ليبيا نحو انسداد سياسي جديد.. ماذا وراء تعليق المفاوضات بين مجلس النواب والأعلى للدولة؟

ليبيا نحو انسداد سياسي جديد.. ماذا وراء تعليق المفاوضات بين مجلس النواب والأعلى للدولة؟

ليبيا نحو انسداد سياسي جديد.. ماذا وراء تعليق المفاوضات بين مجلس النواب والأعلى للدولة؟


13/12/2022

بينما لا تزال الخلافات ضاربة بين الأجسام السياسية الفاعلة في ليبيا، كرّرت واشنطن دعمها الكامل للمبعوث الأممي؛ لتعجيل الوصول للانتخابات؛ حيث كشف القائم بالأعمال الأمريكي في ليبيا ليزلي أورديمان، السبت الماضي، أنّ واشنطن تدعم "بشكل كامل"، جهود المبعوث الأممي في قيادة حوار بين المؤسسات السياسية الليبية، من شأنه أن يفضي إلى التعجيل بالوصول إلى الانتخابات.

من جهته، قال المبعوث والسفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إنّ إجراء الانتخابات لا يعتمد فقط على حكومة الوحدة الوطنية، بل إنّ مجلس النواب ومجلس الدولة والجهات الفاعلة الأخرى لها دور أيضاً، مشيراً إلى أنّ واشنطن تعتبر عبد الحميد الدبيبة رئيساً مؤقتاً للحكومة.

وأضاف نورلاند في تصريحات لـ"جون أفريك" أنّ ليبيا ليست بحاجة إلى فريق آخر من الوزراء المؤقتين، مشدداً على جميع الأطراف أنّه يجب إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.

تعليق المفاوضات

في سياق متصل، أشار فتح الله السريري، عضو المجلس الأعلى للدولة، أنّ المجلس قرّر في جلسته المنعقدة أول من أمس تعليق المفاوضات مع مجلس النواب.

وأضاف السريري في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ القرار تم اتخاذه عبر التصويت  بموافقة 68 صوتاً، من أصل 79 عضواً حضروا جلسة التصويت؛ لصالح تعليق التواصل مع مجلس النواب في المسارات كافة؛ بما فيها المناصب السيادية، والسلطة التنفيذية والقاعدة الدستورية.

فتح الله السريري: القرار تم اتخاذه عبر التصويت  بموافقة 68 صوتاً، من أصل 79 عضواً حضروا جلسة التصويت

ولفت فتح الله السريري، إلى أنّ "المجلس يشترط  إلغاء ما سنّه مجلس النواب، بخصوص المحكمة الدستورية، التي تحتاج إلى نص دستوري لا تشريعي، والالتزام التام بنصوص الاتفاق السياسي الليبي (الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة الانتقالية ) في أيّ لقاءات مستقبلية؛ لإنهاء المراحل الانتقالية.

مبادرة المجلس الرئاسي الليبي

من جهته، طرح المجلس الرئاسي الليبي، الخميس الماضي، مقاربة لحل الأزمة السياسية بالبلاد، وتحريك حالة الجمود السياسي؛ بغية الوصول إلى إنجاز القاعدة الدستورية، التي من شأنها أن تؤسّس لانتخابات برلمانية ورئاسية، وتنهي المراحل الانتقالية.

وقال المجلس في بيان رسمي، إنّ المبادرة تنطلق عبر لقاء تشاوري بين المجالس الثلاثة (المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة) بالتنسيق مع المبعوث الأممي عبدالله باثيلي، والتهيئة لحوار دستوري؛ كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية، تُضمّن فيه المبادرات والأفكار والرؤى التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على المجلس الرئاسي.

فتح الله السريري: المجلس يشترط  إلغاء ما سنّه مجلس النواب، بخصوص المحكمة الدستورية، التي تحتاج إلى نص دستوري لا تشريعي، والالتزام التام بنصوص الاتفاق السياسي الليبي

وبحسب بيان المجلس الرئاسي، فإنّ هذه المبادرة تهدف إلى إنجاز التوافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، على إصدار قاعدة دستورية للانتخابات، ومعالجة الخلافات العالقة، خاصّة في ظل تعثر إجراء الاستفتاء على الدستور.

وأشار البيان إلى أنّ "المبادرة تأتي اتساقاً مع نصوص خارطة الطريق، الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، الحاكمة للمرحلة، وانطلاقاً من المسؤولية الأخلاقية الواقعة على المجلس الرئاسي، وحرصاً على إنجاز التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة؛ لإصدار قاعدة دستورية تؤسّس لانتخابات برلمانية ورئاسية".

إضافة إلى ذلك، فإنّ المبادرة أيضاً، وبحسب الرئاسي الليبي، "تعالج النقاط الخلافية العالقة، في ظل استمرار تعثر إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، بموجب التعديل العاشر للإعلان الدستوري، واتفاق الغردقة الذي جرى بين المجلسين برعاية الأمم المتحدة، واستضافة مصر".

عبد المنعم اليسير: الدبيبة يعول على الدعم التركي له، كون أنقرة باتت المتحكم الأبرز في المنطقة الغربية

يأتي تحرك المجلس الرئاسي؛ من أجل دفع حالة الجمود السياسي بالبلاد، وتسوية النزاعات بين مختلف الأطراف الفاعلة، بعد  إعلان القطيعة بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان، وتعليق المشاورات والاتصالات بينهما، بسبب قرار البرلمان إنشاء محكمة دستورية في مدينة بنغازي.

فيما يتعلق بمقاربة المجلس الرئاسي، وموقف المجلس الاعلى للدولة، منها يذهب فتح الله السريري عضو المجلس، إلى التأكيد على أنّ تلك المقاربة غير واضحة المعالم حتى الآن، من حيث المضمون والآليات وضمانات النجاح، وتظل في حيز المبادرة.

تعطل آليات الحل السياسي

ويقول السريري إنّ هناك شروطاً لجدية المقاربة وفرص تحقق نجاحها، حيث تحتاج إلى إطار قانوني واضح؛ يحقق النتائج المرجوة، ويدلل على ذلك جديتها وموضوعيتها؛ لتلقى قبولاً  ونجاحاً، مع ضرورة إيجاد وسائل تلزم كل الأطراف بتنفيذ ما سيتم التوصل إليه من حلول وتوافقات، وحين ذلك سيقبلها مجلس الدولة.

عبدالله الغرياني: المجلس الرئاسي لا يمكنه صناعة مقاربة سياسية بين مجلس النواب والأعلى للدولة؛ كون الرئاسي ومنذ توليه مهامه، أصبح طرفاً في الأزمة

ويتابع عضو المجلس الأعلى للدولة تصريحاته لــ "حفريات"، بقوله إنّ "الغالب على تصرفات المجلس الرئاسي التردد والدعوة للحياد، وهو بذلك يناقض وجوده، فقد طلب عديد المرات التدخل باعتباره يمثل رئاسة الدولة؛ لوضع حد للوضع الراهن، وممارسة اختصاصاته الطبيعية؛ كإصدار القوانين بعد سنها، واعتماد مشروع الدستور الليبي، وغير ذلك. بيد أنّ ذلك كله يمضي دون نتيجة واضحة.

مناورات الدبيبة

يذهب عبد المنعم اليسير، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني، نحو التأكيد على أنّ عبدالحميد الدبيبة يعول على الدعم التركي له، كون أنقرة باتت المتحكم الأبرز في المنطقة الغربية.

وشكك اليسير في إطار تصريحاته لــ"حفريات"، في وجود خلاف بين عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة. مضيفاً: "عملية الإخفاق المتكرر في التوافق بين المجلسين، التي يقودها المشري، تظهرهما كأجسام فاشلة أمام المجتمع الدولي، وبالتالي لا يجد الأخير أمامه بالتوقيت الراهن أيّ خيار سوى الدبيبة".

 زياد دغيم: الاستجابة للمبادرة تضمن أساساً دستورياً متيناً، بدلاً من خوض غمار الخيارات الأخرى الصعبة

وفي السياق نفسه، توقع الكاتب السياسي الليبي، توفيق الشهيبي، أن "يسارع الدبيبة لاستغلال الظرف الراهن، بتجديد اتصالاته بشكل أو بآخر مع خالد المشري".

وذهب الشهيبي، في تصريحات صحفية لــ "حفريات"، إلى أنّ المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق المشري وصالح، اللذين يقتربان حيناً، ويعلنان التوافق، ثم يختلفان مجدداً حول أيّ مشكلة، بحسب تعبيره.

وإلى ذلك يقول زياد دغيم، مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون الانتخابات، إنّه يتمنى استجابة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لمبادرة الرئاسي، وأن يحترم خارطة الطريق التي شارك في صياغتها.

واضاف دغيم في سياق تصريحاته الصحفية لوسائل إعلام ليبية، إلى أنّ الاستجابة للمبادرة تضمن أساساً دستورياً متيناً، بدلاً من خوض غمار الخيارات الأخرى الصعبة، التي ستجعل الشعب في مواجهة سياسية مباشرة مع المعرقلين لخيار التغيير.

حول ذلك، يذهب توفيق الشهيبي، إلى أنّه غير متفاجئ بإعلان المجلس الأعلى للدولة، تعليقه المفاوضات مع مجلس النواب، نظراً لتكرار الأمر من ناحية، وكون صياغة القرار بدت وكأنّ الامر بين سلطة دولتين.

ويتابع الشهيبي قائلاً: إنّ اشكالية مقاربة المجلس الرئاسي، تبدو في عرابها عضو مجلس النواب المقال، زياد دغيم، والذي انقلب على رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، واصطف مع عبدالحميد الدبيبة، فضلاً عن ضعف أدوات المجلس الرئاسي. وبناء على ذلك يرى، بيقين تام، أنّ مجلس النواب سوف يرفض تلك المقاربة تماماً.

توفيق الشهيبي: سوف يسارع الدبيبة لاستغلال الظرف الراهن بتجديد اتصالاته بشكل أو بآخر مع خالد المشري

من جهته، يرى الكاتب الليبي عبدالله الغرياني، أنّ المجلس الرئاسي لا يمكنه صناعة مقاربة سياسية بين مجلس النواب ومجلس الدولة؛ كون الرئاسي ومنذ توليه مهامه، أصبح طرفاً في الأزمة، وجاء على رأس قائمة بها عبدالحميد الدبيبة، وعبر مسارات عديدة، أضحى المنفي ونائباه عبدالله اللافي وموسى الكوني، مرتهنين لأسرة الدبيبة، بحسب تعبيره.

ويستطرد الغرياني في سياق تصريحاته لــ "حفريات" قائلاً: "ما يحدث الآن هدفه إرباك المشهد، حيث يستقر في تقديره أنّ مهندس المبادرة هو زياد دغيم، مستشار محمد المنفي، ولا يمكن تجاهل الخلاف بين الأخير ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، حيث أسقط صالح عضوية زياد من المجلس؛ كونه تحصّل على منصب، بينما احتج الأخير، وقام بالتجاوز ضد عقيلة صالح، عبر عدد من تصريحاته التليفزيونية والصحفية؛ لذلك فإنّ الحديث عن دور قد يلعبه الرئاسي المرهون لآل الدبيبة، والذي فشل حتى في جهود ملف المصالحة، غير منطقي".

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية