تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟


17/05/2023

بعد التراجعات التي شهدتها تونس خلال العشرية السوداء التي سيطر فيها الإخوان على كل مفاصل الدولة، من خلال السيطرة على أعلى سلطة في البلاد (البرلمان)، أوكل التونسيون إلى البرلمان الجديد مهمة إعادة الثقة بينه وبين هذه المؤسسة التشريعية، التي أساء إليها زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي خلال ترؤسه لها بعد انتخابات 2019، برغم المعارضة الشديدة التي لقيها، من داخل وخارج حركته.

كما أوكلت إليه مسؤوليات كبرى، أساسها تغيير ترسانة القوانين والتشريعات التي تعطل الحياة الاقتصادية والاجتماعية ودواليب الإدارة، وتحول دون تحقيق الشباب الحالم بالشغل.

ومن المنتظر أن ينكبّ نواب البرلمان التونسي اليوم على تحديد الأعضاء الـ (10) لمكتب مجلس نواب الشعب وأعضاء اللجان التشريعية وتركيز رؤسائها ومقرريها، ثم سيمر مباشرة إلى النظر في مشاريع القوانين صلب اللجان، ومن بينها مشروع قانون المحكمة الدستورية.

مهمات صعبة أمام البرلمان الجديد

البرلمان التونسي الخالي من الإخوان لأول مرّة منذ 2011، أغلق الأسبوع الماضي قوس تشكيل الكتل النيابية، وهو يستعد لفتح قوس جديد يتعلق بتشكيل المؤسسات الدستورية للدولة، وفي مقدمتها المحكمة الدستورية، التي فشل الإخوان لعقد كامل من الزمن في تأسيسها.

ويؤكد برلمانيون، في تصريحات متواترة لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أنّ تشكيل هذه المحكمة سيكون من أول أولويات مجلس نواب الشعب الجديد في الفترة المقبلة، نظراً لأهميتها في فصل النزاعات بين السلطات، ومراقبة دستورية مشاريع القوانين التي سيتم تمريرها مستقبلاً عبر البرلمان.

 أوكل التونسيون إلى البرلمان التونسي الجديد مهمة إعادة الثقة بينه وبين هذه المؤسسة التشريعية

وأكدوا أنّ شروط نجاح البرلمان في تشكيل هذا الإطار القانوني متوفرة جداً، على اعتبار أنّ الدستور الجديد اختصر المسافات من خلال تحديد صفات أعضاء المحكمة الدستورية، والتنصيص على اختيار (3) من أقدم القضاة في كل جسم قضائي.

ويرى مراقبون أنّ فرص نجاح البرلمان الحالي في تشكيل هذه المحكمة مرتفعة، بالنظر إلى التسهيلات القانونية التي أدخلها الدستور الجديد الذي تمخض عن استفتاء 2022.

يرى مراقبون أنّ فرص نجاح البرلمان الحالي في تشكيل المحكمة الدستورية مرتفعة، بالنظر إلى التسهيلات القانونية التي أدخلها الدستور الجديد

وحسم الفصل الـ (125) من الدستور الجديد في تركيبة المحكمة الدستورية، حيث ينص على أنّها "تتركب من (9) أعضاء؛ ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التعقيبية بالمحكمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات".

ويرى البرلمانيون أنّ دستور 2022 سهّل هذه المهمة من خلال التنصيص على تركيبة هذه المؤسسة الدستورية، "وإذا لم تبادر رئاسة الجمهورية أو الحكومة بعرض مشروع قانون للمحكمة الدستورية، سيتولى أعضاء مجلس نواب الشعب تكوين مبادرة وعرضها على الجلسة العامة".

فشل برلمان الإخوان

وينص الدستور التونسي القديم على ضرورة تشكيل المحكمة الدستورية في أجل أقصاه عام واحد من موعد الانتخابات التشريعية التي عقدت في تشرين الأول (أكتوبر) 2014، وهو ما تعثر حتى 2021.

ويشترط القانون  للفوز بعضوية المحكمة الدستورية أن يحظى المرشح بأغلبية الثلثين من أصوات نواب البرلمان، (145) صوتاً من أصل (217)، وهو ما لم يحصل إلّا في مناسبة وحيدة، حين انتخب البرلمان في آذار (مارس) 2018 مرشحة نداء تونس روضة الورسيغني، بعد حصولها على (150) صوتاً.

وخلال الجلسات الـ (4) للبرلمان كان آخرها في 10 تموز (يوليو) 2019، لم ينجح الأعضاء في اختيار الأعضاء الـ (3) المتبقين، رغم اتفاقات سابقة بين مختلف الكتل النيابية.

تجمع أغلب القراءات على أنّه تم تشويه المشهد البرلماني في العامين الأخيرين، عندما كان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان

وتجمع أغلب القراءات على أنّه تمّ تشويه المشهد البرلماني في العامين الأخيرين، عندما كان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان، بعد ما شهدته الجلسات من معارك سياسية وعنف وتبادل شتائم، وتعطيل جلسات، وتأخر تمرير القوانين.

وتجعل التركيبة الجديدة للبرلمان الجديد العديد من المتابعين للشأن التونسي يعتبرون أنّ هذا البرلمان لن يكون سركاً أو ساحة لبيع الذمم وشراء القوانين، وسيكون في قطيعة كاملة مع العشرية الماضية؛ لأنّ من دخلوا البرلمان يحملون هموم وقضايا منظوريهم، ولا يحملون طموحات حزبية، كما أنّ لهم العهدة الانتخابية، وستسحب منهم الثقة إذا لم يفوا بتنفيذ وعودهم.

حصيلة 10 أعوام من حكم الإخوان

وخلال الأعوام الـ (10) التي حكم خلالها الإخوان البلاد (2011 ـ 2021)، وصلت الديون الخارجية لتونس إلى أكثر من (35.7) مليار دولار، كما أنّ البلاد مطالبة بسداد نحو (5.4) مليارات دولار منها في العام الجاري؛ أي ما يزيد على 100% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنّها بحاجة لحوالي (6) مليارات دولار لسد العجز في ميزانية 2021.

وبلغت نسبة الدين العام المستحق على البلاد 55% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية عام 2010، ليقفز إلى نحو 90% خلال العام الجاري.

وعام 2010 بلغ متوسط الدين العام المستحق على تونس (16) مليار دولار، وصعد تدريجياً مع عهد الإخوان ليستقر عند (20.63) مليار دولار بنهاية 2016، مواصلاً الصعود إلى (25) مليار دولار في 2017، ثمّ (29) مليار دولار بنهاية 2020، ومن المتوقع أن يسجل الدين العام (35) مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري.

وبلغ العجز المالي 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو الأعلى منذ ما يقرب من (4) عقود.

وبعد متوسط نمو بلغ 9% خلال عام 2010 و2011، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.15%، ولم يتجاوز النمو حاجز الـ1.5% خلال الفترة من 2017 حتى 2019، قبل أن يسجل انكماشاً بنحو 9%خلال العام 2020، بحسب بيانات رسمية للبنك الدولي.

كذلك ارتفعت معدلات البطالة الرسمية من 12% قبل عام 2010، إلى 18% في الربع الأخير من 2020، في الوقت الذي يتوقع وصولها بين الشباب إلى أكثر من 30%.

ومنذ العام 2011، وعلى مدار حكم الإخوان، لم تتراجع معدلات البطالة دون 15%، وسط عجز حكومي في خلق فرص عمل جديدة تستوعب العمالة الجديدة سنوياً، ممّا فاقم أزمة البطالة.

وفي أول عهد الإخوان قفزت البطالة إلى 18.3% في 2011، و17.3% خلال 2012، ثم 16% في 2013، بحسب بيانات رسمية.

وقد دفعت هذه الأزمات تونس للجوء إلى صندوق النقد الدولي في 2016 للحصول على قرض بقيمة (2.88) مليار دولار، وحصلت عليه قبل أن يتم تعليق بعض الشرائح لعدم التزام تونس بخطة الإصلاح المقرة من جانب الصندوق.

وخلال 2021 بدأت تونس محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة مساعدات مالية؛ في وقت تعاني فيه من ارتفاع الدين وانكماش الاقتصاد.

موضيع ذات صلة:

هجوم جربة يجدد إثارة شكوك اختراق الأمن التونسي... ما علاقة حركة النهضة الإخوانية؟

أي تداعيات لـ "هجوم جربة" على المشهد التونسي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية