أعلنت فرنسا وحلفاؤها عن قرار سحب قواتهم المشاركة في قوتي "برخان" و"تاكوبا" من مالي، بسبب تدهور العلاقات مع السلطات الانتقالية الجديدة.
وأكدت فرنسا والدول الأوروبية المشاركة في العمليتين المذكورتين، وكندا، في بيان مشترك نشره قصر الإليزيه، أنّ "الظروف السياسية والعملياتية والقانونية في مالي لم تعد ملائمة لمواصلتها أنشطتها العسكرية في مجال مكافحة الإرهاب على نحو فعّال"، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".
فرنسا والدول الأوروبية المشاركة وكندا: الظروف السياسية والعملياتية والقانونية في مالي لم تعد ملائمة لمواصلتها أنشطتها العسكرية في مجال مكافحة الإرهاب
وحمّل البيان السلطات الانتقالية في مالي المسؤولية عن التسبب في "عوائق كثيرة" تحول دون أداء قوتي "برخان" و"تاكوبا" أنشطتهما، لافتاً إلى أنّ ذلك دفع الحلفاء إلى قرار "بدء الانسحاب المنسق للموارد العسكرية المخصصة لهاتين العمليتين من أراضي مالي".
في الوقت نفسه، أشار البيان إلى أنّ الحلفاء اتفقوا على مواصلة عملهم في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وخصوصاً في النيجر وخليج غينيا، وأطلقوا مشاورات سياسية وعسكرية بغية تحديد شروط هذا العمل المشترك بحلول حزيران (يونيو) 2022.
الحلفاء اتفقوا على مواصلة عملهم في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وخصوصاً في النيجر وخليج غينيا
وجاء في البيان: "من أجل احتواء التوسع الجغرافي المحتمل لأنشطة المجموعات الإرهابية المسلحة باتجاه جنوب المنطقة وغربها، يعرب الشركاء الدوليون عن استعدادهم للنظر فعلياً في تقديم دعمهم إلى البلدان المجاورة في خليج غينيا وغرب أفريقيا بناء على طلباتها".
بدوره، شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أثناء مؤتمر صحفي عقده اليوم، على أنّه يرفض رفضاً تاماً الفكرة القائلة إنّ المهمّة الفرنسية في مالي باءت بالفشل، واستطرد متسائلاً: "ماذا كان سيحدث في 2013 لو لم تتدخل فرنسا؟ كنا سنشهد بالتأكيد انهياراً للدولة المالية".
إيمانويل ماكرون يشدد على أنّه يرفض رفضاً تاماً الفكرة القائلة إنّ المهمة الفرنسية في مالي باءت بالفشل
وصرّح ماكرون بأنّ العسكريين الفرنسيين حققوا نجاحات عديدة، منها تصفية أمير تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في حزيران (يونيو) 2020، مشيراً إلى أنّ سبب الانسحاب يعود إلى نهج السلطات العسكرية الجديدة في هذا البلد.
وقال: "لا نستطيع مواصلة العمل العسكري المشترك مع سلطات أمر واقع لا نشاطرها استراتيجيتها وأهدافها الخفية، هذا هو الوضع الذي نواجهه اليوم في مالي، لا يمكن ولا يجب أن تبرر مكافحة الإرهاب كلّ شيء، بحجة أنّها أولوية مطلقة تحولت إلى تمرين للاحتفاظ بالسلطة إلى أجل غير مُسمّى".
إيمانويل ماكرون: لا نستطيع مواصلة العمل العسكري المشترك مع سلطات أمر واقع لا نشاطرها استراتيجيتها وأهدافها الخفية
ولوّح الرئيس الفرنسي إلى أنّ إحدى النقاط الخلافية تكمن في الاستعانة "المزعومة" لسلطات مالي الجديدة بخدمات مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، قائلاً: إنّ تواجد هذه المجموعة هناك يأتي بهدف "تأمين المصالح الاقتصادية الخاصة بها، وبالمجلس العسكري الحاكم".
وأعلن ماكرون أنّ إغلاق آخر القواعد الفرنسية في مالي سيجري خلال فترة (4-6) أشهر، مؤكداً أنّ القوات الأوروبية ستنسحب من مالي بالتنسيق مع الأمم المتحدة وجيش هذه الدولة، وأنّ هذه القوات ستعيد انتشارها في أراضي النيجر على مقربة من حدود مالي.
وحذّر الرئيس الفرنسي من أنّ الساحل وخليج غينيا يُعدّان "أولويتين استراتيجيتين بالنسبة إلى تنظيمي "داعش" و"القاعدة".
ويأتي ذلك قبل أيام معدودة من إعلان ماكرون المتوقع عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرر إجراؤها في نيسان (أبريل) القادم.
وقد تدهورت العلاقات بين فرنسا ومالي بشكل حاد منذ الانقلاب العسكري الذي شهده البلد الأفريقي في آب (أغسطس) 2020.