ليبيا: مستقبل الوصول إلى عتبة آمنة للتوافق السياسي وتحييد السلاح بيد الميليشيات

ليبيا: مستقبل الوصول إلى عتبة آمنة للتوافق السياسي وتحييد السلاح بيد الميليشيات

ليبيا: مستقبل الوصول إلى عتبة آمنة للتوافق السياسي وتحييد السلاح بيد الميليشيات


15/01/2023

عبر هامش رفيع، وخيط مشدود، تتحرك الأجسام السياسية في ليبيا نحو إزاحة الغيوم عن مشهد الاستحقاق الانتخابي المأمول؛ وذلك من خلال العمل على عناصره الفاعلة، من وثيقة دستورية، ومؤتمر للمصالحة الوطنية، واجتماعات رفيعة؛ بهدف الوصول إلى عتبة آمنة.

وقد شهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية اجتماع رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح، والمجلس الأعلى للدولة خالد المشري، للتباحث بشأن الوثيقة الدستورية والبنود الخلافية حولها. وبعد ذلك بأيام كان اللقاء غير المعلن لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والمشير خليفة حفتر؛ للتشاور بخصوص خارطة طريق محتملة، تتعلق بالتوافق وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة، وتوحيد المؤسسة العسكرية، فضلاً عن حرص المشير خليفة حفتر على ضرورة أن يضغط المجتمع الدولي صوب إنهاء تدفق الأسلحة للميليشيات، والعمل على حصر السلاح بيد الدولة.

سيناريوهات متعددة

قال خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في تصريحات تلفزيونية: إنّه من المفترض إصدار الوثيقة الدستورية، وكذا القوانين الانتخابية، خلال شهرين على أقصى تقدير. فيما توقع المشري إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في آب (أغسطس) أو أيلول (سبتمبر) القادمين.

وأوضح المشري أنّه سيكون هناك لقاء "قريب" مع رئيس مجلس النواب داخل ليبيا؛ لإعلان خارطة الطريق، والمدى الزمني لكل الإجراءات.

وقال: إنّه في حال تعذر إجراء الانتخابات؛ بسبب وجود حكومتين، سيتم توحيد السلطة التنفيذية تحت "سلطة جديدة" هدفها إجراء الانتخابات. في السياق ذاته، هاجم الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي رئيس مجلس الدولة خالد المشري، في أعقاب تصريحاته التلفزيونية بشأن مادة الأحكام القضائية للمترشح الرئاسي، حيث إنّها تعني استبعاد المترشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي من الانتخابات، بحسب البيان.

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح

وقال بيان للفريق الإثنين الماضي: إنّ هذا الإعلان لم يكن مستغرباً ولا مفاجئاً، لكنّه مستغرب بسبب تمرير الفقرة التي تقصي سيف الإسلام في القاعدة الدستورية، وتمرير شرط ترشح العسكريين، واختلافهم على فقرة عدم ترشح مزدوجي الجنسية، بسبب وجود مرشح معيّن لديه جنسية أخرى غير الليبية، وعزمهم طرح هذه الفقرة فقط من القاعدة للاستفتاء الشعبي. وأضاف فريق سيف الإسلام أنّه لن يمانع الإجراءات المتخذة، مطالباً المعنيين بتحمل مسؤولياتهم نتيجة قراراتهم وعبثهم.

المجلس الرئاسي يدخل على خط الأزمة

في العاصمة طرابلس كان الملتقى التحضيري للمؤتمر الجامع للمصالحة الوطنية برعاية المجلس الرئاسي؛ بهدف إنجاز مشروع المصالحة والقاعدة الدستورية لتحقيق تطلعات جميع الليبيين.

إلى ذلك، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي: إنّ تجاهل المصالحة وتقاسم السلطة لم يزد المشهد في البلاد إلا تعقيداً. وأكد المنفي في كلمته خلال انطلاق فعاليات الملتقى التحضيري للمؤتمر الجامع للمصالحة الوطنية، مطلع الأسبوع الماضي، أنّ حل الأزمة الليبية يكمن في استعادة روح الوطن، وجبر الضرر، والرجوع إلى الحكمة.

توفيق الشهيبي: المجلس الرئاسي استلم مهامه منذ عامين، وبالأمس فقط، وبعد انتهاء مدته حسب خارطة الطريق، صاغ مؤتمراً تحضيرياً للمصالحة

 وأوضح رئيس المجلس الرئاسي أنّه يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، ولم يكن طرفاً في الصراع على السلطة في ليبيا.

من جهته، انتقد رئيس الهيئة العليا لـ "قوى التحالف الوطنية" توفيق الشهيبي، المجلس الرئاسي، متهماً إياه بالتخاذل في معالجة ملف المصالحة الوطنية. وقال الشهيبي في تصريحات خصّ بها "حفريات": إنّ ملف المصالحة من اختصاصات المجلس الرئاسي الرئيسية والقليلة المنصوص عليها في اتفاق (تونس -جنيف).

وأكد رئيس الهيئة العليا لقوى التحالف الوطنية أنّ المجلس الرئاسي استلم مهامه منذ عامين، وبالأمس فقط، وبعد انتهاء مدته حسب خارطة الطريق، صاغ مؤتمراً تحضيرياً للمصالحة.

جدل التناقضات وتضارب المصالح

ثمة استقرار واضح على ضرورة تهيئة الأجواء نحو استقرار المشهد السياسي في ليبيا؛ عبر تنظيم الاستحقاق الانتخابي سواء رئاسياً أو برلمانياً. بيد أنّ ذلك يجابه جملة من التحديات، سواء على مستوى الأجسام الفاعلة، أوالتناقضات القائمة فيما بينها، وما استتبع ذلك من واقع تراكمت جل عناصره وآثاره حضورياً.

محمد المنفي: إنّ تجاهل المصالحة وتقاسم السلطة لم يزد المشهد في البلاد إلا تعقيداً

وفي كلمته بشأن تطورات اجتماع القاهرة وتصوراته عن الوثيقة الدستورية، قال جبريل أوحيدة عضو مجلس النواب الليبي: أصبح كل من مجلس النواب والدولة الاستشاري الحلقة الأضعف في الأزمة الليبية، أمام من يملكون المال والسلاح وحلفائهم بالخارج؛ حيث إنّهم من يتحكمون في آليات الحل والتعقيد. وألمح إلى أنّ المجلسين أضاعا فرصة التفاهم على تغيير المناصب السيادية في تونس 2018، وقبل ذلك في احتواء حكومة السراج، وصولاً إلى الاستفتاء على مسودة الدستور، بما فيها من مثالب. وعلى أيّ حال الأمر كله في يد الليبيين، وكلمة الفصل فقط للشعب الليبي راهناً.

وأضاف أوحيدة في تصريحاته لـ"حفريات": "لا أستطيع القول، إزاء ما أراه من تطورات وسياق إقليمي ودولي، إنّ سيناريو النهاية المأسوية للمجلسين أصبح يلوح في الأفق".

بدوره، قال النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة ناجي مختار: إنّ الخلاف على شروط الترشح للرئاسة قد يطرح للاستفتاء. وأوضح مختار في تصريحات صحفية نقلتها "الشرق الأوسط" أنّ هناك نحو (40) مرشحاً للانتخابات الرئاسية والنيابية يحملون جنسية مزدوجة، كما أشار النائب الأول للمشري إلى أنّ الخلاف متواصل بشأن ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية لرئاسة ليبيا.

جبريل أوحيدة: أصبح كل من مجلس النواب والدولة الاستشاري الحلقة الأضعف في الأزمة الليبية أمام من يملكون المال والسلاح وحلفائهم بالخارج

من جانبه، قال المرشح الرئاسي سليمان البيوضي: إنّ ما يثار في الإعلام حول الخلاف على مادتين في القاعدة الدستورية لاستكمال العملية الانتخابية، هو عبث سياسي واستخفاف بالليبيين، وللأسف انخرطت النخبة في الصراع بشكل يثير الشفقة.

ويستطرد البيوضي في سياق تصريحاته لـ"حفريات" قائلاً: إنّ الانتخابات توقفت بسبب أزمة المراكز القانونية، وفشل المفوضية في الدفاع عن قراراتها، وهو ما يجب أن تعالجه القاعدة الدستورية، أمّا مسألة الجنسية الأجنبية، فقد جاءت في الفقرة الثانية من المادة الـ (10) من القانون رقم (1) لعام 2021 ونصها التالي: (ألّا يحمل جنسية أخرى عند ترشحه)، وأمّا مسألة العسكريين؛ فقد سمحت المادة الـ (12) بترشحهم، شرط التوقف عن العمل لـ (3)  أشهر.

ويختتم المرشح الرئاسي سليمان البيوضي تصريحاته بالقول: إنّ ما يحصل من اختلاق للجدل، هدفه المزيد من الوقت المهدور، وتعزيز الانقسام؛ ولذا فإنّ الحل في ظنه واضح وبسيط، وهو الاتفاق على قاعدة دستورية، وموعد نهائي لاستكمال العملية الانتخابية، وتغيير السلطة التنفيذية، وتحديد مهامها بشكل واضح، كما أنّ النخب الليبية مطالبة بممارسة الضغط الاستراتيجي؛ لتحقيق تطلعات أبناء الأمة الليبية لاختيار ممثليهم ومؤسساتهم الوطنية، وتحقيق إرادتهم عبر صناديق الاقتراع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية