لرؤية سياسة إيران الحقيقية انظر إلى الخليج وليس إلى فيينا

لرؤية سياسة إيران الحقيقية انظر إلى الخليج وليس إلى فيينا


05/02/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

يثير التّصعيد الأخير في هجمات المتمرّدين الحوثيّين المدعومين من إيران ضدّ أهداف مدنيّة في الإمارات العربيّة المتّحدة أسئلة حتميّة حول جدّيّة التزام طهران بالمحادثات الجارية حالياً في فيينا بشأن برنامجها النّووي.

بالرّغم من أنّ المفاوضات كانت تجري منذ عدّة أشهر؛ إذ تولّى دبلوماسيّون أوروبيّون الدّور القياديّ في المناقشات مع الوفد الإيرانيّ لأنّ الولايات المتّحدة وإيران لم تتّفقا بعد على إقامة حوار مباشر، فإنّ كلّ المؤشّرات تشير إلى أنّ التّقدّم بطيء للغاية.

اقرأ أيضاً: "حزب الله" لن يستطيع جعل لبنان إيران أخرى!

اتّهم المفاوضون الغربيّون الإيرانيّين بتمديد الوقت وعدم الاقتراب من المفاوضات بجديّة كافية، وفضّلوا بدلاً من ذلك صبّ تركيزهم على أنشطة تخصيب اليورانيوم، التي تجاوزت الآن الحدّ المتّفق عليه أصلاً في اتّفاق 2015 المبرم بمساعدة إدارة أوباما.

في الواقع، مع توقّع وصول إيران إلى عتبة التّخصيب لإنتاج مواد تُستخدم في صنع الأسلحة في الأسابيع القليلة المقبلة، هناك قبول عامّ بأنّه إذا لم يُتوَصّل إلى اتّفاق قريباً؛ فإنّ المفاوضات ستنهار، مع كلّ التّداعيات التي يحتمل حدوثها على الأمن في منطقة الخليج.

بعد كلّ شيء، ليس هناك فائدة تُذكر في السّعي إلى صفقة لتقييد قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم إلى المستوى المطلوب لإنتاج أسلحة نوويّة إذا كان الإيرانيّون قد حقّقوا بالفعل هذا المعيار المقلق.

مسؤولو الأمن في الخليج جمعوا قدراً هائلاً من الأدلّة التي تُشير إلى تورّط إيرانيّ عميق الجذور في العديد من الهجمات الإرهابيّة الّتي نفّذها الحوثيّون في المنطقة في الأعوام الأخيرة

مع وصول المفاوضات النّووية إلى منعطف حاسم، يعتقد مسؤولو الأمن الخليجيّون أنّ العديد من الهجمات التي ينفّذها المتمرّدون الحوثيّون في اليمن، والتي تلقّت دعماً عسكرياً كبيراً من إيران، يمكن ربطها بالمحادثات النّووية، وهي محاولة سافرة من قِبل طهران للضّغط على الغرب لتقديم تنازلات في محادثات فيينا.

أدلة تورط طهران

يتمثّل الموقف الرّسمي لإيران في أنّ الحوثيّين يتصرّفون بشكل مستقلّ عن إيران، وأنّ تأثير طهران ضئيل على أنشطتهم الإرهابيّة، لكنّ مسؤولي الأمن في الخليج يرسمون صورة مختلفة، وقد جمعوا قدراً هائلاً من الأدلّة التي تُشير إلى تورّط إيرانيّ عميق الجذور في العديد من الهجمات الإرهابيّة الّتي نفّذها الحوثيّون في المنطقة في الأعوام الأخيرة.

تشمل هذه العمليات الصّواريخ والطّائرات بدون طيّار المستخدمة في الهجمات ضدّ التّحالف الذي تقوده السعوديّة، والتي تحمل علامات تصنيع شركات إيرانيّة، والأسلحة إيرانيّة الصّنع التي ضُبطت في قوارب متّجهة من إيران إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيّون في اليمن، وتقارير عن خبراء فنيّين إيرانيّين يسافرون إلى اليمن لمساعدة المتطرّفين الحوثيّين في تجميع صواريخ باليستيّة إيرانيّة الصّنع تُستخدم بعد ذلك لمهاجمة أهداف تخصّ التّحالف في السّعودية والخليج.

اقرأ أيضاً: إيران تعزز إرهابها البحري... تدريب مقاتلين أجانب وتجهيزهم لتنفيذ هذه المهام

مع تزايد الأدلة على تورّط إيران المباشر في تقديم دعم عسكريّ كبير للحوثيّين، بما في ذلك تسليم صواريخ بعيدة المدى وطائرات بدون طيّار، لا يشكّ مسؤولو الأمن الخليجيّون في أنّ إيران تلعب دوراً نَشِطاً في المساعدة في توجيه الأنشطة الإرهابيّة للحوثيّين، بما في ذلك سلسلة الهجمات الّتي وقعت هذا الشّهر ضدّ الإمارات.

في أعقاب الهجوم المنسّق الأسبوع الماضي على عدد من الأهداف في الإمارات، والذي قتل فيه ثلاثة أشخاص وأصيب ستّة، إثر انفجار شاحنة وقود بالقرب من مطار أبوظبي الدّولي، تمّ اعتراض صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيّون على أبوظبي وتدميرهما.

وهناك اعتقاد متنامٍ بين الدبلوماسيّين الخليجيّين بأنّ التّصعيد الأخير في الهجمات ضدّ الإمارات، وكذلك استمرار الحوثيين في هجماتهم على مواقع سعوديّة، مرتبط بشكل مباشر بمحادثات فيينا، ومحاولات طهران للضّغط على المفاوضين الغربيّين للاتفاق على صفقة في صالح إيران.

علّق مسؤول أمنيّ خليجيّ بارز بأنّه "على الرّغم من أنّ الموقف الرسميّ لإيران هو أنّه ليس لديها سيطرة رسميّة على الحوثيّين، فإنّ الحقيقة هي أنّ إيران متورّطة بشدّة في أنشطة الحوثيّين الإرهابيّة".

هجمات لزيادة الضّغط على الغرب

 وأضاف: "كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ إيران تنظّم هذه الهجمات لزيادة الضّغط على الغرب لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النّووي".

يشير دبلوماسيّون خليجيّون إلى أنّ هجمات الحوثيين الأخيرة تأتي في وقت أطلقت فيه عدد من دول الخليج، بما في ذلك الإمارات، جهوداً دبلوماسية للتّواصل مع إيران في محاولة للحدّ من التّوترات الإقليميّة.

أثار التّصعيد الأخير في هجمات الحوثيّين إدانة دوليّة عالميّة، حيث أصدر مجلس الأمن الدّوليّ الأسبوع الماضي قراراً بالإجماع يدين الهجمات ضدّ الإمارات.

هناك تقارير عن خبراء فنيّين إيرانيّين يسافرون إلى اليمن لمساعدة المتطرّفين الحوثيّين في تجميع صواريخ باليستيّة إيرانيّة الصّنع تُستخدم بعد ذلك لمهاجمة أهداف تخصّ التّحالف في السّعودية والخليج

كما أدّى تصاعد عنف الحوثيّين إلى دعوات لواشنطن لإعادة تصنيف الحوثيّين كمنظّمة إرهابيّة، طُبّق التّصنيف الإرهابيّ في الأصل ضدّ الحركة في أيّام احتضار إدارة ترامب، لكن رُفع لاحقاً عندما تولّى الرّئيس الأمريكيّ جو بايدن منصبه، وهي خطوة عُدَّت بادرة حسن نية تجاه إيران؛ حيث سعت إدارته إلى إحياء الاتّفاق النّوويّ لعام 2015.

لكن، بدلاً من أن يشجّع ذلك الحوثيّين، وداعميهم الإيرانيّين، على تبني نهج أكثر إيجابيّة في الجهود المبذولة للحدّ من التّوترات الإقليميّة، يشير مسؤولو الأمن الخليجيّون إلى زيادة حادّة في النّشاط الإرهابي للحوثيّين منذ أن رفعت واشنطن تصنيفها كجماعة إرهابيّة، مع زيادة الضّربات الصّاروخيّة وإطلاق الطّائرات بدون طيّار ضدّ أهداف تخصّ التّحالف.

اقرأ أيضاً: هل تدخل قطر على خط المفاوضات الأمريكية الإيرانية؟

علّق مسؤول أمنيّ خليجيّ قائلاً: "بعد رفع تصنيف المنظّمة الإرهابيّة عنهم، من الواضح أنّ الحوثيين اعتقدوا أنّ بإمكانهم استئناف عمليّاتهم الإرهابيّة لأنّه لم يكن أحد مستعدّ لإيقافهم".

مع عدم رغبة الحوثيّين وداعميهم الإيرانيّين على ما يبدو في تقليص أنشطتهم الإرهابيّة لصالح السّعي إلى حلّ دبلوماسيّ للصّراع، ورد أنّ الإمارات دخلت في مناقشات مع الولايات المتّحدة حول تحديث قدراتها الدّفاعيّة في أعقاب الهجمات الأخيرة على أهداف إماراتيّة.

وقالت لانا نسيبة، المندوبة الإماراتيّة الدّائمة لدى الأمم المتّحدة، لشبكة "سي إن إن"، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إنّ المناقشات الأمنيّة مع واشنطن جارية، لكنّها رفضت الإدلاء بتفاصيل، تستخدم الإمارات حالياً نظام "ثاد" الأمريكيّ لاعتراض الصّواريخ.

اقرأ أيضاً: سيناتور أمريكي يُحذر... ماذا سيشمل الاتفاق الجديد مع إيران؟

وأضافت: "قدرتنا على اعتراض وصدّ هذه الهجمات على مستوى عالميّ، يمكن دائماً أن تكون هناك تطويرات وتحسينات و... تعاون استخباراتيّ إضافيّ وأعتقد أنّ هذه هي المجالات الّتي نبحثها مع شركائنا".

لن تكون مثل هذه الإجراءات ضروريّة إذا كانت إيران جادّة في الحدّ من التّوترات الإقليميّة من خلال الانخراط بشكل بنّاء في محادثات فيينا، بدلاً من ذلك؛ فإنّ حقيقة قيام المتمرّدين الحوثيّين المدعومين من إيران بتصعيد أنشطتهم الإرهابيّة تعني أنّ التّوترات، على المدى القصير على الأقلّ، من المرجّح أن تزداد.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

كون كوغلين، ذي ناشونال، 28 كانون الثاني (يناير) 2022

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2022/01/27/to-see-irans-true-foreign-policy-look-to-the-gulf-not-vienna/



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية