لماذا تألّم سلفي مغربي من وقوع انفجار بيروت في منطقة سُنيّة؟

لماذا تألّم سلفي مغربي من وقوع انفجار بيروت في منطقة سُنيّة؟


22/08/2020

"التفجير المؤلم حدث في منطقة تُعدّ معقلاً لأهل السنّة"؛ هكذا علّق حسن الكتاني، الشيخ السلفي المغربي، على انفجار مرفأ بيروت، ما أثار جدلاً واسعاً في المغرب حول دور بعض الرموز السلفية  في خلق الفتنة والصراع الطائفي، وتغذية الخطاب المتطرف، المعادي للتعدّد والتنوع الثقافي والديني بالعالم العربي.

الطائفي حين يسمع بأيّ حدث فيه ضحايا، أول ما يسأل عنه كم مات من طائفته، لا يحزن ولا يبالي ولا يكترث بمن مات، إن لم يكن على دينه

زرع بذور الفتنة 

يقول رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، بوبكر أونغير: إنّ "الشيخ الكتاني، مثله مثل الإخوان المسلمين والسلفيين، الذين يستغلون هذه الفرصة لزرع بذور الفتنة والطائفية بالمجتمع".

ويُضيف رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، في حديثه لـ "حفريات": "سابقاً، عندما ضربت الكوارث الطبيعية بعض المناطق، فسروا ذلك بأنّه غضب إلهي وانتقام، وغير ذلك من التأويلات التي ترى أنّ هذه المجتمعات خرجت عن الطريق والله يُعاقبها".

ويُتابع بوبكر أونغير: "وفي انفجار مرفأ بيروت؛ كتب الشيخ السلفي الكتاني، أنّ هذه المنطقة يتواجد فيها السنّة، وهذا ما يتضمّن اتهاماً ضمنياً للشيعة، وما يُساهم في زرع بذور الطائفية ويُظهر أيضاً عدم مراعاته لمشاعر الشعب اللبناني، بغضّ النظر عن دياناتهم".

ويُضيف رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان: إنّ "الدين مهم، لكنّ الجانب الإنساني ينبغي أن يكون حاضراً بقوة، سواء كانوا شيعة أو علويين أو دروزاً أو مسيحيين، لأنّ هناك عدداً كبيراً من الضحايا تضرروا من الانفجار، ونتمنى أن يتمّ تحقيق بشكل سريع لمعرفة أسباب هذه المأساة".

الأصوات النشاز

ويُمضي المتحدث ذاته قائلاً: "نأسف من أّنّ هناك بعض الأصوات النشاز في المجتمعات، خاصة الإسلامية، التي تُبرر مثل هذه الأفعال، وتعزو الكوارث إلى الغضب الإلهي، ولأسباب لا تمتّ للواقع بصلة".

اقرأ أيضاً: كيف وظفت السلفية الجهادية مفهوم الطاغوت في القرآن الكريم؟

ويُتابع أونغير: "هم لا يراعون ما يعيشه اللبنانيون، بل يصدرون أحكاماً تُغذّي الخطاب الطائفي، وتخلق الفتنة داخل المجتمعات، وهم بذلك يُحرضون ضدّ أمن المنطقة برمتها".

شيطنة المخالفين

ويُشير الناشط الأمازيغي إلى أنّ "السلفيين يُغذّون الصراع الطائفي، ويستغلون الحوادث ويبحثون عن أيّة فرصة لشيطنة أيّ تيار يخالفهم، لا سيما أنّ شعاراتهم متعصبة؛ لأنّهم في الوقت الذي يجب أن يُقدموا فيه دروساً لشعوب ونصائح من أجل التسامح والمحبة والحوار، يدفعون الناس نحو الحروب والكراهية".

وأعرب عدد كبير من المغاربة عن استيائهم من تدوينة الشيخ السلفي الكتاني، معتبرين أنّه  يسعى إلى خلق الطائفية بالمغرب والمجتمعات العربية.

الناشط الأمازيغي بوبكر أونغير لـ"حفريات": السلفيون يُغذّون الصراع الطائفي، ويستغلون الحوادث ويبحثون عن أيّة فرصة لشيطنة أيّ تيار يخالفهم، لا سيما أنّ شعاراتهم متعصبة

ومن جهته، ردّ السلفي السابق والباحث في الدراسات الإسلامية، محمد عبد الوهاب رفيقي، المعروف بأبي حفص، على تدوينة الشيخ الكتاني قائلاً: "الطائفية فكرة راسخة في التصورات الدينية المتشددة، على اختلاف مذاهبها، لبنان بنفسه نموذج لآثار الطائفية المقيتة بما خلفته من حروب ودماء وأشلاء، لذلك لا تستغرب أبداً حضور هذه الفكرة، حتى إن تعلّق الأمر بنكبة إنسانية لم تفرّق بين دين أو مذهب".

كم مات من طائفته؟

وأضاف  السلفي السابق، في تدوينته على مواقع التواصل الاجتماعي: "الطائفي حين يسمع بأيّ حدث به قتلى وضحايا، أول ما يسأل عنه كم مات من طائفته، لا يحزن ولا يبالي ولا يكترث بمن مات، إن لم يكن على دينه، بل على مذهبه وطريقته، بل قد يفرح حين يسمع أرقاماً كبرى من ضحايا الطائفة الأخرى أو الدين الآخر".

ويمضي محمد عبد الوهاب رفيقي قائلاً: "لا تجتمع الطائفية والإنسانية أبداً، ما دام الطائفي يرى أنّه أفضل من غيره، وأنّه لوحده من يستحق النجاة، وأنّه وحده المنصور آجلاً وعاجلاً".

ليست المرة الأولى

ويُضيف السلفي السابق: "ما دامت فكرة أننا أفضل من غيرنا، وأنّنا خير الناس، وأنّنا الأمة المختارة، وأنّنا نمتلك الحقيقة المطلقة، مترسخة في وعينا وثقافتنا، فلا نستغرب مثل هذه التدوينات الطائفية التي تزرع الحقد والكراهية حتى في لحظات الحزن والنكبات الإنسانية".
وليست هذه المرة الأولى التي يكتب فيها الشيخ الكتاني تدوينة تهدف خلق الصراع الطائفي، وكان قد وصف زيارة المٓلك محمد السادس، للمعبد اليهودي بمدينة الصويرة، بأنّها "الاختراق".

الاختراق مُستمر

وكتب الكتاني على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، معلقاً على صورة للملك محمد السادس داخل المعبد اليهودي بالصويرة: "الاختراق مُستمر".

اقرأ أيضاً: بعد دعوة الظواهري.. هل بات الإخوان والسلفية هدفاً للتجنيد بصفوف القاعدة وداعش؟

واتّهم نشطاء مغاربة السلفي الكتاني بزرع بذور التطرف والتفرقة بين العرب والأمازيغ بالمجتمع المغربي الذي يُعرف بالتعدّد والتنوع والتسامح بين الديانات.

ويرى السلفي المثير للجدل؛ أنّ التعدد والتنوع يُهدّدان الإسلام والمسلمين، وقال في هذا السياق: "في غفلة من الجميع، وفجأة، سنجد حروف تيفيناغ على أوراقنا النقدية، مزيداً من التهميش والتضييق على لغة الإسلام والمسلمين".

خطاب عنصري

​​وأعرب عدد من المغاربة، في تدويناتهم عن غضبهم من كلام الداعية السلفي المثير للجدل، على منصات التواصل الاجتماعي، ووصفوه "بالعنصري".

وقال الكتاني: إنّ "خطبة الجمعة لا تصحّ إلا باللغة العربية، المالكية يشترطون في خطبة الجمعة أن تكون باللغة العربية، لأنّ وقوعها بغير العربية لغو.. متى كان الخطيب يعرف اللغة العربية ويعيها وجبت عليه الخطبة بها، ولا يكفي أن يُلقي الخطبة من غير فهم".

وأضاف الكتاني: "إذا لم يوجد في القوم مَن يُحسن العربية ليؤدي الخطبة بها، سقطت عنهم الجمعة عند المالكية، معتبراً هذا الحكم عقاباً لمن ترك اللسان العربي."

واستدلّ الشيخ السلفي، بقول الإمام مالك: "من تكلّم في مسجدنا بغير العربية أخرجناه منه"، فكيف بمن خطب؟"

هل كلامهم مقدّس؟

وفي هذا الصدد، تقول الناشطة المدنية، سعاد دردور: "مثل هذه الخطابات تُهدّد الأمن والسلم بالمجتمع؛ لأنّ الشيوخ السلفيين لديهم عدد كبير من الشباب يعتقدون أنّ كلامهم مقدّس ولا يجب انتقادهم".

وتُضيف الناشطة المدنية، في حديثها إلى "حفريات": "يجب أن يواجه المثقفون والمعتدلون المغاربة هذا التيار المتطرف ورموزه، الذين ينشرون الفكر المحرّض  ضدّ الآخر المختلف، معتبرين أنّهم الأفضل، انطلاقاً من فكرة المركزية". 

الصفحة الرئيسية