فوبيا الإسلام الغربي

فوبيا الإسلام الغربي

فوبيا الإسلام الغربي


13/07/2023

محمد جواد الميالي

حظيت السنوات الأخيرة مناقشات حول الأشكال المختلفة للإسلام، وعلاقتها بالغرب الليبرالي، حيث ظهر مفهومان بارزان، الإسلام التكفيري والإسلام العلماني. ولكل من هاتين الأيديولوجيتين آثار عميقة على المجتمع العربي عامة والعراقي خاصة، وللمفهومين اختلاف كبير عن الإسلام الأصولي المعتدل، ولذلك فإن هناك عدة أسباب وراء العداء التاريخي بين الإسلام والليبرالية.

يمثل الإسلام التكفيري تفسيراً متطرفاً ومتعصباً للتعاليم الإسلامية، حيث يعتبر التكفيريون كل من ليس على دينهم بالمرتدين، ويصفونهم بالكفار، حيث أنهم يلتزمون بتفسيرات صارمة وقراءة حرفية للنصوص القرآنية، ويلجأون دائماً إلى العنف لفرض معتقداتهم، ولهم العديد من الأتباع من ضمنهم داعش وتنظيم القاعدة، ويربط المجتمع هذا المفهوم بالغرب الذي يحاول أن ينتج صورة سلبية عن الدين المحمدي.

المفهوم التكفيري له أثر مدمر على المجتمعات العربية والعراقية، حيث أدى صعوده إلى انتشار العنف والإرهاب والصراعات الطائفية، التي ساهمت بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها، لأنه يرفض المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ولا يوجد لدى التكفيريين مفهوم تقبل الآخر، كل ذلك يعيق التقدم الاجتماعي ويغذي مناخ الخوف والقمع.

من ناحية أخرى، فإن الإسلام ذا الصبغة العلمانية يدعو إلى فصل الدين عن الدولة، مشدداً على أهمية الحرية الفردية والمساواة، ولديه العديد من الإشكاليات على بعض النصوص القرآنية، ويحاول تغيير العديد من المعتقدات الدينية، ويروج لليبرالية التعاليم الإسلامية. فالعلمانيون يعتنقون التعددية الفكرية والتعايش مع الجماعات الدينية والثقافية الأخرى، حيث يلعب العلمانيون دوراً حاسماً في تغيير وتشكيل المجتمعات، ويساهمون في توفير منصة للخطاب الفكري، وتعزيز التفكير النقدي، وتشجيع المسلمين على الإنخراط في المفاهيم الأوسع للديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، لأنهم ينظرون إلى بعض المعتقدات كالحجاب وتربية الأطفال والزواج، بأنها تعيق التقدم الاجتماعي وتقف بالضد من الحريات الفردية.

المصطلحان يعتبران أضدادا للإسلام الأصولي المعتدل، الذي يمثل أرضية وسطى بين الأيديولوجيات المتطرفة التكفيرية والعلمانية، يدمج المبادئ الدينية في الحياة اليومية مع الاعتراف أيضاً بأهمية التكامل الاجتماعي والتعايش السلمي، ويعطي الأولوية للتطور الفكري مع الالتزام بالتعاليم الدينية، منفتحا على الحوار والمشاركة السلمية مع الأديان الأخرى، لأنهم الوجه الحقيقي للدين المحمدي القويم.

فوبيا الغرب من انتشار الإسلام أدت إلى دعمه أوجه مشوهة، لعكس صورة سلبية عنه، وهذا التوتر التاريخي بينه وبين الليبرالية، ظهر بعد الاستعمار الامبريالي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وأثر بعمق على المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، بالإضافة إلى ذلك، أدت التدخلات الغربية والسياسات الخارجية، إلى تغذية انعدام الثقة وعززت التطرف، خاصة بعد تصريحات كلينتون التي اعترفت بدعم الغرب لتنظيم داعش والقاعدة.

الحقيقة أن المفهومين قد أثرا بشكل كبير على الوسط الإسلامي في المنطقة، فأحدهما قد شجع على العنف واستمرار سفك الدماء، والآخر دعا إلى التحرر ونبذ المعتقدات، ولم يكن بينهما وسطية سوى الإصولي المعتدل، الذي ساعد على تعزيز الحوار بين التفسيرات المختلفة التي أدخلتها الغرب، لتغيير قواعد الدين، وإنتاج مجتمع يسهل السيطرة عليه.

عن "ميدل إيست أونلاين"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية