كيف تؤثر الضربات الأوروبية المتلاحقة على التنظيم الدولي للإخوان؟

كيف تؤثر الضربات الأوروبية المتلاحقة على التنظيم الدولي للإخوان؟

كيف تؤثر الضربات الأوروبية المتلاحقة على التنظيم الدولي للإخوان؟


03/10/2022

ضربات متلاحقة وموجعة تلقاها التنظيم الدولي للإخوان؛ نتيجة الإجراءات الأوروبية ضد أنشطته ووضع مصادر تمويله تحت مراقبة دقيقة خلال العامين الماضيين، في إطار الإستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب والتطرف التي أقرها الاتحاد الأوروبي نهاية عام 2020، في أعقاب هجمات دامية استهدفت عدة مدن أوروبية، واستهدفت التصدي لتنامي الإرهاب في أوروبا ومواجهة الأفكار المتطرفة والجماعات المؤدلجة.

قرارات المواجهة الأوروبية ضد الإخوان شملت مجموعة دول أبرزها؛ النمسا وفرنسا وألمانيا، واستهدفت بشكل رئيسي وضع الجمعيات والمؤسسات التابعة للجماعة تحت رقابة أمنية مشددة، وكذلك مصادرة العديد من الرموز ومصادر التمويل الخاصة بالتنظيم.

آخر تلك القرارات كان الإعلان من جانب المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا طرد جميع المنظمات الإخوانية من صفوفه، وتجريد القيادي الإخواني إبراهيم الزيات، المعروف بـ "وزير مالية الإخوان في ألمانيا"، من كل مناصبه داخل الاتحاد، بحسب "سكاي نيوز".

وتضمنت قائمة المنظمات التي أعلنها المجلس: المركز الإسلامي في ميونيخ واتحاد الطلبة التابع للإخوان.

واتخذ المجلس هذه القرارات عقب الانتخابات التي نظمها، وبعد الاتفاق على توجهات جديدة بشأن إقصاء المنظمات التابعة لجماعة الإخوان، التي تستغل وجودها داخل المجلس لصالح أنشطتها، وفق التقرير ذاته.

سلطان: من الضروري أن تتخذ الحكومات الأوروبية، خاصة في الدول التي ينشط فيها الإخوان كثيراً، إجراءات مماثلة لمحاصرة التنظيم

وفي السياق، تحدث السياسي الألماني، نائب رئيس الأمانة الفيدرالية للهجرة والتنوع بالحزب الاشتراكي الحاكم في ألمانيا، حسين خضر، لـ"سكاي نيوز" متوقعاً أن تتخذ الحكومة الألمانية المزيد من الإجراءات خلال الفترة المقبلة ضد جماعة الإخوان.

ونوّه خضر إلى أنّ هناك العديد من التحركات الأوروبية لحظر نشاط الإخوان في عدة بلدان، لكنّ الإشكالية التي تواجه هذه التحركات هي عدم اندماج أعضاء التنظيم تحت كيان موحد باسم الجماعة، كما ينكر جميعهم أيّ انتماء تنظيمي للإخوان، وهو ما يصعب مهمة الأجهزة الأمنية في ضبط دليل واضح ضد هؤلاء الأشخاص، مشيراً إلى أنّ العمليات الأمنية تستغرق وقتاً طويلاً بوضعهم تحت المراقبة وتتبع نشاطهم وتمويلاتهم للتعامل مع الأمر بشكل قانوني تتمكن السلطات من خلاله من ملاحقة هؤلاء الأفراد.

كيف أثرت الإجراءات الأوروبية على التنظيم؟

الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان يقول لـ"حفريات": إنّ التنظيم الدولي للإخوان تأثر بشكل كبير خلال الفترة الماضية؛ بسبب الملاحقات الأوروبية والتضييقات على أنشطته من جهة، والصراع الدائر بين قيادات جبهتي؛ لندن وإسطنبول من جهة أخرى.

وبحسب سلطان، يُعتبر "التنظيم الدولي كياناً تنسيقياً لديه مكتب تنفيذي عالمي، ومجلس شورى للتنظيم الدولي، وإخوان مصر هم الأساس في تشكيله، لذلك تأثر إلى حد كبير بحالة الانشقاق والصراعات التي مرت بها الجماعة خلال الفترة الماضية؛ بسبب الاختلاف حول من سيقود الجماعة وأيضاً الآلية التي سيدار وفقاً لها التنظيم".

 

أحمد سلطان: التنظيم الدولي للإخوان تأثر بشكل كبير خلال الفترة الماضية بسبب الملاحقات الأوروبية والتضييقات على أنشطته من جهة، والصراع الدائر بين قيادات جبهتي لندن وإسطنبول من جهة أخرى

 

وبحسب سلطان، حاول التنظيم الدولي القيام بدور تنسيقي للإصلاح بين الجبهتين المتناحرتين لكنّ تلك المحاولات باءت بالفشل.

وبخصوص التحركات الأوروبية الأخيرة ضد تنظيم الإخوان، يقول سلطان إنّها تؤثر على التنظيم، وتسببت في إضعافه، لكنّها لم تكتب نهايته على الإطلاق؛ لأنّ التنظيم الدولي لديه خطط بديلة لإعادة التمحور من جديد باستغلال هياكل بديلة وأسماء أخرى للكيانات والجمعيات التي تعمل تحت عباءته لحمايتها من إجراءات الحصار والمصادرة التي تقوم بها بعض الحكومات الأوروبية.

ويشير سلطان إلى أنّ الإجراءات الأخيرة التي أقرتها ألمانيا ضد التنظيم، بخروج عدد من الجمعيات التابعة للإخوان من المجلس الأعلى للمسلمين في البلاد، هي إجرءات "غير رسمية"، موضحاً أنّ ما حدث هو أنّ المجلس الذي تعمل تحت مظلته مئات الجمعيات التابعة للجاليات الإسلامية في ألمانيا طالب بعض هذه المؤسسات منذ فترة بتقنين أوضاعها، بعد حملة مراجعة دقيقة منذ عام 2016، وطالب تلك الجميعات بالإفصاح عن مصادر تمويلها والجهات التي تتعامل معها، ولكنّها امتنعت عن ذلك، وبناء عليه تم قرار الفصل.

مناورة إخوانية للإفلات من الملاحقة

ويرى سلطان أهمية أن تتخذ الحكومات الأوروبية، خاصة في الدول التي ينشط فيها الإخوان بشكل كبير مثل بريطانيا، إجراءات مماثلة لمحاصرة نشاط التنظيم، وتتبع مصادر تمويله، خاصة أنّ الأعوام الماضية قد كشفت جانباً كان الإخوان يحاولون إخفاءه طوال تاريخهم يتعلق بممارسة الجماعة للإرهاب.

 تركيا تمثل في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان راعياً نشطاً جداً لجماعة الإخوان

ووفق سلطان تواجه الجماعة إجراءات التتبع من جانب الحكومات عموماً بالتحور الدائم وتغيير سياستها ومسمياتها والتبرؤ من تبعيتها للجماعة الأم في مصر، وادعاء كونها منظمات منفصلة تمثل جهات إسلامية، مثل الجاليات الإسلامية في الدول الغربية لكنّها لا تتصل تنظيمياً بجماعة الإخوان، على حد زعمهم.

وبخصوص محاولات التنظيم للتخفي والمناورة تجاه الإجراءات الأوروبية، أورد تحليلاً نشره موقع "عين أوروبية على التطرف"، أنّ هناك مشكلة مستمرة لا تقتصر على ألمانيا فقط، تتمثل في تحديد جماعة الإخوان المسلمين؛ لأنّ هيكلها ذاته في أوروبا مصممٌ لإخفاء وجودها، ناهيك عن إيديولوجيتها وأنشطتها.

وتواجه السلطات الألمانية صعوبات وتحديات ضخمة في التعامل مع العديد من الجمعيات لتحديد انتماءاتها، خاصة أنّ القانون الألماني يكفل في الوقت ذاته حقوقاً لأيّ تنظيمات معترف بها، ومن ثم، تعمل السلطات الألمانية حثيثاً لرسم خرائط للشبكات، والروابط المالية، وناشري خطاب الكراهية، وفق التقرير.

إضافة إلى ذلك، تواجه ألمانيا (وغيرها) مشكلة أخرى، تلك التي جرى تسليط الضوء عليها مؤخراً في سؤال طُرح على برلمان الاتحاد الأوروبي: هل يمكن شنُّ حملات ضد الجماعات والتنظيمات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين بتهمة تلقي أموال وغيرها من أشكال الدعم من الخارج؟

ويجيب التحليل عن هذا التساؤل بالقول: إنّ "الثابت أنّ العديد من التنظمات الإخوانية تلقّت، وما تزال تتلقى، دعماً خارجياً ممّا يُضخم شعبيتها وقوتها الظاهرة، وبالتالي يسمح لها بالاستيلاء على المؤسسات، لا سّيما وسائل الإعلام والأقسام في الجامعات، والتمكن من التغلغل في مفاصل أخرى في المجتمع.

تركيا راعية الإخوان

 يشير التقرير إلى أنّ تركيا تمثل في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان راعياً نشطاً جداً لجماعة الإخوان، بما في ذلك تشكيلها المسلّح في سوريا وليبيا.

ولكن على الرغم من هذه التحديات، يرى التقرير أنّ ألمانيا تسير في الاتجاه الصحيح، وقد تجلت أمارات هذا التغيير في وقت سابق من هذا العام عندما سلطت المخابرات الألمانية الضوء علناً على مخاوفها بشأن جماعة الإخوان، وبالمثل فإنّ القرار الأخير الذي اتخذه المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بطرد التجمع الإسلامي في ألمانيا إحدى واجهات جماعة الإخوان المسلمين من عضويته، يعكس تغير المزاج في ألمانيا.

برلين تلحق بالركاب الأوروبي في مواجهة التنظيم

ووفق التقرير، بات من الواضح أنّ برلين تتبع النموذج الذي وضعته النمسا وفرنسا فيما يتعلق بالتعامل مع الإسلاموية "غير العنيفة"، وقد وجدت تلك الدول طرائق متطورة لتحديد هيكل الإخوان، فضلاً عن وسائل أكثر صراحة وفعالية للغاية لوقف التمويل الأجنبي للإخوان المسلمين وإمكاناتهم المتطرفة.

وأغلقت فرنسا العديد من المساجد التي تدعم إيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين، وأدخلت سياسات لفحص الأئمة، علاوة على ذلك اتخذت السويد مؤخراً، وهي دولة ذات مواقف أقل عدوانية بكثير ضد الإسلامويين، خطوات لتشديد الخناق على أنشطة الإخوان المسلمين.

وأخيراً؛ يقول التقرير إنّ ألمانيا تتحرك ضمن إجماع في أوروبا، وهي تواجه جماعة الإخوان المسلمين، وهو أمر مهم جداً لاستدامة هذه السياسة لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية.

ومن الجوانب الأخرى الجيدة في هذا التوقيت أنّ جماعة الإخوان المسلمين نفسها تتفسّخ؛ وهذا يعني أنّ أيّ تحرك من جانب تلك الدول، حتى لو كان طفيفاً، يمكن أن يكون له تأثير قوي في إضعاف جهود جماعة الإخوان المسلمين لنشر إيديولوجيتها المتطرفة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية