ليلة ساخنة في بغداد.. من ينتصر في معركة كسر العظم؟!

ليلة ساخنة في بغداد.. من ينتصر في معركة كسر العظم؟!


28/07/2022

شهد العراق أمس بشكل متسارع الكثير من الأحداث التي تعكس حالة عدم الاستقرار التي تسود البلاد، والخلاف الكبير بين مقتدى الصدر والإطار التنسيقي المدعوم من إيران، على خلفية ترشيحه لشخص لتسلم رئاسة الحكومة.

ودخل الآلاف من أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، وسط العاصمة بغداد، واقتحموا مبنى البرلمان، ورددوا هتافات مؤيدة للصدر، ومناهضة لقوى "الإطار التنسيقي" المدعوم من إيران، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس".

 جاءت التطورات الأخيرة، لإعلان الرفض الكامل لتسمية مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.

وكان السوداني حتى وقت قريب أحد أعضاء "ائتلاف دولة القانون" الذي يترأسه خصم الصدر اللدود نوري المالكي.

وكان الصدر يترقب مجريات الأحداث في بغداد من معقله في النجف عبر أكثر من تغريدة ومنشور على الإنترنت، وأبدى تضامنه مع أنصاره، وأفاض عليهم الشكر.

ومع أنّ الصدر ترك لأنصاره خيار الانسحاب أو البقاء عند المنطقة المحصنة بوسط بغداد، إلا أنّه عاد في موقف لاحق ودعا أنصاره إلى الانسحاب، قائلاً في تغريدة على "تويتر": "وصلت رسالتكم أيّها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين، صلوا ركعتين وعودوا إلى منازلكم سالمين".

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر

 وبينما كانت حشود المتظاهرين تتجول في أروقة البرلمان العراقي، أصدرت قوى "الإطار التنسيقي" بياناً اتهمت فيه التيار الصدري بإثارة الفوضى.

 وذكر البيان أنّه "بعد أن أكملت قوى الإطار التنسيقي الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية، واتفقت بالإجماع على ترشيح شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، رصدت تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي"، وفق ما أورده موقع "شفق نيوز".

 وأشار البيان إلى أنّ "ما جرى أمس من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير".

 

الآلاف من أتباع مقتدى الصدر يدخلون المنطقة الخضراء، ويقتحمون مبنى البرلمان احتجاجاً على تسمية السوداني رئيساً للحكومة

 

 وكان المالكي قد أدان الاقتحام، واصفاً إياه بالانتهاك السافر للحق في التظاهر، بينما تتعمق الأزمة السياسية في البلاد، وقد جدّد السوداني تمسكه بالترشيح لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، قائلاً في تصريح نقلته وكالة "رويترز": "لا صحة لما تم تداوله، ولن أنسحب من هذا الترشيح على الإطلاق، وهو مسؤولية كبيرة تقع علينا لإنقاذ العراق".

من جهته، دعا القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من مبنى مجلس النواب.

 وقال بيان صادر عن مكتب الكاظمي: "يدعو القائد العام للقوات المسلحة المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من مبنى مجلس النواب، الذي يمثل سلطة الشعب والقانون"، حسبما نقلت وكالة الأنباء العراقية.

 من جانبه، أكد الرئيس العراقي برهم صالح أنّ التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستورياً، وشدد على ضرورة التزام التهدئة وتغليب لغة العقل.

 وأشار صالح في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية إلى أنّ "البلد يمر بظرف دقيق، وأمامه تحديات جسيمة واستحقاقات كبرى تستوجب توحيد الصف والحفاظ على المسار الديمقراطي السلمي في البلد الذي ضحى من أجله شعبنا على مدى عقود من الاستبداد والاضطهاد والعنف، وهذا يستدعي تكاتف الجميع للعمل بصف واحد من أجل بلدنا وتقدمه ورفعته".

 كذلك دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي المتظاهرين إلى الحفاظ على سلمية التظاهر، وقال مكتبه الإعلامي في بيان نقلته السومرية: "رئيس البرلمان دعا المتظاهرين إلى الحفاظ على سلمية التظاهر، ووجّه قوات حماية البرلمان بعدم التعرض للمتظاهرين أو المساس بهم، وعدم حمل السلاح داخل البرلمان، فضلاً عن توجيه الأمانة العامة لمجلس النواب بالتواجد في المجلس والتواصل مع المتظاهرين".

كان المالكي قد أدان الاقتحام، واصفاً إياه بالانتهاك السافر للحق في التظاهر

 من جهتها، أكدت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) أمس أنّ التظاهر السلمي أساسي للديمقراطية، مشددة على "ضرورة استمرار المظاهرات السلمية والامتثال للقانون".

 وقالت البعثة في منشور عبر تويتر: إنّ "التظاهر السلمي أساسي للديمقراطية"، لافتة إلى "أهمية احترام مؤسسات الدولة والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة".

 هذا، وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق اليوم صوراً لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وهو يحمل سلاحاً ويمشي في الشارع، في حين كان محاطاً بعدد من المسلحين الذين أحاطوا أيضاً بمنزله.

 وجرى النظر إلى خطوة المالكي بحمل السلاح والحرص على توثيق الأمر عبر صور، بمثابة رسالة تحدٍّ أو إبداء استعداد للمواجهة، في ظل استمرار احتجاجات التيار الصدري، وفق قناة "السومرية".

 وقالت مصادر عراقية: إنّ مقتدى الصدر يهدف من وراء تحريك مناصريه إلى قطع الطريق على خصمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لترؤس الحكومة، هو أو أيّ مرشح يمثله.

 وتقول مصادر عراقية نقلت عنها صحيفة "العرب" اللندنية: إنّ الصدر يعرف جيداً أنّ وصول رئيس وزراء موالٍ للمالكي يعني أنّ تفكيك المنظومة الصدرية أمنياً وسياسياً مسألة وقت، ويعني كذلك خطة لاقتلاع الصدريين من مفاصل الدولة، وحرمانهم من المناصب والإمكانات المالية.

 وتشير هذه المصادر إلى أنّ الصدر يسعى لعدم تكرار الخطأ السابق عندما وجه المالكي ضربة قوية للصدريين، لكنّه لم يقضِ عليهم تماماً، ليعودوا الآن إلى خنقه سياسياً، مرة في البرلمان ومرات في الشارع، معتبرة أنّ المعركة بالنسبة إلى الصدريين هي معركة وجود مع المالكي.

 ويعرف الصدريون خصمهم جيداً، ويتذكرون عملية "صولة الفرسان" التي كانت حكومة المالكي قد أطلقتها في آذار (مارس) 2008 ضد ميليشيا جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر، واستمر القتال قرابة (3) أسابيع، وأفضى إلى استسلام جيش المهدي وهزيمة الصدر.

 

الصدر ترك لأنصاره خيار الانسحاب أو البقاء عند المنطقة المحصنة إلا أنّه عاد في موقف لاحق ودعا أنصاره إلى الانسحاب

 

 ويرى مراقبون أنّ تحريك التيار الصدري للشارع كان متوقعاً، وسبق أن هيأ له قبل نحو أسبوعين عبر ما سُمّي بصلاة الجمعة الموحدة، مشيرين إلى أنّ الصدر يريد قطع الطريق على خصومه في الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة، لا سيّما بعد نجاح هؤلاء في تجاوز عقبة اختيار رئيس للوزراء عبر الاتفاق على السوداني.

 ونشر زعيم التيار الصدري في الـ 14 من الشهر الجاري تغريدة عدّت رسالة منه إلى أنصاره بالاستعداد للنزول إلى الشارع، قال فيها: "الخيار للشعب، وإنّي داعم له سابقاً وفي الأيام المقبلة، إن أراد الوقوف من أجل مناصرة الإصلاح".  

 وتأتي هذه التطورات على وقع توتر متصاعد بين الصدر والمالكي عقب التسريبات الصوتية المنسوبة إلى الأخير، التي كشفت عن مخططات دامية، وأفصحت عن عقلية "صناعة الميليشيات"، والتحضير لضرب السلم الأهلي.

 وقد ردّ الصدر ببيان غاضب على تلك التسريبات التي واجه فيها اتهامات بـ"الجهل"، والعمالة"، مطالباً المالكي بالاستقالة من العمل السياسي، وتسليم نفسه للقضاء بوصفه من "الفاسدين".

 وهذه هي المرة الثانية التي يقتحم فيها أنصار الصدر المنطقة الرئاسية المحصنة، ويدخلون مبنى البرلمان، فقد شهدت البلاد تحركاً مماثلاً عام 2016، على وقع احتجاجات غاضبة للتنديد بالفساد، إبّان حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي.

مواضيع ذات صلة:

ألغام في طريق رئيس الوزراء العراقي: ماذا تريد إيران من الكاظمي؟

استقالة الكتلة الصدرية.. متى يلتقط العراق أنفاسه؟

ميليشيات موالية لإيران تقاسم العراق ثرواته... أرقام صادمة لكميات النفط المنهوبة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية