عود على بدء.. الغنوشي من صانع الملوك إلى صفوف المعارضة

عود على بدء.. الغنوشي من صانع الملوك إلى صفوف المعارضة


17/07/2022

عاد رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي إلى مكانه القديم كمعارض للنظام. فبعد أن غادر دورة السجن والنفي قبل ثورة 2011، وارتقى إلى مرتبة صانع الملوك ورئيس البرلمان، عاد الزعيم الإسلامي تحت طائلة الفحص والتمحيص من سلطات التحقيق بينما يجلس خصم له في القصر الرئاسي.

وفي أعقاب القرار الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيد بحل البرلمان المنتخب والحكم بمراسيم، اتهمه الغنوشي بتنفيذ انقلاب ووضع الزعيم الإسلامي حزب النهضة الذي يرأسه في طليعة الصفوف بين أشد منتقدي سعيد.

ومؤخرا وضع أحد القضاة الغنوشي قيد التحقيق بشبهة غسيل أموال، وهي اتهامات نفتها حركة النهضة ووصفتها بأنها هجوم سياسي. ويعني هذا أن حزب النهضة وزعيمه الغنوشي، الذي أصبح الآن شيخا ضعيفا يداه ترتعشان كثيرا، أصبحا مرة أخرى في مركز الصدارة في الصراع على مستقبل تونس.

ويقول منتقدو الغنوشي إنه شخصية استقطابية لا تحظى بشعبية إلى حد كبير، وذلك بسبب الانقسامات الأيديولوجية والفكرية وبسبب الدور المحوري لحزب النهضة خلال سنوات الشلل السياسي وسوء الحكم الذي سمم أجواء الديمقراطية.

ويرى الرافضون لنهج الغنوشي أيضا أنه يشبه حصان طروادة بالنسبة إلى الإسلاميين الأكثر تطرفا الذين استخدموا الموقع المهيمن لحزبه بعد 2011 للتسلل إلى مفاصل الدولة، وهو ما ينفيه حزب النهضة.

وعندما انتفض التونسيون ضد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في يناير 2011، عاد الغنوشي إلى وطنه. وهبط بعد أسبوع من فرار بن علي، وكانت في استقباله الحشود السعيدة.

وفاز حزب النهضة بأكبر عدد من المقاعد في أول انتخابات حرة تجرى في تونس بعد ذلك بتسعة أشهر، لتبدأ بذلك مناورة متوترة بين الفصائل المتنافسة مع تزايد الخلاف بين الإسلاميين والعلمانيين.

ولم يترشح الغنوشي لأي منصب عام إلا بعد سنوات، وهو نهج يميزه عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر التي فازت في انتخابات الرئاسة بعد مرور 16 شهرا على انتفاضة الربيع العربي ولم تترك السلطة إلا حين أطاح بها الجيش.

لكن الغنوشي ظل الشخصية الرئيسية وراء حزب النهضة ذي النفوذ المتزايد. ومع زيادة الانقسامات في 2013 وامتدادها إلى الشوارع، شعر العديد من التونسيين بالخوف من أن تمتد أعمال العنف التي أعقبت الثورة في ليبيا المجاورة إلى داخل البلاد أيضا.

وعمل الغنوشي والرئيس العلماني على تهدئة الشارع، وكان ذلك بمثابة نقطة انطلاق لوضع دستور جديد أقره البرلمان بفرحة واحتضنه السياسيون المتنافسون وهم يبكون. وقال إن التونسيين نجحوا في القيام بثورة سلمية وتجنب حرب أهلية وتوصلوا إلى توافق. لكن بالنسبة إلى البعض، كانت التسويات مزعجة.

واتهم معارضو الإسلام السياسي الغنوشي بغض الطرف عن الجهاديين التونسيين الذين تدفقوا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا ونفذوا اغتيالات في الداخل، وهو ما نفاه الغنوشي.

وفي غضون ذلك، هاجم العديد من أنصار الغنوشي قراره بدعم قانون مثير للجدل يمنح العفو للمسؤولين المتهمين بالفساد في عهد بن علي. وقال إنه بصفته ضحية سابقة للإقصاء السياسي، فإنه يعتقد أن تونس الجديدة يجب أن تشمل حتى أولئك المرتبطين بالنظام القديم.

لكن مع تعثر الاقتصاد التونسي وتدهور الخدمات التي تقدمها الدولة، ارتبط حزب النهضة بسياسات غير شعبية وحتى بتهم بالفساد والتمويل الأجنبي لا يزال القضاء يبحث فيها.

وعندما ترشح الغنوشي لأول مرة لشغل منصب عام في الانتخابات البرلمانية عام 2019، كان أداء حزب النهضة هو الأضعف منذ سنوات لكنه ظل أكبر حزب لحصوله على حوالي ربع المقاعد.

وفاز بمنصب رئيس البرلمان لكن مع انقسام هذه المؤسسة ووجود اضطرابات داخل حزبه وتنازع الزعماء السياسيين أصبح الغنوشي بمثابة رجل عجوز في مأزق. وبعد مرور عام على إصدار سعيد الأمر بأن تطوق الدبابات البرلمان وتُغلق أبوابه، بات إرث الغنوشي نفسه على المحك.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية