غزو وشيك أم تراجع؟.. تصريحات موسكو وواشنطن تربك مراقبي المشهد الأوكراني

غزو وشيك أم تراجع؟.. تصريحات موسكو وواشنطن تربك مراقبي المشهد الأوكراني


17/02/2022

مرّ أكثر من شهرين على اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية شهدت تهديدات أمريكية شبه يومية بفرض عقوبات على روسيا في حال غزو أوكرانيا، وسباق تصريحات بين جميع الأطراف تحوّل إلى حرب فعلية بدون سلاح فعلي بشكله المعهود، إلّا أنّ سلاحها الوحيد كان التهديد والوعيد والاتهامات، حرب أثرت على جميع الأسواق العالمية وخاصة سوق الطاقة، وسط ترقب عالمي للخطوة القادمة.

اقرأ أيضاً: عملية "العلم الكاذب" إحداها... ما سيناريوهات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا؟

وقد أقرّت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بأنّ فرض الغرب عقوبات منسقة ضد روسيا في حال غزوها أوكرانيا سيكون له حتماً "تداعيات عالمية"، حسبما ذكر موقع "ذا إيكونوميك تايمز" الأمريكي، وقالت يلين: إنّه في حال فرض العقوبات "نريد بالطبع أن تتكبد روسيا الكلفة الأكبر"، مضيفة: "لكنّنا ندرك أنّه ستكون هناك بعض التداعيات العالمية للعقوبات".

الحشد والحشد المضاد

حديث الولايات المتحدة الأمريكية اليومي عن غزو روسي "وشيك" لأوكرانيا أصبح أقرب إلى تحشيد الرأي العام الدولي ضدّ روسيا، الخصم التاريخي، لتبرير أيّ خطوة أمريكية ضد الدب الروسي، ممّا دفع العديد من المحللين الدوليين إلى وضع سيناريوهات وتغييرها بصفة يومية عن شكل الغزو المحتمل.

مرّ أكثر من شهرين على اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية

وفي أحدث تصريحات أمريكية، قال مسؤول كبير في البيت الأبيض: إنّ روسيا "عزّزت" وجودها على الحدود مع أوكرانيا بما لا يقل عن "(7) آلاف عسكري"، وصل بعضهم أمس الأربعاء. وأكد أنّ بإمكان روسيا "في أيّ لحظة" اختلاق ذريعة لغزو أوكرانيا، مضيفاً: "تقول روسيا إنّها تريد إيجاد حلّ دبلوماسي، لكنّ أفعالها تشير إلى عكس ذلك".

 

اقرأ أيضاً: أزمة أوكرانيا: روسيا تراقب بقلق وأمريكا تتأهب.. ما أبرز التطورات؟

يأتي ذلك بينما يواصل الرئيس الأمريكي جو بايدن الحشد على الجبهة الأمريكية تارة بتقرير استخباراتي يتحدث عن الخسائر البشرية المتوقعة، وأخرى بالعمل مع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من الأوروبيين للتوصل إلى حلٍّ دبلوماسي، إلّا أنّه في الوقت نفسه، ومع السعي لحلٍّ دبلوماسي، واصل تحذير موسكو من عواقب وخيمة لأيّ هجوم عسكري تقوم به ضدّ جارتها أوكرانيا.

 

سباق تصريحات بين جميع الأطراف تحوّل إلى حرب فعلية بدون سلاح فعلي بشكله المعهود، إلّا أنّ سلاحها الوحيد كان التهديد والوعيد والاتهامات

 

في المقابل، نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولون روس مراراً أيّ نية لغزو أوكرانيا. وفي لقاء مع نظيره الفرنسي في 8 شباط (فبراير) ردّ بوتين بكلّ ثقة على تقارير غربية بحشد أكثر من (100) ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا قائلاً: "نجري مناورات على أراضينا، ولا نمثل تهديداً لأيّ بلد".

وبينما يواصل المسؤولون الأمريكيون التحذير من غزو روسي محتمل، فاجأ وزير الدفاع الروسي الغرب في 15 شباط (فبراير) بسحب جزء من القوات وعودتها إلى ثكناتها الدائمة، الخطوة التي وصفها مسؤول بالبيت الأبيض أمس بأنّها إعلان "كاذب".

 

اقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا و"نورد ستريم 2": كيف تنطفئ أزمة أشعلها الغاز؟

وعلى الرغم من الصور التي بثتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية التي قيل إنّها تظهر القوات الروسية وهي تختتم مناورة كبرى في شبه جزيرة القرم، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "إنّه لا يوجد دليل على انسحاب الروس". وقال في تصريحات نقلها التلفزيون: "نشهد عمليات تناوب صغيرة، لن أسمّي هذه التدريبات أنّها انسحاب روسي للقوّات، لا نرى أيّ تغيير".

نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولون روس مراراً أيّ نية لغزو أوكرانيا

والإثنين الماضي أصدر زيلينسكي بياناً عالمياً قال فيه: إنّه سمع أنّ روسيا ستهاجم بلاده في 16 شباط (فبراير)، أمس، الأمر الذي ردّ عليه مسؤول روسي كبير بسخرية قائلاً: "نادراً ما تبدأ الحروب في أوروبا يوم الأربعاء"، متجاهلاً التكهنات الغربية بأنّ روسيا قد تغزو جارتها الأوكرانية أمس الأربعاء.

 

وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين تقرّ بأنّ فرض الغرب عقوبات منسقة ضد روسيا في حال غزوها أوكرانيا، سيكون له حتماً "تداعيات عالمية"

 

ووفقاً لوكالة "أسوشيتد برس"، فإنّ السخرية أداة استخدمها المسؤولون في موسكو منذ فترة طويلة للتقليل من شأن خصومهم، وصرف الانتباه عن الإجراءات التي يُنظر إليها على أنّها تهدد الغرب أو جيران روسيا. ويتماشى أسلوب "السخرية المختصرة" مع الأجندة المحلية للكرملين من خلال جعل روسيا ورئيسها يبدوان أكثر هدوءاً وذكاء من الغرب.

 قوات روسية في البر والبحر

وفي ضوء المزاعم الأمريكية والتحذير من غزو روسي "وشيك" لأوكرانيا، تأبى موسكو أن ترسل أيّ رسالة طمأنة للغرب، بل أقدمت على أنشطة عسكرية في البر والبحر تعزز مخاوف الغرب من احتمالات غزو أوكرانيا. وفي هذا الشأن نقل موقع "ذا ناشيونال بوست" عن وزارة الدفاع الروسية إعلانها إرسال نحو (20) سفينة حربية روسية إلى بحر قزوين اليوم الخميس، في إطار مناورات حربية أوسع تشمل معظم جيشها وقواتها البحرية.

هستيريا الحرب طالت أيضاً موقع وزارة الدفاع الروسية على الإنترنت، الذي يشهد تحديثاً بأخبار عديدة عن قدرة روسيا الدفاعية والهجومية بأكثر من (3) أخبار يومياً، وبمعدلات سريعة جدّاً.

شبح الحرب ما يزال مخيماً

كلما انطفأت نيران المخاوف من الحرب، أشعلتها تصريحات مسؤولي الولايات المتحدة الأمريكية، التي قال عنها ماركو دي ليدو، كبير محللي معهد الدراسات الدولية في إيطاليا في حوار سابق مع حفريات: "إنّ واشنطن تدفع باتجاه الحرب". وفي هذا الشأن نقل موقع "دويتشه فيله" الألماني عن بيان أمريكي ألماني مشترك، عقب مكالمة تليفونية بين المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الأمريكي جو بايدن، أنّ "خطر حدوث عدوان عسكري آخر من جانب روسيا ضدّ أوكرانيا ما يزال مرتفعاً، ومن الضروري توخّي أقصى درجات الحذر"، إلّا أنّ ذلك لم يمنع بايدن وشولتز من اتخاذ خطوات حقيقية لنزع فتيل التوتر، وأكدا أنّه لم تتمّ حتى الآن ملاحظة انسحاب كبير للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية.

وشدد بايدن وشولتز على أنّه "يتعين على روسيا اتخاذ خطوات حقيقية لخفض التصعيد"، مجددين التحذير من أنّ أيّ عدوان عسكري آخر تشنّه موسكو ضدّ أوكرانيا سيؤدي إلى "عواقب وخيمة للغاية". وقد جرت المكالمة الهاتفية بمبادرة من الجانب الألماني، حيث أطلع شولتز بايدن على نتائج محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في موسكو الثلاثاء الماضي، ورحّب الزعيمان بتصريحات بوتن بأنّ الجهود الدبلوماسية يجب أن تستمرّ لحلّ الأزمة الأوكرانية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية