دور إخوان ليبيا في فشل أعمال لجنة المسار الدستوري

دور إخوان ليبيا في فشل أعمال لجنة المسار الدستوري


23/06/2022

اختتمت أعمال الجولة الثالثة والأخيرة، من مفاوضات اللجنة المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيين، والمختصة بالتوافق على المسار الدستوري الليبي، يوم الإثنين 20 حزيران (يونيو) الماضي،  دون التوصل إلى اتفاق حول قاعدة دستورية، يمكن على أساسها إجراء الانتخابات العامّة في البلاد، وكانت أبرز العقبات إصرار القيادي الإخواني، خالد المشري، على منع العسكريين من الترشح للانتخابات الرئاسيّة، كما جرت عدة خلافات حول الموقف من مزدوجي الجنسيّة، ونظام الحكم، ومقر السلطة، وجملة من المواد الخاصّ بالصلاحيات الدستورية.

وعليه، فشلت لجنة المسار الدستوري الليبي، في إتمام عملها، مع إصرار ممثلي الإخوان على رفض إقرار المواد الخاصّة بالانتخابات الرئاسية، حيث تضع الجماعة منصب الرئيس نصب أعينها.

تعثر التوافق حول مادة الانتخابات الرئاسية

المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي، ستيفاني وليامز، أكدت بدورها أنّ "الخلافات ظلّت قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات". وطالبت الفرقاء الليبيين بضرورة العودة إلى الاجتماعات في غضون عشرة أيام، لبحث كيفية تجاوز نقاط الخلاف، والمرور بالبلاد إلى الاستقرار، من خلال إجراء الانتخابات الشاملة.

من جانبه، علّق السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، على مسار الاجتماعات، مثمناً، بحسب المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية المصرية، "التقدم الكبير الذي شهدته الاجتماعات، من حيث توافق الأشقاء الليبيين على غالبية المواد الدستورية". وهو هنا يتفق مع ما أكدت عليه ستيفاني وليامز، من حدوث توافق على عدد كبير من البنود، وطالب حافظ من الطرفين "مواصلة اللجنة الدستورية الليبية جهودها، والانتهاء من العدد المحدود من المواد المتبقية، في أقرب وقت".

ستيفاني وليامز: الخلافات ظلّت قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات

أمّا عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب الليبي، فقد كشف في تصريحات صحفية لشبكة "سكاي نيوز"، عن أبرز النقاط الخلافية، في محادثات الجولة الثالثة، مؤكداً أنّها تمحورت حول المادة الخاصة بانتخابات الرئاسة في البلاد. مؤكداً أنّه "كانت هناك محاولات من اللجان الفنية، ولجنة الصياغة؛ من أجل تلافي نقاط الخلاف".

 

اتهم المحلل السياسي الليبي مفتاح الفاندي جماعة الإخوان بالتسبب في فشل المفاوضات حول القاعدة الدستورية وخص رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بالاتهام المباشر بإفشال الاجتماعات عن عمد

 

الأمين العام لحزب تحالف القوى الوطنية، خالد المريمي، أوجز أبرز نقاط الخلاف في 5 نقاط، منعت لجنتي البرلمان والدولة، من الوصول إلى اتفاق، لأنّها بحسب تعبيره "هي لب أيّ دستور أو قاعدة دستورية". وأشار في تصريحاته لصحيفة "الإندبندنت" عربية، أنّ "هذا الفشل يعني بالمختصر المفيد، استمرار حالة عدم الاستقرار والنهب الممنهج لثروات البلاد". مؤكداً في الوقت نفسه أنّ "الحل يكمن في التوافق على وثائق متعددة، تكون في مجملها قوانين أساسية، تساوي دستوراً مؤقتاً، نعمل بها حتى تتمكن الأجيال القادمة من كتابة دستور في وثيقة واحدة".

الإخوان ووهم السلطة

من جهته، اتهم المحلل السياسي الليبي مفتاح الفاندي، في تصريحات صحافية لشبكة "سكاي نيوز"، جماعة الإخوان بالتسبب في فشل المفاوضات حول القاعدة الدستورية، وخص رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، بالاتهام المباشر بإفشال الاجتماعات عن عمد؛ بسبب حرصه هو وجماعة الإخوان على البقاء في السلطة، حتى ولو جاء ذلك على حساب العملية الديموقراطية. وهو الاتهام ذاته الذي وجهه الباحث السياسي الليبي، محمد قشوط، في حديثه لـ "سكاي نيوز"، حيث قال إنّ "حوارات القاهرة، تعرضت إلى العرقلة وتعثرات بسبب الإخوان، الذين تمسكوا بشروط إقصائية، في مادة انتخاب رئيس الدولة؛ إذ لا يرغب التنظيم في ترشح العسكريين للرئاسة، كما يسعون إلى حذف مادة إلزامية الحصول على شهادة جامعية؛ كشرط للترشح".

 

الإخوان يحاولون إقصاء المرشحين ذوي الحظوظ القوية من السباق الانتخابي أمثال خليفة حفتر، ولا يعنيهم هنا سوى تفصيل مواد دستورية بعينها تناسب عدداً من قياداتهم لخوض الانتخابات

 

وعلى ما يبدو، فإنّ الإخوان يحاولون إقصاء المرشحين ذوي الحظوظ القوية، من السباق الانتخابي، أمثال خليفة حفتر، ولا يعنيهم هنا سوى تفصيل مواد دستورية بعينها؛ تناسب عدداً من قياداتهم، من أجل خوض الانتخابات، دون وضع أيّ اعتبار للموضوع المضطرب في البلاد، والتي أصبحت على مشارف التقسيم؛ بوجود حكومتين، واحدة في طرابلس، والأخرى في سرت، وفي ظل التحركات المشبوهة للميليشيات المسلحة، وسيطرتها على العاصمة.

السياسي البرقاوي، محمود الكزة، المتابع لاجتماعات القاهرة، خصّ "حفريات" بتصريحات، أوضح فيها بشيء من التفصيل، أبرز النقاط الخلافية، التي برزت في اجتماعات الجولة الثالثة للجنة المسار الدستوري في القاهرة، مستشهداً بتصريحات عضو لجنة المسار الدستوري عن مجلس النواب، أسماء الخوجة، التي أفادت بأنّ لجنتي النواب والدولة، تسلّمتا مقترحات لجنة 3+3، التي تشكلت في جلسة اليوم الثاني للحوار، حيث تقدمت اللجنة بأكثر من مقترح؛ حول المواد الخلافية، وهي الآن، بحسب الكزة، محل نقاش وتداول بين لجنتي النواب والدولة.

المتحدث باسم الخارجية المصرية: تقدم كبير شهدته الاجتماعات من حيث توافق الأشقاء الليبيين على غالبية المواد الدستورية

وكان عبدالقادر الجويلي، عضو المجلس الأعلى للدولة الليبية، وعضو لجنة المسار الدستوري، قد أعلن بدوره، أنّ اجتماعات القاهرة أسفرت عن اتفاق بخصوص المواد المتعلقة بمقومات الدولة، والحقوق والحريات، والسلطة القضائية، والمحكمة الدستورية، لكنّها لم تتوصل إلى اتفاق بخصوص مواد نظام الحكم، وأحكام الفترة الانتقالية. ولفت إلى أنّ اللجنة أحالت النقاط الخلافية لرئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبية ورئاسة مجلس النواب، على أن يعاد النظر فيها خلال 10 أيام، برعاية الأمم المتحدة.

الكزة أوضح أنّ المطالبين بالدستور الاتحادي، تعرضوا لضغوط متعددة؛ محلية وإقليمية ودولية، لافتاً إلى أنّ ما تحقق في لجنة المسار الدستوري في القاهرة، هو شبه انتصار لأصحاب النظام الفيدرالي، حيث خلصت الاجتماعات في النهاية إلى المفاضلة بين مقترحين، الأول: فيدرالية الأقاليم وتحصل على 13 صوتاً، والمقترح الثاني: فيدرالية المحافظات، وتحصل على 11 صوتاً .

 

محمود الكزة: النظام الفيدرالي قادم بقوة بفعل الضغوط التي يمارسها الإخوان وحلفاؤهم، فهذا النظام يناسب التيارات المتطرفة، كما أنّ الإخوان يبحثون لأنفسهم عن حكم ذاتي متوسط

 

وتوقع السياسي البرقاوي أنّ النظام الفيدرالي قادم بقوة، بفعل الضغوط التي يمارسها الإخوان وحلفاؤهم، ذلك أنّ النظام الفيدرالي يناسب التيارات المتطرفة، كما أنّ الإخوان يبحثون لأنفسهم عن حكم ذاتي متوسط، وقد يذهبون بضغوطهم في الاجتماعات المقبلة، إلى المطالبة بالنظام الكونفيدرالي؛ الذي يضمن تحصين وجودهم دستورياً.

واختتم الكزة تصريحاته، بالتعبير عن الأسف من عدم حسم النقاط المفصلية، مثمناً الدور المصري، من واقع المسؤولية القومية، متمنياً في الوقت نفسه، تسوية الأمور الخلافية في الاجتماعات المقبلة.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية