
جريمة صادمة هزت أرجاء مصر، بعد ضبط أم بالشرقية اتهمت بقتل ابنها وتقطيعه إلى أشلاء صغيرة، ونيتها طهي جزء منه لتأكله، قبل أن تلقي السلطات الأمنية القبض عليها، في جريمة لا يمكن أن يصدقها عقل البشر، حتى لو شوهدت في أحد أفلام الرعب الأكثر دموية، لكنّها وللأسف قد وقعت بالفعل بإحدى المحافظات المصرية، وما تزال التفاصيل التي تكشفها تحقيقات النيابة التي تجري في الوقت الراهن تكشف جوانب كارثية للجريمة الأكثر رعباً، كما يصفها الإعلام المصري.
البداية كانت مع تداول منشور بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، منذ مساء الجمعة الماضي، يفيد بقتل سيدة مطلقة لطفلها البالغ من العمر (5) أعوام، ثم تمزيق جسده وتحضير جزء منه لتأكله، لكنّ ردود الفعل جاءت منقسمة بين تصديق الخبر وتكذيبه، لبشاعته، إلى أن تدخلت النيابة العامة المصرية، وقطعت بثبوت واقعة القتل، لكنّها نفت بعض التفصيلات الأخرى التي جاءت ببعض المنشورات المتداولة بخصوص الواقعة، وقالت إنّ التحقيقات تجري على قدم وساق مع الأم القاتلة في الوقت الراهن للوقوف على الدوافع ومعرفة التفاصيل.
تفاصيل مروعة
أوضح البيان الصادر عن النيابة العامة بمصر تفاصيل الجريمة المروعة التي شهدها أحد المراكز التابعة لمحافظة الشرقية، حيث أوضح أنّ "النيابة قد تلقت إخطاراً من الشرطة مساء الخميس الماضي مفاده قتل المتهمة ابنها وتقطيعها جسده وإخفاء الأشلاء بمسكنها، فبادرت النيابة العامة بسرعة بالانتقال إلى مسرح الجريمة للمعاينة".
وتابعت: "بالتزامن مع ذلك بدأت بسرعة باستجواب المتهمة وسؤال الشاهد الذي اكتشف الواقعة وأبلغ الشرطة عنها، وقد شكلت النيابة العامة فريقيْن؛ انتقل أحدهما إلى مسرح الجريمة في رفقة الطبيب الشرعي وخبراء الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية بعد تمام التحفظ على مسرح الجريمة، حيث تمتْ معاينته بدقة على مدار ساعات متواصلة عثر خلالها على كافة أشلاء وأجزاء جسد المجني عليه، وعثر على سلاحي الجريمة وآثار لها بكافة أرجاء المسكن".
ووفق البيان، كشفت المعاينة الجنائية عن الكيفية التي حاولت المتهمة بها إخفاء الأشلاء والعبث في هويتها، بينما اختص الفريق الآخر باستجواب المتهمة التي أقرتْ بتفصيلات ارتكابها الجريمة، وبواعثها وراء ارتكابها، وقصدها منها، وكيفية تخطيطها وتنفيذها هذا المخطط، وأجرت محاكاة لكيفية ارتكابها الجريمة بمسرح الواقعة، كما قام الفريق نفسه في الوقت ذاته بسؤال الشاهد الذي اكتشف الواقعة بعدما حاولت المتهمة إثناءه مرتيْن عن التواجد في مسرح الجريمة يوم اكتشافها".
مفاجأة حول سلامة الأم النفسية والعقلية
كان من اللافت تركيز بيان النيابة المصرية الصادر مساء السبت على سلامة القوى العقلية والنفسية للأم القاتلة، وتلك كانت الصدمة الثانية في القضية التي من المتوقع أن تحمل العديد من المفاجآت، لأنّ المبرر الوحيد الذي قد يتوارد إلى الذهن بعد سماع مثل هذه الجريمة، أنّه من المؤكد أنّ الأم تعاني مشكلة عقلية، أو فعلت ذلك الجرم الكبير وهي غير واعية أو مدركة.
وأورد البيان الصادر عن النيابية المصرية في هذا الصدد: "لاحظت النيابة العامة وتابعت عن كثب ما تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المختلفة من تكهنات وتأويلات كاذبة وغير صحيحة، إمّا عن كيفية ارتكاب الواقعة، وإمّا سببها أو الباعث من ورائها، بل استطالت، دون سند جازم، إلى ادعاء اختلال القوى العقلية للمتهمة أو صحتها النفسية كسبب لارتكابها للجريمة".
بعد نفي النيابة احتمالية الخلل النفسي أو الاضطراب العقلي عن المتهمة، ذهبت بعض التفسيرات الطبية إلى احتمال تعاطي الأم للمواد المخدرة، وأنّها ارتكبت الجريمة في غير وعيها تحت تأثير المخدر
وتابعت: "هذا الأمر لم تسفر عنه التحقيقات حتى ساعته وتاريخه، بل توصلتْ إلى عكسه، حيث رجحت شواهد وأمارات عديدة، سواء خلال إجراءات المعاينة، أو استجواب المتهمة، أو سؤال الشهود، رجحان سلامة قواها العقلية والنفسية، وهو الأمر الذي تسعى النيابة العامة إلى التحقق منه على نحو يقيني بإجراءات قانونية رسمية محددة".
فتش عن المخدرات
بعد نفي النيابة احتمالية الخلل النفسي أو الاضطراب العقلي عن المتهمة، ذهبت بعض التفسيرات الطبية إلى احتمال تعاطي الأم للمواد المخدرة، وأنّها ارتكبت الجريمة في غير وعيها تحت تأثير المخدر.
وفي هذا السياق، قال الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي لموقع (القاهرة24): إنّه "لا يمكن لأيّ أم أن تتخلى عن عاطفة الأمومة، وترتكب مثل هذه الجريمة البشعة، حتى وإن كانت تعاني من تخلف عقلي، أو كانت تعاني من ضعف القدرات العقلية، مشيراً إلى أنّ هناك بعض الحالات المرضية العصبية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى ارتكاب جرائم القتل.
وأشار فرويز إلى أنّ الإصابة بالصرع لفترات طويلة من الوقت يمكن أن ينتج عنها اضطراب ذهاني، ومن ثم ارتفاع مستويات الدوبامين، ممّا يؤدي إلى الإصابة بالهلاوس السمعية والبصرية بالإضافة إلى اضطرابات التفكير، وكل هذه الأمور تعطي المخ إشارات وتتحكم في الحالة المزاجية، ويمكن أن تكون دافعاً قوياً للقتل.
وأضاف فرويز: "إذا كانت القاتلة لا تعاني من تاريخ مرضي، فربما تكون تحت تأثير أحد أنواع المخدرات المستحدثة، خاصة أنّ المخدرات يمكن أن تجرد الشخص من المشاعر والعواطف، كما أنّ لها التأثير نفسه من إحداث هلاوس سمعية وبصرية، مضيفاً: "من الصعب على أطباء الصحة النفسية تحديد شخصية المتهمة، دون الحديث معها ودراسة سلوكياتها بشكل تفصيلي، لذلك لا يمكن تحديد نمط الشخصية."
مطالب بتعديل قانون حضانة المطلقة
في إجراء سريع على الواقعة، طالبت دوائر قانونية بتعديل قانون حضانة الأم المطلقة على الأطفال، وقال المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة شعبان سعيد، في تصريح لموقع (سكاي نيوز): إنّه لا بدّ من النظر في قانون الأحوال الشخصية بشأن مسألة الحضانة التلقائية للأم، ويجب أن تكون الحضانة للأكفأ والأصلح والأصح بدنياً ونفسياً، وليس لتفضيل طرف على الآخر.
ودعا سعيد إلى ضرورة وجود نص ملزم يوجب إجراء الفحص النفسي والعقلي للزوجين في حال الانفصال، خصوصاً أنّه في الآونة الأخيرة صُدم المجتمع بقيام نساء من طبقات وثقافات ومستويات اجتماعية مختلفة بقتل أطفالهن، ممّا يدل على أنّ هناك شكّاً في قاعدة أنّ الأم أو النساء هنّ الأصلح لحضانة الأطفال.
جمال فرويز: إذا كانت القاتلة لا تعاني من تاريخ مرضي، فربما تكون تحت تأثير أحد أنواع المخدرات المستحدثة، خاصة أنّ المخدرات يمكن أن تجرد الشخص من المشاعر والعواطف، كما أنّ لها التأثير نفسه من إحداث هلاوس سمعية وبصرية
وأوضح أنّه من واقع عمله وخبرته كثيراً ما وجد الرجل بعد الطلاق يطعن في السلامة العقلية والنفسية لمطلقته ومدى صلاحيتها لحضانة الأطفال، في وقت بات واجباً بعد الطلاق إحالة الطرفين إلى الطب الشرعي لبيان مدى صلاحيتهما نفسياً وعقلياً، ولا بدّ من النص قانوناً على هذا الأمر حتى يسير عليه القاضي بطريقة إلزامية.