه النواب الذين أثاروا الملف آنذاك تهديدات بالقتل، وتم تعنيفهم والاعتداء عليهم من جانب عناصر تابعة للجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية، مشيراً إلى أنّه سبق أن تم تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في تلك القضية في آذار (مارس) عام 2017، ولكنّها لم تتمكن من ممارسة مهام عملها بسبب تلك التهديدات الإخوانية.

الجليدي: العودة إلى الحديث عن الملف، وعرضه مجدداً على جهات التحقيق في تونس، واستدعاء شخصيات بارزة من قيادات النهضة، يدلل على أمر غاية في الأهمية، هو انتهاء عصر الاختراق الإخواني للقضاء التونسي

 

وأشار الجليدي إلى تصريحات رئيسة اللجنة آنذاك ليلى الشتاوي، التي قالت تعليقاً على تلك التهديدات: "وقع إرباكنا وتخويفنا من داخل حزب النهضة ومن خارجه أثناء العمل على قضية تسفير الشباب  التونسي لمناطق الصراعات وبؤر الإرهاب في الخارج"، وتابعت: "تعرّضت وعائلتي لمضايقات عديدة وتهديدات، وهناك شخصيات من النهضة ومسؤولون يشتبه بتورطهم في تسهيل عملية تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، كما أنّ بعضهم أدار جمعيات ومؤسسات لهذا الغرض".

لماذا يُعدّ ملف التسفير القضية الأخطر في تونس؟

إجابة عن هذا السؤال يقول الجليدي: إنّ القضية ذات أوجه متعددة يختلط فيها السياسي والديني والقضائي؛ "فمن ناحية السياسة استغلت حركة النهضة سلطتها داخل الدولة لتسهيل عملية تسفير مئات الشباب للحرب في مناطق الصراعات والإرهاب، وهذه خيانة عظمى للوطن، ومن الناحية الدينية استغل شيوخ النهضة المصطلحات الدينية للتلاعب بالعقول وغسل الأدمغة وإقناع هؤلاء بالفكر المتطرف وتحويلهم إلى أداة بغيضة لإدارة صراعات وحروب، تتخذ فيها الجماعات المتطرفة من الدين شعاراً ظاهرياً مغلوطاً، بينما تُدار لصالح أجهزة بعض الدول، ومن الناحية القضائية يرى الجليدي أنّ هذا الملف يكشف عن جانب أسود في فترة حكم الإخوان يتعلق بالهيمنة الإخوانية على المؤسسات القضائية والسيطرة عليها لصالح التنظيم، والضغط على رجال القانون بشكل غير مسبوق لإغلاق ملفات بعينها لصالح التنظيم.

وضع حدٍّ لاختراق القضاء التونسي

وينوه الجليدي إلى أنّ العودة إلى الحديث عن الملف، وعرضه مجدداً على جهات التحقيق في تونس، واستدعاء شخصيات بارزة من قيادات النهضة، يدلل على أمر غاية في الأهمية، هو انتهاء عصر الاختراق الإخواني للقضاء التونسي، ووضع حدٍّ لسيطرة التنظيم على المؤسسات القضائية، وفتح كافة الملفات التي تتماس مع أمن الدولة والمواطن أمام جهات التحقيق بمنتهى الشفافية، وهو مطلب شعبي لطالما طالب به التونسيون وعملوا على تحقيقه.

حازم القصوري لـ"حفريات": ملف التسفير هو بداية لقائمة طويلة من الاتهامات تواجه الجهاز السري للنهضة، وما تزال هناك قضايا خطيرة تنتظر الكشف عنها؛ أبرزها ملف الاغتيالات السياسية

 

وحول هذه النقطة يتفق مع الجليدي، الخبير القانوني التونسي حازم القصوري، الذي شدد في تصريحه لـ"حفريات" على أهمية سيادة دولة القانون في الجمهورية الجديدة، التي سبق أن أعلن عنها الرئيس التونسي، مشيراً إلى أهمية قطع أيدي الإخوان عن المؤسسات القضائية بالبلاد، وترك الحرية كاملة لجهات التحقيق المختصة للعمل بمنتهى الكفاءة والنزاهة مع كافة الملفات دون أيّ تدخلات سياسية، وفي مقدمتها القضايا التي تتعلق بأمن البلاد وسلامة المواطنين، مؤكداً أنّ ملف التسفير هو بداية لقائمة طويلة من الاتهامات تواجه الجهاز السري "العلبة السوداء" للنهضة، وما تزال هناك قضايا خطيرة تنتظر الكشف عنها؛ أبرزها ملف الاغتيالات السياسية "مقتل السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي".

ما العقوبات القانونية التي تنتظر حركة النهضة؟

يتفق الخبيران على أنّ جملة الاتهامات الموجّهة إلى قيادات حركة النهضة تدفع نحو اتجاه واحد، وهو إصدار حكم قضائي بحلّ الحركة ومنع نشاطها السياسي باعتبارها متهمة بقضايا تتعلق بأمن البلاد وعليها إدانات بملف الإرهاب والاغتيالات السياسية، وأيضاً التعاون مع جهات أجنبية بما يهدد أمن الدولة.

حازم القصوري: الإجراءات الخاصة بحل النهضة قد بدأت بالفعل

ومن الناحية القانونية يرى حازم القصوري أنّ الإجراءات الخاصة بحل النهضة قد بدأت بالفعل، بعد توجيه الاتهامات من جهات التحقيق لقياداتها، وفي مقدمتهم زعيم الحركة راشد الغنوشي، بملفات تلقّي تمويلات خارجية إبّان الانتخابات، وأيضاً الاتهامات الخاصة بالإرهاب، فضلاً عن الدلائل القانونية التي تقدّمت بها هيئة الدفاع عن السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، والتي تؤكد تورط الجهاز السري للحركة في مقتلهما.

وبحسب القصوري، تتحمل الحركة كافة المسؤولية القانونية والجنائية عن تسفير المئات وربما الآلاف من المواطنين التونسيين إلى مناطق الصراعات في العراق وسوريا، وتقديم مساعدات لجمعيات ومؤسسات عملت في هذا المجال، باستغلال مناصبهم التنفيذية داخل البلاد وقيامهم بمهام تتعلق بشكل مباشر بالأمن القومي، وجميعها اتهامات تقتضي أقصى العقوبات المقررة في القانون التونسي باعتبارها خيانة وعمالة للخارج.

مواضيع ذات صلة:

هل يجر اتحاد الشغل تونس إلى فوضى جديدة؟

الهجرة غير الشرعية في تونس تواصل حصد الأرواح.. أما من حلول؟

لماذا يعارض اتحاد الشغل التونسي مسار قيس سعيّد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية