كيف نقرأ إعلان تنظيم داعش عن زعيمه الجديد الآن؟

كيف نقرأ إعلان تنظيم داعش عن زعيمه الجديد الآن؟


13/03/2022

اعترف تنظيم داعش أخيراً بمقتل زعيمه السابق أبو إبراهيم الهاشمي، في كلمة صوتية للمتحدث الإعلامي أبو عمر المهاجر، الذي أعلن في الوقت ذاته عن تولية الزعيم الجديد أبو الحسن المهاجر، وطالب عناصر التنظيم وفروعه بتقديم الولاء والبيعة له.

جاءت الكلمة، التي نُشرت على الصفحات المقربة من التنظيم في موقع التواصل الاجتماعي تليغرام، في حوالي 10 دقائق، تطرّق فيها المهاجر إلى آخر أعمال الزعيم السابق، وهي الهجوم على سجن لويجران، وأنّه قتل بصحبة المتحدث الإعلامي السابق أبو حمزة القرشي، وأنّهم عازمون على الثأر له.

إشارات منطقية

حملت كلمة متحدث داعش أبو عمر المهاجر مجموعة من الإشارات المنطقية؛ أي المتسقة مع التنظيم وإرهابه، التي استخلصناها منها، وكان أهمّها: أنّها جاءت في وقت ينشغل فيه العالم كله بالحرب الروسية الأوكرانية، لكنّها لم تحمل أيّ إشارة عنها، وكأنّ تلك الحرب أو غيرها لا تشغلهم كثيراً بقدر الإعلان عن خليفة مزعوم، وأخذ البيعات له في تلك الظروف القاسية على العالم، وهذا يشير إلى عظمة الأمر، وأنّ داعش كان يمرّ بأزمة خطيرة وفارقة، دفعته إلى أن يتأخر طيلة هذا الوقت عن الإعلان عن تولية قائد جديد، مخالفاً كلّ التقاليد السابقة، أو الفقه السلطاني القديم، الذي يمنع من المبيت ليلة واحدة دون بيعة السلطان.

وكان يبدو من تأخّر عملية الإعلان عن الزعيم الجديد طيلة هذه الشهور أنّ هناك إشكالية في تلك التولية، وأنّ هناك صراعاً داخلياً بين المحاور المختلفة داخل التنظيم، التي لها تمثلاتها داخل اللجنة المفوضة، وهي أكبر الهيئات داخل داعش، حيث توجد خلافات قطعية إيديولوجية وتنافر بين عناصرها، حول تكفير العاذر بالجهل، والتكفير بالتتابع، والكفر بالموالاة، وغيرها من تلك القضايا، التي حسمها التيار المتشدد داخل التنظيم، ويبدو أنّ العناصر الأخرى أرادت القفز على القيادة، ومن ثمّ تأخرت التولية الجديدة حتى حسم الأمور.

 

المتحدث الإعلامي أعلن مقتل الهاشمي وتولية أبو الحسن المهاجر وطالب عناصر التنظيم وفروعه بتقديم الولاء والبيعة له

وليست فقط الصراعات الإيديولوجية هي التي أخّرت عملية الإعلان؛ إذ يبدو أنّ هناك صراعاً ضخماً بين العناصر العراقية والتركمانية، فهناك بعض العناصر تحدثت أنّ الزعيم الحالي الجديد هو تركماني أيضاً، وفي هذا إشارة من المتحدث الإعلامي في كلمته حين قال (أوصى به)؛ أي إنّ هذه التولية توصية من الزعيم السابق للزعيم الجديد الحالي، والمعروف أنّ عبد الله قرداش، أو الحاج عبد الله، أبو إبراهيم الهاشمي كان تركمانياً.

أكّدت الكلمة على مقتل الزعيم السابق مقبلاً غير مدبر، وهي رسالة لعناصر التنظيم حول شجاعة زعيمهم السابق، تحمل في طياتها محاولة لرفع المعنويات عقب تلك الضربة القوية.

اقرأ أيضاً: تنظيم داعش- ولاية خراسان... نشأته وعدد عناصره وطرق تجنيده للشباب

ورغم أنّ التنظيم كان مستمراً طيلة الأسابيع الماضية في أعماله الإرهابية، إلّا أنّ الكلمة خلت من أيّ إشارة تُذكر عن الصراع الدائر الآن في أوكرانيا، أو عن أحوال التنظيم الحالية، وكأنّها جاءت لتحسم هذا الأمر فقط.

 

تأخّر عملية الإعلان عن الزعيم الجديد الشهور الماضية يدل على إشكاليات صاحبت تلك التولية

تأكيدات الرسالة الصوتية المقتضبة لزعيم داعش على أنّ الزعيم الجديد هو (قرشي) كانت متوقعة، فالتنظيم يسير على سُنّة قياداته الأقدمين، وهي أنّها دولة وخلافة بمنهجية شرعية سلطانية تراثية قديمة على نهج النبوة، وأنّ الأئمة من قريش، وأنّ الزعيم الجديد يحمل أهمّ صفة توجب بيعته والسير وراءه.

خلافة وهمية

كرّر المتحدث الإعلامي طوال وقت كلمة التأكيد على دولة الخلافة، وأنّ خليفتها ممكن، وفي هذا استمرار على الخلل الفقهي والمنهجي والسياسي نفسه، في الوقت ذاته، فالدولة المعاصرة هي التي لها السيادة، وأمّا لدى داعش، فهي وهمية بشكل كبير، وطالما أنّ هناك عناصر يمارسون الإرهاب في أيّ بقعة من الأرض، فهم ولاية وليست مجموعة، ومجموع هذه الولايات التي لا تحكم ولا تسود هي خلافة، وهذا كله خلل لديهم في مفهوم الدولة وماهيتها.

وتظلّ الدعوات للحرب الدائمة والشاملة للعالم هي صفة اجتمع عليها كلّ زعماء داعش، فهم طوال الوقت في حالة حرب دائمة مع الجميع، ولا استقرار مطلقاً في خطابهم الدعائي، بل هو خطاب مهزوز مرهب للجميع.

 

 تظلّ الدعوات للحرب الدائمة والشاملة للعالم هي صفة اجتمع عليها كلّ زعماء داعش

وفي هذه الكلمة الصوتية دعا متحدث التنظيم إلى الثأر للقيادات المقتولة، مكرّراً هذه الدعوات طوال الكلمة، ويبدو من ذلك أنّ هناك حملات إرهابية يخطط لها التنظيم الآن، وهي بالطريقة المعتادة القديمة نفسها (خطة إثبات الوجود والكيان)؛ أي محاولة إثبات أنّ التنظيم لم يتأثر بمقتل قياداته، وأنّه على النهج ذاته.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية