
بعد عودته للتحريض على الكراهية والعنف، تتحرّك الآلة القضائية الفرنسية لوضع حدّ نهائي لتجاوزات الداعية المعروف إسماعيل، الذي كان على مرأى من السلطات منذ سنوات، واعتاد على إثارة الجدل ودعم المُتطرّفين وإطلاق الدعوات المُتشددة.
ويُعتبر الإمام إسماعيل، واسمه الحقيقي سماين بنجلالي، أحد الدعاة الأكثر تشدداً وتطرّفاً عبر دعواته الدائمة لـِ "الجهاد"، وتطبيق الشريعة ووضعها كأولوية فوق القانون الفرنسي. وهو يتمتع بتأثير واسع من خلال جمعية دينية خاص به، حيث يتبعه مئات الآلاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وبالإضافة إلى تهديده بإجراءات الطرد من فرنسا على غرار غيره من دُعاة الإخوان، فإنّ المسجد الذي يُديره من خلال جمعيته الدينية، والمعروف باسم "بلويتس"، الواقع في المناطق الشمالية من مدينة مرسيليا، بات يخضع لإجراءات إغلاق منذ أمس الثلاثاء، بناءً على طلب وزير الداخلية المُستقيل جيرالد دارمانين، ومحافظ شرطة منطقة "بوش دو رون".
تبرير الإرهاب
وجاء في مبررات طلب الإغلاق من قبل السلطات الفرنسية، "التصريحات التي تُضفي الشرعية على العنف والتطرّف، والتي أدلى بها العديد من الخطباء في المسجد، ومن ضمنهم الإمام إسماعيل، والداعية المُتشدد مراد حمزة المُنتمي أيضاً لتنظيم الإخوان الإرهابي، وذلك بالإضافة إلى تشريع العنف ضدّ المرأة والتمييز ضدّها".
واتهمت أجهزة الأمن الإمام إسماعيل بالترحيب في المسجد بالخطباء الذين يُضفون الشرعية على الإرهاب، وخاصة من أعضاء الإخوان. كما أنّه على صلة بالداعية الشهير من أصل نيجيري عبد الرحمن رضوان إمام مدينة بوردو السابق، الذي تمّ طرده هذا العام بسبب اتهامه بالتطرّف، وبنشر إيديولوجية مُعادية لقيم الجمهورية الفرنسية.
ونفى إمام مسجد مرسيليا "بلويتس" هذه الاتهامات، مُعتبراً أنّها "كذبة خالصة". وفي حديث لقناة BFMTV الفرنسية، استنكر الإمام إسماعيل، ما أسماه "مجموعة من الأكاذيب" حول اتهامات محافظ شرطة مرسيليا له بالتحريض على الكراهية والعنف. وهو يرى أنّ التهديد بالإغلاق هو بادرة سياسية بالكامل، وعلامة على صرامة وزير الداخلية من أجل "جذب جمهور مُعيّن من الناخبين اليمينيين المُتطرّفين، مؤكداً أنّه يعتزم تقديم استئناف لدى المحاكم للردّ على الاتهامات الموجهة إليه، وإلا فسيتم إغلاق المسجد الذي يُديره بعد 10 أيّام.
مفهوم أصولي يُحرّف الإسلام
ولكنّ محافظ الشرطة بيير إدوارد كوليكس ردّ بالقول إنّه "منذ 2017 وحتى 2024، كل التعليقات التي تمّ الإدلاء بها في هذا المسجد، وخاصة من قبل الإمام إسماعيل، بما في ذلك عبر منصّات التواصل الاجتماعي، تقودني إلى اعتبار أنّ إبقاء هذا المسجد قيد التشغيل يُمثّل مخاطر بانتشار الدعوات التي تُحرّض على العنف والإرهاب"، وأضاف أنّ "الإمام الرئيسي لهذا المسجد يُدافع عن رؤية أصولية تُضفي الشرعية على استخدام العنف".
وسبق أن حظرت عدّة بلديات فرنسية العام الماضي مؤتمرات حاشدة لتنظيم الإخوان الإرهابي، كان سيشارك بها الإمام إسماعيل نفسه بحضور الآلاف من الإسلاميين المتشددين وخاصة من الأئمة ورؤساء الجمعيات الدينية التابعة للإخوان.
ودعت حملة واسعة عبر منصّات التواصل الاجتماعي، لعدم منح السلطات الموافقة على تنظيم أيّ تجمّعات عامة على الأراضي الفرنسية يتم فيها الترويج للكراهية والانفصالية الإسلاموية.
وكشف نيكولا مياري رئيس بلدية "بريتني سور أورج" التي منعت ندوة للإخوان في جنوب باريس، أنّ الإمام إسماعيل "ينشر بانتظام مفهوماً أصولياً ومُحرّفاً بشكل مُتعمّد للإسلام بهدف إضفاء الشرعية على الشريعة، وتطبيقها فوق القانون".
ويُواصل جهاز المخابرات الإقليمي المركزي في فرنسا، مُراقبة المئات من المُتشددين، وبشكل خاص من الأعضاء أو المؤيدين لتنظيم الإخوان الإرهابي، كما صعّدت الحكومة الفرنسية من حربها ضدّ الكراهية والخطاب الانفصالي، وأصدرت قرارات بحلّ وحظر العديد من الجمعيات الدينية وإغلاق المساجد التي تأكّد وجود شُبهات تطرّف لدى أئمتها.
موقع "24"