علي عبدالخالق.. سخرية واقع "العار" و"الكيف" بـ"البيضة والحجر"

عُرف المخرج الكبير علي عبد الخالق، الذي وافته المنيّة أمس الجمعة بعد صراع طويل مع السرطان عن عمر يناهز الـ (78) عاماً، بالأسلوب السهل الممتنع بعيداً عن التعقيدات، غير أنّ تلك التركيبات النفسية التي تميز بها أبطال أعماله على مدار نحو (40) عاماً تركت إرثاً كبيراً من الأعمال السينمائية الخالدة محفورة في وجدان المشاهدين، أبرزها "البيضة والحجر"، و"عتبة الستات"، و"جري الوحوش"، و"بئر الخيانة"، و"إعدام ميت"، و"العار"، و"الكيف"،... وغيرها من روائعه.

 بلغت مسيرة عبد الخالق في عالم السينما والدراما التلفزيونية نحو (40) عاماً، رصد من خلالها التحولات التي طرأت على المجتمع المصري بأسلوب قريب من الجمهور وبلغة سهلة قريبة من رجل الشارع، ولا تتعالى عليه، حتى عندما يتعرّض للصراع العربي الإسرائيلي نجده يقدّمه بأسلوب مشوق وإنساني أيضاً، على حدّ قول الصحفي بصحيفة "اليوم السابع" محمود ترك.

 ويشيع جثمان المخرج الراحل علي عبد الخالق اليوم السبت من مسجد السيدة نفيسة عقب صلاة الظهر، ويوارى جثمانه الثرى بمقابر الأسرة بمدينة "السادس من أكتوبر".

خطواته الأولى

بدأ علي عبد الخالق خطواته الأولى مساعداً للإخراج في فيلم "الوادي الأصفر" عام 1970 للمخرج ممدوح شكري، وبطولة شكري سرحان ومريم فخر الدين، ويُعدّ هذا الفيلم الوحيد له في مسيرته كمخرج مساعد، ليغادر ذلك الموقع سريعاً ويتولى إخراج فيلمه الأشهر "أغنية على الممر" عام 1972، بطولة محمود ياسين وصلاح السعدني وصلاح قابيل ومحمود مرسي وأحمد مرعي والعديد من النجوم.

واللافت أنّ علي عبد الخالق في هذه التجربة الإخراجية الأولى له حقق نجاحاً كبيراً، وحصل العمل على (9) جوائز من مهرجانات سينمائية مختلفة، الأمر الذي دفعه للتعبير عن اندهاشه، في حوار تلفزيوني عقب نجاح العمل، من ردّ فعل الجمهور في الدول الأجنبية على الفيلم، الذي يسرد لحظات صعبة تمر بها فصيلة مشاة مصرية تدافع عن أحد الممرات في نكسة 67، لكن يتم حصارها من قبل قوات العدو، ويرفضون التسليم، وتشتد الأزمة عندما تنقطع الاتصالات بمركز القيادة وتنفد المؤن، لنرى مشاعر مختلفة للجنود المصريين.

الحالة الإنسانية التي يرصدها الفيلم جعلت الجمهور في الدول الأجنبية يتعاطف مع العمل ويتعلق به، رغم أنّه في ذلك الوقت لم تكن قضية الصراع العربي الإسرائيلي قد أخذت الاهتمام الكافي من الجمهور الأوروبي العادي، على حدّ قول عبد الخالق حينها.

استغرق مخرج فيلم "أغنية على الممر" أكثر من (3) أعوام، لتظهر تجربته التالية في السينما بعنوان "بيت بلا حنان"، بطولة نادية لطفي وعماد حمدي وهدى سلطان، وهو فيلم ابتعد فيه تماماً عن السياسة أو أجواء الحرب، رغم أنّه كان لديه مشاريع أخرى تتعلق بأزمات الجنود على الحدود، لكنّه فضّل تأجيلها إلى ما بعد انتصار الجيش المصري في حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973.

 "مسافر بلا طريق"

استمرت مسيرة علي عبد الخالق في السينما، ليقدّم عدة أفلام متتالية، وفي العام الواحد كان يخرج أكثر من فيلم، ففي عام 1980 شاهد الجمهور إبداعاته "الحب وحده لا يكفي"، و"الأبالسة"، و"عذاب الحب"، ليأتي عام 1982 شاهداً على أحد أبرز أفلامه السينمائية "العار" الذي رصد من خلاله فكرة خلط الحلال بالحرام في مجتمع يمر بمرحلة جديدة، ويُعدّ العمل أحد أبرز الأفلام في تاريخ أبطاله نور الشريف وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز، ليستعين بالأخير بعدها بـ (3) أعوام في الفيلم الدرامي الكوميدي "الكيف" الذي كان من خلاله يدق ناقوس الخطر أمام ما يجتاح المجتمع من ظاهرة الغش وغياب الضمير وأثره على المجتمع، وكيف أنّ الغش يصل إلى أيّ شيء، وأنّ الأغنية الهابطة تمثل خطراً على المجتمع مثل المخدرات تماماً، وكلّ ذلك في إطار جذاب يناسب لغة الشارع، واضطر المخرج في هذا الفيلم إلى حذف نحو ساعة من أحداثه في المونتاج حتى يظهر بالشكل المناسب للعرض ويجذب الجمهور.

 وحول هذه المشاهد المحذوفة قال علي عبد الخالق في أحد حواراته الصحفية: إنّه كان من المقرر أن يقام عرض آخر للفيلم يضم هذه المشاهد، ليستفيد من النجاح الكبير الذي حققه العمل عندما عرض تجارياً، لكنّها للأسف ضاعت من أحد المنتجين.

 ويحمل العديد من أفيشات أبرز أفلام السينما المصرية في فترة الثمانينيات والتسعينيات بصمات المخرج علي عبد الخالق، ومنها أفلام "شادر السمك"، "البيضة والحجر"، "جري الوحوش"، "إعدام ميت"، ليختم مشواره مع السينما الروائية الطويلة عام 2004 بفيلم "يوم الكرامة"، بطولة ياسر جلال، وأحمد عز، ومحمود عبد المغني، ويروي ملحمة إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات على يد القوات المصرية، أمّا عن مشوار علي عبد الخالق في الدراما التلفزيونية، فقد بدأ عام 2003 بمسلسل "نجمة الجماهير" بطولة إلهام شاهين، ليقدّم بعد ذلك (5) مسلسلات، آخرها "البوابة الثانية" عام 2009، من بطولة نبيلة عبيد وهشام عبد الخالق وأحمد ماهر.