كيف تؤثر الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي؟

كيف تؤثر الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي؟

كيف تؤثر الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي؟


07/11/2023

 الزي الرسمي في الصباح، وفي المساء مؤتمرات عبر الإنترنت. بالنسبة إلى العقيد السابق في وحدة النخبة الإسرائيلية بوبي جيلبورد أصبح ذلك جزءا من حياته اليومية على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية.

ويقول الرجل البالغ من العمر 45 عاما، والذي عمل لمدة 26 عاما في “وحدة 8200″، وهي الاستخبارات السيبرانية الإسرائيلية “بمجرد إنهائي الخدمة، قمت بتغيير ملابسي، وركبت سيارتي أمام القاعدة العسكرية، واتصلت بعملاء في الولايات المتحدة وأوروبا”، مضيفا أنه يعمل الآن في الواقع في القطاع الخاص، لكنه عاد إلى الجيش بسبب الحرب ضد حركة حماس الإسلامية التي تحكم قطاع غزة.

ويجلس جيلبورد في مكتبه في تل أبيب مجددا منذ بضعة أيام. إنه لا يعرف كم من الوقت مضى بعد أن تم استدعاء عشرة في المئة من موظفي شركته المتخصصة في التكنولوجيات الفائقة إلى الخدمة العسكرية من بين أكثر من 300 ألف جندي احتياطي.

ويقول جيلبورد “لا يمكننا أن نتحمل التوقف عن العمل”. ولذلك يعمل العديد من زملائه من الجبهة باستخدام هواتف محمولة أو أجهزة كمبيوتر محمولة.

ويشير جيلبورد إلى أنه منذ أن بدأت الحرب في السابع من أكتوبر الماضي تم الوفاء بكل موعد نهائي لتسليم العمل، موضحا أن معظم المحادثات تُجرى الآن عبر الإنترنت، وغالبا في المساء.

وقال “العملاء متفهمون للغاية، ويعلمون أننا في حالة حرب هنا”، مشيرا إلى أن ذلك ينطبق أيضا عند انطلاق صفارات أجهزة الإنذار بهجوم صاروخي.

ويضيف “لقد أدى ذلك إلى قطع عدد هائل من الاجتماعات، ولكن هذا ما هو عليه الحال الآن”.

مؤكدا على الأهمية البالغة للحفاظ على الإنتاجية، قال جيلبورد الذي تعمل شركته في مجال الأمن السيبراني “القطاع يتطور بسرعة كبيرة إلى درجة أننا لا نستطيع أن نقول إننا سنغيب الآن ثم نعود بعد بضعة أشهر”.

قطاع التكنولوجيا الحيوي

تقديرات بأن الناتج الاقتصادي الإسرائيلي قد ينكمش بنسبة 11 في المئة على أساس سنوي في هذا الربع

يعتبر قطاع الشركات الناشئة والتكنولوجيات الفائقة في الدولة التي يبلغ تعداد سكانها عشرة ملايين نسمة قوة دافعة للاقتصاد الإسرائيلي.

وفي العام الماضي، وفقا لهيئة الابتكار الإسرائيلية، شكل القطاع أكثر من 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وحوالي 50 في المئة من الصادرات.

وتقول أندريا فرام ممثلة الرابطة الاتحادية الألمانية للشركات متوسطة الحجم (BVMW) في تل أبيب، إن الكثير من الشباب يعملون في إسرائيل وقد تم نقلهم الآن إلى الجبهة، مشيرة إلى أن للحرب أيضا عواقب مباشرة على قطاعات مثل السياحة والتجارة، حيث كانت تهيمن الوظائف ذات الدوام القصير.

وبحسب مكتب الإحصاء الإسرائيلي، فإن أكثر من نصف الشركات في البلاد تشكو من خسائر فادحة.

ويقول عيران ياشيف الخبير الاقتصادي في جامعة تل أبيب إن المزارع ومواقع البناء متوقفة تماما خاصة في المنطقة الحدودية.

وقد غادر حوالي ربع مليون إسرائيلي محلات إقامتهم بسبب الحرب. ويشارك نصفهم في برامج الإخلاء التي تمولها الحكومة، وتضاف إلى ذلك تكاليف إعادة بناء المدن المدمرة.

كما توقفت السياحة إلى حد كبير منذ بداية الحرب. وتُظهِر الشواطئ الفارغة في تل أبيب والبلدة القديمة الخاوية في القدس حجم الضرر.

ولم تعد تقريبا أي شركة طيران تسيّر رحلات إلى إسرائيل حاليا. ويتحدث مسافرون قلائل يهبطون في مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب عن صالات فارغة.

ووصل الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ أكثر من 20 عاما. ويقدر بنك “جي بي مورغان” الأميركي أن الناتج الاقتصادي الإسرائيلي قد ينكمش بنسبة 11 في المئة على أساس سنوي في هذا الربع.

ووفقا للخبير الاقتصادي ياشيف لا يزال من السابق لأوانه وضع توقعات، حيث قال “كل شيء يتوقف على المسار المستقبلي للحرب”، موضحا أن العواقب على الاقتصاد الإسرائيلي قد تكون أشد فداحة مما كانت عليه في حروب سابقة.

وأشار إلى أن العامل الحاسم هنا هو ما إذا كانت الأوضاع ستتفاقم في جبهات أخرى، مثل الجبهة مع ميليشيات حزب الله اللبناني، أو ما إذا كانت إيران ستتدخل بشكل أكثر مباشرة في الحرب.

وذكرت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية، الأحد، نقلا عن أرقام أولية لوزارة المالية، أن “كلفة” الحرب التي تخوضها إسرائيل أمام حركة حماس في قطاع غزة ستبلغ “ما يصل إلى 200 مليار شيكل (51 مليار دولار)”.

وقالت الصحيفة إن تقدير التكاليف يستند إلى “احتمال استمرار الحرب من 8 إلى 12 شهرا، مع اقتصار الأمر على غزة دون مشاركة كاملة لحزب الله اللبناني أو إيران أو الحوثيين باليمن، وكذلك على أساس العودة السريعة لنحو 350 ألف إسرائيلي تم تجنيدهم في قوات الاحتياط إلى العمل قريبا”.

وأضافت “كالكاليست” أن “نصف الكلفة ستكون في نفقات الدفاع، التي تصل إلى نحو مليار شيكل يوميا (254.7 مليار دولار أميركي)”.

وستتراوح كلفة الخسائر في الإيرادات “بين 40 و60 مليار شيكل أخرى (10 – 15 مليار دولار)، إلى جانب ما بين 17 و20 مليار شيكل (4.3 – 5 مليارات دولار) ستتكبدها إسرائيل، على شكل تعويضات للشركات، و10 إلى 20 مليار شيكل لإعادة التأهيل”.

وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قد قال في وقت سابق إن “الحكومة الإسرائيلية تعد حزمة مساعدات اقتصادية للمتضررين من الهجمات الفلسطينية، والتي ستكون أكبر وأوسع” مما كانت عليه خلال جائحة كوفيد – 19.

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن الدولة “ملتزمة بمساعدة جميع المتضررين”. وأضاف “توجيهاتي واضحة.. افتحوا الصنابير ووجهوا الأموال لمن يحتاجها”، دون أن يذكر أرقاما.

وأردف “تماما مثلما فعلنا خلال أزمة كوفيد. في العقد الماضي بنينا هنا اقتصادا قويا جدا، وحتى لو فرضت الحرب علينا خسائر اقتصادية، كما تفعل الآن، فسندفعها دون تردد”.

تداعيات مباشرة على الشركات

تؤثر الحرب أيضا على الشركات الألمانية العاملة في إسرائيل. وتقول فرام “تتبنى بعض الشركات لأول مرة نهجا حذرا عبر التمهل في القيام بالاستثمارات المخطط لها (…) لقد غادرت بالفعل العديد من العمالة المغتربة وتعمل حاليا من ألمانيا”.

ومع ذلك لا تلاحظ فرام أن الشركات تتخلى الآن عن أعمالها في إسرائيل على نطاق واسع، مشيرة إلى أن هناك علاقات وثيقة بين الشركات متوسطة الحجم في إسرائيل وألمانيا، خاصة في قطاع التكنولوجيات الفائقة.

وتقول فرام “نحن نعمل الآن على إعادة جدولة المؤتمرات والفعاليات المخطط لها خلال الأشهر المقبلة بين شركات التكنولوجيات الفائقة والشركات الصناعية أو إرجائها إلى أجل غير مسمى”.

وتتمتع ألمانيا وإسرائيل بعلاقات اقتصادية وثيقة، على الرغم من أن إسرائيل شريك تجاري صغير نسبيا للجمهورية الاتحادية.

ووفقا للبنك المركزي الألماني فإن هناك 103 شركات ألمانية لديها فروع في إسرائيل، حيث يعمل حوالي 10 آلاف موظف.

وبسبب الحرب تم بالفعل اتخاذ إجراءات احترازية في ألمانيا. ويقوم معهد بون الاتحادي للأدوية والمنتجات الطبية بتحليل مخاطر محتملة لتوقف تسليم بضائع من إسرائيل.

وبحسب بيانات المعهد، فإنه من المحتمل أن تكون هناك “ظروف تقييدية” تخص توريد ثماني مواد فعالة، والتي يتم التحقق من وضعها بشكل خاص حاليا. وتقول شركة الأدوية الإسرائيلية “تيفا” إن الإنتاج “لا يزال غير متأثر إلى حد كبير”.

ولدى الشركة التي تعتبر رائدة عالميا في مجال الأدوية البديلة وتمثلها في ألمانيا شركة “راتسيوفارم” خطط طوارئ تتضمن مواقع إنتاج احتياطية.

تفاؤل رغم الحرب

أعرب رئيس البنك المركزي الإسرائيلي أمير يارون عن تفاؤله رغم كل شيء، حيث قال “الاقتصاد الإسرائيلي قوي ومستقر”، مضيفا أنه أصبح من المألوف معرفة كيفية التعافي من الأوقات الصعبة والعودة بسرعة إلى الرخاء. وأضاف “ليس لدي شك في أن هذا سيكون هو الحال هذه المرة أيضا”.

والعقيد بوبي جيلبورد مقتنع بذلك أيضا ويلاحظ الكثير من الإبداع. ويقول جيلبورد “يتصل بي جنود من الجبهة ويقولون إن لديهم هذه الفكرة الجديدة أو تلك”، مضيفا أنه على يقين من أن واحدة أو اثنتين منها ستؤدي إلى إنشاء شركات جديدة بعد الحرب.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية