كيف يقرأ الخبراء استهداف زعيم داعش في سوريا؟

كيف يقرأ الخبراء استهداف زعيم داعش في سوريا؟

كيف يقرأ الخبراء استهداف زعيم داعش في سوريا؟


22/07/2023

استهداف زعيم تنظيم داعش، في شرق سوريا، ضمن الاستراتيجية التي تنفذها الولايات المتحدة لمحاربة داعش، يكشف، في جانب منه، عن الصراع والتنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا.

فالطائرة المسيّرة، التي نجحت في قتل أسامة المهاجر، نهاية ، وفق بيان للبنتاغون، تعرضت إلى مضايقات من الطائرات الروسية استمرت قرابة ساعتين.

توقيت الاستهداف ودلالاته

اللافت أنّ هذه الضربة الأمريكية قد تزامنت مع تصريحات للأدميرال أوليغ غورينوف، نائب رئيس المركز الروسي لمصالحة الأطراف المتحاربة في سوريا، والذي كشف عن بدء الجيشين الروسي والسوري تدريبات مشتركة، لمدة ستة أيام، كما أوضح، وفق وسائل الإعلام التابعة للحكومة في دمشق، أنّ موسكو "قلقة من تحليق طائرات مسيرة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة فوق شمال سوريا"، مشيراً إلى أنّها تمثل "انتهاكات منهجية للبروتوكولات" التي جرى التوصل إليها والاتفاق على تفاصيلها لتفادي الاشتباكات بين الجيشين.

حققت القيادة المركزية الأمريكية نتائج لافتة بخصوص تصفية واستهداف قيادات التنظيم الإرهابي، خلال العام الماضي، خاصة مع نشاطاته المسلحة بواسطة الخلايا النائمة وحواضنه بمناطق سيطرة القوات الكردية، فضلاً عن محاولات الهروب المتكررة من مخيم الهول، مثلاً. ففي عام 2022، تم تنفيذ 313 عملية ضد التنظيم في كل من سوريا والعراق، وذلك بالتنسيق القوات الكردية.

وذكر بيان صادر عن القيادة المركزية الامريكية، العام الماضي، أنّه جرى توقيف 215 مسلحاً من عناصر تنظيم داعش، وقتل 466 في سوريا.

آثار الضربة الأمريكية التي استهدفت زعيم داعش أثناء قيادته دراجة (أ.ف.ب)

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن: "خسر تنظيم داعش أكثر من 566 من عناصره وقياداته، خلال العام الماضي، ضمن مناطق سورية مختلفة، وبطرق وأساليب متفرقة من استهدافات جوية وبرية وعمليات اغتيال وعمليات أمنية واشتباكات وما إلى ذلك".

ومن بين القيادات التي جرى استهدافها "عبد الله قردش، خليفة أبو بكر البغدادي، أثناء وجوده في محافظة إدلب، وكذا عبد الرحمن العراقي، وذلك أثناء وجوده بمدينة جاسم في درعا".

عملية استهداف زعيم داعش في سوريا تأتي في توقيت حساس للغاية"، خاصة بعد إعلان ألمانيا القبض على خليه إرهابية تنتمي للتنظيم الإرهابي

وبالعودة إلى العملية التي نفذتها المسيّرة الأمريكية، كشف مسؤول عسكري أمريكي عن ملابساتها قائلاً إنّ "ثلاث مسيّرات من طراز "ريبر" حلقت يوم الجمعة في سماء المنطقة بحثاً عن المسلح، وهو أمريكي"، مشيراً إلى "مضايقات من قبل الطائرات الروسية استمرت لساعتين"، وتابع: "لاحقاً تمكنت المسيّرات من رصد أسامة المهاجر وقتله، حيث كان على متن دراجة نارية في منطقة حلب".

وقال البيان الصادر عن البنتاغون إنّ الوحدة MQ-9s هي التي نفذت الضربة وهي نفسها التي تعرضت في وقت سابق من يوم الجمعة لمضايقات من قبل طائرات روسية في مواجهة استمرت قرابة ساعتين، لافتاً إلى أنّه لا توجد مؤشرات على مقتل أي مدني في هذه الضربة.

تصفية البيئات الحاضنة

وذكر المسؤول العسكري أنّ أسامة المهاجر، والذي لم يذكر البيان ثمّة تفاصيل أو معلومات عنه: "كان ينشط عادة في شرق سوريا، لكنّه وقت تنفيذ العملية تواجد في شمال غرب سوريا (وهي مناطق تقع تحت سيطرة القوات التركية والفصائل المحلية المدعومة من أنقرة".

كما قال الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية في البيان: "نؤكد التزامنا بهزيمة داعش في جميع أنحاء المنطقة". واعتبر البيان أنّ "الغارة ستؤدي إلى تعطيل وتقويض قدرة "داعش" على التخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية. ومع ذلك، فإنّ عمليات القيادة المركزية ضد داعش، إلى جانب القوات الشريكة في العراق وسوريا، ستستمر في العمل من أجل تحقيق الهزيمة الدائمة للتنظيم".

الباحث التونسي باسل ترجمان لـ"حفريات": نجاح القوات الأمريكية في استهداف قيادي بداعش، يؤكد أنّ قوات التحالف ما زالت تسعى باتجاه منع التنظيم من استعادة قدراته

وفي حديثه لـ"حفريات"، يقول الباحث التونسي المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، باسل ترجمان، إنّ نجاح القوات الأمريكية في استهداف قيادي بتنظيم داعش الإرهابي، يؤكد على أنّ قوات التحالف في شمالي سوريا والعراق ما زالت تسعى باتجاه منع التنظيم الإرهابي استعادة قدراته وإمكانياته، خصوصاً مع تهديداته الجيواستراتيجية لكل دول المنطقة، موضحاً أنّ هذه العملية تؤكد بأنّ "واشنطن تتابع عن كثب محاولات إعادة التموضع لداعش، والتهديدات المترتبة على ذلك، لا سيّما مع الوضع الفوضوي للمنطقة في ظل غياب السلطة المركزية، والمناطق الرخوة أمنياً".

باسل ترجمان: محاولات التخلص من داعش لم يكن جدية

ويردف ترجمان: "العملية تحمل مؤشراً على أنّ التنظيم ما زال يعمل ويتحرك في مناطق واسعة في شمال شرق سوريا والعراق. وهذا دليل بأنّ الحرب على داعش، أو القضاء على الجماعات الإرهابية والمتواجدة في مناطق تعرفها الولايات المتحدة وتركيا والأطراف الإقليمية الفاعلة بالمنطقة وسوريا، يعكس قلقاً واضحاً بأنّ الاتجاه للتخلص من التنظيم الإرهابي لم يكن جدياً بالدرجة الكافية. فيما بات من الضروري السعي لتفكيك البيئات الحاضنة، والفكر المتطرف والأصولي الذي صار له إفرازات اقتصادية واجتماعية وسياسية وحتى ثقافية في الواقع السوري، تحديداً في المناطق التي تعيش الفوضى الأمنية، بفعل نشاط الجماعات العسكرية وشبه العسكرية. والخطورة أنّنا أمام واقع مجتمعي بات يقبل هذا المستوى من الفكر المتشدد والمنغلق، الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة ومقاومة منهجية للتخلص منه".

الحرب الأوكرانية ومخاطر عودة داعش

من جهته، يرى الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور محمد ربيع، أنّ عملية استهداف زعيم داعش في سوريا تأتي في "توقيت حساس للغاية"، خاصة بعد إعلان ألمانيا القبض على خليه إرهابية تنتمي للتنظيم الإرهابي ذاته، كانت تنوي تنفيذ عملية إرهابيه في العمق الألماني، فضلاً عن أنّ هذه العملية جاءت "لتؤكد التزام أمريكا بمكافحة الإرهاب لا سيّما أنّ العملية تزامنت مع انعقاد قمة الناتو. كما أنّ مقتل زعيم داعش في سوريا على يد مسيّرة أمريكية هو تأكيد جديد على أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لم تتراجع في سياستها عن الشرق الاوسط، وأنّ المنطقة مازالت تنال اهتمام واشنطن خاصة في مجال مكافحة الإرهاب".

ومن هنا، فإنّ عملية استهداف زعيم داعش في سوريا، سوف تكون لها تداعيات جمّة على نشاطات التنظيم الإرهابي الحركية، والتى تحذر تقارير دولية من "احتمالات عودته في سوريا والعراق" في ظل انشغال المجتمع الدولى بالحرب في أوكرانيا، حسبما يقول ربيع.

ويؤكد الباحث المصري أنّ هذه العملية قد تعيق عمليات التنظيم لفترة قادمة. كما تشير إلى فرضية مهمة مفادها أنّ التنظيم، الآن، في سوريا "يعيش أضعف مرحلة، مما يتطلب ضرورة تنسيق الجهود الدولية لمحاربته والقضاء عليه".

مواضيع ذات صلة:

كوابيس جديدة تلاحق ميليشيات إيران في سوريا.. وكيف تستغل تنظيم داعش؟

من وراء فرار الداعشيات من الهول؟.. تقارير إعلامية تكشف المستور

"داعش" و"القاعدة": إرهاب يتمدد بحثاً عن السلطة والنفوذ والذهب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية