في ذكرى ميلاده 107... صلاح أبو سيف: إرث فني خالد

في ذكرى ميلاده 107... صلاح أبو سيف: إرث فني خالد


10/05/2022

عُرف المخرج المصري الكبير صلاح أبو سيف، الذي تصادف اليوم الذكرى 107 لميلاده، بأنّه رائد الواقعية في السينما المصرية، التي استخدمها ليجسّد ببراعة ملامح المجتمع المصري على الشاشة الكبيرة، لتنافس أعماله الأفلام العالمية.

والواقعية عند صلاح أبو سيف تعني أن ترى الواقع، وأن تنفذ ببصرك وبصيرتك في أعماقه، وأن تدرك وتعي جذور الظاهرة، لا أن تكتفي برصد ملامحها فقط، وهذا بالضبط ما جسّده في أفلامه.

الميلاد والنشأة

وُلد صلاح أبو سيف في 10 أيار (مايو) من العام 1915، في قرية الحومة بمحافظة بني سويف، وكان والده عمدة القرية، وكانت أمّه قاهرية متعلمة، رفضت العيش مع زوجها وسط زوجاته السابقات، وأقامت مع شقيقها في بيت العائلة بحي بولاق في القاهرة.

 توفي والده في وقت مبكر، فعاش أبو سيف يتيماً مع والدته التي قامت على تربيته بشكل صارم، في حي بولاق الذي كان أحد معاقل ثورة 1919، وكان خال صلاح ممّن يقاومون السلطات البريطانية، واعتقل أكثر من مرّة، فكان لذلك تأثير كبير على بناء شخصيته وفكره السياسي.

ويروي أبو سيف في مذكراته أنّ طفولته كانت مخزن الخبرات والذكريات التي استعان بها في أفلامه، وأنّه قدّم الواقع الذي كان يعيشه في الحارة والحياة على الشاشة، فكان مخرج الواقعية الأول في مصر، وفق ما أوردته صحيفة "الدستور" المصرية.

وُلد صلاح أبو سيف في 10 أيار (مايو) من العام 1915

بعد الانتهاء من الدراسة الابتدائية التحق أبو سيف بمدرسة التجارة المتوسطة، وكان يعمل في شركة النسيج بمدينة المحلة الكبرى.

ثم عمل بالصحافة الفنية، وانكبّ على دراسة فروع السينما المختلفة والعلوم المتعلقة بها مثل الموسيقى وعلم النفس والمنطق.

عمل أبو سيف لمدة (3) أعوام في المحلة من 1933 إلى 1936، وكانت فترة مهمة في حياته، فقد قام خلال تلك الفترة بإخراج بعض المسرحيات لفريق مكون من هواة العاملين بالشركة، وأتيحت له فرصة الالتقاء بالمخرج "نيازي مصطفى" الذي ذهب إلى المحلة لتصوير فيلم تسجيلي عن الشركة، ودهش نيازي من ثقافة أبو سيف ودرايته بأصول الفن السينمائي، ووعده بأن يعمل على نقله إلى استوديو مصر.

وبدأ صلاح أبو سيف العمل بالمونتاج في استوديو مصر، ومن ثمَّ أصبح رئيساً لقسم المونتاج بالاستوديو لمدة (10) أعوام، حيث التقى بزوجته فيما بعد، رفيقة أبو جبل، وكذلك بكمال سليم مخرج فيلم العزيمة.

أول فيلم واقعي بالسينما المصرية

وفي بداية العام 1939 وقبل سفره إلى فرنسا لدراسة السينما عمل صلاح أبو سيف كمساعد أول للمخرج كمال سليم في فيلم العزيمة الذي يُعَدُّ الفيلم الواقعي الأول في السينما المصرية.  

وفي أواخر عام 1939 عاد أبو سيف من فرنسا بسبب الحرب العالمية الثانية، وفي العام 1946 قام بتجربته الأولى في الإخراج السينمائي الروائي، وكان هذا الفيلم هو "دايماً في قلبي" المقتبس عن الفيلم الأجنبي "جسر ووترلو"، وكان من بطولة عقيلة راتب وعماد حمدي ودولت أبيض.

 

يُعتبر فيلم "بداية ونهاية" من أنضج أعمال صلاح أبو سيف بشهادة النقاد وأكثرها صدقاً وواقعية، وهو أول فيلم عن رواية لنجيب محفوظ يخرجه أبو سيف

 

بعد ذلك سافر إلى إيطاليا، وعاد منها عام 1950 متأثراً بتيار الواقعية في السينما، وأخرج النسخة العربية من فيلم الصقر بطولة؛ عماد حمدي وسامية جمال وفريد شوقي.

وكانت السينما المصرية وقتها تتناول موضوعات بعيدة عن حياة المجتمع المصري، فعمل أبو سيف على تغيير هذا الواقع، وبدأ بالعمل على إخراج فيلم "لك يوم يا ظالم"، وعندما عرض السيناريو على المنتجين رفضوا، ممّا اضطره لإنتاج السيناريو بنفسه، وباع سيارته ومصاغ زوجته، وحقق الفيلم الذي عرض عام 1951 بأسلوبه الواقعي واقترابه من الجمهور نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً، وكان من بطولة؛ فاتن حمامة ومحسن سرحان ومحمد توفيق.

ثم توالت بعده أفلام أبو سيف الواقعية التي أصبحت علامات في تاريخ السينما المصرية، واستطاع المخرج الكبير أن يقدّم أفلاماً واقعية ذات مضمون شعبي وإنساني.

وتقول عنه الناقدة الألمانية إريكا ريشتر: "صلاح أبو سيف هو أستاذ الأفلام الواقعية في مصر، وتُعتبر أفلامه بمثابة العمود الفقري لهذا الاتجاه، تلك الأفلام التي تستطيع من خلالها دراسة أهم المواضيع والأساليب والحلول الفنية التي يلجأ إليها الفيلم الواقعي في مصر للقضايا التي يواجهها ويتصدى لها".

أعماله

بلغ مجموع الأفلام التي أخرجها صلاح أو سيف طوال مسيرته (40) فيلماً، نال عليها جوائز وأوسمة كثيرة في مهرجانات عربية ودولية، واستطاع بأعماله أن يجعل الفيلم المصري منافساً للأفلام العالمية، وقد عُرضت أفلامه في مهرجانات؛ كان، والبندقية، وموسكو، وبرلين.

بلغ مجموع الأفلام التي أخرجها صلاح أو سيف طوال مسيرته (40) فيلماً

ومن أبرز أفلامه: "نمره 6/ العمر واحد" عام 1942، "دايماً في قلبي" 1946، "المنتقم" 1947، "الوحش" عام 1954، "أنا حرة" 1959، "البنات والصيف" 1960، "القاهرة 30" 1966، "حمام الملاطيلي" 1973، "المواطن المصري" عام 1991.

تعاون مع الأديب نجيب محفوظ في كتابة سيناريوهات أغلب أفلامه خصوصاً الأولى، فقدّم أفلام "المنتقم"، "مغامرات عنتر وعبلة"، وأخرج (15) فيلماً مأخوذاً من روايات نجيب محفوظ أيضاً، فكان المكتشف الأول لنجيب محفوظ سينمائياً.

ويُعتبر فيلم "بداية ونهاية" من أنضج أعمال صلاح أبو سيف بشهادة النقاد وأكثرها صدقاً وواقعية، وهو أول فيلم عن رواية لنجيب محفوظ يخرجه أبو سيف، ثم كان فيلم "القاهرة 30".

وفي أبو سيف عام 1996 إثر إصابته بمرض عضال عن عمر ناهز (81) عاماً، تاركاً خلفه إرثاً فنياً خالداً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية