يتأهب حجاج بيت الله الحرام غداً، للصعود إلى منطقة المشاعر المقدسة للبدء في مناسك فريضة الحج لهذا العام، في ظروف مناخية قاسية من ارتفاع الحرارة، إضافة إلى التزاحم البشري الشديد الذي قد تنجم عنه بعض المشكلات الصحية الطارئة، كاضطرابات الحرارة وضربة الشمس، والإصابات العامة، والكسور، وانتقال العدوى، والتسمم الغذائي، وخلافه.
أوردت مجلة "صحتك" نصائح وتوصيات استشاري الأمراض الباطنية، المدير الطبي ورئيس قسم الباطنة بمستشفى منى الوادي بمنطقة المشاعر المقدسة الدكتور أحمد الخماش.
أكد خماش، أن الحجاج يعيشون في موسم حج هذا العام طقساً حاراً قاسياً، وتحت درجات حرارة مرتفعة جداً، وقد يتعرض البعض منهم إلى مشكلات صحية مختلفة، أولها أمراض الحرارة، ابتداء من حالات الإجهاد الحراري، وانتهاء بما يسمى "ضربة الشمس المميتة" في بعض الحالات.
وأضاف، تحدث ضربة الشمس نتيجة التعرض لحرارة الشمس الحارقة لفترات طويلة، مع بذل مجهود بدني غير معتاد أثناء أداء مناسك الحج، فترتفع درجة حرارة الجسم لأكثر من 40 درجة مئوية محدثة خللا يؤثر على خلايا الجهاز العصبي، التي تتحكم في درجة الحرارة، وغالباً ما تصاحب ذلك أعراض أخرى قد تنتهي بفقدان الوعي وقد تصل للغيبوبة.
وتابع:"من أهم الأعراض التي تظهر على الحاج، وتوحي له ولمن يجاوره أنه من المحتمل أن يصاب بضربة الشمس، ما يلي: ارتفاع درجة حرارة الجسم لـ40 درجة مئوية وأكثر، الشعور بصداع شديد، ودوار، ونقص شديد في التعرق رغم ارتفاع درجة الحرارة، واحمرار وجفاف الجلد، ووهن العضلات، وتسارع ضربات القلب والتنفس، وقد تحدث تشنجات ثم فقدان للوعي.
وبما يتعلق بإسعافات أولية قال الدكتور، هناك خطوات أساسية يجب اتباعها في حالة الاشتباه بإصابة شخص بضربة الشمس، لحين وصول الإسعاف وتقديم المساعدة الطبية، وهي: نقل المصاب إلى الظل بعيداً عن الشمس في مكان جيد التهوية، تخفيف الملابس بقدر الإمكان، توجيه مصدر تهوية كمروحة على جسم المصاب، إعطاء المريض الماء والسوائل، إذا كان واعياً، للتخفيف من الجفاف، استخدام إسفنجة أو قطعة قماش مبللة بالماء وتمريرها على الجسم ككمادات باردة، خاصة تحت الإبط وبين الفخذين وعلى الرقبة والظهر، وذلك لأن هذه المناطق غنية جداً بالأوعية الدموية، فتساعد على خفض درجة الحرارة بشكل أسرع.
وذكر الخماش عوامل تزيد من الإصابة بضربة الشمس وهي: السن، الذي يعتبر عاملاً مهماً في الإصابة؛ حيث تزداد فرصة التعرض لضربة الشمس في الأطفال حتى 4 سنوات، وكبار السن من 65 عاماً فأكثر. ولا ننسى أن نسبة كبيرة من الحجاج تكون من كبار السن.
وذوو الأمراض المزمنة، وخاصة مرضى السكري والضغط والقلب والربو والكلى، بالاضافة إلى أن عدم شرب سوائل كافية، تعتبر من أهم العوامل المؤثرة التي تزيد من حدوث الجفاف.
والتعرض المبالغ فيه لأشعة الشمس المباشرة أو حتى حرارة الشمس، وعدم التعود على المناخ الحار يزيد من احتمالية الإصابة، كالحجاج القادمين من المناطق الباردة، والقيام بمجهود بدني كبير وقلة عوامل التهوية.
وعن كيفية الوقاية من ضربة الشمس شدد خماش على ضرورة عدم الوقوف تحت أشعة الشمس مباشرة لفترات طويلة قدر الإمكان؛ بل المشي والوقوف في أكثر الأماكن ظلاً، واستخدام الشمسية نهاراً أثناء التنقل من مكان لآخر، وشرب كثير من الماء والسوائل لتجنب حدوث الجفاف، ويُنصح بتناول ما يعادل 8 أكواب ماء على الأقل يومياً، بالاضافة لمتابعة لون البول، فإذا أصبح داكناً فهي علامة على وجود جفاف، وتجنب المشروبات الحاوية لمادة «الكافيين»؛ لأنها تساعد على فقد سوائل الجسم، وبالتالي تؤدي إلى زيادة الجفاف.
ونصح الدكتور النساء الحاجات بتخفيف ملابسهن قدر الإمكان لتجنب رفع درجة حرارة الجسم، أما الرجال فلا خوف عليهم؛ حيث إن لبس الإحرام وحده كافٍ، كما نصح باستخدام كريم واق من الشمس، للوقاية من حروق الشمس الجلدية.
يلاحظ أن كثيراً من الحجاج يتعمدون صعود المرتفعات من تلال وجبال، سواء في منطقة عرفات أو في منى، اعتقاداً منهم بأن ذلك من المناسك، وهذا يعرضهم للسقوط والكسور، وخصوصاً بين كبار السن الذين يتعرضون لإصابات بالغة في الرأس والعمود الفقري، ناهيك عن الكسور والجروح.
وأكد الدكتور الخماش أنه وفي حالة حدوث مثل هذه الإصابات، فعليهم التحلي بالهدوء وطلب الإسعاف فوراً، وعلى المرافقين لهم عدم الإقدام على تحريكهم، خوفاً من التسبب في إصابة الحبل الشوكي مثلاً، والاكتفاء بالضغط على مكان النزيف فقط. ويجب عدم اللجوء إلى القوة والتدافع والتزاحم والتكدس أثناء النفرة، وعند رمي الجمرات والطواف والسعي، وقاية لهم من الإصابات والاختناقات التي تصل لحد الوفيات.
وأوضح الدكتور أحمد الخماش أن على الحاج استشارة الطبيب بأسرع وقت ممكن، إذا شعر بحمى وأعراض تنفسية، مثل؛ السعال وضيق التنفس والألم الصدري، للتأكد من عدم اصابتهم بعدوى.
وللحد ما أمكن من انتشار العدوى التنفُّسية بكافة أشكالها، قامت كلٌّ من وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية، ومنظمة الصحَّة العالمية، بتزويد الحجاج بمجموعة من النصائح، تتلخَّص فيما يلي: غسل اليدين جيِّداً بالماء والصابون أو سوائل التعقيم، وخاصَّة بعد السعال أو العطاس، واستخدام المناديل الورقية عند السعال أو العطاس، والتخلُّص منها عقب ذلك مباشرة، وتجنُّب فرك العينين بواسطة اليدين، أو لمس المنخَرين أو الفم، وتجنُّب الاحتكاك بالأشخاص الذين تظهر عليهم أعراضُ الإصابة بعدوى تنفسية، أو أشكال أخرى من العدوى، وارتداء الكمامات، وخاصَّة في الأماكن المزدحمة، وتبديل الكمامة بواحدة جديدة بحسب تعليمات الجهة المُصنّعة لها، والالتزام بالنظافة الشخصية وقواعد الصحة العامة.