كيف سيطر الإخوان في سوريا على هيئات المعارضة؟

كيف سيطر الإخوان في سوريا على هيئات المعارضة؟

كيف سيطر الإخوان في سوريا على هيئات المعارضة؟


09/08/2023

بينما يعلم جميع السوريين أنّ الإخوان المسلمين في سوريا هم من يسيطرون ويتحكمون في الأجسام السياسية المعارضة التي تمثل وتفاوض باسم الثورة منذ انطلاقها، بدايةً من المجلس الوطني السوري ثم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، خرج المراقب العام السابق للإخوان السوريين يتحدث عن تضحيات الإخوان في الثورة وتنازلهم عن مناصب الصف الأول.

في مقطع فيديو نشرته صفحة "الإخوان المسلمين في سوريا" عبر منصة "فيسبوك" قال المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، محمد حكمت وليد: "سياستنا الرسمية حقيقةً هي التماهي مع الحالة الوطنية، حتى في نطاق المعارضة السورية". وأضاف "شاركنا وما زلنا لكن اخترنا أن نكون في الصف الثاني وليس الأول، عن سابق عن قصد، لتجنيب الثورة الكثير من الصعوبات التي نصادفها كجماعة، فلا نريد أن نُحمل الثورة الصعوبات التي تتحملها الجماعة".

الإخوان والثورة السورية

يقول المحلل السياسي السوري، فراس علاوي، إنّ إخوان سوريا كان لهم وجود سابق في المعارضة قبل الثورة، ممثلين في جبهة الخلاص، ومع الثورة حاولوا مثل الأجسام السياسية الاستفادة منها. ونوه بأنّ دور الإخوان على الأرض كان محدوداً في الثورة. وأضاف لـ"حفريات" لكن بما أنّهم الفصيل الأكثر تنظيماً ومعرفةً ويملك المال السياسي، ولهم تواجد كبير في أوروبا والخارج، فقد لعبوا دوراً كبيراً سيطروا من خلاله على الأجسام السياسية التي تمثل المعارضة، بدايةً بالمجلس الوطني ثم الائتلاف.

بدوره يقول الصحفي السوري المقيم في فرنسا، ضياء محمد، بأنّ حديث الإخوان المسلمين في سوريا عن وجودهم في الصف الثاني من المعارضة عن قصد أمر غير صحيح. وأوضح لـ"حفريات" بأنّ الإخوان المسلمين إلى جانب وجودهم في الجماعة التي تحمل الاسم نفسه لديهم وجود طاغ عبر هيئات تحمل مسميات عديدة، يقومون بتبديلها وتغييرها ودمجها، وتضمن لهم تمثيلاً وازناً ومسيطراً على القرار في هيئات أو أجسام المعارضة.

التغلغل في المجتمع السوري يدعم رؤية الإخوان

وذكر أنّه من بين الهيئات والأجسام التي كونها الإخوان المسلمون خلال الأعوام الماضية، مايلي؛ الاتحاد الوطني لطلبة سوريا الحرة، بزعامة حسن درويش، ورابطة علماء بلاد الشام، والتيار الديمقراطي الإسلامي المستقل، بزعامة غسان نجار، ورابطة علماء سوريا، بزعامة محمد فاروق البطل، واتحاد منظمات المجتمع المدني وهو كتلة من 40 جماعة تنتسب إلى الإخوان، والمجلس القبلي لعرب سوريا، بزعامة سالم المسلط وعبد الإله ملهم، وغير ذلك.

جماعة الإخوان مارست ببراعة السيطرة على مكونات الائتلاف الوطني السوري بالخداع والتضليل منذ أكثر من عشرة أعوام وحتى الآن بتسمية كيانات افتراضية من دون أساس

إلى جانب ذلك، هناك مجموعات أخرى مثّلت منافذ للإخوان المسلمين، لكنها غير ممثلة في الكيانات السياسية، ومنها بحسب الصحفي السوري ما يلي: مركز الشرق العربي للدراسات الاستراتيجية والحضارة، برئاسة المتحدث باسم جماعة الإخوان زهير سالم، واللجنة السورية لحقوق الإنسان، برئاسة ممثل الإخوان وسفير المعارضة لدى بريطانيا وليد صفور.

وأفاد الصحفي ضياء محمد، بأنّ جماعة الإخوان المسلمين حرصت على وضع عناصر تابعين لها في معظم المنظمات والروابط والهيئات والاتحادات، كنوع من التغلغل في المجتمع السوري، ورفده بكيانات تدعم رؤية الإخوان المسلمين، وتتبنى أفكارهم عن طريق التبعية الخفية وليس الارتباط المباشر.

السيطرة على المجلس الوطني

وتمّ الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني السوري في اسطنبول، في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) 2011، في أعقاب محاولة سابقة لتشكيل إطار موحَّد للمعارضة مع التجمّع الرئيس الآخر في سورية، هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي.

وأصبح المجلس الوطني الائتلاف الأكبر من الجماعات والأفراد، وادّعى المجلس الوطني السوري أنه يضمّ 90% من الأحزاب والحركات المُعارضة، على الرغم من اعتراض هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي وغيرها على هذا الادّعاء، بحسب تقرير نشره مركز "مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط".

ضياء محمد: منظمات سورية تتلقى التمويل من الإخوان

وبحسب التقرير، اشتمل المجلس على مكوّن إسلامي كبير، يشمل جماعة الإخوان المسلمين السورية وكتلة إسلامية ثانية تتألف من "مجموعة الـ74"، ومعظمهم من الأعضاء السابقين في جماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك العديد من رجال الأعمال.

واستحوذ الإخوان المسلمون على ربع المقاعد البالغ عددها 310 في المجلس الوطني السوري، وبما لهم من تماسك وتنظيم وموارد مالية وتنظيمية كبيرة، ودعم أجنبي خصوصاً من قطر وتركيا.

الصحفي ضياء محمد لـ"حفريات": جماعة الإخوان المسلمين حرصت على وضع عناصر تابعين لها في معظم المنظمات والروابط والهيئات والاتحادات كنوع من التغلغل في المجتمع السوري

واستجابة لضغوط دولية، تمّ تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المعروف باسم الائتلاف الوطني السوري، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 أثناء اجتماعات المعارضة في الدوحة، وانتخب معاذ الخطيب، وهو الإمام السابق للمسجد الأموي في دمشق، والقريب من الإخوان المسلمين، رئيساً للائتلاف الجديد.

في السياق ذاته، أفاد الصحفي ضياء محمد، بوجود العديد من المنظمات السورية التي تتلقى التمويل من الإخوان المسلمين بشكل مباشر أو غير مباشر، ومنها؛ اتحاد طلبة سوريا الأحرار، ورابطة المرأة السوري، والتجمع السوري الاجتماعي في مرسين، والجمعية السورية الإنسانية للإغاثة والتنمية، والمنتدى السوري للأعمال، ومؤسسة علماء ودعاة الثورة السورية، والرابطة الطبية للمغتربين السوريين، ومؤسسات أخرى.

الهيمنة على الائتلاف الوطني

يذكر موقع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الرسمي على الإنترنت، أنّ جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، أحد 12 مكوناً يمثلون الائتلاف، ولها حصة عضوين من 81 عضواً، هم أعضاء الائتلاف في جميع هيئاته العامة، بينما يمثّل 14 عضواً الأكراد، في المجلس الوطني الكردي والمستقلين، على الرغم من ضعف المكون الكردي داخل الائتلاف على الأرض. يبدو من ذلك وكأنّ الإخوان المسلمين لا وجود يُذكر لهم داخل الائتلاف، لكن تلك ليست الحقيقة.

يقول المحلل السياسي السوري، فراس علاوي، بأنّه على الورق نجد أنّ نسبة الإخوان عادية مثل أي جسم آخر، لكن الحقيقة هم الأكبر وجوداً في المعارضة؛ لأنّ هناك تيارات تتبع الإخوان بشكلٍ أو بآخر، وتؤمن لهم بذلك الأغلبية داخل الائتلاف المعارض.

وأحد الأمثلة على ذلك، تيار المستقبل الوطني، الممثل بعضوين في الائتلاف، يشغل أحدهما منصب الأمين العام للائتلاف، وهو هيثم محمود رحمة. بقراءة السيرة الذاتية لرحمة، يتبين أنّه عضو في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومقره قطر، ويضم الشخصيات المحسوبة على الإخوان المسلمين في العالم.

فراس علاوي: الإخوان هم الأكبر وجوداً في المعارضة

أما الشخصية الثانية فهي نذير الحكيم، العضو السابق في المجلس الوطني. وبحسب تقرير لمركز "مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط"، فإنّ الحكيم كان إسلامياً نافذاً داخل هذا المجلس، جنباً إلى جنب مع أحمد رمضان وفاروق طيفور.

في مقال على موقع "الحوار المتمدن" ذكر الكاتب والسياسي الكردي السوري، صلاح بدر الدين، أنّ جماعة الإخوان المسلمين مارست ببراعة السيطرة على مكونات الائتلاف الوطني السوري بالخداع والتضليل منذ أكثر من عشرة أعوام وحتى الآن، بتسمية كيانات افتراضية من دون أساس، ولا وجود تنظيمي وبشري لها، ثم توزيع منتسبيها والموالين لها والمتعاقدين معها عليها حتى تخرج بنهاية المطاف بالسيطرة الكاملة على جسم الائتلاف.

وأشار الكاتب السوري إلى أنّ الإخوان لديهم نفوذ عبر إشراك شخصيات موالية لهم تمثّل المكونات التي لا تتفق معهم في الأيديولوجيا، والأقليات الدينية غير المسلمة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية