قاعدة مركزية للإخوان في جنوب أفريقيا... ما أهميتها وما أهدافها؟

قاعدة مركزية للإخوان في جنوب أفريقيا... ما أهميتها وما أهدافها؟

قاعدة مركزية للإخوان في جنوب أفريقيا... ما أهميتها وما أهدافها؟


09/01/2024

في خضم الصراعات المتفاقمة داخل تنظيم الإخوان على مدار الأعوام الماضية، سعت الجبهتان المتناحرتان، في لندن وإسطنبول، لتوسيع دائرة نفوذهما خارج المساحات التقليدية، من خلال السيطرة على قواعد جديدة للتنظيم وحشد الأعضاء لصالح كلٍّ منهما، من بين هذه القواعد وربما أهمها قاعدة التنظيم المركزية في جنوب أفريقيا. 

في هذا الصدد، تتناول دراسة حديثة صادرة عن مركز (تريندز للبحوث والاستشارات) للباحث أحمد سلطان، أهمية تنظيم الإخوان في منطقة جنوب أفريقيا، وأهداف تواجده، ومساعي قادة الجبهات المتناحرة للسيطرة عليه. 

ما أهمية جنوب أفريقيا؟ 

بحسب الدراسة، شكّل التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، والذي يُشار له إعلامياً بالتنظيم الدولي، ساحة التنافس الرئيسية بين الجبهتين المتصارعتين، وسعت كل منهما لضمان ولاء أكبر عدد ممكن من مكاتب التنظيم المنتشرة حول العالم لتعزيز مكانتها ومواردها في مقابل الجبهة الأخرى. 

وقد بقي الصراع على ما تبقى من التنظيم المصري أو ما يُعرف بـ "إخوان الداخل" خافتاً لاعتبارات عدة؛ منها انشغال مسؤوليه بملف الإعاشة، وسعيهم للنأي به بعيداً عن أيّ خلافات قد تستنزف ما تبقى من قدراته الواهنة.

حظي فرع الإخوان في جنوب أفريقيا باهتمام كبير

ووسط هذه الحالة من التنافس، حظي فرع الإخوان في جنوب أفريقيا باهتمام كبير من كلتا الجبهتين، وأدت الخلافات إلى الكشف عن جزء يسير من الأدوار التي يضطلع بها هذا الفرع، والذي يمثل القيادة الإقليمية لجماعة الإخوان في جنوب القارة السمراء، كما أنَّ له دوراً بارزاً في تمويل أنشطة الجماعة، سواء عن طريق المشروعات والاستثمارات الإخوانية هناك، أو عن طريق الاشتراكات الشهرية التي تُجمع بوساطة مكتب رابطة الإخوان المصريين في جنوب أفريقيا، ويتم تحويلها إلى قيادة الجماعة العليا.

خارطة التواجد الإخواني في جنوب أفريقيا

بدأ نشاط الإخوان التنظيمي في البلاد، بحسب الباحث، على الأرجح في تسعينيات القرن الـ (20)، وتحديداً بعد إلغاء نظام الفصل العنصري "الأبارتهيد"، وهي الفترة التي اتسمت بزخم ونشاط كبير للمنظمات الإسلامية حتى سُمِّيَ القرنُ الـ (20) بـ "قرن المنظمات الإسلامية". 

ولا تُفصح جماعة الإخوان عن تاريخ وجودها وطبيعته في الكثير من الدول التي تنشط فيها، لكن هناك العديد من الشواهد التي تشير إلى أنّ بدء الوجود التنظيمي في جنوب أفريقيا يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، ومن هذه الشواهد انتقال عدد من دعاة الإخوان وكوادرها إلى البلاد واستقرارهم فيها، من أبرزهم الداعية عبد السلام بسيوني، وذلك ضمن خطة التمدد والانتشار في القارة السمراء. 

 

أخذ نشاط الإخوان في دولة جنوب أفريقيا منحى جديداً عام 2011، مستفيداً من حالة الزخم التي اكتسبتها الجماعة في مصر والمنطقة العربية، وجرى إنشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تعمل كشبكة مظلّية للجماعة في هذا البلد الأفريقي

 

وتعتمد جماعة الإخوان على استغلال العمل الدعوي للتغلغل في المجتمعات الإسلامية المحلية في الدول غير المسلمة، وتلجأ إلى العمل تحت ستار المنظمات الدعوية والاجتماعية والإغاثية وغيرها، كما تتماهى مع المنظمات القائمة بالفعل في بعض الأحيان، وذلك بشكل مؤقت حتى تجد لنفسها فرصة إنشاء منظماتها وجمعياتها الخاصة.

وقد أجرت جماعة الإخوان الأم عام 1994 تعديلاً على نظامها العام ولائحتها الخاصة بالتنظيم العالمي، وعلّلت هذا التعديل باتساع نشاط الجماعة ورغبتها في صورة أكثر اكتمالاً، وهو ما أتى في وقت متزامن مع نشاط الإخوان في جنوب أفريقيا، لذا من الممكن افتراض أنّ فرع جنوب أفريقيا كان أحد هذه الأفرع الجديدة وقتها. 

وأخذ نشاط الإخوان في دولة جنوب أفريقيا منحى جديداً عام 2011، مستفيداً من حالة الزخم التي اكتسبتها الجماعة في مصر والمنطقة العربية، وجرى إنشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تعمل كشبكة مظلّية للجماعة في هذا البلد الأفريقي.

وعلى صعيد آخر، استخدمت جماعة الإخوان جنوب أفريقيا قاعدة انطلاق لنشر دعوة الإخوان في عدد من دول جنوب القارة، ومن بينها موزمبيق وزيمبابوي وحتى مالاوي وجزر القمر وغيرها، التي ضُمت إلى قطاع جنوب أفريقيا وشرقها، وهو القيادة الإقليمية لجماعة الإخوان في المنطقة، ويتكون أيّ قطاع من دول عدة تنشط فيها فروع رسمية، أيّ معتمدة من المرشد العام ومكتب الإرشاد (العالمي) للإخوان.

من يدير نشاط الإخوان في جنوب أفريقيا؟ 

بحسب الدراسة، تدار شبكة الإخوان في جنوب أفريقيا عن طريق قيادة تنفيذية أو مكتب تنفيذي يضم قيادات مصرية بالجماعة، ويتولى هؤلاء القادة الإشراف على الفرع بما في ذلك الجمعيات والمراكز والكيانات التابعة له، والتنسيق مع الجماعة الأم (إخوان مصر) والتنظيم العالمي، كما يتحكمون في إدارة الملف المالي وعملية جمع الاشتراكات الشهرية (تُعرف بسهم الدعوة)، وهي مبالغ مالية ثابتة يدفعها كل أعضاء التنظيم وتتراوح نسبتها من 7 إلى 10% من راتب العضو الشهري.

لا تُفصح جماعة الإخوان عن تاريخ وجودها وطبيعته في الكثير من الدول التي تنشط فيها

وسبق أن شغل عضو مجلس الشورى العام بالإخوان محمد البحيري منصب مسؤول مكتب أفريقيا لأعوام عدة، ولُقب داخل الجماعة بـ "فاتح أفريقيا" لدوره في نشر فكر الإخوان في بُلدان القارة، وهذه التسمية جاءت تشبيهاً له بقادة الفتح الإسلامي الأوائل الذين نشروا الإسلام في القارة قبل قرون، وتولى إبّان رئاسته للمكتب الإشراف على فرع الجماعة في جنوب أفريقيا مع نائبه محمد هلال الحداد.

ووفقاً للمعلومات المتاحة، فإنّ المكتب التنفيذي في جنوب أفريقيا يضم عدداً من قادة الإخوان المصريين، أبرزهم محمد هنداوي، الذي شغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإيمان التابعة للجماعة في البلاد، وإيهاب صالح، ومحمد هلال الحداد، ومحمود الصعيدي، ومن المرجح أنّ القياديين الأخيرين انتقلا إلى تركيا في وقت سابق، لكن دون أن تنقطع صلاتهما بالإخوان في أفريقيا.

مؤسسات الإخوان في جنوب أفريقيا

تُعدّ مؤسسة الإيمان أهمّ مؤسسات الجماعة في جنوب أفريقيا، ترأس مجلس إدارتها القيادي محمد هنداوي، وراج حديث داخل الإخوان، في الأشهر الأخيرة، مفادُه أنّه سيرحل إلى تركيا وسيحلّ محله القيادي إيهاب صالح، بيد أنّ هذا الأمر غير مؤكد، نظراً لندرة المعلومات المتوفرة. 

 

تدار شبكة الإخوان في جنوب أفريقيا عن طريق قيادة تنفيذية أو مكتب تنفيذي يضم قيادات مصرية بالجماعة، ويتولى هؤلاء القادة الإشراف على الفرع، بما في ذلك الجمعيات والمراكز والكيانات التابعة له، والتنسيق مع الجماعة الأم (إخوان مصر) والتنظيم العالمي

 

وتأتي (الرابطة الإسلامية في جنوب أفريقيا) التي أسستها جماعة الإخوان عام 2018، بصفتها منظمة غير هادفة للربح، كأحد أهم مراكز التنظيم كونها تشرف على عدد من المراكز الإسلامية، منها مسجد هوتون في جوهانسبرج، وتمول أنشطتها عن طريق جمع التبرعات، ويتولى محاسب من أصول مصرية هو محمد أسلم عمر منصب المسؤول المالي في الرابطة، وهو صاحب شركة استشارات مالية تعمل في جنوب أفريقيا أيضاً، وذلك بحسب الدراسة. 

كذلك أنشأت جماعة الإخوان كيانات وروابط مهنية يُفترض أنّها غير سياسية، لكنّها تنخرط في النشاط السياسي عندما تكون هناك حاجة إلى ذلك، ومن بين هذه الكيانات رابطة المحامين المسلمين التي تأسست تقريباً عام 2013 في جوهانسبرج كهيئة مهنية تضم عشرات المحامين، ثم ما لبثت أن عملت في خدمة مصالح الإخوان خلال الحملة التي قادتها الجماعة ضد الحكومة المصرية، بعد الإطاحة بها من الحكم. 

كيانات إعلامية

كما أنشأت جماعة الإخوان شبكات إعلامية في جنوب أفريقيا، منها شبكة (ميديا ريفيو) التي تُركز على مناهضة إسرائيل، وشبكة (الهلال تي في) التي يقع مقرها في ريفونيا بجنوب أفريقيا، وتُروج في برامجها إيديولوجيا الإخوان، كما تُروج أنشطة الجمعيات المرتبطة بالإخوان وتُبرز دعاتها، إضافةً إلى شبكة (سلامة ميدي) التي تأسست في 2015 للعمل في الإعلام الإسلامي، كما تقول عن نفسها، وتقوم الشبكة بالترويج لإيديولوجيا جماعة الإخوان وأنشطتها كذلك.

مواضيع ذات صلة:

التفاوت الطبقي يغذي العنف ضد الأجانب في جنوب أفريقيا

جماعة الإخوان.. وهم الديمقراطية والاعتدال

لماذا قدّم الإخوان 3 تفسيرات مختلفة لرسالة التعاليم لحسن البنا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية