مؤتمر حركة البناء الجزائرية ... لم يتغيّر أي شيء!

مؤتمر حركة البناء الجزائرية ... لم يتغيّر أي شيء!

مؤتمر حركة البناء الجزائرية ... لم يتغيّر أي شيء!


08/05/2023

أسدل المؤتمر الثاني لحركة البناء الوطني الجزائرية، ليل السبت الأحد، ستائره دون أن يسفر الموعد عن أي تغيير، حيث واصل "الحرس القديم" هيمنتهم على الحزب، رغم رفع ثالث فصيل إخواني من حيث الانتشار، شعار "التجدّد".  

شهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي استمرّ يوماً فحسب، تصريحات مثيرة أطلقها رئيس حركة البناء عبد القادر بن ڨرينة (61 عاماً)، حيث خاطب أتباعه قائلاً: "تستحقون قائداً أفضل مني، فعلى الفاشل أن ينزوي ويتأخر عن القيادة، وضعفي لا يسمح لي أن أقود الحركة، إذ لا ينبغي أن يكون الدماغ أصغر من الجثة، وأنتم جثة عظيمة وأنا لكم رأس ضعيف، لذا فأنا أنسحب من منصب القيادة" (...).

هذا الكلام الذي أفرز لغطاً عارماً، شكّك فيه عموم العارفين بشخصية وزير السياحة السابق الذي حلّ وصيفاً في آخر انتخابات رئاسية شهدتها الجزائر، وعجّت منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات شدّد أصحابها على أنّ إعلان بن ڨرينة "محض استعراض في مسرحية سيئة الإخراج"، وبالفعل لم تمض أكثر من 13 ساعة، ليخلف النائب السابق نفسه على رأس حركة البناء إلى غاية العام 2028، علماً أنّ الرجل يرغب في الترشح مجدداً إلى الانتخابات الرئاسية المزمعة في كانون الأول (ديسمبر) 2024.

وفي مشهد بدا أنّه مُعدّ سلفاً، شهد المركز الدولي للمؤتمرات بالضاحية الغربية للعاصمة، الإعلان عن تزكية بن ڨرينة رئيساً للحزب الذي خرج من عباءة التشكيلة الأمّ حركة مجتمع السلم (أكبر واجهة محلية للإخوان).

تأسست حركة البناء الوطني في 22 آذار (مارس) 2013

وبأسلوب التزكية ذاته، اختير أحمد محمود خونا وسعيد نفيسي نائبين لبن ڨرينة، كما زُكّي نصر الدين سالم شريف رئيساً لمجلس الشورى الوطني، تماماً مثل نائبيه عبد السلام ڨريمس ومسعود بن يخلف.

وانتهى المؤتمر بشكل مغاير لتأكيد بن ڨرينة قبل أيام أنّه سيتمّ "تغيير الأشخاص واللوائح والقوانين"، مضيفاً: "قدّمت 5 سنوات على رأس الحركة، ولا يُمكن أن أقدم أكثر، وأمنيتي أن أستريح، وهناك من هُم أكفأ مني خطابة وتداولاً".

عاصفة انتقادات

استغرب ناشطو منصة التواصل (فيسبوك) حديث بن ڨرينة عن الانسحاب ثمّ قبوله بالاستمرار رغم وصفه لنفسه بـ "الفاشل"، وأوعز محمد بونهلة: "لو كان صادقاً لرفض البقاء حتى لو طلب منه مجلس الشورى ذلك، برأيي الأمر يتعلق بفيلم شاهدناه كثيراً منذ زمن الراحل جمال عبد الناصر وغيره ممن ادّعوا رمي المنشفة لاستعطاف الناس ثمّ تسمّروا في مناصبهم".

وكتب الناشط محمد بنز: "هل صدقتم أنّ الرجل يفرّط في جيبه؟"، في المقابل، جزم ناشط استخدم كنية "عبدو الكابيتانو" أنّ "البناء حركة فاشلة هي وأعضائها"، بينما لفت طاهر حماد: "والله ليس مستوى قائد سياسي لحركة إسلامية، لاحظوا كيف أنّه يريد أن يصبح رئيساً ويرتكب أخطاء لغوية كارثية توجع سيبويه في قبره".

وردًا على تصريحات متزعّم حركة البناء: "كل من يشوه مؤسسات الدولة أو رئاسة الجمهورية أو يتعرض لها بالسوء فهو خائن، ومن يمزّق نسيج المجتمع، ووحدة الشعب خائن"، عقّب محمد هيثم دنين: "هذا ليس كلاماً يا بن ڨرينة، كما أنّ تخوينك للمعارضين لا يصحّ، فالحريات مكفولة بالنص الالهي، ولا تحاولوا وضع الشعب بين خيارين، الثالث أشرّ منهما، الحق في الحرية أساسي ولا تراجع عنه، حرية التعبير، حرية التنقل… ما دام لا يوجد فيها تعدٍ على الغير أو على الأمن القومي للبلاد، فكفى شعبوية ومحاولة اللعب على حبل الوطنية والدين والوالدين وغير ذلك. الوطن في مكانه والحرية في مكانها ولا يجوز حملهما على الكفّة نفسها".

وأردف عبد الحكيم مايدات: "هو يملك راتب وزير وراتب برلماني له ولابنه، فإذا لم يدافع ويراوغ، فإنه مجنون"، فيما شدّد علي عادل على أنّ "الوطنية للفقراء، والوطن لحفنة من الوزراء"، على حدّ تعبيره، بينما تساءل مصطفى ين ياغا: "والله أمر محيّر، وأنا سأبقى حائراً، كيف يعذّب روحه كل مرة، بينما رئيس الجمهورية لم يُدل بأي خطاب مباشر، لكن بن ڨرينة يُزغرد في كل دورة"، واعتبر عبد النور جدي ورابح بن عالية أنّ بن ڨرينة يردّد "الشعارات الرنانة... مجردّ كلمات يطبّقها هو والمنتمون لحزبه".

واقترح صابر عميري على بن ڨرينة الآتي: "أريد أن أتقاضى نصف ما تتقاضاه، وأستثمر رُبع ما أخذت، وسأموت في حبّ هذا الوطن"، فيما لفت بادي عرار: "خطاباته لا تقنع الأطفال أنفسهم، يحيّرني الناس الذين يتابعونه، لكم عقول؟ أم الخشخاش في أدمغتكم؟ ولله في خلقه شؤون".

وأردف كمال صيد: "والله العظيم لم أعد أفهم شيئاً، أليس هناك مسؤول جزائري مثالي برتبة شاب أنيق يمتلك عقلية شبابية، لا نشاهد إلاّ الشيوخ بعقليات تجاوزها الزمن"، في وقت أشار أحمد منال إلى أنّ "التاريخ في كل مرة يعيد نفسه في الجزائر"، مضيفاً: "كلكم تتاجرون بالوطنية، لكن فى وقت الشدة لا تجدون إلاّ من يعشق هذا الوطن".

وأشار علي زبير إلى أنّ: "المواطن هو السيّد، والوطن يكون وطناً بتوفر كل الأشياء التي ذكرتها، لذا اختر في ما بينها يا بن ڨرينة"، وانتهى فايد أبو ناصر إلى أنّه: "لا أمان للإخوان المفلسين ... نسأل الله أن يكفينا شرهم".

موجة سخرية

اختار رواد موقع "فيسبوك" استخدام أسلوب السخرية في التعليق على ما آل إليه مؤتمر حركة البناء، وكتب الناشط زهير بودلال: "ما يحدث لنا في هذه الأيام ناتج عن نقص البصل في الجسم"، وأتى كلام بودلال في إحالة على أزمة البصل التي يعاني منها الجزائريون للشهر الثالث توالياً.

من جانبه، رأى سمير حسين أنّ "بن ڨرينة يصلح ممثلاً رئيسياً في السلسلة التلفزيونية الفكاهية المحلية (عاشور العاشر)"، واستطرد عنتر نصيب: "الحمد لله على نعمة العقل".

وأضاف سعيد ماني: "تعجبني يا بن ڨرينة، عندك قدرة فائقة للعادة على لملمة الحشود، واصل ونحن نثمّن مجهوداتك"، في حين نصح خليفي حاج أحمد، بن ڨرينة بـ "ممارسة فن التهريج"، وغرّد الناشط ناصر دحام: "إذا خُيّرت بين الصلاة في مسجد والصلاة على رصيف، فعليك أن تختار الصلاة في الرصيف".

وفي رسالة مشفّرة، وجّه مراد بولوص طلباً لبن ڨرينة: "قل لابنك يأتي ليخدم معنا الوطن، أم أنّ معيشته كنائب في البرلمان ستنسيه ذلك"، كما استفهم سعد مكي: "إذا تمّ تخييرنا بين البطالة والفقر، ماذا تختار لابنك براء؟".

من جهته، دعا رضا مخلوف، بن ڨرينة لأن "يُمكّنه من أخذ هكتارات من الأراضي، حتى يغدو مواطناً صالحاً" (..)، في إحالة على ما تردّد بشأن استفادة الوزير السابق من آلاف الهكتارات في محافظة ورقلة الجنوبية.

مواضيع ذات صلة:

"الإسلام السياسي" انتهى في الجزائر

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

تونس... دعم جزائري ودولي في مواجهة التحذيرات الغربية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية