لماذا تتصاعد العمليات مؤخراً بين داعش وإيران؟

لماذا تتصاعد العمليات مؤخراً بين داعش وإيران؟

لماذا تتصاعد العمليات مؤخراً بين داعش وإيران؟


29/01/2024

أعلن الحرس الثوري الإيراني إطلاقه صواريخ باليستية على قواعد الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران في الأراضي السورية في 16 كانون الثاني (يناير)، وقبل هذا التاريخ وبالتحديد في الثالث من الشهر نفسه، شهدت محافظة كرمان جنوبي إيران وقوع انفجارين داميين، بالقرب من قبر الجنرال السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني (قاسم سليماني)، تزامناً مع إحياء الذكرى السنوية الرابعة لمقتله، أعلن تنظيم داعش لاحقاً مسؤوليته عنهما، ومع تصاعد العمليات بين "داعش" وطهران يبدو السؤال مُلحّاً حول دلالات التوقيت وأهميته، وهو ما تجيب عنه دراسة حديثة لـ "مركز رع للدراسات الاستراتيجية".

خلال الأشهر الـ (3) الماضية تنامى نشاط تنظيم داعش في أغلب دول ارتكازه، وصولاً إلى تفجيرات كرمان الدامية مطلع العام الجديد، التي تلاها تنفيذ التنظيم ما يزيد عن (30) عملية تفجيرية في مناطق مختلفة

 

بحسب الدراسة التي جاءت تحت عنوان: "دلالات التوقيت... لماذا تتصاعد الاشتباكات بين (داعش وإيران)؟ للباحثة سارة أمين، تُعدّ العملية التي استهدفت محيط قبر سليماني الثانية داخل الجمهورية الإيرانية من قبل "داعش"، منذ تولي أبي حفص الهاشمي القرشي مسؤولية قيادة التنظيم في آب (أغسطس) 2023.

وخلال الأشهر الـ (3) الماضية تنامى نشاط تنظيم داعش في أغلب دول ارتكازه، وصولاً إلى تفجيرات كرمان الدامية مطلع العام الجديد، التي تلاها تنفيذ التنظيم ما يزيد عن (30) عملية تفجيرية؛ امتداداً من العراق وسوريا إلى الكونغو ومالي ونيجيريا وموزمبيق والفلبين وأفغانستان، ومن المرجح أن تشهد دول أخرى المزيد من الهجمات الإرهابية الداعشية خلال الفترة المقبلة، على حدّ تقدير الباحثة. 

مخططات تنظيم داعش في 2024

بالتزامن مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره الرابع، يبدو أنّ للتنظيم العديد من الأهداف والرسائل التي يحاول توجيهها وتحقيقها الآن ومستقبلاً، في ظل احتمالية توسيع نطاق نشاط تنظيم داعش العملياتي، وفق الدراسة.

العملية التي استهدفت محيط قبر سليماني

وتشير الباحثة إلى أنّ تنظيم داعش ربما أراد الترحيب بالعام الجديد على طريقته الخاصة، مع الأخذ في الحسبان أنّه كان هنالك تراجع في عدد ومستوى العمليات الإرهابية التي قام بها خلال عامي 2022  2023، وجاءت عملية تفجيرات كرمان في إيران بالتزامن مع سلسلة من العمليات الإرهابية التي قام التنظيم بتنفيذها في أغلب مناطق ارتكازه، بداية من شرق آسيا وصولاً إلى غرب ووسط أفريقيا، وقد وصل عدد العمليات الإرهابية التي قام بها التنظيم خلال يومي 3 و4 كانون الثاني (يناير) 2024 حوالي (33) عملية إرهابية، في (9) دول تقريباً من دول الارتكاز.

تفجيرات كرمان... دلالات خاصة

أمّا الحديث عن التفجيرات التي وقعت في مدينة كرمان الإيرانية، فإنّ له بُعداً خاصاً، بحسب الباحثة، لا سيّما أنّه في توقيت إحياء ذكرى مقتل القائد الإيراني سليماني، وقد تحدّث بعض المسؤولين الإيرانيين في الأيام القليلة الماضية عن ارتباط اغتياله بما يحدث في قطاع غزة وعملية "طوفان الأقصى" التي وقعت في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

وعقب العملية التفجيرية في كرمان مباشرة، وقبل إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عنها، ثارت التساؤلات والتكهنات حول المسؤول عن هذه العملية، وكيف سيكون ردّ الفعل الإيراني إذا كان المسؤول عنها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؟

لذا ترددت بالفعل سجالات واتهامات بين طهران وبين تل أبيب وواشنطن بشأن التفجيرات، واتهامها لهما بالوقوف خلف هذه العملية، كونها تأتي في خضم تصعيد الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، والشدّ والجذب بين إيران وأذرعها من جهة، وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى.

لكن قبل مرور (24) ساعة على عملية تفجيرات كرمان، أصدرت مؤسسة الفرقان (الذراع الإعلامية لتنظيم داعش) بياناً أعلنت فيه مسؤولية التنظيم عن التفجيرين، وعلى الرغم من ذلك، إلا أنّ وكالة الأنباء الإيرانية (تسنيم) اتهمت إسرائيل بأنّها هي التي أمرت تنظيم داعش بتحمل المسؤولية عن التفجيرات.

وتشير الباحثة إلى أنّ هناك العديد من الدلالات المرتبطة بتفجير كرمان، أوّلها التوقيت، وهو إحياء ذكرى مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، الذي لعب دوراً رئيسياً في هزيمة داعش في كل من سوريا والعراق في العقد الماضي، ومن حيث المكان فقد تم اختيار القرب من قبر سليماني نظراً لوجود العديد من الأشخاص، وبالتالي ضمان الإيقاع بأكبر عدد ممكن من القتلى أو المصابين، من خلال تنفيذ تفجيرين متتاليين في وقت قصير، وهذا النوع من العمليات التفجيرية يُسمّى لدى تنظيم داعش بـ (تكتيك الهجوم المزدوج).

 

التفجيرات التي نفذها تنظيم داعش في إيران، وما تلاها من عمليات تفجيرية أخرى، تخدم مصالح هذا التنظيم بشكل أو بآخر، وتنمّ عن تنامي توسع نطاق نشاطه العملياتي في الفترة المقبلة، من خلال أفرعه المنتشرة في مناطق الارتكاز حول العالم

 

تتعلق الدلالة الثانية بالمضمون، فقد أراد التنظيم إرسال رسالة ردع قوية إلى طهران وحلفائها، خاصة أذرعها الممتدة في منطقة الشرق الأوسط، من خلال اختراق منظومة الأمن الإيراني وإحداث تفجيرات بهذه القوة، وهذا التأثير، وفي هذا الحدث الذي يجتمع فيه العديد من قيادات الحرس الثوري الإيراني مع المواطنين، في ظل أنّه من المفترض في مثل هذه المناسبات المهمّة أن تشهد البلاد حالة كبيرة من الاستنفار الأمني، وهو ما تم إثبات فشله في الداخل الإيراني على يد تنظيم داعش.

ويحاول التنظيم أيضاً إثبات وجود نشاطه الجهادي على الساحة مرة أخرى، في ضوء التوترات الإقليمية والدولية القائمة، خاصة بعد موجة تراجع نشاطه الملحوظة تحديداً في العام الماضي 2023، بعد استهداف العديد من قياداته وموارده في سوريا والعراق.

كذلك جاءت تفجيرات كرمان الإيرانية بالتزامن مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره الرابع دون هوادة، والذي صاحبه مؤخراً عمليات اغتيال لقيادات إيرانية وقيادات في محور المقاومة، والتفاف القوى الكبرى حول إسرائيل بالدعم المطلق مادياً ومعنوياً، لذا من المرجح أنّ تنظيم داعش أراد توظيف هذه العملية في ظل الوضع الراهن من أجل الجذب الإعلامي نحوه، وأن يتردد اسمه في الأوساط مرة أخرى بقوة، فقد لاقت التفجيرات بالفعل أصداء واسعة على الصعيدين؛ الإقليمي والدولي، وهو ما قد يمثل مكاسب قوية للتنظيم، منها استقطاب المزيد من العناصر الجهادية للانضمام إليه، والسعي نحو إعادة التموضع مرة أخرى.

وإجمالاً؛ ترى الباحثة أنّ التفجيرات التي نفذها تنظيم داعش في إيران، وما تلاها من عمليات تفجيرية أخرى، تخدم مصالح هذا التنظيم بشكل أو بآخر، وتنمّ عن تنامي توسع نطاق نشاطه العملياتي في الفترة المقبلة، من خلال أفرعه المنتشرة في مناطق الارتكاز حول العالم، وهو ما يمثل تهديداً حقيقياً لتلك المناطق. 

وتتوقع الدراسة أن يشهد عام 2024 زيادة في حجم المخاطر الأمنية المرتبطة بتنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، في ظل تراجع آليات مكافحة الإرهاب الدولية، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والحرب الروسية الأوكرانية، وغيرهما من أماكن التوتر والصراعات حول العالم.

مواضيع ذات صلة:

كوابيس جديدة تلاحق ميليشيات إيران في سوريا.. وكيف تستغل تنظيم داعش؟

من وراء فرار الداعشيات من الهول؟.. تقارير إعلامية تكشف المستور

"داعش" و"القاعدة": إرهاب يتمدد بحثاً عن السلطة والنفوذ والذهب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية