كيف يؤثر لقاء أردوغان والإخوان على مستوى التفاهمات مع مصر؟

كيف يؤثر لقاء أردوغان والإخوان على مستوى التفاهمات مع مصر؟

كيف يؤثر لقاء أردوغان والإخوان على مستوى التفاهمات مع مصر؟


17/08/2023

يبدو أنّ لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يُعدّ منظمة إخوانية، سيترك أثراً سلبياً على التفاهمات التي تجري في الوقت الراهن مع مصر، ففي حين تلتزم القاهرة حتى الآن عدم التعليق رسمياً على اللقاء، تشير تقديرات مراقبين إلى أنّ اللقاء يعكس مؤشرات غير إيجابية حول مستقبل الدعم التركي لجماعة الإخوان، الذي شكل محور خلاف رئيسي مع مصر لعقد كامل.

واختلف خبيران تحدثا لـ (حفريات) من مصر وتركيا حول احتمال عودة الفتور إلى العلاقات بين القاهرة وأنقرة على خلفية اللقاء، خاصة أنّه شهد تعهداً من جانب الرئيس التركي بتوفير الحماية اللازمة لعناصر التنظيم، وتأكيد ضمني على عدم تسليم أيّ عنصر من المطلوبين لدى القاهرة من المقيمين على الأراضي التركية، وأكدا على ضرورة اقتناص الفرصة الراهنة لتجاوز الخلافات والمضي قُدماً نحو مزيد من التفاهم والتعاون المشترك.

ومنتصف الأسبوع الماضي، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع وفد من قيادات الاتحاد، وناقشوا أوضاع اللاجئين سواء من سوريا أو مصر، على حدّ تعبيرهم، مطالبين بوقف كافة الإجراءات ضدهم وتوفير حماية للمقيمين على الأراضي التركية، وهو ما تعهد الرئيس التركي بتنفيذه، على حدّ قول الأمين العام للاتحاد علي القرة داغي.

هل يعود الفتور للعلاقات مجدداً؟

يقول الصحفي المصري المختص بالِشأن التركي حمادة عبد الوهاب لـ (حفريات): إنّ لقاء الرئيس التركي مع قيادات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المعروف بأنّه منظمة إخوانية، بحجة النظر في ملف العنصرية ضد العرب في تركيا، مع تسريب أخبار عن تعهدات بعدم تسليم قيادات إخوانية لمصر، يأتي كإشارة إلى عودة الفتور في العلاقات مرة أخرى، لأنّه كان من المتوقع أن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي في أنقرة نهاية الشهر الماضي، عقب عودة العلاقات بين البلدين وتبادل السفراء بعد عشرية متوترة.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يُعدّ منظمة إخوانية

ويرى عبد الوهاب أنّ هذا اللقاء يعطي بدون شك إشارة عكسية حول تطبيع العلاقات بين البلدين، فمصر تنظر بعين الريبة لأيّ تقارب مع جماعة الإخوان، ولا سيّما تركيا التي استضافت آلاف الهاربين منهم من مصر، وكانت إسطنبول مركزاً لقيادات الإخوان وإعلامهم الذي ظل طوال الأعوام الماضية يقوم بالتحريض ضد الحكومة المصرية، ومؤسسات الدولة.

ملفات أخرى تثير حساسية القاهرة

بحسب الصحفي المصري المختص بالشأن التركي، لا يمثل الإخوان نقطة الخلاف الوحيدة البارزة التي قد تؤثر سلباً على مستوى العلاقات بين البلدين، فقد استضاف الرئيس التركي قيادات فلسطينية من السلطة وحماس، وهو ملف شديدة الحساسية بالنسبة إلى مصر، وتنظر إليه على أنّه أمن قومي، وردت عليه القاهرة باجتماع العلمين الذي جمع الرئيس المصري بنظيره الفلسطيني محمود عباس وملك الأردن عبد الله الثاني.

حمادة عبد الوهاب: لقاء الرئيس التركي مع قيادات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بحجة النظر في ملف العنصرية ضد العرب في تركيا، مع تسريب أخبار عن تعهدات بعدم تسليم قيادات إخوانية لمصر، يأتي كإشارة إلى عودة الفتور في العلاقات مرة أخرى

وكذلك لا ترحب مصر بإعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عبد الحميد الدبيبة، بضم ميناء المدينة التجاري إلى القاعدة العسكرية البحرية التي تتواجد فيها القوات التركية، بحسب عبد الوهاب.

أهمية تجاوز الخلافات

في المقابل يرى الكاتب والمحلل السياسي من تركيا درويش خليفة أنّ الفرصة ما تزال سانحة أمام مصر وتركيا لتجاوز خلافات الماضي، والمضي قُدماً نحو المزيد من التفاهم والتعاون.

ويقول خليفة لـ (حفريات): "إذا كان البلدان جادين بالتوصل إلى توافقات وتجاوز الخلافات السابقة، فإنّ الفرصة متاحة ويجب عدم تفويتها، لأنّ هذا النوع من الفرص قد لا يتكرر في القريب العاجل أو المتوسط، ممّا يهيئ الفرصة أمام الإخوان للعودة والتقاط أنفاسهم وبالتالي تحسين علاقتهم مع السلطات التركية، بعد أن طردت الأخيرة العديد من نشطاء الجماعة الإعلاميين الذين يؤججون الخلاف بين البلدين، الأمر الذي يجعل فرصة المصالحة في مهب الريح، بعد أن أصبحت ناضجة إثر مصافحة الرئيسين، المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان، في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي خلال بطولة كأس العالم في العاصمة القطرية وبحضور أميرها."

درويش خليفة: اجتماع أردوغان مع اتحاد علماء المسلمين وآخرين مستقلين، لا يعني أنّ الرئيس التركي يوطد علاقته مع الإخوان ويوصل لهم رسائل إيجابية لطمأنتهم بعد الحملة الأخيرة التي استهدفت نشطاء موالين للجماعة

ويشير خليفة إلى أنّ "اجتماع أردوغان مع اتحاد علماء المسلمين وآخرين مستقلين، لا يعني أنّ الرئيس التركي يوطد علاقته مع الإخوان ويوصل إليهم رسائل إيجابية لطمأنتهم بعد الحملة الأخيرة التي استهدفت نشطاء موالين للجماعة، بل هي بحسب وسائل إعلام تركية للاستماع إليهم فيما يخص وضع المهاجرين العرب إلى تركيا، والسياسة الجديدة لأنقرة بالتعاطي مع ملفات اللجوء والهجرة، ولا سيّما من الدول العربية، فقد تصاعدت مؤخراً عمليات ترحيل اللاجئين، من السوريين الذين يشكلون العدد الأكبر بين الجاليات العربية، ومن جنسيات عربية أخرى".

اللقاء سيترك أثراً سلبياً على التفاهمات التي تجري في الوقت الراهن مع مصر

ويرى خليفة أنّ عدم صدور أيّ تعليق رسمي من جانب الدول العربية على اللقاء حتى الآن، يعني أنّ الأمور قد تسير بوتيرة هادئة نحو التطبيع التركي مع مصر دون أيّ تراجع في المستقبل القريب، خاصة إذا كان البلدان يريدان إنجاز هذا الملف وتجاوز خلافات الماضي.

تناقض في الموقف التركي يثير حفيظة القاهرة

إجمالاً عكست التحركات التركية في هذا الصدد خلال الأسابيع الماضية تناقضاً، فقد توقع مراقبون أنّ تثير حفيظة القاهرة، فخلال اللقاء "تعهد الرئيس التركي بحماية المقيمين على الأراضي التركية، وخصص خطاً مباشراً للوفد من أجل التواصل مع رئاسة الجمهورية في حال وقوع أيّ تجاوزات تطال المهاجرين، ويقصد بهم عناصر الإخوان، وتحديداً من مصر وسوريا".

وفضلاً عن ذلك، كانت عناصر إخوانية متواجدة داخل تركيا قد تحدثت الأسبوع الماضي عن إجراءات تطمينية أبلغوا بها من جانب السلطات التركية، تؤكد عدم نيّة أنقرة تسليم أيّ عنصر من عناصر التنظيم المطلوبين عبر أراضيها، وهو ما عبّر عنه الإعلامي الإخواني حمزة زوبع عبر فيديو نشره بقناته على (يوتيوب) أكد خلاله أنّه تواصل مع مسؤولين داخل الحكومة التركية، وأكدوا له أنّه "لا شيء تغير" فيما يتعلق بالدعم المقدم لعناصر التنظيم من الجانب التركي، بحسب تقرير سابق لـ (حفريات).

مواضيع ذات صلة:

زيارة أردوغان المرتقبة إلى ليبيا بين تطلعات التوسع وحتمية تسوية الأزمة

بوتيرة متسارعة... لماذا يسعى أردوغان لتحسين علاقات بلاده مع دول الخليج؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية