كيف يمكن تجنب الجحيم في رفح؟

كيف يمكن تجنب الجحيم في رفح؟

كيف يمكن تجنب الجحيم في رفح؟


15/02/2024

رنا نمر

رغم تسارع محادثات وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، فإن التهديدات تنذر بمستوى جديد ومدمر من العنف.

واجتمع ممثلون عن أمريكا ومصر وإسرائيل وقطر في القاهرة أمس الثلاثاء لمحاولة تأمين وقف لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع في غزة، وإطلاق سراح الرهائن لدى حماس.

وفي الوقت نفسه، تزايدت المخاوف منذ أيام من غزو إسرائيل واسع النطاق لرفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، حيث يقيم مليون فلسطيني أو أكثر.

عواقب مدمرة

وتقول مجلة "إيكونوميست" إن أي توسع في القتال ستكون له عواقب مدمرة على المدنيين، وسيفجر علاقة إسرائيل مع مصر، ويستنفذ الصبر الأمريكي،  ومع ذلك، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن ذلك قد يكون ضرورياً لتحقيق "النصر الكامل".

وبين الدفع من أجل وقف إطلاق النار والدفع بالتصعيد، من سينتصر؟

وتقول المجلة إن تركيز نتانياهو على رفح هو في جزء منه محاولة لتعزيز مكانته من خلال وعده الإسرائيليين بتحقيق نتيجة حاسمة في الحرب.

وفي 12 فبراير (شباط)، حصل رئيس الوزراء المحاصر على بعض الدعم بعد أن أنقذت قوات الكوماندوز رهينتين من حي الشابورة في رفح، وأدت عمليات القصف الإسرائيلية التضليلية إلى مقتل 74 فلسطينياً.

وقال بعد ذلك: "فقط الضغط العسكري المستمر... هو الذي سيجلب الراحة لجميع الرهائن لدينا".

ومع ذلك، فإن التركيز على معبر رفح لا يتعلق فقط بحفاظ نتانياهو على نفسه. داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هناك اعتراف بالمكاسب المحتملة للتغلب على حماس هناك، في معقلها الأخير، والسيطرة على الحدود من مصر.

وفي تقدير المسؤولين الأمنيين، فإن حماس في موقف دفاعي. ويتعرض زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار، للمطاردة في خان يونس، ويعتقد أنه أصبح غير قادر على التواصل مع رجاله بشكل متزايد.

وتحاول الحركة إعادة ترسيخ وجودها في مدينة غزة في الشمال من خلال نشر الشرطة بالزي الرسمي في الشوارع ودفع رواتب موظفي الخدمة المدنية.

ومع ذلك، يعتقد مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية أن قادة حماس يشعرون بالقلق من أنهم يفقدون السيطرة على السكان.

ويعتقد أن أكثر من عشرة آلاف من أعضاء حماس قتلوا وأن الآلاف أصيبوا أو أسروا.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه تم "تفكيك" حوالي 18 كتيبة من أصل 24 كتيبة تابعة لحماس. أما المقاتلون الباقون فهم في "وضعية حرب العصابات" ولم يعودوا قادرين على حكم غزة بشكل فعال.

ضغط على حماس

ومن شأن مهاجمة رفح أن تزيد الضغط على حماس، إلا أن الخسائر قد تكون ضخمة.

ويعلم الجنرالات الإسرائيليون أنه قد لا تكون هناك طريقة فعالة لنقل المدنيين بعيداً عن الأذى.

ففي بداية الحرب، حضت إسرائيل سكان مدينة غزة وخان يونس على التحرك جنوباً، بعيداً عن منطقة الحرب.

والآن يتعين عليها أن تدفع أولئك الذين فروا إلى رفح إلى الانتقال مرة أخرى، وهذه المرة إلى "المناطق الآمنة" المتقلصة، وهي مدن الخيام المؤقتة على الساحل.

ويثير احتمال سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين قلق حلفاء إسرائيل.

وفي 12 أكتوبر (تشرين الأول)، قال الرئيس جو بايدن إن "العملية العسكرية الكبرى في رفح لا ينبغي أن تستمر دون خطة موثوقة لضمان سلامة ودعم أكثر من مليون شخص لجأوا هناك".

كما دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إلى ضبط النفس. وقال: "من المستحيل أن نرى كيف يمكنك خوض حرب بين هؤلاء الناس في رفح، لا مكان يذهبون إليه".

وفي المجمل، قُتل ما يقرب من 29 ألف شخص في قطاع غزة منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر(تشرين الأول).

عاملان يحددان مصير رفح

ورأت المجلة أن مضي إسرائيل قدماً في مهاجمة رفح يعتمد على عاملين.

الأول هو ما إذا كان نتانياهو يستطيع حشد الزخم الداخلي لفتح جبهة جديدة في الحرب، وهذا ليس مضموناً بأي حال من الأحوال.

والعملية التي يروج لها ستكون كبيرة وستشمل ألوية كاملة من المحتمل أن تبقى هناك لأسابيع.

ولم يبدأ جيش الدفاع الإسرائيلي بعد في حشد القوات للقيام بمناورة بهذا الحجم.

وبدلاً من ذلك، قام الجنرالات بسحب قواتهم من غزة وتسريح العديد من جنود الاحتياط البالغ عددهم 300 ألف جندي الذين تم استدعاؤهم في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

إن التكاليف الاقتصادية للصراع تتصاعد، وفي التاسع من فبراير، قامت وكالة موديز للتصنيف الائتماني بتخفيض تصنيف إسرائيل من A1 إلى A2. وحذرت من أن الحرب الطويلة الأمد قد "تضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية".

وفي حين أن المأزق الذي يواجهه نتانياهو يمنحه حافزاً للمقامرة على الخلاص من خلال التصعيد في رفح، فإن الجنرالات والجناح العملي في مجلس الوزراء الحربي، بقيادة بيني غانتس، يفضلون السعي إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المزيد من الرهائن، وبالنسبة لهم يمكن لرفح أن تأتي لاحقاً.

ولكن إمكانية التوصل إلى مثل هذه الصفقة يعتمد على المحادثات في القاهرة وعلى حماس.

ورفضت إسرائيل رفضاً قاطعاً مطالبها بوقف كامل لإطلاق النار وانسحاب دائم للقوات الإسرائيلية من غزة قبل أي تبادل للرهائن مع السجناء الفلسطينيين.

لكن عودة المسؤولين الإسرائيليين إلى القاهرة في 13 فبراير لإجراء المزيد من المفاوضات تعكس التقييم الإسرائيلي الذي يعتبر أن مطلب حماس مجرد مناورة افتتاحية، وأنه من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن هدنة مؤقتة.

ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن حاجة حماس إلى إعادة تنظيم صفوفها وتوفير بعض الراحة للسكان قبل رمضان الذي من المتوقع أن يبدأ في العاشر من مارس (أذار)، قد يجبرها على إظهار المزيد من المرونة بشأن المفاوضات بشأن الرهائن.

لذلك، ولتجنب الجحيم في رفح، يحتاج أحد الطرفين إلى أن يتراجع أولاً.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية