لماذا تركز شائعات الإخوان على السجون في مصر؟

لماذا تركز شائعات الإخوان على السجون في مصر؟

لماذا تركز شائعات الإخوان على السجون في مصر؟


11/04/2023

بشكل لافت، تركز شائعات الإخوان في مصر مؤخراً على السجون، وعلى مدار الأشهر الماضية يمكن رصد العشرات من الأخبار المفبركة، التي تعمدت منصات الجماعة نشرها على نطاق واسع، تناولت بشكل زائف أوضاعاً صعبة للمحبوسين من عناصر الجماعة في مصر، وصل بعضها إلى حدّ تزييف بعض الأخبار عن انتحار عدد من عناصر التنظيم داخل أحد مراكز التأهيل في مصر، الأمر الذي نفته وزارة الداخلية المصرية لاحقاً وبيّنت أنّه لا يمتّ للواقع بصلة.

الجماعة تحاول إثارة الرأي العام وتحشيد آراء المصريين تجاه السجون لعدة أسباب، يفسرها مراقبون برغبة التنظيم الإرهابي في خلق حالة من الجدل، من شأنها الضغط على السلطات المصرية للإفراج عن بعض المحبوسين من عناصر التنظيم، بعد فشل كافة السبل التي سلكتها الجماعة مؤخراً للمصالحة أو التفاوض مع الدولة المصرية.

آخر الشائعات

قبل أيام، ادعت صفحات تابعة لجماعة الإخوان تعرّض عدد من عناصر التنظيم المسجونين على ذمة قضايا إرهابية، داخل مركز بدر الإصلاحي، للتعذيب والتجويع المتعمد، على حدّ وصف التقرير المنشور، وهو الأمر الذي يتكرر للمرة الرابعة تقريباً خلال شهر.

من جهتها، سارعت وزارة الداخلية المصرية إلى نفي الادعاءات جملة وتفصيلاً، وقالت في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية الأحد الماضي: إنّ "ما تم تداوله بإحدى الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) من ادعاءات وأكاذيب مختلقة حول وجود انتهاكات بأحد مراكز الإصلاح والتأهيل، ليس له أيّ أساس من الصحة.

تركز شائعات الإخوان في مصر مؤخراً على السجون

وأوضح البيان الذي جاء على لسان أحد المصادر الأمنية أنّ ما تم تداوله بهذا الشأن عارٍ تماماً من الصحة جملةً وتفصيلاً.

وأشار المصدر إلى أنّ ذلك يأتي ضمن الحملة المنظمة للجماعة الإرهابية لمحاولة إثارة البلبلة وتزييف الحقائق، بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام.

لماذا تكثف الجماعة شائعاتها حول السجون؟

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان لـ "حفريات": إنّ هناك جملة دوافع تقف وراء الحملة الإخوانية المكثفة التي تستهدف السجون المصرية في الوقت الراهن، في مقدمتها محاولة إحياء ملف المسجونين من خلال إثارة حالة من التعاطف معهم لدى الشارع، وأيضاً الضغط على السلطات بادعاء بعض الأكاذيب أو الأخبار الملفقة حول أوضاع السجون.

أحمد سلطان: الهدف من الحملة الإخوانية إحياء ملف المسجونين من خلال إثارة حالة من التعاطف معهم لدى الشارع، وأيضاً الضغط على السلطات بادعاء بعض الأكاذيب حول أوضاع السجون

ويشير سلطان إلى أنّ ملف السجناء يبرز كأحد أهم الأدوات في إدارة الصراع الراهن بين جبهتي التنظيم المتناحرتين، وتحاول كل جبهة أن تظهر أنّها مهتمة بهذا الملف، وتقدّم جهداً كبيراً من أجل إنجازه، باعتباره قضية حاسمة لدى قواعد التنظيم، ومحل اهتمام الكثيرين، لذلك يتسابق قيادات الجبهتين لتحقيق أيّ منجز في هذا الصدد.

تكثيف الحملات أيضاً يستهدف تحفيز بعض الدول، خاصة الدول الغربية، للضغط على مصر من أجل الإفراج عن المسجونين من عناصر التنظيم، وربما هذا ما حدث بالفعل مراراً خلال الأعوام الماضية، لكن لم تستجب له الدولة المصرية بأيّ شكل من الأشكال.

كيف تدار الحملات؟

يقول سلطان: إنّ ما يحدث هو قيام التنظيم بتزييف عدد من الأخبار حول أوضاع السجون في مصر، ونشرها على نطاق واسع عبر منصات الجماعة وصفحات التواصل الاجتماعي بالاعتماد على الكتائب الإلكترونية، ومن ثم تتلقفها بعض المنظمات الحقوقية سواء التابعة للإخوان أو المتحالفة معهم، ويتم الترويج لها باعتبارها تقارير موثقة ومعلومات حقيقية، وتقوم هذه المنظمات بصياغة تقارير تستهدف الضغط على الدولة المصرية بالملف الحقوقي.

وبحسب الباحث المصري، تحاول الجماعة تحقيق أيّ إنجاز في هذا الملف، وهذا الأمر اعترف به قادة التنظيم في وقت سابق، فقد قال محمود حسين، وإبراهيم منير الراحل في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي: إنّ الجماعة لا تملك الكثير لفعله من أجل هؤلاء السجناء، ومن كان لديه أيّ وسيلة للمساعدة، فعليه التقدم بها، وذلك ردّاً على الضغوط الداخلية الكبيرة التي يواجها قادة التنظيم بهذا الصدد.

ملف السجناء يبرز كأحد أهم الأدوات في إدارة الصراع الراهن بين جبهتي التنظيم المتناحرتين، وتحاول كل جبهة أن تظهر أنّها مهتمة بهذا الملف وتقدّم جهداً كبيراً من أجل إنجازه، باعتباره قضية حاسمة لدى قواعد التنظيم، ومحل اهتمام الكثيرين

ويرى سلطان أنّ تلك الحملات فقدت أيّ قيمة أو أهمية، في ضوء التوضيحات المستمرة من جانب السلطات المصرية، والمكاشفة حول أوضاع السجون وطبيعة أحوال المسجونين، إضافة إلى أنّ الجماعة لم تعد تحظى بأيّ مصداقية لدى الشارع المصري، وباتت كافة محاولاتها في هذا الصدد مكشوفة لدى الجميع.  

لماذا مجمع بدر؟

تركز الشائعات الإخوانية بشكل كبير على مركز سجون بدر للإصلاح والتأهيل، الذي افتتحته السلطات المصرية خلال العام الماضي، لعدة أسباب؛ أبرزها هو أنّ المجمع يضم أكبر عدد من المحبوسين من عناصر التنظيم، بمن فيهم المرشد العام للإخوان محمد بديع وقيادات مكتب الإرشاد.

أحمد سلطان: إنّ ما يحدث هو قيام التنظيم بتزييف عدد من الأخبار حول أوضاع السجون في مصر

الجماعة تحاول أيضاً من خلال تكثيف الشائعات حول مجمع بدر نسف الرواية الرسمية للسلطات المصرية التي أكدت أنّ افتتاح المركز جاء في إطار خطة للإصلاح والتأهيل للمجرمين، تتم وفق اعتبارات حقوق الإنسان الدولية، وفتحت المركز للزيارات في بادرة تستهدف دحض شائعات التنظيم وبعض المنظمات الحقوقية التابعة له حول أوضاع السجون في مصر، وما يترتب عليه من بعض الضغوط على مصر.

شائعة مكررة

مطلع آذار (مارس) الماضي، انتشرت عشرات الأخبار عبر وسائل إعلام إخوانية حول جملة انتهاكات تقع داخل السجن، إضافة إلى تكثيف التقارير من أحد مراكز حقوق الإنسان المعروف بتبعيته للتنظيم، والذي يعمل من خارج البلاد، بنقل بعض الرسائل المزعومة لعدد من المحبوسين، فضلاً عن نشر أخبار حول حالات انتحار وقعت داخل السجن.

وكانت وزارة الداخلية المصرية قد نفت هذه الشائعات، وقالت في بيان رسمي: إنّ "تلك الأخبار جاءت في سياق الحملة المنظمة للجماعة الإرهابية لمحاولة إثارة البلبلة، وتزييف الحقائق، بعد أن فقدت مصداقيتها، وتكشفت مخططاتها أمام الرأي العام، في محاولة لإيجاد نوع من التعاطف مع العناصر الإرهابية التي تلوثت أيديها بالدماء".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية