قبل أيام من انتهاء الهدنة في اليمن.. ارتباك الحوثي وتراجع نفوذ الإخوان

قبل أيام من انتهاء الهدنة في اليمن.. ارتباك الحوثي وتراجع نفوذ الإخوان


31/05/2022

سلّط تقرير جديد صدر بالإنجليزية منذ أيام عن مؤسسة المونيتور الإخبارية الأمريكية الضوء على الأوضاع الحالية في اليمن، بعد أن انحسر مدّ الحرب منذ أوائل نيسان (أبريل) الماضي، واختفت الاشتباكات المسلّحة اليومية، وكذلك الضربات الجوية؛ بفضل الهدنة التي تمّت تحت رعاية الأمم المتحدة لمدة شهرين، والتي توصلت إليها الأطراف المتحاربة في اليمن في آذار (مارس) الماضي، ممّا أدى إلى انخفاض عدد الضحايا المدنيين، وتراجع أزمة الوقود.

أيام متبقية على انتهاء وقف إطلاق النار، وبمجرد أن تنتهي الهدنة قد يتجدد القتال في اليمن، ما لم تُطرح المزيد من مبادرات السلام، لتجنيب هذا البلد المزيد من إراقة الدماء.

وبحسب تقرير "المونيتور"، فإنّ الحرب إن بدأت من جديد، فإنّها سوف تضع جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في مواجهة مجلس القيادة الرئاسي المدعوم من السعودية، والذي تم إعلانه في 7 نيسان (أبريل) الماضي باعتباره الممثل الجديد للحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة.

مجلس رئاسي بنكهة المؤتمر الشعبي

يرأس هذا المجلس رشاد العليمي وزير الداخلية السابق، الذي ينتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، وهو الحزب الذي يحمّله البعض مسؤولية تمهيد الطريق لاستيلاء الحوثيين على صنعاء في العام 2014، بعد أن دخل في شراكات لحكم المناطق الواقعة تحت سيطرتهم حقناً للدماء، وبينما استمرت جماعة الحوثي في الهيمنة على السلطة، تفكك حزب المؤتمر الشعبي العام. ومع ذلك، يرى خبراء أنّ تكوين مجلس القيادة الرئاسي الجديد، هو إحياء ذكي للمؤتمر الشعبي العام، من شأنه أن يؤدي إلى إرباك الحوثيين في الأشهر المقبلة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي

يمارس المجلس مهامه من عدن، وقد عاد وزراء الحكومة وأعضاء البرلمان أيضاً إليها، وهو تطور إيجابي على الأرض، حيث منح وجود الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، والحكومة والبرلمان في المنفى، منذ عام 2015، الفرصة للحوثيين لبسط نفوذهم سياسياً وعسكرياً بشكل أفضل. وعليه، فإنّ الوجود المستمر للمجلس الرئاسي على الأرض في اليمن سوف يفرض بالضرورة سيناريوهات جديدة سياسياً وعسكرياً.

 

مقاتل حوثي: لا يمكنني التقليل من شأن قوات الخصوم خاصة إذا قاتلونا بشكل جماعي لأنّ انقساماتهم هي سرّ قوتنا

 

من جانبه، قال الباحث والمعلق السياسي اليمني عادل الدشيلة لـ "المونيتور": إنّ هناك محاولة لإعادة الشخصيات السياسية البارزة التي عملت ضمن نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، والتي تمتلك خبرة كبيرة في إدارة الأزمات السياسية. وأشار الدشيلة إلى أنّ المشهد السياسي والعسكري قد تغير، وتضاعفت أعداد الميليشيات المسلحة في عموم البلاد. مستطرداً: "من الصعب إعادة نظام صالح كما كان، ومع ذلك يمكن أن يكون المؤتمر الشعبي العام شريكاً في أيّ صفقة، وهذا أمر ممكن ومهم".

الإخوان في موقف مرتبك

على مدار الأعوام الـ7 الماضية من الحرب، كان يُنظر إلى حزب الإصلاح، الذراع السياسية للإخوان، على أنّه الحزب الذي أثر على قرارات الرئيس السابق هادي. وبالتالي، لم يقدّم التحالف الذي تقوده السعودية الدعم السياسي الكافي للرئيس الذي ظلّ في المنفى، غير قادر على العودة إلى دياره بسبب المخاطر الأمنية، والظروف غير المستقرة في المناطق الخالية من الحوثيين، بحسب تقرير "المونيتور".

 كان وجود المجلس الانتقالي الجنوبي ونشاطه على الأرض شوكة في حلق الإخوان، وهو الأمر الذي كان يزعج أيضاً حكومة الرئيس هادي، لكنّ أنشطة الانتقالي الجنوبي أسهمت إلى حد كبير في إضعاف حزب الإصلاح الإخواني، ومنعه من الهيمنة على السلطة، وربما كان وجود الإخوان ضمن الشرعية من أبرز عوامل التناقض داخل نظام الرئيس السابق؛ فنائب الرئيس السابق علي محسن الأحمر ينتمي إلى حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان، المصنّفة إرهابية في الإمارات والسعودية، وهما العضوان الرئيسيان في التحالف العربي في اليمن.

 

مجلس القيادة الجديد يمكنه أن يحدث الفرق في اليمن حيث يقوده شخصية من المؤتمر الشعبي العام الذي يتمتع بشعبية واسعة في جميع أنحاء البلاد، ويتمتع بعلاقات جيدة مع دول مختلفة

 

على الرغم من دعم التحالف لقوات الحكومة اليمنية، من الناحية العسكرية، على مدار الأعوام الـ7 الماضية، إلا أنّ هذا الدعم، بحسب "المونيتور"، لم يقصد منه إعادة الرئيس السابق، أو نائب الرئيس إلى السلطة؛ فمع تشكيل مجلس القيادة الجديد تغير نهج الدعم من قبل التحالف، ممّا سهّل عودة المسؤولين اليمنيين إلى عدن، وتعهدت دول التحالف بتقديم (3) مليارات دولار لدعم الاقتصاد اليمني، وعليه، فإنّه من المرجح أن يؤدي تغيير استراتيجية دعم التحالف إلى نتائج مختلفة، قد تساعد على تفكيك سيطرة الحوثي، وقطع الذراع الطولى لإيران.

الحوثي يواجه معارضيه صفاً واحداً

نقل "المونيتور" في تقريره عن مصدر عسكري مطلع في صنعاء تأكيدات تفيد بأنّ المرحلة الأكثر تحدياً بالنسبة إلى جماعة الحوثي قد بدأت للتو، مضيفاً: "على مدى الأعوام الـ7 الماضية تحولت الأحزاب السياسية اليمنية إلى أعداء لبعضها البعض، الأمر الذي قدّم خدمة كبيرة للحوثيين، وساعدهم على التمدد، والآن تضافرت الأحزاب والجماعات المسلحة تحت مظلة مجلس القيادة؛ وبالتالي يصعب على الحوثيين قتالهم جميعاً وتحقيق النصر".

بمجرد أن تنتهي الهدنة قد يتجدد القتال في اليمن

وبحسب المصدر العسكري، فإنّ توحيد القيادة بين القوات المناهضة للحوثيين يمكن أن يؤدي إلى تغيير كبير على الأرض فيما يتعلق بمن يسيطر في اليمن". لكنّه أضاف أنّه إذا فشل مجلس القيادة في توحيد جماعاته المسلحة؛ فسوف يستمر التفوق العسكري للحوثيين.

ونقل تقرير "المونيتور" تصريحات على لسان بشير محمد، وهو عسكري تابع للحوثيين، عبّر فيها عن مخاوفه من أنّ هذا التحول سيمثل ضغطاً هائلاً على جماعة الحوثيين، إذا اندلع القتال في وقت واحد على الجبهات المتعددة في اليمن، حيث إنّ ذلك سوف يفرض على الحوثي القتال على الخطوط الأمامية في العديد من المحافظات في آن واحد، بما في ذلك الحديدة، والضالع، ومأرب، والبيضاء، وتعز، والجوف. وأضاف المقاتل الحوثي: "القيادة الحوثية لا تُظهر قلقها بشأن إعادة تنظيم المعارضين، وتقول إنّها مستعدة للتعامل مع أيّ سيناريو، لكن لا يمكنني التقليل من شأن قوات الخصوم، خاصة إذا قاتلونا بشكل جماعي، لأنّ انقساماتهم هي سرّ قوتنا".

 

المؤتمر الشعبي العام لا يقوم على أيّ مبادئ دينية وهذه الميزة تجعله مقبولاً من داخل وخارج اليمن وبالتالي يمكن للمجلس الرئاسي هزيمة الحوثيين عسكرياً أو دفعهم للانخراط في محادثات سلام جادة

 

وعليه، فإنّ مجلس القيادة الجديد يمكنه بالفعل أن يحدث الفرق في اليمن، حيث يقود المجلس الرئاسي الجديد شخصية من المؤتمر الشعبي العام، بكلّ ما يملكه المؤتمر من شعبية واسعة في جميع أنحاء البلاد، إضافة إلى أنّه يتمتع بعلاقات جيدة مع دول مختلفة، كما أنّ هذا الحزب لا يقوم على أيّ مبادئ دينية، وهذه الميزة تجعله مقبولاً من داخل وخارج اليمن، وبالتالي، يمكن للمجلس الرئاسي هزيمة الحوثيين عسكرياً، أو دفعهم للانخراط في محادثات سلام جادة.

وحتى الآن، من الصعب التكهن بمن سيحقق مكاسب على الأرض، إذا استؤنفت الحرب بعد انتهاء الهدنة، فإذا كان الحوثيون هم أصحاب القوة العسكرية المهيمنة في اليمن منذ العام 2015، فإنّه مع التغيير الذي حدث في السلطة في نيسان (أبريل) الماضي، فإنّ من المتوقع أن تتغير دفة الحرب لصالح الحكومة المعترف بها.

 مواضيع ذات صلة:

اليمن بين تلغيم الأرض وتفخيخ العقل... ونيران الحوثي تمتد إلى المساجد

مجلس القيادة الرئاسي اليمني.. مهام ثقيلة في لحظة فارقة

بعد تسلّمه السلطة رسمياً.. ما التحديات التي تنتظر المجلس الرئاسي اليمني؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية