كيف تاجرت حركة النهضة الإخوانية بالقضية الفلسطينية؟

كيف تاجرت حركة النهضة الإخوانية بالقضية الفلسطينية؟

كيف تاجرت حركة النهضة الإخوانية بالقضية الفلسطينية؟


13/12/2023

نظمت حركة النهضة الإخوانية في تونس العاصمة ما سمّتها "مسيرة تضامنية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في تونس، وتنديداً باستمرار حـرب الاحتلال في غزة مع (جبهة الخلاص). ونشرت صفحتها الرسمية على (فيسبوك) تجمع بعض قياديّيها وبعض الناشطين في (جبهة الخلاص)، مثل أحمد نجيب الشابي وعبد اللطيف المكي وغيرهما، أمام المسرح البلدي بالعاصمة تونس تزامناً مع إحياء الذكرى الـ (75) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وكانت (جبهة الخلاص) قد نشرت بياناً منذ نحو أسبوع جاء فيه: "تزامناً مع الذكرى الـ (75) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، (جبهة الخلاص الوطني) تدعو إلى مسيرة تضامنية دفاعاً عن المعتقلين السياسيين ومطالبة بإطلاق سراحهم، وتنديداً بتواصل المجازر في حقّ المدنيين في غزة".

رأى ناشطون ربط مساعي حركة النهضة الضيقة للإفراج عن سجنائها الملاحقين في قضايا متعددة بالقضية الفلسطينية مجرد ركوب للموجة، ومتاجرة بقضية عادلة، خصوصاً أنّ الحركة الإخوانية سيطرت على الحكم خلال عشرية كاملة ولكنّها لم تقدم شيئاً يذكر للقضية الفلسطينية

وأضاف البيان: "تدعو (جبهة الخلاص الوطني) أنصارها وكافة الأحرار في تونس للمشاركة في المسيرة الوطنية التي تُنظّمها يوم الأحد 10 كانون الأول (ديسمبر) 2023 الساعة 10:00 صباحاً، انطلاقاً من ساحة الجمهورية (الباساج) وصولاً إلى المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة مروراً بشارع باريس، وذلك تضامناً ومساندة للمعتقلين السياسيين وعائلاتهم وللمطالبة بإطلاق سراحهم وإيقاف المحاكمات السياسية الجائرة في حقّهم، وتنديداً بالمجازر المتواصلة في حقّ المدنيين العزّل من أطفال ونساء وشيوخ في غزة".

من جهتها، دعت حركة النهضة عبر صفحتها الرسمية على (فيسبوك)، ومئات الصفحات الممولة التابعة لها، إلى المشاركة في هذه المسيرة، مع فيديو ترويجي بشعارات متنوعة منها "10 ديسمبر الشعب التونسي يكتب صفحة جديدة في تاريخ النضال ضد الاستبداد".

غير أنّ ما لفت انتباه كثير من المتابعين استغلال حركة النهضة في أكثر من مناسبة للقضية الفلسطينية لتمرير رسائلها وشعاراتها المتعلقة بسجنائها، وعلى رأسهم رئيس الحركة السابق الملاحق في قضايا يتعلق بعضها بالإرهاب في قطب مكافحة الإرهاب.

نظمت حركة النهضة الإخوانية في تونس العاصمة ما سمّتها مسيرة تضامنية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في تونس

ورأى مراقبون أنّ الحركة تمتطي قضية عادلة، وتحشد بها الدعم والمساندة في تونس، وتبيّض صورتها لدى الرأي العام، خاصة بعد التسريب المدوّي لرئيسها بالنيابة منذر الونيسي الذي عيّنه الغنوشي، وتم فتحّ بحث تحقيقي بشأنه في 4 أيلول (سبتمبر) الماضي بالمحكمة الابتدائية في تونس.

ويرى كثيرون أنّ حركة النهضة قد تخلى عنها الشارع التونسي، بعد أن اكتشف حقيقتها وخدمتها لمصالحها، وارتكابها جرائم انتخابية متعددة، ومنها أموال طائلة مشبوهة أنفقتها في إبرام عقود مع شركات ضغط ودعاية في العالم، إضافة إلى جرائم تبييض الأموال وإجراء آلاف انتدابات العمل التي استفاد منها أتباعها خارج القانون، وتبييضها الإرهاب وحمايته،  وجهازها السري الذي ما زال قيد البحث والتحقيق أمام القضاء، وغيرها من القضايا المتنوعة التي دفعت الشارع التونسي إلى التخلي عنها والثورة ضد سياساتها في 25 تموز (يوليو).

من بين الشعارات التي رفعت لافتة تطالب بتجريم التطبيع، والحال، وفق مراقبين، أنّ أول من أسقط قانون تجريم التطبيع في مجلس النواب هي حركة النهضة نفسها صاحبة الأغلبية البرلمانية حينها، وقد أسقطته مرات متعددة خلال فترة سيطرتها على الحكم

وقد ظهر ربط القضية الفلسطينية بسجناء حركة النهضة في الشعارات المرفوعة خلال كل تظاهراتها التي نظمتها تحت يافطة نصرة فلسطين، وتكرر رفع لوحات تحمل صور معتقليها وعليها "الحرية من سجون تونس إلى فلسطين للمعتقل فلان"، مع إضافة اسم من أسماء قادتها في كل مرة، ورفعت شعار "الحرية للجميع من تونس إلى فلسطين".

وفي اليوم نفسه نشرت صفحة الحركة بلاغاً منسوباً إلى زعيمها راشد الغنوشي يندّد فيه بالعدوان على غزة وبالانتهاكات في تونس وبالاحتجاز القسري للمساجين السياسيين على حد تعبيره، معلناً في البلاغ ذاته دخوله في إضراب جوع رمزي يوم 10 كانون الأول (ديسمبر).

وقال البلاغ: إنّ الغنوشي يعلن "دخوله في إضراب جوع رمزي عن الطعام يوم الأحد 10 كانون الأول (ديسمبر) 2023 من داخل المعتقل، وذلك تنديداً: بالعدوان الإسرائيلي الغاشم على أهالينا في قطاع غزة، والمذابح وجرائم الحرب التي ترتكب ضد المدنيين العزّل في ظل صمت عربي رسمي مخجل. وبالانتهاكات الخطيرة والمتصاعدة لحقوق الإنسان ببلادنا، وبتراجع مساحة الحريات العامة والفردية والتضييق على الساحة السياسية والمجتمع المدني والإعلام عبر الهرسلة   والمحاكمات السياسية بالاعتماد على المرسوم (54) سيّئ الذّكر. وبالاحتجاز القسري منذ أشهر طويلة لكل المساجين السياسيين دون جريمة ولا جرم، على خلفية ممارسة النشاط السياسي".

وقد رأى ناشطون ربط مساعي حركة النهضة الضيقة للإفراج عن سجنائها الملاحقين في قضايا متعددة بالقضية الفلسطينية مجرد ركوب للموجة، ومتاجرة بقضية عادلة، باتت مكشوفة للرأي العام الوطني، ولم تعد تثير أحداً، خصوصاً أنّ حركة النهضة سيطرت على الحكم خلال عشرية كاملة بعد الثورة التونسية، ولكنّها لم تقدم شيئاً يذكر للقضية الفلسطينية ولا للفلسطينيين.

غير أنّ ما اعتبره بعض المراقبين مفارقة أنّ من بين الشعارات التي رفعت في 10 كانون الأول (ديسمبر) لافته تطالب بتجريم التطبيع "الشعب يريد تجريم التطبيع"، والحال أنّ أول من أسقط قانون تجريم التطبيع في مجلس النواب هي حركة النهضة نفسها صاحبة الأغلبية البرلمانية حينها، وقد أسقطته مرات متعددة خلال فترة سيطرتها على الحكم.

ففي 2012 تقدمت حركة (وفاء) برئاسة عبد الرؤوف العيادي بمشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقد أسقطته حركة النهضة الإخوانية حينها، وعلل القيادي الصحبي عتيق ذلك حينها بأنّ إسماعيل هنية وخالد مشعل هما من طلبا عدم إدراج القانون في توطئة الدستور، وهو ما نفياه نفياً قاطعاً بعدها.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 تقدمت كتلة الجبهة الشعبية بمشروع ثانٍ لتجريم التطبيع، ولكنّه ظل في رفوف المجلس ولم يطرح للمناقشة. كما أسقطت مبادرتين أخريين في 2020 و2021، مدّعية دوماً بأنّ القانون لا يخدم مصلحة تونس في الخارج، وبأنّه سيسبب لتونس مشاكل مع دول عربية وغربية.

رغم مساعي حركة النهضة المتعددة لحشد الدعم بكل الوسائل والطرق والمناورات، ومن بينها استغلال الشارع وغليانه لنصرة القضية الفلسطينية، تعجز رغم كل ذلك عن لفت الانتباه واستعادة سلطتها، لأنّ أوراقها حسب كثير من المحللين باتت مكشوفة.

مواضيع ذات صلة:

جدل العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وجبهة الخلاص في تونس

هل تكون جبهة الخلاص بوابة تنازلات النهضة لاسترضاء قيس سعيد؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية