كيف تؤثر الأوضاع الداخلية في إيران على سياسات خامنئي الإقليمية؟

كيف تؤثر الأوضاع الداخلية في إيران على سياسات خامنئي الإقليمية؟

كيف تؤثر الأوضاع الداخلية في إيران على سياسات خامنئي الإقليمية؟


23/01/2024

رنا نمر

ذهبت الحرب في غزة إلى حيث كان الكثيرون يخشون أن تصل، إذ توسعت لتتحول لصراع في لبنان وسوريا والعراق والبحر الأحمر.

ومع الضربات الأمريكية المتكررة ضد الحوثيين في اليمن هذا الشهر، تتزايد بشكل مضطرد المخاوف من اندلاع حريق إقليمي أكبر.

ويقول الباحثان رويل مارك غيريتش وراي تقية في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز" إن إيران حاضرة في كل من هذه الساحات، والسؤال هو ما إذا كانت طهران وجيشها القوي سيدخلان في حرب أوسع نطاقاً.

تمويل وأسلحة

لسنوات، قدمت إيران التمويل أو الأسلحة أو التدريب لحزب الله والحوثيين، وشنت إيران أيضاً ضرباتها الخاصة في الأيام الأخيرة رداً على تفجير كرمان في وقت سابق من هذا الشهر، بدعوى استهداف مقرات التجسس الإسرائيلية في العراق وتنظيم "داعش" في سوريا، كما تبادلت الضربات مع باكستان عبر حدودهما المشتركة.

وبينما تستعرض إيران بوضوح قوتها العسكرية وسط الاضطرابات الإقليمية، فإن هذا لا يعني أن قادتها يريدون الانجرار إلى حرب أوسع نطاقاً، لقد قالوا ذلك علناً، وربما الأهم من ذلك، أنهم تجنبوا بدقة القيام بعمل عسكري مباشر ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة.

ويبدو أن النظام راضٍ في الوقت الحالي بالاعتماد على استراتيجيته الطويلة الأمد المتمثلة في الحرب بالوكالة، فالجماعات التي يدعمها تقاتل أعداء إيران، وحتى الآن، لم تبد إسرائيل ولا الولايات المتحدة أي اهتمام بالانتقام المباشر، بحسب التقرير. 

وفي صلب تردد إيران من الدخول في صراع كبير تكمن القضايا الداخلية التي كانت تشغل بال النظام، إذ يسعى المرشد الأعلى المسن، علي خامنئي، إلى تأمين إرثه ــ من خلال التغلب على الرياح السياسية المعاكسة لتنصيب خليفة له تفكير مماثل، والسعي إلى امتلاك سلاح نووي، وضمان بقاء النظام يهيمن على الشرق الأوسط، وهذا يعني عدم الانجرار إلى حرب أوسع.

وتحاول حكومة خامنئي إبقاء معارضتها السياسية تحت السيطرة منذ عام 2022، عندما واجهت إيران ربما أخطر انتفاضة منذ الثورة الإسلامية، بعد أحداث مهسا أميني. 

ويقول الباحثان إنه حتى في ظل ظروف أقل خطورة، فإن الخلافة ستكون مهمة حساسة في إيران، ذلك أن المرة الوحيدة الأخرى التي اضطرت فيها الجمهورية الإسلامية إلى اختيار مرشد أعلى جديد منذ تأسيسها في عام 1979 كانت في عام 1989، عندما توفي آية الله روح الله الخميني.

وفي ذلك الوقت، كان خامنئي يشعر بالقلق من أنه ما لم ينجح النظام في تنفيذ العملية بشكل صحيح، فإن المعارضة ستستغل الفراغ في القمة للإطاحة بالحكومة الدينية الناشئة.

مجلس الخبراء

ويتمتع مجلس الخبراء الإيراني، وهو هيئة تتألف من 88 من رجال الدين المسنين، بصلاحيات دستورية لاختيار المرشد الأعلى المقبل.

وهذه العملية محاط بالسرية، لكن التقارير الأخيرة في وسائل الإعلام الإيرانية أشارت إلى أن لجنة مكونة من 3 رجال هم: الرئيس إبراهيم رئيسي، وعضوي المجلس آية الله أحمد خاتمي وآية الله رحيم تافكول.

وبالنسبة لخامنئي، فإن شخصاً متشدداً سيكون المرشح الوحيد المناسب لمواصلة سعي إيران للهيمنة الإقليمية، أو الاحتفاظ بجزء رئيسي آخر من إرثه والمتمثل بالسعي للحصول على سلاح نووي.

وبينما يركز العالم على الحربين في أوكرانيا وغزة، تقترب طهران من القنبلة النووية، حيث تقوم بتخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى، وبناء أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً، وتحسين مدى الصواريخ الباليستية وحمولتها.

وفي الوقت الذي تبدو فيه القنبلة النووية قريبة إلى حد مثير للقلق، فمن غير المرجح أن يعرض خامنئي هذا التقدم للخطر من خلال سلوك قد يستدعي توجيه ضربة إلى تلك المنشآت.

وفيما يشرف على البحث عن الخلافة وطموحات إيران النووية، يبدو أن  خامنئي راضٍ، في الوقت الحالي، بالسماح للميليشيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط بالقيام بما كانت طهران تدفع لهم وتدربهم على القيام به.

وبالنسبة لخامنئي، فإن الجبهة الداخلية ستكون لها الغلبة دائماً على المشاكل في الجوار، 

حسابات خاطئة

وبحسب التحليل، كلما زاد الصراع الذي تنخرط فيه إيران - بشكل مباشر أو غير مباشر - زاد أيضاً احتمال أن تؤدي ضربة سيئة إلى خروج العنف عن نطاق السيطرة في اتجاه لا تفضله إيران، فالتاريخ مليء بالحسابات الخاطئة، وهناك احتمال حقيقي بأن تجد إيران نفسها منجرفة إلى الصراع الأكبر الذي سعت إلى تجنبه.

لكن المرشد الأعلى لإيران هو الحاكم الأطول خدمة في الشرق الأوسط على وجه التحديد بسبب قدرته الغريبة على مزج التشدد بالحذر، وبعبارة أخرى، يعرف خامنئي حدوده، ويعرف الإرث الذي يحتاج إلى تأمينه حتى ينجو النظام الذي أسسه من تداعيات وفاته.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية