مؤتمر الشباب المسلم: كيف يوظف الإخوان الشباب في إعادة بناء الجماعة؟

مؤتمر الشباب المسلم: كيف يوظف الإخوان الشباب في إعادة بناء الجماعة؟

مؤتمر الشباب المسلم: كيف يوظف الإخوان الشباب في إعادة بناء الجماعة؟


21/01/2024

عقدت جماعة الإخوان المسلمين العالمية، ممثلة في الفرع الباكستاني الجماعة الإسلامية، مؤتمراً عالمياً بعنوان "الشباب والأمل، طوفان الأقصى نموذجاً" على مدار عدة أيام، بدايةً من مطلع كانون الثاني (يناير) الجاري. وحضر المؤتمر ممثلون عن جماعة الإخوان المسلمين وفروعها في (17) دولة عربية وإسلامية، ومن بينهم المتحدث باسم الإخوان ـ جبهة لندن، صهيب عبد المقصود.

ويأتي المؤتمر الذي حضره وفد من حركة حماس ضمن الصحوة التي تعيشها جماعة الإخوان المسلمين على خلفية الحرب في قطاع غزة، حيث تنشط الجماعة في استغلال الحرب من أجل العودة إلى المشهد الشعبي العربي، بعد أعوام خسرت فيها الجماعة التواجد الشعبي.

مؤتمر كراتشي

نظمت المؤتمر جمعية الطلبة الإسلامية، الجناح الطلابي للجماعة الإسلامية في باكستان، التي تشترك مع جماعة الإخوان المسلمين في الإيديولوجيا والأهداف. وحضر المؤتمر وفود وممثلون عن أجنحة طلابية لأحزاب سياسية ومؤسسات شبابية وطلابية من أكثر من (17) دولة، من بينهم عضو الهيئة العليا لجماعة الإخوان المسلمين والمتحدث باسم الجماعة (جبهة لندن) صهيب عبد المقصود، والأمين الوطني للشباب في حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) مروان بن قطاية.

وشارك وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة ومسؤول ملف غرب آسيا خالد القدومي. وناقش المؤتمر في جلساته دور الشباب المسلم في تغيير الواقع، ومحورية القضية الفلسطينية، ونموذج طوفان الأقصى. وتطرق المجتمعون في جلسات المؤتمر إلى تنسيق جهود الأمة والحركات الإسلامية حول العالم لدعم الأهداف المركزية، وأكدوا أهمية وجود رؤية استراتيجية مشتركة لاستعادة الأمة مكانتها، والتصدي للتحديات الإقليمية والدولية، وأضافوا أنّ القضايا القُطرية، على أهميتها، ينبغي ألّا تشغلنا عن كوننا أمة واحدة، بحسب بيان جماعة الإخوان المسلمين في لندن.

لقاءات ممثلي الوفود الإخوانية

كما تناولت مداخلة ممثل الإخوان في الجزائر موضوع "الدَّور المحوري للشباب في بناء الأوطان كخطوة أساسية في مشروع الاستنهاض الحضاري للدول الإسلامية". اللافت في المؤتمر أنّه كشف عن أولوية البُعد الديني لدى جماعة الإخوان المسلمين في تناول القضية الفلسطينية، في وقت تحتاج فيه القضية إلى التضامن الإنساني الكوني، والذي تبلور فيما تشهده العديد من المدن الأوروبية من مسيرات داعمة للحقّ الفلسطيني، وكذا المواقف الداعمة من العديد من دول العالم التي لا يشكل المسلمون فيها أغلبية.

توظيف فلسطين

ورغم تصدر الأحداث في قطاع غزة أجندة المؤتمر، إلا أنّه لم يخلُ من تناول القضايا التي تشكل إيديولوجيا الإسلام السياسي، مثل الحديث عن المشاريع الحضارية والأمة. وكشف خطاب التيار الشبابي داخل الجماعة عن زيف دعوات المراجعة والنقد الذاتي، كما كشفت اللقاءات العامة والثنائية بين الوفود والجماعة الإسلامية عن استفادة الجماعة وفروعها من الأحداث في فلسطين، كدفعة نحو إعادة التنسيق على المستوى الدولي. اللافت أنّ الوفود التي تمثل جماعة الإخوان المسلمين تحدثت باسم "الأمة"، وهو المفهوم التاريخي المتخيل عن وجود أمة واحدة تقوم على الدين الإسلامي، كما أنّه المفهوم الذي يعادي الدولة الوطنية الحديثة. 

 

الباحث هاني عمارة لـ (حفريات): من الطبيعي أنّ يكون هناك تنسيق بين كل الشباب الإخواني في العالم، لأنّها جماعة تتبع مبدأ النفَس الطويل، وتفكر في المستقبل للحفاظ على كيانها.

 

يقول الباحث في الحركات الإسلامية هاني عمارة: إنّ جماعة الإخوان تركز في الاستقطاب على الشباب، لأنّ عقلية الشباب سهلة التشكل، فضلاً عن تمتعهم بالحماس الكبير، ولهذا كان القطاع الطلابي هو أنشط الجهات داخل الجماعة، والذي ينال جزءاً كبيراً من اهتمام الجماعة، فضلاً عن رصد ميزانيات كبيرة له.

وأضاف لـ (حفريات) أنّ الجماعة في إعادة تدوير وبناء نفسها تعتمد على القطاع الشبابي، ولهذا أثناء الانشقاق بين جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين وجبهة لندن بقيادة القيادي الراحل إبراهيم منير، قام الفريق الثاني بتعيين عدد من الشباب في مناصب داخل الجماعة للحصول على دعم القطاع الشبابي، ولترويج صورة أمام الناس أنّ الجماعة بثوبها الجديد لا علاقة لها بما سبق. إلى جانب ذلك ذكر عمارة أنّ الجماعة وظفت ورقة الشباب على مدار فترات طويلة وبصور مختلفة، منها ما حدث إبّان ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 في مصر، حين روجت لوجود فصل بين موقف الشباب من المشاركة في الثورة وموقف قيادات الجماعة التي انتظرت لترى مآل الأمور. ولفت عمارة إلى أنّه حتى في المحطات التي كان للشباب اعتراضات منطقية فيها على عمل الجماعة، قامت القيادات بتوظيف تلك الاعتراضات لصالحها.

هاني عمارة: يجد الإخوان سهولة في التغلغل داخل المجتمع الباكستاني

أمّا عن المشاركة الواسعة لقادة قطاعات الشباب داخل الجماعة في العديد من الدول في مؤتمر كراتشي، فقد قال عمارة: "من الطبيعي أن يكون هناك تنسيق بين كل الشباب الإخواني في العالم، لأنّها جماعة تتبع مبدأ النفَس الطويل، وتفكر في المستقبل للحفاظ على كيانها، ولهذا تعمل على تقوية الروابط بين الأجيال التي ستتصدر القيادة قريباً".

لماذا باكستان؟

كان من بين المشاركين في وفد حركة حماس مسؤول قطاع الشباب أشرف عوض، الذي تحدث عن دور الشباب في صناعة الواقع الجديد في غزة، وضرورة تمكين الشباب من صناعة المستقبل، وطالب بتكرار تجربة المؤتمر في مختلف الدول الإسلامية. كما شارك في المؤتمر رموز الجماعة الإسلامية في باكستان، ومنهم رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الجماعة عاصف لقمان قاضي، وأمير الجماعة مولانا سراج الحق.

 

لم يخلُ المؤتمر من تناول القضايا التي تشكل إيديولوجيا الإسلام السياسي، مثل الحديث عن المشاريع الحضارية والأمة

 

ومن خلال مشاركة صهيب عبد المقصود عن جبهة لندن باسم جماعة الإخوان المسلمين، يمكن القول إنّ الكفة باتت أرجح لصالح جبهة لندن لتكون الممثل الشرعي عن جماعة الإخوان المسلمين المصرية، في وقت انزوت فيه جبهة إسطنبول بقيادة الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين.

وحول أهمية باكستان بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين، قال الباحث هاني عمارة: إنّ باكستان تكاد تكون دولة إخوانية؛ لأنّ أساسها أساس ديني، كما أنّ أدبيات الإسلاميين الأولى خرجت من باكستان خصوصاً في وقت انفصالها عن الهند. ولفت عمارة إلى أنّ باكستان احتلت مكانة لدى جماعة الإخوان المسلمين فاقت في بعض الأوقات ما احتلته قضية فلسطين لديهم، وحضرت كثيراً في مؤلفات حسن البنا.

ممثل إخوان الجزائر في المؤتمر

وأفاد بأنّ المفكرين الإسلاميين في الهند قبيل انفصال باكستان عن الهند كان لهم تأثير كبير في أفكار حسن البنا وسيد قطب بشكل خاص، وعلى رأسهم أبو الأعلى المودودي الذي تأثر الإخوان به في قضية الحاكمية وغير ذلك.

واتصالاً بالوقت الراهن، أوضح عمارة أنّه في ظل الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها جماعة الإخوان المسلمين في البلاد العربية، مثلت لهم باكستان الملاذ الآمن، مستفيدين من وجود الجماعة الإسلامية كقوة سياسية كبيرة لها وزن كبير في الدولة. بالإضافة إلى ذلك، قال عمارة: إنّ "الشعب الباكستاني متدين عموماً، وإلى جانب الأسس الدينية التي صبغت الدولة في باكستان، يجد الإخوان سهولة في التغلغل داخل المجتمع الباكستاني، ممّا يمنحهم أريحية كون أفكارهم غير غريبة عن الشعب".

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية