لماذا يصر إخوان السودان على تقويض الاتفاق الإطاري؟

لماذا يصر إخوان السودان على تقويض الاتفاق الإطاري؟

لماذا يصر إخوان السودان على تقويض الاتفاق الإطاري؟


17/01/2023

حذّر قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان الأحد الماضي السياسيين من التدخل في شؤون الجيش، وقال في كلمة متلفزة: "نُحذّر السياسيين من التدخل في شؤون الجيش، وعليهم العمل على إصلاح أحزابهم". وأضاف: "نريد أن تتحرر القوات المسلحة من الإخوان المسلمين واليساريين، وأن تكون داعمة لعملية التحول الديمقراطي".

ويبدو أنّ البرهان يرغب في إبعاد الجيش عن التجاذبات السياسية الحادة، وفي الوقت نفسه فإنّه وجّه رسالة صارمة إلى الإخوان وفلولهم، بعد أن تعالت الأصوات المدفوعة من التنظيم وأذرعه من أجل تقويض الاتفاق الإطاري.

وكان الجيش السوداني قد أكد أنّ الاتفاق الإطاري الموقع بين الجيش والأحزاب السياسية  الشهر الماضي، من المتوقع أن يخرج البلاد من أزمتها السياسية الحادة.

ملامح التوافق وعوامل الصراع

يتعهد الاتفاق الإطاري بتهيئة الأجواء لفترة انتقالية مدتها عامان، مع تعيين رئيس وزراء مدني من قبل الأحزاب السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري. وتضمن الاتفاق (5) مواضيع هي: العدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة اتفاق السلام، وتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، وحلّ قضية شرق السودان.

في الأسبوع الماضي، انطلقت الجولة الأخيرة من العملية السياسية في السودان، في محاولة للتوصل إلى توافق بشأن إجراءات تفعيل المرحلة الانتقالية في البلاد، وكان السودان بلا حكومة عاملة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2021، عندما أقال الجيش الحكومة الانتقالية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وأعلن حالة الطوارئ، وهي خطوة نددت بها القوى السياسية، ووصفتها بأنّها "انقلاب عسكري".

قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان

جدير بالذكر أنّ جماعة الإخوان المسلمين، بأذرعها المختلفة في السودان، أعلنت رفضها للاتفاق الإطاري، ودشنت عدة تظاهرات في العاصمة الخرطوم للتعبير عن معارضتها للاتفاق الذي ينهي الخلاف بين المكون العسكري والقوات المدنية.

نظّم قادة الائتلاف الإخواني حملة موجهة ضد قوى الحرية والتغيير، ودعوا القادة العسكريين إلى إعادة النظر في قرار تسليم السلطة لقوى الثورة

وكانت جبهة نداء شعب السودان، وهي تحالف يضم الجماعات الإسلامية، ويقوده الإخوان المسلمون، قد اقترحت إجراء حوار شامل، مع التلويح بدعم قادة الجيش، غير أنّ الاتفاق الإطاري الذي أقرّ بتسليم السلطة لقادة مدنيين، دفع الإخوان إلى إطلاق حملة للتنديد بقادة الجيش، واعتبار ما يجري أنّه نوع من التدخل الأجنبي في شؤون البلاد.

محاولات إرباك المشهد السياسي

نظّم قادة الائتلاف الإخواني حملة موجهة ضد قوى الحرية والتغيير، ودعوا القادة العسكريين إلى إعادة النظر في قرار تسليم السلطة لقوى الثورة. وقال محمد علي الجزولي عضو مجلس النواب: "نحن لسنا مؤيدين سياسيين للجيش، فنحن معهم إذا حافظوا على سيادة السودان وهويته ووحدته، وضمان انتقال مستقل بدون أحزاب، ونظموا انتخابات حرة ونزيهة". وأكد رفضه القاطع للاتفاق الإطاري، مهدداً بإغلاق الشرق والشمال، ونقل الاحتجاجات إلى القيادة العامة للجيش.

بدوره، طالب زعيم البجا محمد ترك، العضو في الكتلة الديمقراطية، مع جبريل إبراهيم، وميني ميناوي، الجيش بإعادة النظر في موقفه من الاتفاق، وجدّد رفضه لاتفاق جوبا للسلام بشرق السودان.

محمد الفرجاني: تجاهل البرهان للجماعة، وتوقيع الاتفاق من دونها، يعكس الوزن النسبي للإخوان، حيث لم يعد أحد يكترث لوجودها، وهو ما يدركه الإخوان جيداً

ويبدو أنّ عودة الإخوان إلى المشهد في السودان سببت حالة من الارتباك للجميع، ويرى مراقبون أنّ القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان سعى في بداية الأمر لاستخدام الجماعة لدعم الانقلاب، بينما وقف قائد قوات الدعم السريع ضد هذه الخطوة.

الدكتور محمد الفرجاني، الباحث المصري في العلوم السياسية، علّق على تحركات الإخوان، لافتاً إلى أنّ الجماعة أعلنت بوضوح، منذ اللحظة الأولى، رفضها الاتفاق الإطاري، وزعمت أنّه يدعو إلى طمس هوية السودان، وادّعت كذلك أنّ الاتفاق سوف ينتج عنه زعزعة الأمن والاستقرار، ووصفت من قاموا بتوقيعه بأنّهم لا وزن لهم في الشارع السوداني.

عودة الإخوان إلى المشهد في السودان سببت حالة من الارتباك للجميع

الفرجاني قال في تصريحاته لـ"حفريات": إنّ رفض الإخوان يأتي بعد أن أصرّت قوى التغيير على إدراج بند تفكيك نظام الرئيس السابق، ممّا يعني تقويض كل التراكمات التي نجح الإخوان في تحقيقها إبّان حكم البشير، وكانت الجماعة، بحسب الفرجاني، قد حاربت منذ اليوم الأول لجنة التفكيك، وهاجمت مقراتها، ويعكس ذلك خطورة المسارات المالية الإخوانية، وخوف التنظيم من مغبة تفكيك ما شيدوه طيلة عقود طويلة.

وبحسب الباحث، فإنّ تجاهل البرهان للجماعة، وتوقيع الاتفاق من دونها، يعكس الوزن النسبي للإخوان، حيث لم يعد أحد يكترث لوجودها، وهو ما يدركه الإخوان جيداً، ومن هنا جاءت مناورة تغيير منصب المراقب العام، باعتباره منصباً سياسياً، إلى مُسمّى رئيس الجماعة، بما يحمله من دلالات دعوية، وهو ما يتسق مع مزاعم الإخوان الأخيرة، التي أعلنها مجلس شورى الجماعة، باعتبارها جماعة دعوية وتربوية، وهو الأمر الذي يناقض التحركات الفعلية للجماعة على أرض الواقع، حيث إنّ منصب رئيس الجماعة احتفظ بمهام المراقب العام نفسها.

محمد إلياس: الجماعة الآن ليست لها أهمية أو تأثير كبير على الساحة السياسية السودانية

من جانبه، قلّل المحلل السياسي السوداني محمد إلياس من رفض الإخوان المسلمين للاتفاق، معتبراً أنّ الجماعة الآن ليست لها أهمية أو تأثير كبير على الساحة السياسية السودانية. واتفق معه في ذلك الدكتور عبد الحليم عيسى تيمان، مساعد رئيس حزب الأمة القومي، والقيادي بقوى الحرية والتغيير، الذي قال: إنّ المبادرات السابقة كانت تقف وراءها جماعة الإخوان وفلول نظام البشير، وأنّهم عجزوا عن إقناع الآخرين بها.

مواضيع ذات صلة:

إخوان السودان في قلب عاصفة جديدة... هل تنجح جهود إزالة التمكين؟

الصراع القبلي يهدد السودان... دراسة حديثة ترصد تداعيات خطيرة

السودان يغرق في أزماته: هل تلتحق أطراف سلام جوبا بالاتفاق الإطاري؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية