ليبيا: خلافات سياسية واصطفافات عسكرية وتحريض... فهل تشتعل الجبهات الغربية؟

ليبيا: خلافات سياسية واصطفافات عسكرية وتحريض... فهل تشتعل الجبهات الغربية؟


09/03/2022

المشهد السياسي والأمني في ليبيا يزداد قتامة يوماً بعد يوم، في ظلّ الانقسامات السياسية بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، واختلاف أعضاء مجلس النواب على الشخصين، وعمليات التحشيد العسكري وانتشار الميليشيات الموالية للطرفين في مناطق الغرب الليبي.

وفي مزيد من التعقيد الذي تشهده الساحة الليبية، فقد أعلن (50) نائباً أمس تأسيس كتلة معارضة لإجراءات البرلمان، الداعية لتولي حكومة باشاغا مقاليد السلطة، وتنظيم انتخابات خلال (14) شهراً، مطالبين بإخراج البلاد من المراحل الانتقالية، ورفض التمديد للأجسام السياسية الحالية.

ودعت الكتلة التي أطلقت على نفسها اسم "برلمانيون ضد التمديد"، في بيان نقلته صحيفة المرصد الليبي، إلى إنهاء المراحل الانتقالية، وإصلاح البرلمان، وكذلك إلى دعم المسار الانتخابي.

إلى ذلك، أكدت دعمها مبادرة المستشارة الأممية ستيفاني وليامز لحلّ الأزمة السياسية، عبر تشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، تتولى تأسيس قاعدة دستورية، تفتح الباب لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، وتحقيق مطالب نحو (2.8) مليون ليبي.

 

اقرأ أيضاً: ليبيا: الإخواني المشري يغير موقفه من باشاغا ويهاجم مجلس النواب... ماذا حدث؟

يشار إلى أنّ هذا الانشقاق يُسلط الضوء على انقسام المشرّعين الليبيين إلى كتلتين: إحداهما تتمسّك بقرارات البرلمان الأخيرة وتعتبرها "قانونية"، لا سيّما قرار تعيين باشاغا رئيساً جديداً للوزراء، وترفض مبادرة الوساطة التي اقترحتها وليامز، وأخرى تعارض كلّ تلك الإجراءات وتتنصل منها، وتطالب في المقابل بإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن.

 

(50) نائباً يعلنون تأسيس كتلة معارضة لإجراءات البرلمان، الداعية لتولي حكومة باشاغا مقاليد السلطة وتنظيم انتخابات خلال (14) شهراً

 

وما يزال الغموض يلفّ مصير حكومة باشاغا التي أدّت اليمين أمام البرلمان، وموعد انتقالها إلى طرابلس أو كيفية دخولها هناك لمباشرة مهامها وصلاحياتها، في ظلّ رفض حكومة الدبيبة التخلي عن السلطة قبل إجراء انتخابات في البلاد، واستنفار قواته لحماية المقرات الحكومية، وقد نفت حكومة رئيس الوزراء الليبي الجديد فتحي باشاغا أمس  صحة الأخبار التي ترددت حول نيتها مباشرة أعمالها من مدينة أخرى غير العاصمة طرابلس، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة السياسية في البلاد.

وقال المكتب الإعلامي للحكومة في بيان أوردته صحيفة "بوابة أفريقيا": إنّها ستباشر مهام عملها من العاصمة فور إتمام عملية التسليم والاستلام، وذلك وفقاً للإجراءات القانونية.

وأكد باشاغا على ضرورة الحوار في ليبيا، وعدم السعي لإشعال الحرب، لافتاً إلى أنّ بلاده لم تكن دولة منذ 2011

 

اقرأ أيضاً: ليبيا: باشاغا يبدأ المشاورات لتشكيل حكومته... وحراك عسكري موالٍ له في طرابلس.

وأضاف باشاغا خلال كلمة وجّهها أمس إلى الشعب الليبي، وعُرضت عبر وسائل الإعلام، ونُشرت على صفحته عبر فيسبوك، أنّ اختيار الحكومة وتعيينها تمّ بطريقة شفافة، واتفاق وتوافق بين مجلسي النواب والدولة.

 

حكومة باشاغا تنفي صحة الأخبار التي ترددت حول نيتها مباشرة أعمالها من مدينة أخرى غير العاصمة طرابلس

 

وأوضح أنّ رئيس ما يُعرف بمجلس الدولة تعرّض للضغوط، معرباً عن تفهمه لما حدث.

وأرسل رئيس الحكومة الليبية رسالة طمأنة إلى الشعب بأنّه لا حروب، مؤكداً رفضه منطق القوة.

وبيّن أنّ لديه خلفية عسكرية، ويعلم ما هي الحرب، موجّهاً نصيحة للجميع بألّا يتمنوا الحرب، وألّا يُشعلوا نار الفتنة، فالحرب سهل إشعالها، وليس من السهل إطفاؤها.

وتابع: "أؤكد لكلّ الليبيين على دخول العاصمة بقوة القانون، وليس بقانون القوة، وسنتوجه إلى العاصمة في اليومين المقبلين"، مشيراً إلى أنّ حكومته ليست موازية، وهي حكومة ليبية لكلّ البلاد شرقاً وغرباً وجنوباً.

وشدّد على أنّ أموال النفط هي ملك لليبيين ككل، في الشرق والجنوب والغرب، وليس لأطراف بعينهم، مبيناً أنّ ليبيا لم تكن دولة منذ 2011.

وتعهّد رئيس الحكومة الليبية بقيادة ليبيا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، مطالباً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بمساندته في ذلك.

 

باشاغا: اختيار الحكومة وتعيينها تمّ بطريقة شفافة واتفاق وتوافق بين مجلسي النواب والدولة، ورئيس مجلس الدولة تعرّض للضغوط

 

وكشف عن أنّ الحكومة السابقة برئاسة عبد الحميد الدبيبة ساعدت في عرقلة الانتخابات، لافتاً إلى أنّه توجد دلائل كثيرة على ذلك.

وعن الكتائب المسلحة، أكد باشاغا وجود خطة لدمجهم في المؤسسات المختلفة، وبناء مشاريع منتجة مقابل التخلي عن السلاح، مشدداً على أنّه لن يسمح بتوجيه البنادق إلى الدولة.

ويملك رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا الأدوات الكافية التي تمكّنه من التعامل مع تحالف الميليشيات المضاد له، "سلمياً أو بالقوة"، وفقاً للباحث السياسي محمد قشوط.

ويرى قشوط، في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، أنّ موقف تلك المجموعات ليس مبنياً على مبدأ معيّن، وإنّما لأجل مصالح خاصة، داعياً باشاغا إلى عدم الرضوخ لهم.

ولا يستبعد السياسي الليبي فرج ياسين اندلاع صراع واسع داخل طرابلس، بعدما شهدت طيلة الأسابيع الماضية تحشيداً مستمراً من المجموعات المسلحة والميليشيات.

وأكد توقع قوى دولية إمكانية حدوث حرب في العاصمة، تنهي الهدوء النسبي الذي عاشته البلاد منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2020.

"المستفيد هم الإخوان"، هكذا يرى ياسين الذي أكد أنّهم لم يتخلوا عن حلمهم القديم بإخضاع البلاد لسيطرتهم، وهم مستمرون في هذا المخطط، المدعوم من قوى أخرى دولية، ولن يتخلوا عنه.

 

يضم معسكر باشاغا أكثر من (36) مجموعة مسلحة، في كافة مدن ومناطق الغرب الليبي، أمّا الدبيبة، فقد جمع أكثر من (22) مجموعة مسلحة

 

ويرى الكاتب الصحفي الحسين الميسوري أنّه من المستبعد أن تندلع مواجهات بين المؤيدين لباشاغا والدبيبة، اللذين ينحدران من مدينة واحدة هي مصراتة.

ويشرح الميسوري أنّ العديد من أصحاب النفوذ داخل مصراتة سيحولون دون اندلاع اقتتال قد يأتي على أبناء المدينة، صاحبة النفوذ الأكبر في الغرب الليبي، لكن يستبعد من ذلك المجموعات المسلحة المنتمية إلى الزاوية، التي أبدت حماساً أكبر في تأييد الدبيبة، على خلفية الصراع القديم بينها وبين باشاغا، إضافة إلى النفوذ الواسع لتنظيم الإخوان هناك.

وانقسمت المجموعات المسلّحة والميليشيات في الغرب الليبي بين صف مؤيد لرئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، وآخر داعم لرئيس الوزراء الجديد فتحي باشاغا.

وباركت عدة مجموعات تنشط في المنطقة الغربية وجبل نفوسة موقف البرلمان، واختياره باشاغا للحكومية الجديدة، قائلة: إنّها "على جاهزية تامة" لتنفيذ "المهام المنوطة بها" لدعمها.

 

اقرأ أيضاً: ليبيا: الدبيبة يلجأ إلى مصراتة لحصد التأييد... وهذا موقف القيادة العامة من باشاغا

ويضم معسكر باشاغا أكثر من (36) مجموعة مسلّحة، منها "ثوار طرابلس، والمجموعة (166) التابعة لمحمد الحصان، والمشاة الآلية (210)، وقوة الفوار المقاتلة، وقوة مكافحة الإرهاب المدعومة من المرشح الرئاسي أحمد معيتيق، وأيضاً قوة الردع الخاصة".

 

إحدى الميليشيات المسلحة الداعمة لحكومة الدبيبة تُشعل فتنة في مدينة مصراتة، بعد قتلها معارض للدبيبة والتمثيل بجثته

 

وتأتي مجموعات أخرى مثل "كتيبة شهداء جنزور، وكتيبة (212)، والكتيبة (42)، وكتيبة حماية زوارة، والكتيبة (301) مدرعات"، ومجموعات تنضوي تحت ما يُسمّى بـ"منطقة طرابلس العسكرية"، وأيضاً "المجلس العسكري لمدينة مصراتة".

بينما يرتكن الدبيبة لأكثر من (22) مجموعة مسلحة، قالت إنّها تدعم بقاء حكومته في السلطة، وكانت الأسبق إلى التحرك خلال الفترة الماضية، حيث أقدمت القوة المشتركة في مدينة مصراتة على احتجاز وزيري الخارجية والثقافة في حكومة باشاغا حافظ قدور وصالحة التومي.

وبالإضافة إلى "القوة المشتركة"، يأتي على رأس القائمة الميليشيا المعروفة بجهاز دعم الاستقرار التي يقودها عبد الغني الككلي الملقب بـ"غنيوة"، بالإضافة إلى ميليشيات "محمد بحرون (الفار)، وعثمان اللهب، والإسناد الأمني".

وتشمل القائمة: "ميليشيات محور طريق المطار، والسرية الثالثة مشاة ورشفانة، وكتيبة العجيلات، وكتيبة صبراتة، وسرية خليل المصراتي، وميليشيات حسن زعيط، والمجلس العسكري الزاوية الجنوب، وسرية الفتح المقاتلة، وسرية الحرشة، وميليشيا الساحل، وغرفة علميات الزاوية".

وفي سياق متصل بجرائم الميليشيات المسلحة الداعمة لحكومة الدبيبة، تشتعل مدينة مصراتة بفتنة قد تنذر بمواجهات مسلحة كبيرة.

وتأتي هذه الفتنة بعد أن قتلت ميليشيات "القوة المشتركة" التابعة للدبيبة المدون الليبي الطيب جاب الله الشريري، بعدها بساعات اغتالت ضابطاً بالمدينة نفسها وهو يوجه اللوم إليهم.

 

الدبيبة يدعم القوات المشتركة قبل أيام بـ (100) مليون دينار، بموجب قرار رسمي ممهور بتوقيعه

 

والمدون الليبي الطيب الشريري من مدينة مصراتة، ويبلغ من العمر (22) عاماً، من سكان زاوية المحجوب، وسجن لمدة (25) يوماً قبل مقتله بفترة لانتقاده رئيس الوزراء السابق عبد الحميد الدبيبة.

إلّا أنّه بعد الإفراج عنه عاد وانتقد الدبيبة، ممّا دفع هذه الميليشيات المؤيدة لرئيس الوزراء السابق إلى قتله أمام المارة.

ومع ظهور التسجيل المصور لمقتل المدون الليبي، أصدر أبناء قبيلة الجهانات وأعيانها بمدينة مصراتة بياناً يمهل ما يُعرف بــ"القوة المشتركة" (48) ساعة لتسليم قاتل ابنهم.

وأكدت القبيلة أنّ الأجواء محتقنة بالمدينة بعد انتشار مقطع الفيديو غير الإنساني لأفراد هذه الميليشيات وهم يُصفّون شاباً أعزل، ويركلون جثته بالأقدام.

ولفتت إلى أنّ ما يحدث سوف يتسبب في أزمة وفتنة كبرى بالمدينة لا تُحمد عقباها، لافتة إلى أنّ مديرية أمن مصراتة ما زالت ترفض حتى هذه اللحظة فتح محضر في الواقعة.

وأرجعت القبيلة رفض مديرية الأمن إلى سبب انتماء مديرها (علي الضراط) لميليشيا القوة المشتركة، التي فرضت على وزير الداخلية بحكومة الوحدة تكليفه، بحسب البيان.

وتُعدّ ما تُعرف بالقوة المشتركة إحدى داعمي بقاء رئيس الحكومة السابق في السلطة، وكانت الأسبق إلى التحرك خلال الفترة الماضية، حيث أقدمت على احتجاز وزيري الخارجية والثقافة في حكومة باشاغا حافظ قدور وصالحة التومي.

وقد قام الدبيبة بدعم تلك المليشيا قبل أيام بـ (100) مليون دينار، بموجب قرار رسمي ممهور بتوقيعه.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية