لماذا تعتبر إيران الطائرات المسيّرة أعظم ميزات جيشها؟

لماذا تعتبر إيران الطائرات المسيّرة أعظم ميزات جيشها؟

لماذا تعتبر إيران الطائرات المسيّرة أعظم ميزات جيشها؟


31/10/2023

منذ فترة طويلة تستشعر واشنطن الأخطار المتوقعة لتنامي تصنيع وتطوير الطائرات المسيّرة الإيرانية، التي تعد في نظر طهران أعظم ميزات جبشها. لكنّ الإدارة الأمريكية بدت في الآونة الأخيرة معنية بوقف هذا التهديد الذي يتنامى، لذا  صرح المسؤولون العسكريون الأمريكيون بأنهم يبحثون في وسائل استهداف إنتاج الطائرات المسيّرة الإيرانية.

وأكدت تصريحات صدرت من واشنطن أنّ الطائرات المسيّرة الإيرانية تشكل أحد أكبر مصادر التهديد على استقرار المنطقة، فضلاً عن تواتر التقارير حول تزويد إيران لروسيا بأعداد كبيرة من طائرات من بينها المسيّرة الانتحارية التي تستخدمها روسيا في العمليات الجارية في أوكرانيا.

ويقرأ خبراء ومحللون في الوسائل التي قد تدرسها واشنطن لمواجهة هذا التهديد، حيث كشف مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك سوليفان، أواخر العام الماضي، عن معلومات استخباراتية رُفعت عنها السرية حول خطط إيرانية لنقل مئات الطائرات القتالية بدون طيار وغيرها من المركبات الجوية غير المأهولة إلى روسيا، وتدريب المشغلين الروس في إيران. كما نشرت إدارة بايدن صوراً التقطتها الأقمار الصناعية والتي أفادت بعض التقارير أنها تعود لوفد عسكري من الكرملين يزور "قاعدة الشهيد عبد الكريمي" للمركبات الجوية في وسط إيران، التي تديرها "القوات الجوية" في الحرس الثوري. ويُعرف عن المنشأة، التي تتشارك مدرجها مع مطار شبه مدني في كاشان، أنها شاركت بشكل كبير في عمليات نفذتها طائرات إيرانية بدون طيار وأخرى تابعة لوكلاء إيران في سوريا ومناطق أخرى، حسبما ذكر فرزين نديمي، المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج، في تحليل لموقع "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى".

لماذا تحتاج موسكو إلى طائرات إيرانية؟

ويتساءل المحلل الأمريكي: لماذا تحتاج موسكو إلى طائرات إيرانية مسيّرة؟

منذ فترة طويلة تستشعر واشنطن الأخطار المتوقعة لتنامي تصنيع وتطوير الطائرات المسيّرة الإيرانية

الطائرات بدون طيار تؤدي دوراً أساسياً في الحرب الراهنة، كما أنّ تسيير عدد كبير من الطائرات المسيّرة الجديدة فوق ساحة المعركة قد يمنح روسيا النوع نفسه من الدعم النفسي والتكتيكي الذي تمتعت به القوات الأوكرانية عندما بدأت باستخدام الطائرات المسيّرة "بيرقدار" المستوردة من تركيا. وقد تأمل موسكو حتى في تغيير مسار الصراع بأكمله باستخدام الطائرات بدون طيار على نطاق أوسع. ومع ذلك، لمّ يتمّ بعد إنتاج التصاميم الروسية الحديثة، ناهيك عن دخولها الخدمة الفعلية، بما في ذلك النماذج القتالية على غرار  طائرة "أوريون-إي" و" إنوخوديتس-آر يو" ("سيريوس") و"هيليوس - آر إل دي" و"غروم" و"مولنيا" والتي تتميز بأداء أفضل بكثير، وتتمتع بحمولات أكبر، وقدرات اتصال عبر الأقمار الصناعية لمدى أطول. ويتم استخدام [طائرات] الذخيرة المتسكعة "زالا/كلاشنكوف كاي يو بي" في أوكرانيا، لكنّ قصر مداها ورأسها الحربي الصغير يجعلانها أقل كفاءة من التصاميم الإيرانية المشابهة. باختصار، بإمكان الطائرات المسيّرة الإيرانية أن تكون حلاً مؤقتاً مثالياً إلى أن تصبح الطائرات "الحقيقية" الروسية قابلة للاستخدام.

نظراً لتضاؤل ​​مخزون روسيا من صواريخ "اسكندر" الباليستية وصواريخ كروز، فإنّ تدفق الذخائر الإيرانية سيمكّنها من ضرب المزيد من الأهداف الطويلة الأمد والمهمة في أوكرانيا

ويتوقع المحللون بأنه إذا تم تسليم شحنات الطائرات بدون طيار الإيرانية إلى روسيا، فستكون على الأرجح انطلاقة لمزيد من التعاون العسكري الثنائي في أوكرانيا. ولم يتضح بعد ما إذا كان هذا التعاون سيؤدي في النهاية إلى قيام فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بنشر قواته الوكيلة في جبهات القتال الأوكرانية، لكنه قد يفسح المجال في الوقت نفسه أمام تسليم أسلحة أكثر إثارة للجدل مثل الصواريخ الباليستية الإيرانية القصيرة المدى. ونظراً لتضاؤل ​​مخزون روسيا من صواريخ "اسكندر" الباليستية وصواريخ كروز، فإنّ تدفق الذخائر الإيرانية سيمكّنها من ضرب المزيد من الأهداف الطويلة الأمد والمهمة في أوكرانيا.

ولم تتوقف مخاوف واشنطن عند هذا الحد، ففي 20 نيسان (أبريل) الماضي، عقد معهد واشنطن منتدى سياسياً افتراضياً مع الجنرال كينيث ماكنزي جونيور (ضابط متقاعد من "مشاة البحرية الأمريكية") حيث أكد ماكنزي أنّ حرب الطائرات المسيّرة هي نهج غير متماثل تستخدمه عادةً الدول غير القادرة على استعمال الطائرات المقاتلة الحديثة وغيرها من الأنظمة ذات القدرات المتطورة. وتُعتبر الطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز للهجوم الأرضي، والصواريخ الباليستية، أدوات تستخدمها جهات فاعلة مثل إيران، والتي تتفوق عليها أطراف أخرى في العديد من المجالات، ولكنها تبحث عن طرق مبتكرة للرد بفعالية. وتمنح هذه الطائرات على وجه الخصوص طهران مرونة كبيرة وقدراً من الإنكار دون الحاجة إلى التقنيات المتطورة الحديثة.

الطائرات بدون طيار تؤدي دوراً أساسياً في الحرب الراهنة

يذكر أنه على مدى السنوات العشر الماضية، زادت إيران بشكل كبير مخزونها من الطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز، والصواريخ الباليستية إلى درجة أنها تفوقت على الدول المجاورة في هذا المجال - أي قدرتها على شن هجوم يطغى على دفاعات هذه الدول. وقد تترتب عن ذلك حصيلة تُعادل حرباً جوية بمزيج من الأسلحة، حيث يمكن إطلاق الطائرات المسيّرة لتدمير أنظمة رادار العدو قبل إلحاقها بهجمات بالصواريخ الباليستية. وحالياً، تتخلف الولايات المتحدة وشركاؤها في المنطقة عن قدرتهم على الدفاع بفعالية ضد الطائرات المسيّرة.

على مدى السنوات العشر الماضية، زادت إيران بشكل كبير مخزونها من الطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز، والصواريخ الباليستية إلى درجة أنها تفوقت على الدول المجاورة في هذا المجال

وفي نظر ماكنزي، هناك مبدأ بديهي قديم لحرب الأسلحة المختلطة مفاده أنّ "القصف بدون مناورة ليس حاسماً، في حين أن المناورة بدون قصف كارثية". ومن هذا المنطلق، لن يكون الصراع الإقليمي مع إيران عبارة عن حرب "مناورة" تُستخدم فيها الدبابات أو قوات المشاة أو قوات الغزو، لأنّ طهران وخصومها المحتملين في الشرق الأوسط لا يشتركون في حدود برية أو يمتلكون قوات استطلاعية تقليدية كبيرة. ومن المرجح أن يكون هذا الصراع حرب "قصف" يتم فيها استخدام الطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز، والصواريخ الباليستية ضد أهداف عسكرية وغير عسكرية. ولكن إذا لم يقترن القصف بالمناورة، ستبقى النتائج الحاسمة بعيدة المنال.

"أعظم ميزات جيش" إيران

وتَعتبر إيران قدراتها في مجال الصواريخ والطائرات المسيّرة أعظم ميزات جيشها، وتُوليها أهمية تضاهي تلك التي توليها لبرنامج أسلحتها النووية، إن لم تكن تفوقها أهمية. وفي حين أن البرنامج النووي يمثل قدرة مستقبلية محتملة، إلّا أن الصواريخ والطائرات المسيّرة تُمكّن إيران حالياً من إيذاء خصومها الإقليميين إذا شاءت.

ويستوجب التصدي لهذه القدرات، وفق المحلل العسكري الأمريكي الذي أورد آراءه معهد واشنطن، قيام الولايات المتحدة وشركائها بانتهاز الفرصة الراهنة لإنشاء بنية إقليمية متكاملة من الدفاعات الجوية والصاروخية. وحيث إنّ دول الشرق الأوسط تأبى عموماً التنازل عن سيادتها، إلّا أن النظام الدفاعي المتكامل لا يتطلب سوى تبادل المعلومات لتكوين صورة من العمليات المشتركة في المجال الجوي الإقليمي. وقد ساعد التقدم المحرز في هذا الصدد خلال السنوات الماضية على بناء الثقة بين الدول المتجاورة.

تدرك الولايات المتحدة وحلفاؤها أنّ التفوق الجوي الذي تمتعوا به بشكل عام منذ الحرب العالمية الثانية لم يعد بلا منازع

ومن العوامل الكبيرة الأخرى القرار المتخذ في عام 2021 بوضع إسرائيل ضمن منطقة مسؤولية "القيادة المركزية الأمريكية". فقد أوجدت هذه الخطوة فرصاً لدمج القوات الإسرائيلية بشكل أفضل مع الجيوش الأخرى في المنطقة، بما في ذلك من خلال تبادل المعلومات وتطوير تكتيكات وإجراءات مشتركة.

ومع ذلك، يجب أن تدرك الولايات المتحدة وحلفاؤها أنّ التفوق الجوي الذي تمتعوا به بشكل عام منذ الحرب العالمية الثانية لم يعد بلا منازع، ويعود ذلك بالدرجة الكبرى إلى انتشار الطائرات المسيّرة. لذلك من الضروري أن تشجع واشنطن على اعتماد نهج جماعي للدفاع الجوي في المنطقة مع مواصلة العمل على الحلول التقنية أيضاً. فالطائرات المسيّرة الكبيرة تشابه الطائرات العادية من حيث الحجم والقدرات، ولذلك يمكن التصدي لها عادةً باستخدام أنظمة الدفاع الجوي التقليدية. ومع ذلك، فإنّ الطائرات المسيّرة الأصغر حجماً تطرح تحدياً أكثر إثارة للقلق، ويمكن شراؤها وتعديلها بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح، وفق ماكنزي، أن تتحسن القدرات العسكرية الإيرانية مع استخدام القوات الروسية لطائراتها المسيّرة وأنظمتها الأخرى في أوكرانيا.

مواضيع ذات صلة:

حرب الطائرات المسيّرة بين إسرائيل وإيران: حان وقت التصعيد

الطائرات المسيّرة عن بعد: هل بدأ عصر حروب الروبوت؟

الطائرات المسيّرة وشكل الإرهاب الحديث




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية