كيف ستؤثر قرصنة الحوثيين للسفن في البحر الأحمر على أسعار السلع والطاقة عالمياً؟

كيف سيؤثر إرهاب الحوثيين في البحر الأحمر على أسعار السلع والطاقة عالمياً؟

كيف ستؤثر قرصنة الحوثيين للسفن في البحر الأحمر على أسعار السلع والطاقة عالمياً؟


19/12/2023

تسببت الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية، المدعومة من إيران، على السفن في البحر الأحمر في عرقلة التجارة البحرية، ممّا دفع الولايات المتحدة إلى بذل جهود لتشكيل تحالف للتعامل مع هذا التهديد.

وتستمر هجرة شركات الملاحة الدولية من البحر الأحمر، فبعد شركتَي (ميرسك) الدنماركية و(هاباغ-لويد) الألمانية اللتين علقتا ابتداءً من الجمعة الماضية نشاطهما في البحر الأحمر، أعلنت شركة (سي إم آ سي جي إم) الفرنسية للنقل البحري أنّها علّقت عبور سفن الحاويات التابعة لها في البحر الأحمر، بعد الهجمات التي تعرضت لها سفن تجارية بالبحر الأحمر.

وقالت الشركة الفرنسية في بيان أوردته وكالة الأنباء الألمانية: إنّها "قررت الطلب من كل سفن حاويات (سي إم آ سي جي إم) في المنطقة التي يفترض أن تمر في البحر الأحمر التّوجه إلى مناطق آمنة" أو عدم مغادرة المياه التي تُعدّ آمنة "بأثر فوري وحتى إشعار آخر".

كما أعلنت شركة (إم إس سي) الإيطالية - السويسرية للشحن البحري أنّها علقت عبور سفنها في البحر الأحمر غداة تعرض إحدى سفن الحاويات التابعة لها لهجوم.

وأوضحت الشركة، في بيان لها، أنّ سفنها لن تستخدم قناة السويس "حتى يصبح المرور عبر البحر الأحمر آمناً"، مشيرة إلى أنّ طاقمها لم يصب بأذى في الهجوم الذي استهدف السفينة (إم إس سي بلاتينوم) الجمعة.

تسببت الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السفن في البحر الأحمر في عرقلة التجارة البحرية

شركة OOCL المتخصصة في نقل الحاويات، ومقرها هونغ كونغ، هي الأخرى أعلنت إيقاف عملياتها في البحر الأحمر في ظل استمرار تهديدات وهجمات الحوثي على السفن المارة فيه، وفق وكالة (رويترز).

وتملك شركة OOCL خطاً لنقل الحاويات والخدمات اللوجستية، وجنسيته من هونغ كونغ، وتُعدّ إحدى شركات النقل الدولية المتكاملة للحاويات والخدمات اللوجستية والمحطات الطرفية، ولها مكاتب في (70) دولة، ولديها (59) سفينة من فئات مختلفة.

هذا، وعلقت شركة النفط البريطانية العملاقة (بريتش بتروليوم) مؤقتاً جميع عمليات العبور لشحناتها عبر البحر الأحمر في علامة على أنّ الأزمة التي أثرت في الغالب على شحن البضائع حتى الآن قد تتسع لتشمل شحنات الطاقة. وارتفعت أسعار النفط الخام وسط هذه المخاوف، وفق (بي بي سي).

 

شركة النفط البريطانية (بريتش بتروليوم) تعلق مؤقتاً جميع عمليات العبور لشحناتها عبر البحر الأحمر، في علامة على أنّ الأزمة ستشمل شحنات الطاقة.

 

وقالت شركة النفط والغاز النرويجية (إكوينور): إنّها أعادت توجيه "بضع سفن" تحمل النفط الخام والغاز البترولي المسال بعيداً عن البحر الأحمر، ورفضت الشركة الإفصاح عن عدد هذه السفن.

وقالت شركة ناقلات النفط البلجيكية (يوروناف) إنّها تتجنب البحر الأحمر حتى إشعار آخر.

وأجبرت هجمات الحوثيين الشركات كذلك على إعادة التفكير في علاقاتها مع إسرائيل، إذ قالت شركة (إيفر جرين) التايوانية امس إنّها قررت التوقف مؤقتاً عن قبول شحنات إسرائيلية، بحسب ما أوردت وكالة (رويترز).

وبدأ العديد من شركات الشحن الكبرى في الإبحار حول أفريقيا، وهو ما سيؤدي، بحسب محللين، في القطاع إلى زيادة التكاليف والتأخيرات التي من المتوقع أن تتفاقم خلال الأسابيع المقبلة على الكثير من دول المنطقة.

تبذل الولايات المتحدة جهوداً لتشكيل تحالف للتعامل مع هذا التهديد

وقال رئيس مجلس إدارة اتحاد غرف الملاحة العربية، ورئيس غرفة ملاحة الإسكندرية، محمد مصيلحي، في تصريح للعربية: "استهداف السفن في البحر الأحمر يؤثر على حركة التجارة العالمية، والأمر له بعد سياسي، وأتوقع أن ينتهي الأمر سريعاً".

وأوضح أن الوضع سيؤثر بالتأكيد على تكاليف الشحن من خلال عامل مخاطر الحروب، وهو ما سيؤثر على حركة التجارة العالمية التي ستتأثر تكاليفها بالتأكيد، واستمراره يعني أنّ كل خط ملاحي سيضع تكاليف إضافية على نولون الشحن الخاص به.

وأضاف أنّ تصرفات الحوثيين سترفع من توقعات التوتر في العام المقبل، على خلفية الحروب في المناطق المختلفة من العالم، مثل: "غزة وإسرائيل"، و"روسيا وأوكرانيا".

من جانبه، قال المحلل لدى (آي.إن.جي) ريكو لومان: إنّ عمليات تغيير مسار السفن تضيف أسبوعاً على الأقل من وقت الإبحار لسفن الحاويات، ممّا سيؤدي إلى تأخر وصول البضائع بشكل كبير.

 

هجمات الحوثيين دفعت الشركات إلى إعادة التفكير في علاقاتها مع إسرائيل، وقالت شركة (إيفر جرين) التايوانية إنّها قررت التوقف مؤقتاً عن قبول شحنات إسرائيلية

 

وقال المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية ماركو فورجيوني: إنّ الاضطرابات ستؤثر على الأرجح على المعروض من السلع الاستهلاكية بعد العام الجديد، مع التأخير الذي يترك تجار التجزئة بمخزون غير قابل للبيع ويؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين.

وقال الرئيس التنفيذي لمنصة الشحن العالمية فرايتوس تسفي شرايبر في تقرير لوكالة (فرانس برس): إنّه في حين أنّ أسعار الشحن سترتفع على الأرجح في هذه الرحلات الأطول أيضاً، فإنّ شركات النقل في الوقت الحالي تبحث عن طرق لاستخدام السعة الزائدة.

وأضاف شرايبر: "من غير المرجح أن ترتفع الأسعار للمستويات التي شهدتها خلال الجائحة"، في إشارة إلى الآثار الاقتصادية لكوفيد 19 اعتباراً من عام 2020.

من جانبه، أشار مستشار البنك الدولي محمود عنبر، في تصريحات خاصة لموقع (اقتصاد سكاي نيوز عربية) إلى أنّ إلغاء شركات شحن كبرى مرور شحناتها من البحر الأحمر -على أثر التوترات الحالية التي تشهدها المنطقة- من شأنه أن يهدد باضطرابات في سلاسل التوريد وحركة التجارة العالمية.

فورجيوني: الاضطرابات ستؤثر على الأرجح على المعروض من السلع الاستهلاكية بعد العام الجديد

وقال ألبرت جان سوارت المحلل في بنك (إيه.بي.إن أمرو) لـ (رويترز): إنّ الشركات التي حولت مسار السفن مجتمعة "تسيطر على نحو نصف سوق شحن الحاويات العالمية".

وفي سياق متصل، أعلنت الولايات المتحدة أمس تشكيل تحالف دولي للتصدّي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر تحت مُسمّى "المبادرة الأمنية المتعددة الجنسيات"، يضمّ (10) دول، من بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين.

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان نقلته شبكة (سي إن إن): إنّ "البلدان التي تسعى لترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدّي الذي تشكّله هذه الجهة".

 

مصيلحي: الوضع سيؤثر بالتأكيد على تكاليف الشحن من خلال عامل مخاطر الحروب، وهو ما سيؤثر على حركة التجارة العالمية التي ستتأثر تكاليفها بالتأكيد

 

وأضاف أوستن، الذي يقوم بزيارة إلى البحرين، التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، أنّ الدول المشاركة تشمل بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، مضيفاً أنّهم سيقومون بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وأوضح أوستن: "هذا تحدٍّ دولي يتطلب عملاً جماعياً، ولذلك أعلن اليوم عن إطلاق "عملية حارس الازدهار"، وهي مبادرة أمنية مهمة جديدة متعددة الجنسيات".

وقبل ساعات فقط من إعلان أوستن، قالت جماعة الحوثي في بيان أمس إنّها شنت هجوماً بطائرات مسيّرة على سفينتي شحن في المنطقة.

يمنياً، جدد عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، التأكيد على استعداد القوات المسلحة للمشاركة في أيّ جهدٍ أو تحالف دولي لتأمين خطوط الملاحة الدولية.

جاء ذلك خلال زيارته اليوم إلى جزيرة ميون في باب المندب، منوهاً بالأهمية الجيوسياسية التي تحتلها هذه الجزيرة، وفق ما نقل موقع (يمن نيوز).

شركات شحن عالمية تعلن تعليق نشاطاتها في منطقة البحر الأحمر، والتّوجه إلى مناطق آمنة، بسبب ضربات الحوثيين

وتفقد الزبيدي برفقة وزير الدفاع الفريق محسن الداعري، ووزير النقل د. عبد السلام حُميد، وعدد من القادة العسكريين ووكلاء الوزارات عدداً من المشاريع الحيوية الجاري تنفيذها في الجزيرة، وفي مقدمتها مطار جزيرة ميون، ومحطة تحلية المياه، والوحدة السكنية التي يجري العمل فيها بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة.

ووجّه الزبيدي بسرعة تنفيذ مشروع اللسان البحري في الجزيرة، ومشروع مركز الإنزال السمكي ومصنع إنتاج الثلج وبناء محطة تحلية إضافية لخدمة سكان الجزيرة.

 

لومان: عمليات تغيير مسار السفن تضيف أسبوعاً على الأقل من وقت الإبحار لسفن الحاويات، ممّا سيؤدي إلى تأخر وصول البضائع بشكل كبير

 

كما تفقد الزُبيدي مديرية باب المندب، والتقى خلالها حشداً كبيراً من أهالي المنطقة وعدد من المسؤولين، واطّلع منهم على جُملة الاحتياجات والمطالب لأبناء المنطقة لتسيير شؤون حياتهم اليومية، واعداً بالعمل على توفيرها في القريب العاجل.

ويُعدّ البحر الأحمر ممراً ملاحياً مهمّاً لحركة التجارة العالمية، ويمثل حلقة الوصل البحري الأسرع والأقصر بين آسيا وأوروبا.

كما يُعدّ شرياناً حيوياً يمرّ من خلاله حوالي 10% من إمدادات النفط المنقولة بحراً حول العالم (أي ما يعادل من 6 إلى 7 ملايين برميل نفط يومياً)، و12% من إجمالي التجارة العالمية، وفق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

مواضيع ذات صلة:

إيران وأمن البحر الأحمر... ما أهداف استعراض القوة؟

هل يعطل إرهاب الحوثيين في البحر الأحمر عملية السلام؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية