كيف أصبحت الإمارات في عهد الشيخ خليفة وجهة المثقف العربي؟

كيف أصبحت الإمارات في عهد الشيخ خليفة وجهة المثقف العربي؟


15/05/2022

يظلّ منجز الراحل الشيخ خليفة بن زايد الثقافي عصياً على الحصر، لكن من المؤكّد أنّ إرثه الثقافي سيستمرّ لسنوات، وتكون أبوظبي وجهة المثقف العربي ونقطة التقائه بالعالم.

أدرك الراحل منذ لحظة تأسيس الاتحاد أنّ سلاح الثقافة والفنّ هو أحد أهم سبل التحدي والنهضة الإماراتية، لذا شهدت الثقافة في عهده نهضة حقيقية رسخت الإمارات كإحدى المنارات الثقافية العربية المهمة.

في عهد الشيخ خليفة بن زايد تأسّست العديد من المشاريع الثقافية والفنية والمؤسسات المعنية بالتراث؛ ومن بينها معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي صار من أكثر معارض الكتب طموحاً وأسرعها نمواً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأصبحت أبوظبي قوة داعمة لحركة التطوير المهني والتجاري لصناعة النشر في المنطقة.

وتأتي بعد ذلك مبادرة مشروع "كلمة" الطموح غير الربحي، وهي موجهة لتمويل ترجمة ونشر وتوزيع أهم الأعمال من المؤلفات الكلاسيكية والمعاصرة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، ويركّز مشروع "كلمة" عمله على أربعة مجالات رئيسة، وهي تمويل ترجمة العناوين المميزة إلى اللغة العربية ونشرها وتوزيعها، بالإضافة إلى التعاون مع مجموعة من دور النشر المشهورة في العالم العربي، وتعزيز مبادرات التسويق والتوزيع من خلال مساندة قنوات توزيع جديدة وتقوية القنوات القائمة حالياً، ومساندة صناعة الكتاب في العالم العربي وترويجها في الساحة الدولية.

وفي عهد الشيخ خليفة بن زايد انطلق مهرجان "شاعر المليون"، المهرجان الشعري الذي يهدف إلى دعم تراث الشعر النبطي للمنطقة العربية، فازدادت شعبيته وتقديره لدى الملايين من الناس، ويعدّ هذا المشروع من أهم المشاريع الثقافية الإعلامية وأكثرها نجاحاً في منطقة الشرق الأوسط، حيث يسجّل نسبة متابعة عالية في كلّ حلقة من حلقاته الأسبوعية.

الإمارات عاصمة ثقافية

مؤسس ومدير بيت الحكمة للاستثمارات الثقافية في مصر والإمارات، أحمد السعيد، يرى أنّ الشيخ خليفة هو من دشّن الإمارات عاصمة ثقافية، وأنّها صارت في عهده صاحبة دور ثقافي كبير جداً.

 السعيد: الشيخ خليفة هو من دشّن الإمارات عاصمة ثقافية

يوضح أحمد السعيد، في تصريح لـ "حفريات": "في عهد الراحل الشيخ خليفة صارت جائزة الشيخ زايد واحدة من أهم الجوائز الأدبية، إلى جانب جائزة البوكر، أضف إلى ذلك تأسيس 3 مهرجانات عالمية للسينما في دبي وأبو ظبي، إلى جانب 3 معارض للكتاب، استمرّ منهم اثنان دوليان، ولهما تأثير كبير جداً في قطاع النشر في العالم، وهما معرض الشارقة ومعرض أبوظبي".

يشير أحمد السعيد إلى اهتمام الشيخ خليفة بالتنوع الثقافي في المنطقة العربية، وإلى تعدّد علاقاته الثقافية عربياً: "كان دائماً حاضراً؛ لذلك تجد أنّ الإمارات دائماً مشاركه في المشروعات الثقافية".

الراحل الشيخ خليفة كان قائداً ورائداً لحركة تغيير سياسي واجتماعي وثقافي، واستطاع قيادة دولة الإمارات والانطلاق بها من التأسيس إلى التمكين على نسق متفرّد

ونوّه السعيد إلى دور الشيخ خليفة في التعليم: "التركيز على التعليم من خلال تأسيسه لجامعة خليفة واستحداث أقسام هي الوحيدة من نوعها في الشرق الأوسط، مثل الهندسة النووية وهندسة الطاقة البديلة، وغيرها من المشروعات والتخصصات المختلفة التي حوّلت الإمارات إلى مجتمع يركز على الإبداع، وهي مسألة مهمة جداً".

ينبّه السعيد أيضاً إلى اهتمام الشيخ خليفة بن زايد بالمثقف الإماراتي وتعاونه وتجاوبه مع العالم والانفتاح على دول كثيرة، مثل آسيا والصين تحديداً: "الإمارات على أرضها معبّد بوذي ومعبد يهودي. فكرة التنوع الثقافي والحالة التي أحدثها في الإمارات، ونقلها إلى ساحة عالمية تشبه هونج كونج في عصرها الذهبي. أعتقد أنّ كلّ ذلك إنجازات لن ينساها العالم للشيخ خليفة".

قائد حركة التغيير الثقافي

الصحفي السوداني فاضل أبو عاقلة يرى أنّ أهمية الحديث عن الراحل الشيخ خليفة تأتي بوصفه قائداً ورائداً لحركة تغيير سياسي واجتماعي وثقافي، واستطاع قيادة دولة الإمارات والانطلاق بها من التأسيس إلى التمكين على نسق متفرّد، لأنه "كان شخصية لعبت دوراً سياسياً وفكرياً واجتماعياً واقتصادياً مهماً".

أبو عاقلة: الشيخ خليفة استصحب الثقافة في بناء وتمكين دولته

يضيف أبو عاقلة، في تصريح لـ "حفريات" معرفة الراحل "بفنون التفاوض والاتصال، لما يتمتّع به من ذكاء وقّاد، ووضوح في الرؤى، وصفاء في الروح، كلّ ذلك مكّنه من ممارسة سلوكية راقية، ارتفعت به إلى درجة عالية من علوم القوم ومعارفهم وتجاربهم الثرّة، ولا عجب إن كانت الثقافة نبعه الفياض الذي يستمدّ منه قدراته، التي استجاب لها ولأطروحاتها القاصي والداني بمختلف مستوياتهم الفكرية والاجتماعية".   

الشيخ خليفة، أيضاً، بحسب أبو عاقلة، استصحب الثقافة في بناء وتمكين دولته، لافتاً إلى أنه "حرص على استكشاف مواقع القوة فيها ليعضّ عليها بالنواجذ، ومواقع الخلل لإصلاحها، وحتى لا يلتمس الهدى مما عند غيره، عدّ الثقافة مصدر إلهام، يستمدّ منه عوامل العزّة والصمود والثبات والتحدّي، في عالم مضطّرب القيم، وفي أمةٍ مواجَهة بغزو ثقافي، تستخدم فيه كلّ أساليب التقنية الحديثة لطمس هوية شعوبها، واستئصالها من جذورها".

الباحث أحمد السعيد، لـ "حفريات": في عهد الراحل الشيخ خليفة صارت جائزة الشيخ زايد واحدة من أهم الجوائز الأدبية، إلى جانب جائزة البوكر والمهرجانات السينمائية ومعارض الكتاب

يشير أبو عاقلة إلى أنّ مشروع الشيخ خليفة بن زايد الثقافي كان مشروعاً متوازناً بين الحفاظ على ثقافة شعبه والترحيب بالثقافات العالمية مختلفة المشارب؛ بل وجعل أبوظبي وجهتها.                                                                      

يضيف أبو عاقلة: "وفق هذا المنهج، الذي أرسى دعائمه الوالد المؤسس الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، انطلق خليفة بن زايد، رحمه الله، من بعده في العمل على صون الثقافة المحلية، وتعزيز مكانتها، محلياً وإقليمياً، وكانت البداية إحياء الصروح التي أعيد إليها رونقها، مثل: قلعة الجاهلي في مدينة العين، وقلعة المربعة، وواحة العين، وقصر الحصن بجزيرة أبوظبي، مركز حكم أسرة آل نهيان. وفي عهده تمّ العثور على أكثر من 500 أثر تاريخي؛ حيث يقع أكبر مجمّع أثري للعصر البرونزي في دولة الإمارات في منطقة هيلي بمدينة العين، ويعود تاريخه إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد".

ترميم الآثار وحفظ التراث

الناقد الفني مصطفى الكيلاني ثمّن الدور الثقافي المهم للشيخ خليفة بن زايد، وكيف أنّه في عهد الراحل نشطت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وقدّمت تمويلات لعدد كبير من المشاريع الثقافية وترميم الآثار وحفظ التراث.

الكيلاني: في عهد الشيخ خليفة، دُعي إلى تأسيس رابطة أبوظبي الدولية للتصوير الفوتوغرافي

 يضيف الكيلاني، في تصريح لـ "حفريات": "في عهده أيضاً انطلق مهرجان أبوظبي السينمائي، عام 2007، وانطلقت لجنة أبوظبي للأفلام، وهي مبادرة أطلقتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في يناير 2009، بهدف دعم وتطوير صناعة السينما والتلفزيون في أبوظبي ورعاية المواهب الجديدة والمساهمة في الترويج لثقافة أبوظبي من خلال السينما. وتمّ تأسيس أول أكاديمية للسينما معتمدة في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها قاعدة جيدة تنطلق منها عملية دعم المواهب الشابة وتطوير صناعة الأفلام".

ويشير الكيلاني إلى أنّه، في عهد الشيخ خليفة، دُعي إلى تأسيس رابطة أبوظبي الدولية للتصوير الفوتوغرافي، في كانون الثاني (يناير) 2008، وجاءت أهدافها لخدمة فنّ التصوير الفوتوغرافي، وتقديم كلّ الدعم وإتاحة الإمكانيات لمحبّي الفوتوغرافيا.

ولفت الكيلاني إلى اهتمام الشيخ خليفة بالمتاحف والتراث: "أنشئت خمسة متاحف، أولها: متحف الشيخ زايد الوطني الذي تمّ تشييده ضمن المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، ومتحف جوجنهايم أبوظبي للفنّ المعاصر، ومتحف لوفر أبوظبي، ودار المسارح والفنون، والمتحف البحري".

مواضيع ذات صلة:

في عهد الشيخ خليفة بن زايد.. الإمارات تدعم المشهد الثقافي محلياً وعربياً وعالمياً

في عهد الشيخ خليفة بن زايد.. اقتصاد الإمارات من أقوى الاقتصادات العالمية

أبرز إنجازات الشيخ خليفة خليجياً وعربياً ودولياً



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية