لابد أن يفرض العرب رؤيتهم على العالم

لابد أن يفرض العرب رؤيتهم على العالم


23/02/2022

فاروق يوسف

إذا ما سيتم التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والغرب خلال الأيام القليلة القادمة فإن ذلك معناه اطلاق يد إيران في المنطقة.

سيناريو مرعب لا يمكن أن يصدقه أحد. ولكنه سيكون خياليا ذلك السيناريو الذي سيبقي السعودية ودول الخليج تحت المطرقة الإيرانية. فهل يُعقل أن تكون الولايات المتحدة قد تخلت عن أصدقائها العرب وعن مصالحها في المنطقة من أجل الحصول على رضا الإيرانيين؟

كلام لا يُقبل حتى لو كان على سبيل المزاح

فإيران هي ميليشياتها التي تُقاتل الآن في أربع دول عربية والباب مفتوحة على دول أخرى. سيكون من الصعب تخيل الولايات المتحدة وهي تتعامل مع دول ناقصة السيادة. عاصفة القبول بإيران دولة نووية ستطيح بكل دول المنطقة. وستضر في الوقت نفسه بالمصالح الغربية وفي مقدمتها المصالح الأميركية.

هل سيتمكن الغرب يومها من الإمساك بالعصا من الوسط؟

ذلك ما لا يناسب إيران. من غير عقيدته القائمة على تصدير الثورة سيبدو النظام الإيراني كما لو أن أنيابه قد تم انتزاعها. ذلك لن يحدث إذا لم يتم اجبار ذلك النظام على التخلي عن سياساته العدوانية التي ينفذها من خلال ميليشياته. وكما يبدو فإن فيينا لم تشهد أي نوع من المفاوضات في ما يتعلق بذلك الشأن.

يوما ما وعدت الولايات المتحدة بأن تأخذ مخاوف الدول العربية وإسرائيل من أي اتفاق لا يضع حدا لسياسات إيران في الاعتبار وكانت أوروبا أكثر حماسة إلى أن تتضمن سلة المفاوضات دور إيران الداعم للميليشيات كونه أساس الفوضى التي تعاني منها المنطقة.

غير أن شيئا ما جرى في الخفاء قد طمس تلك الحماسة لتحل محلها حماسة نقيضة تقوم على أساس العودة بالمصالح الأوروبية في إيران إلى ما كانت عليه قبل فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية.

ليس مهما هنا أن يسيء ذلك التصرف إلى العلاقات بالدول العربية. فأوروبا مطمئنة على مصالحها في الدول العربية. ألا يستحق ذلك نوعا من التقدير والاحترام؟ قياسا لما يحدث الآن فإن ما التزمت به الدول العربية قد شكل عامل تشجيع لأوروبا لتغمض عينيها عن واجبها في احترام العلاقات التي تربطها بالعرب. وهي تصر على غض النظر عن المشروع العدواني الإيراني حماية لمصالحها في إيران من غير أن تشعر بأي قلق على مصالحها في العالم العربي.

إذا كان سيناريو المفاوضات قد ذهب إلى جبهة التراضي الإيراني الأميركي كما يتوقع الكثيرون فلأن أوروبا استسلمت لمصالحها وأدركت أن رد الفعل العربي لن يكون صادما أو مضرا أو حتى محرجا. ستمر الفضيحة كما لو أنها لم تكن. ولكن ما الذي سيقع بعد تلك الهزيمة التي أوقعتها أوروبا بنفسها أخلاقيا حين استغلت أخلاق الآخرين لصالحها من غير أن تراعي مصالحهم؟

ذلك منطق آخر لن تتعامل معه أوروبا بشكل جاد ما لم يُجبر سياسيوها على أن ينصتوا إلى الصوت العربي. كان الصوت الإسرائيلي واضحا في اعتراضه "إسرائيل قادرة على أن تمنع إيران من الانتقال من مرحلة الدولة المارقة إلى مرحلة الدولة التي تفرض شروطها بقوة برنامجها النووي". تلك القدرة الإسرائيلية لا يملكها العرب. العرب يملكون عكس ذلك. إنهم يملكون ميليشيات هي واجهة المشروع الاستعماري الذي تواجه إيران به العالم. ولا أعتقد أن الدول التي ستوقع على الاتفاق النووي الجديد تجهل ذلك.

هناك ثلاث دول عربية على الأقل تحكمها تلك الميليشيات بشكل تام. اليمن يحكمها الحوثيون ولبنان يحكمه حزب الله والعراق يحكمه الحشد الشعبي. أيمكن أن تكون تلك الدول دولا فائضة بالنسبة لأسياد العالم؟ سيُقال إن من السابق لأوانه الحديث عن تسوية غربية إيرانية يتم من خلالها اقتسام منطقة الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل طبعا؟ سيُقال إنها فكرة خيالية فما بين إيران والغرب من خلافات لا يمكن أن ينحصر في المسألة النووية أو يحله اتفاق قد يتم الانسحاب منه في أية لحظة كما جرى سابقا.      

 لا بأس. ولكن لا أحد أخذ رأي العالم العربي بالرغم من أن الفوضى التي عصفت به كانت ولا تزال جزء من المشروع الإيراني الذي لا ترغب الولايات المتحدة ومن خلفها أوروبا في أن تضع له حدا. فرض الإسرائيليون رؤيتهم لمرحلة ما بعد الاتفاق فهل يملك العرب الإرادة التي تؤهلهم لفرض رؤيتهم؟

ذلك سؤال مصيري وهو سؤال أكثر تعقيدا بالنسبة للعرب مقارنة بالإسرائيليين. من خلاله يمكن أن يعيدوا النظر بعلاقتهم مع جهات متعددة في مقدمتها الولايات المتحدة وأوروبا.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية