مؤتمر برلين 2 ومفاوضات بوزنيقة... هل تنتهي أزمة ليبيا؟

مؤتمر برلين 2 ومفاوضات بوزنيقة... هل تنتهي أزمة ليبيا؟


06/10/2020

اختتم أمس بالعاصمة الألمانية برلين الاجتماع الوزاري الذي عقد بشأن ليبيا عبر دائرة تلفزيونية وبرعاية ألمانية ودولية.

وقد رحّب المشاركون بالمؤتمر في البيان الختامي بالمحادثات الجارية بشأن الإدارة العادلة لعائدات النفط بين جميع مناطق ليبيا، كما حثوا السلطات الليبية على إجراء إصلاحات اقتصادية وإعادة توحيد المؤسسات المالية.

اقرأ أيضاً: ماذا سيقدم مؤتمر برلين 2 لليبيا؟ وما موقف الإخوان؟

ودعا البيان الختامي أيضاً لرفع الحصار النفطي والسماح باستئناف تصدير النفط الليبي، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.

وشارك في اجتماع أمس دول ما تُسمّى بـ"صيغة برلين الموسعة"، ودول "لجنة المتابعة الدولية"، وجميع دول الجوار الليبي، وترأس الاجتماع وزير الخارجية الألماني والأمين العام للأمم المتحدة.

ومن جانبه، قال المندوب الألماني في مجلس الأمن الدولي كريستوف هويسغن في بيان: إنّ المشاركين جدّدوا التزامهم بنتائج مؤتمر برلين، وسلطوا الضوء على ضرورة اغتنام الفرصة التي أوجدتها التطورات الإيجابية الأخيرة، كما أكدوا على حاجة أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين للعمل معاً لمساعدة الليبيين في إيجاد تسوية سياسية دائمة.

اقرأ أيضاً: تركيا في ليبيا.. إلى أين؟

وأضاف: إنّ المشاركين رحبوا بالاستئناف المخطط له للمحادثات الليبية الليبية، ودعوا جميع الأطراف الليبية إلى التصرف بمسؤولية، وبناء توافق في الآراء بشأن تسوية سياسية شاملة، تفضي إلى انتخابات من شأنها أن تعيد الشرعية الديمقراطية.

 

المشاركون بالمؤتمر يرحبون بالإدارة العادلة لعائدات النفط بين جميع مناطق ليبيا، وبإجراء إصلاحات اقتصادية وإعادة توحيد المؤسسات المالية

 

كما رحّب المشاركون بالهدوء الأخير في الأعمال العدائية، وشددوا على ضرورة الوقف الفوري للتدخلات العسكرية الأجنبية، وأعربوا عن قلقهم إزاء تدهور الوضع الإنساني والتهديد الإضافي الذي يشكله وباء كورونا، بما في ذلك على المهاجرين واللاجئين.

وقال المندوب الألماني: إنه كان هناك اتفاق واسع خلال الاجتماع على أنّ الانتهاكات المتكررة لحظر الأسلحة يجب أن تتوقف على الفور، وحثّ الأطراف الليبية على الموافقة بسرعة على وقف دائم لإطلاق النار.

وفي كلمته بالمؤتمر، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عبر اتصال مرئي، أنّ حلّ الأزمة في ليبيا "ما يزال أولوية قصوى للأمم المتحدة".

وكرّر الترحيب بالبيانين اللذين أصدرهما رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وبالاجتماعات التي عقدت لبحث سبل الأزمة الليبية.

ودعا الليبيين إلى "مواصلة العمل من أجل وقف دائم لإطلاق النار"، ودعم جهود السلام، مطالباً بالالتزام بالتعهدات التي قطعت في مؤتمر برلين مطلع هذا العام، مع "التنفيذ الكامل وغير المشروط لحظر توريد الأسلحة".

 

هويسغن: المشاركون في المؤتمر جدّدوا التزامهم بنتائج مؤتمر برلين 1، وسلطوا الضوء على ضرورة اغتنام الفرصة

 

ورأى أنّ "انتهاكات الحظر تشكل فضيحة وتثير تساؤلات حول الالتزام الأساسي بالسلام من كلّ المعنيين". داعياً إلى "رفع فوري ودائم وغير مشروط للحصار المفروض على إنتاج وتصدير النفط في البلاد"، بالإضافة إلى "تفكيك شبكات الاتجار بالبشر في كلّ أنحاء البلاد على الفور".

من جهته، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: إنّ هناك أسباباً "لإبداء تفاؤل حذر بشأن الأزمة في ليبيا".

اقرأ أيضاً: الفرقاء الليبيون من الغردقة: لا مكان للإخوان

وأشار ماس إلى وجود مؤشرات لدى طرفي النزاع في ليبيا للانتقال من الحلّ العسكري إلى الحلّ السياسي.

أمّا وزير الخارجية المصري سامح شكري، فقد طالب خلال كلمته بتنفيذ كامل لمخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا بدون استثناء.

 

غوتيريس يدعو الليبيين إلى مواصلة العمل من أجل وقف دائم لإطلاق النار، ودعم جهود السلام

 

وشدّد شكري على ضرورة دفع الأطراف الليبية إلى احترام ما التزم به المجتمعون، في برلين وفي مجلس الأمن، من وقف إطلاق النار وحظر استيراد السلاح وتفكيك الميليشيات ووقف جلب الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا وخروج كافة القوات الأجنبية من أراضيها.

كما شارك وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم في الاجتماع، وقال: إنّ بلاده "تدعو مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في فرض احترام وتنفيذ مخرجات برلين لا سيّما حظر الأسلحة التي ما تزال تُورَّد إلى ليبيا".

وأضاف "يجب توفير الظروف الملائمة للانطلاق في عملية سياسية حقيقية وبنّاءة تجمع كلّ الليبيين حول طاولة الحوار".

وبالتزامن مع مؤتمر برلين، احتضنت مدينة بوزنيقة المغربية مشاورات بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا.

وقد أكد البيان الختامي تحقيق تقدّم كبير خلال المشاورات، موضحاً أنه تمّ التوصل إلى تفاهمات حول آليات توحيد المؤسسات السيادية.

من جانبه، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أنّ الأطراف الليبية على وشك إنهاء الاتفاق بشأن المادة الـ15 من اتفاق الصخيرات، مشيراً إلى أنّ ما تحقق في الحوار من تقدّم أعاد الآمال لدى الليبيين بالتوصل إلى حلٍّ قريب.

ويؤكد مراقبون أنّ المعطيات الحالية يبدو أنها تؤشر على قرب التوصل لحلٍّ سياسي للأزمة الليبية.

 

شكري: على مجلس الأمن مراقبة وقف إطلاق النار وحظر استيراد السلاح وتفكيك الميليشيات ووقف جلب الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا

 

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والباحث السياسي محمد السلاك: إنّ هناك مسارات حوار عدة فتحت بشأن الأزمة الليبية، منوّهاً بهذا "المكسب".

وأوضح السلاك، في حوار مع "سكاي نيوز عربية" أنّ "هناك مسارات عدة فتحت وانطلق الحوار، وهذا هو المكسب الحقيقي... فقد انتقل اللاعبون الأساسيون من ميادين القتال إلى طاولة المفاوضات".

وأضاف: "لا يمكن أن يتحقق الحلّ السياسي إلا من خلال استتباب الوضع الأمني الميداني، ما يعني أنه يجب ألّا نغفل الحجر الأساس الذي من خلاله تمّ وقف إطلاق النار وتثبيت الهدنة وخفض التصعيد وإعادة تصدير النفط.

اقرأ أيضاً: تفاؤل حذر.. ما معوقات إقرار الحل السياسي "المتفق عليه" في ليبيا؟

وبشأن ما إذا كان هناك سقف زمني محدّد لحلّ هذه الأزمة، أبرز الباحث السياسي أنه "لا يوجد سقف محدّد لترجمة هذا الزخم الدولي؛ لأنّ الحوار يسير بشكل بطيء، وبالتالي فإنه من الصعب تحديد مدة زمنية معينة لحلّ الأزمة الليبية".

من جانبه، علّق عضو مجلس الدولة عن مدينة مصراتة عبد الرحمن السويحلي ورئيس مجلس الدولة السابق على مؤتمر برلين قائلاً: "إنّ الموادّ26،1″ من مخرجات مؤتمر برلين تلتزم بحماية سيادة ليبيا، وعملية سياسية شاملة يقودها الليبيون ويملكونها.

وأضاف السويحلي في منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": إنّ الذين شاركوا في مؤتمر برلين يناقضون ذلك في المادة (25) ويُملون على الليبيين ما يجب أن تنتهي إليه العملية السياسية.

واختتم قائلاً: "أوقفوا جميعاً تدخّلكم، وكفّوا عنّا نصائحكم، واتركوا الليبيين وشأنهم لكي يقرّروا مصيرهم".

 

السويحلي: إنّ الذين شاركوا في مؤتمر برلين يناقضون بنوده، ويُملون على الليبيين ما يجب أن تنتهي إليه العملية السياسية

 

وبما يتعلق بحوار بوزنيقة الذي يتقاطع مع مؤتمر برلين، قال المحلّل السياسي المغربي محمد بودن: إنّ ثمّة تقدماً تمّ إحرازه على طريق التوافق بين الأطراف الليبية في الجولة الثانية لحوار بوزنيقة، وفي مؤتمر برلين 2، رغم نشوء بعض الخلافات بين الحين والآخر، إلا أنّ تفاهمات مهمّة تمّت بين الطرفين.

بودن، وفي تصريحات لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية أمس، توقع أن يتمّ المرور لبناء التزامات تقود إلى تفعيل وتوحيد المؤسّسات الليبية المحدّدة في المادة 15 من اتفاق الصخيرات، والحفاظ على التسلسل المطلوب في الحوار.

وأكّد المحلّل أنه إذا نجحت الأطراف الليبية في ترجيح أفضلية الحوار السياسي، فستكون القوى الدولية والإقليمية المؤثّرة في الميدان مرغمة على تأييد عملية السلام الليبية.

من جهته، أكّد مبعوث مجلس النواب لدول المغرب العربي السفير عبد المجيد سيف النصر أوّل من أمس، أنّه من المتوقع انتهاء المشاورات الأوّلية بين الأطراف الليبية في مصر والمغرب بنهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أو بداية الشهر المقبل.

سيف النصر أوضح في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية أنّ ذلك سيمهّد للاجتماع النهائي في مدينة جنيف السويسرية، حيث سيكون الإعلان النهائي عن التوصل للاتفاق حول تشكيل المجلس الرئاسي الجديد، مشدّداً على أنّه سيتمُّ إخضاع المجموعات المسلّحة لأيّ اتفاق سياسي يتمّ التوافق عليه.

وقال: إنه يتوقع بنهاية الشهر الجاري أو بداية الشهر المقبل انتهاء المشاورات الجارية في مدينتي الغردقة المصرية وبوزنيقة المغربية، موضحاً بالقول: "لكلّ بداية نهاية، ونتمنى الاستقرار لليبيا والوصول بها إلى برّ الأمان".

اقرأ أيضاً: كيف تحولت حدود ليبيا إلى ساحة لتهريب الوقود والبشر؟

كما أكّد أنّ المجموعات المسلحة سوف يتمّ إخضاعها لأيّ اتفاق سياسي يتمّ التوافق عليه في البلاد، وذلك ردّاً على سؤال حول التزام تلك المجموعات بما يتوصّل إليه المتفاوضون الليبيون.

وأشار إلى أنّ الجولة الثانية من المفاوضات في مدينة بوزنيقة بين وفدين من مجلس الدولة الممثّل لحكومة الوفاق في طرابلس والبرلمان في الشرق انطلقت مساء الجمعة، وتمّت مناقشة المعايير المتعلّقة بخصوص تولّي المناصب السيادية، وذلك في إطار مناقشات حول المادة 15 من اتفاق الصخيرات السياسي حول تلك المناصب السيادية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية