ليبيا وسيناريوهات الأزمة في أسبوع الحسم

ليبيا وسيناريوهات الأزمة في أسبوع الحسم


17/07/2022

رحبت فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بالتقدم في المحادثات الليبية، بين اللجنة المشتركة لمجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة في القاهرة، برعاية بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا، وقالت الدول في بيان مشترك أصدرته: "نرحب بدرجة التوافق التي جرى التوصل إليها، حتى الآن، بشأن الاتفاق، نقدر عمل المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا".

وفي هذا السياق، قال عبدالقادر حويلي، عضو لجنة المسار الدستوري عن المجلس الأعلى للدولة، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ اجتماع القاهرة الخاص بالمسار الدستوري، انتهى نحو توافق على أغلب النقاط الخلافية، وبقيت نقطة واحدة خاصّة بالأحكام الانتقالية، وهي الفترة الفاصلة بين اعتماد الوثيقة الدستورية، وتسليم السلطة الرئاسية والتشريعية، وهو الأمر الذي أُحيل إلى رئاسة المجلسين، وهو ما سيتم مناقشته في لقاء المستشار عقيلة صالح وخالد المشري.

وأضاف حويلي أنّه تم الاتفاق على شروط ترشح الرئيس الأساسية، بحيث ينبغي أن يكون المرشح  ليبي الجنسية، من أب وأم ليبيين؛ يتمتع بحقوقه المدنية، وغير محكوم عليه بجناية، أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة، حتى ولو ردّ إليه اعتباره، وترك البقية لقانون انتخاب الرئيس.

عقبات أمام التسوية النهائية

الدول الخمس دعت، في بيانها، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وقادتهما، إلى "الإسراع في وضع الأساس القانوني؛ تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ذات صدقية وشفافة في أقرب وقت ممكن". مؤكدة على ضرورة إجراء الانتخابات "على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن، رقم 2570 (2021) وخريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، ومؤتمر الاستقرار في ليبيا، ونتائج مؤتمر برلين الثاني، وإعلان مؤتمر باريس حول ليبيا.

عبدالقادر حويلي: تم الاتفاق على شروط ترشح الرئيس الأساسية، بحيث ينبغي أن يكون المرشح  ليبي الجنسية، من أب وأم ليبيين

بدوره، قال أكرم الفكحال، رئيس حزب النداء الليبي، ومرشح الانتخابات الرئاسية الليبية: "أؤكد أنّه لن يكون هناك أيّ تغيير في الأزمة الراهنة، ولو خطوة واحدة، فأسباب المشكلة والأزمة السياسية والاجتماعية الليبية، لن تكون أبداً إحدى طرق الحل؛ لأنّهم سيماطلون كما تعودنا ولن يتقدموا قيد أنملة على طريق الحل". وأضاف الفكحال، في تصريحاته لـ"حفريات": "كلّ متابع للشأن الليبي العام، يلاحظ أنّ العملية السياسية قد انحرفت عن مسارها الصحيح، بشكل يصعب الرجوع عنه، وتولد عن ذلك مراكز قانونية لعدد من الكيانات؛ بطريقة تعيق أيّ تحول إيجابي في مسار العملية السياسية"، مشيراً إلى أنّ هذا ناتج عن "تمسك وتشبث هؤلاء بالواقع، الذي يبقيهم موجودين سياسياً لفترة أطول؛ من خلال قطع الطريق على أيّ محاولة لتغييره أو استبداله".

عبد القادر حويلي: اجتماع القاهرة الخاص بالمسار الدستوري انتهى نحو توافق على أغلب النقاط الخلافية وبقيت نقطة واحدة خاصّة بالأحكام الانتقالية

واستطرد قائلاً: "من الجانب الآخر، أساس هذه الحكومة هو توحيد المؤسسات، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 كانون الأول (ديسمبر)، وهذا لم يحدث للأسف، وكان سبب ذلك هو حكومة الوحدة الوطنية والبرلمان ومجلس الدولة، في مسؤولية مشتركة سوف تلاحقهم كالعار في تاريخ ليبيا إلى الأبد".

وأعلن الفكحال أنّ بعض المترشحين، بصدد تقديم مبادرة من خلال مشروع حل جذري للانسداد السياسي، الذي سيكون عملياً وممكن التنفيذ، وغير مرهون بالخارج، ويكون الشعب هو أداة تنفيذه حتى منتهاه، عندها يقع على كاهل الشعب مساندة مشروع الحل ودعمه بشجاعة، وفرضه بقوة الشارع على القوى الداخلية والمجتمع الدولي.

وحول ما إذا كان الصراع الداخلي بين الأطراف الليبية، بشأن الدستور والقوانين واللوائح سيكون عائقاً أمام تنفيذ أيّ استحقاق انتخابي قادم، أو سيعرقل أيّ جهد للتسوية، قال الفكحال "بكل تأكيد ستظل الساحة السياسية مرتعاً لتقديم حلول محلية أو دولية، والطعن فيها وعدم الوصول إلى أيّ تسويات، حتى إن كانت ستؤدي إلى حل". لافتاً إلى أنّه لا سبيل إلى بناء دولة المواطنة والمؤسسات، إلّا بإجراء انتخابات عامة، برلمانية ورئاسية متزامنة، تُباشر من المرحلة التي عُطلت فيها انتخابات 24 كانون الأول (ديسمبر)2021.

أسبوع الحسم

أشارت الدول الـ5 إلى أنّ "خريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، حدّدت انتهاء المرحلة الانتقالية في 22 من حزيران (يونيو)، بشرط إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 كانون الأول (ديسمبر) 2021، وهو ما لم يحصل"، مشددة في بيانها على "الحاجة إلى حكومة ليبية موحدة، قادرة على حكم وإجراء هذه الانتخابات في جميع أنحاء البلاد". وأنّه "يجب أن يجري تحقيقها؛ من خلال الحوار والتسوية في أسرع وقت ممكن.

أكرم الفكحال: كلّ متابع للشأن الليبي العام، يلاحظ أنّ العملية السياسية قد انحرفت عن مسارها الصحيح

ورفضت الدول بشدّة "الإجراءات التي قد تؤدي إلى العنف، أو إلى مزيد من الانقسامات في ليبيا، مثل إنشاء مؤسسات موازية، أو أيّ محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة، أو رفض الانتقال السلمي للسلطة إلى هيئة تنفيذية جديدة، تشكّل من خلال عملية شرعية وشفافة".

من جانبه، يذهب الكاتب الليبي، جمال شلوف، في تصريحاته لـ"حفريات"، إلى أنّ الأسبوع القادم يمثل أسبوعاً حاسماً للأزمة الليبية، بعد أن شهد الـ 27 من شهر حزيران (يونيو) الماضي، جلسة مجلس الأمن، وإحاطة الأمين العام، وكذا البت في تعيين مبعوث إلي ليبيا، وحسم قرار تمديد البعثة الأممية من عدمها.

أكرم الفكحال: ستظل الساحة السياسية مرتعاً لتقديم حلول محلية أو دولية والطعن فيها وعدم الوصول إلى أيّ تسويات حتى إن كانت ستؤدي إلى حل

كما شهد  الثلاثاء 28 حزيران (يونيو) الماضي،  لقاء المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب،  وخالد المشري،  في جنيف؛ للبت في المواد الخلافية للقاعدة الدستورية من عدمها.

وبناء على ذلك يذهب شلوف إلى أنّ ثمّة سيناريوهات، يمكن تتبع مفاعيلها حول الأزمة الليبية، وتستقر عند 3 هي:

السيناريو الأول: توافق في مجلس الأمن حول تعيين مبعوث جديد، وإصدار قرار بترتيبات سياسية وأمنية واقتصادية، تحت البند السابع، بمدد زمنية واضحة لحكومة مصغرة، وخطة لجمع السلاح، وترتيبات اقتصادية تقشفية، تنتهي جميعها بانتخابات رئاسية وبرلمانية في نهاية العام.

السيناريو الثاني: انفراط عقد مجلس الأمن، وعدم التجديد للبعثة، مع توافق أو عدم توافق مجلسي النواب والدولة، وعليه تتجه الدول الـ 5 مع أنصارها الإقليميين في المنطقة؛ لفرض الترتيبات في السيناريو الأول بشكل منفرد، تحت مسمى هيئة متابعة مؤتمر برلين، الذي ربما قد تنسحب منه روسيا والصين والجزائر، لكنه سيكون خيار الباقين.

السيناريو الثالث: أن يصل التعنت الروسي لدرجة الصدام المسلح، وهو أمر له مؤشراته، من نقل أسراب من السوخوي 30 إلى قاعدة أم البواقي، بالقرب من الحدود الليبية في الجزائر، وتواجد لقطع بحرية روسية قبالة الشواطئ الليبية، لكن احتمالية الصدام نفسها مستبعدة.

ويبقى الأمر رهناً، بقدرة الولايات المتحدة على التغلب على الخلافات بين الدول الـ4 الباقية وتقريب المصالح في إطار مشترك.

الضغط الدولي

يذهب محمد شوبار، الكاتب الليبي المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية، في تصريحاته لـ"حفريات"، أنّه بعد الانسداد السياسي، الذي وصلت إليه الأجسام السياسية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف، والمتمثلة في مجلس النواب، ومجلس الدولة، والمجلس الرئاسي، وحكومة الوحدة الوطنية، التي فشلت في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في ملتقى جنيف، سواء اتفاق وقف إطلاق النار، أو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، خلال المرحلة التمهيدية التي انتهت في الـ22 من حزيران (يونيو) الماضي، حيث تقدمت ستيفاني وليامز، بمبادرة لاقت دعماً دولياً واسعاً؛ تهدف إلى إيجاد حل للانسداد السياسي، والوصول إلى توافق بين مجلسي الدولة والنواب حول قاعدة دستورية تمهيداً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، والتي انتهت محادثاتها في القاهرة بنسبة كبيرة من التوافقات، حول مواد القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات، وبقيت بعض الأمور العالقة، التي تمّ إحالتها إلى اجتماع مرتقب، بين رئيسي مجلسي الدولة والنواب بجنيف، بتيسير من الأمم المتحدة، بإشراف ستيفاني وليامز؛ لإيجاد صيغة نهائية للقاعدة الدستورية.

محمد شوبار: كان السعي حثيثاً من قبل المجتمع الدولي للمحافظة على المكتسبات التي وصل إليها الليبيون وخصوصاً الوقف الدائم لإطلاق النار

يتابع شوبار: "كان السعي حثيثاً من قبل المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية؛ للمحافظة على المكتسبات التي وصل إليها الليبيون، وخصوصاً الوقف الدائم لإطلاق النار، الذي حقن الدماء وحافظ على المقدرات، وكان دعم المجتمع الدولي حاضراً بكل المحادثات الأخيرة، التي جرت في إسبانيا وتونس ومصر، والتي تمحورت حول اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 23 تشرين الآول (أكتوبر) 2020، والتي ضمّت لجنة 5 + 5، والمسؤولين العسكريين في شرق ليبيا وغربها، وكان ذلك بتيسير الأمم المتحدة، وبإشراف السيدة المستشارة، وكانت النتائج إيجابية لحد كبير، فقد وقّع الجميع على ضرورة نزع السلاح من كل المجموعات المسلحة وتسريحها، والخروج الكامل للمرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية.

محمد شوبار: القوات الأجنبية التي أصبحت تهيمن على القرار السياسي والعسكري، أضحى خروجها من ليبيا أمراً واقعاً وضرورياً لإعادة سيادة الدولة الليبية، ووحدة أراضيها

القوات الأجنبية التي أصبحت تهيمن على القرار السياسي والعسكري، سواء القوات الروسية أو القوات التركية، أضحى خروجها من ليبيا أمراً واقعاً وضرورياً لإعادة سيادة الدولة الليبية، ووحدة أراضيها، والمجتمع الدولي جاد بشكل كبير لتحقيق ذلك، فلازالت الأجندة الروسية تسعى لإشعال الحرب في العاصمة طرابلس، بعد وقوفها وراء تسمية حكومة موازية من قبل مجلس النواب، فنعلم جيداً، بحسب شوبار، أنّ كلّ الاشتباكات الأخيرة بين مجموعات تنتمي لحكومة الدبيبة، ومجموعات أخرى تنتمي لحكومة باشاغا، هدفها الوحيد هو إشعال حرب أهلية في طرابلس، وهذا ما خططت له روسيا، وتقف وراءه، على حد قول المصدر ذاته.

ويختتم شوبار تصريحاته مؤكداً أنّ المجتمع الدولي لن يسمح بذلك، ولعل البيان الأخير لمجموعة  3 + 2، هو خير دليل على ذلك، فالبيان في رأيه يثبت أنّ المجتمع الدولي عازم على تحقيق الاستقرار، عن طريق حكومة جديدة تنتجها عملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة، وستكون بعيدة عن الحكومة الموازية، التي يترأسها فتحي باشاغا، وبعيدة أيضاً عن حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها عبدالحميد الدبيبة؛ بغية إنهاء الصراع، والتمهيد للانتخابات،  كما أنّ المجتمع الدولي عازم على ديمومة وقف إطلاق النار، ولن يسمح لأيّ طرف باستخدام القوة للوصول إلى السلطة أو التشبث بها، وعليه فإنّ المرحلة التي ستمر بها ليبيا ستكون مرحلة استقرار وبناء.

مواضيع ذات صلة:

دور إخوان ليبيا في فشل أعمال لجنة المسار الدستوري

ليبيا وإعلام الكراهية الإخواني

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية