ظروف إنسانية صعبة وانعدام الخصوصية تعاني منها النساء داخل مناطق النزوح في غزة

ظروف إنسانية صعبة وانعدام الخصوصية تعاني منها النساء داخل مناطق النزوح في غزة

ظروف إنسانية صعبة وانعدام الخصوصية تعاني منها النساء داخل مناطق النزوح في غزة


كاتب ومترجم فلسطيني‎
28/02/2024

تبدو حياة غالبية النساء في قطاع غزة، إن لم يكن الجميع منهن، أشبه بالجحيم، حيث تتعاقب المآسي على هذه الفئة الرقيقة، نتيجة انعدام الخصوصية بالنسبة إليهن داخل مراكز النزوح والخيام المنتشرة في كافة مناطق النزوح داخل قطاع غزة، وتواجه النساء النازحات الظروف الصعبة وافتقاد الخصوصية، نتيجة الاكتظاظ الكبير داخل مراكز الإيواء والخيام التي تفوق طاقتها الاستيعابية، وصعوبة حصولهن على المستلزمات الشخصية الأساسية وفقدان المستلزمات الصحية النسويّة من الأسواق، حتى دورات المياه باتت مكاره صحية نتيجة عدم توفر المياه بداخلها، إضافة إلى طابور الانتظار لساعات من أجل دخول تلك الدورات، التي أصبحت مكاناً لانتقال الأمراض المعدية بين المواطنين.

ونتيجة الوضع الإنساني المتفاقم بين النازحين في قطاع غزة، بدأت تظهر على شريحة واسعة من النساء أمراض خطيرة بسبب أزمة النظافة المتفاقمة، ويزداد الخوف أكثر مع انهيار المنظومة الصحية في كافة مناطق قطاع غزة، واقتصار عمل المستشفيات على استقبال الحالات الطارئة وغياب عمل أقسام الرعاية الصحية الأولية، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان حياة العشرات من النساء حياتهن، بسبب المخاوف من الانتشار الواسع للأمراض الخطيرة والمعدية بين أعداد كبيرة من النساء النازحات.

حرمان النساء

ووفق صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإنّ هناك أكثر من (700) سيدة حرمن من الحصول على منتجات النظافة الشخصية الخاصة بالدورة الشهرية، إلى جانب تعرض النساء الحوامل لظروف صعبة، في حين تتفاقم المعاناة يومياً في ظل الازدحام الشديد داخل مراكز الإيواء، بالتزامن مع النقص الحاد للمياه ونفاد مستلزمات النظافة الشخصية، إلى ذلك يقول المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إنّ هناك أكثر من مليون ونصف المليون نازح فلسطيني باتوا يعيشون في مراكز النزوح والإيواء حياة غاية في الصعوبة، وأشار المكتب في بيان مقتضب إلى أنّ الأعداد الكبيرة من النازحين يحتاجون إلى حل جذري لإنهاء معاناتهم المتواصلة وجميعهم بحاجة إلى مساعدات وإمدادات عاجلة .

هناك أكثر من (700) سيدة حرمن من الحصول على منتجات النظافة الشخصية الخاصة بالدورة الشهرية

وقد رصدت (حفريات) خلال التجول بين خيام النازحين في منطقة المواصي غربي مدينة رفح على مقربة من الحدود الفاصلة مع مصر الواقع المأساوي الذي تعيشه شريحة واسعة من النساء داخل الخيام البدائية، حيث يفترش الرجال والنساء والأطفال الأرض على الرمال، عدا عن الاختلاط بين الرجال والنساء عند الذهاب إلى دورات المياه المكشوفة والبدائية، وذلك في ظروف تفرض على النساء التقيد والحرج الشديد من الواقع الصعب الذي يتعرضن له، مع انتشار الأمراض الخطيرة والمعدية بين النازحين.

ظروف قاهرة

تقول الفتاة مرح خليل (22 عاماً) التي بدت ملامح الحرج تخيم على وجهها: إنّها "لم تواجه أياماً صعبة طول فترة حياتها كالتي تمر بها، حيث تعيش برفقة جميع أفراد أسرتها داخل خيمة بدائية في منطقة رفح جنوب غزة، وذلك في ظروف قاهرة وانعدام الخصوصية، حتى أنّ دورة المياه الخاصة بالخيمة باتت مشتركة مع خيام أخرى مجاورة، وهذا يعمق من خصوصية الفتاة وباقي أفراد أسرتها وغيرها من النساء اللاتي لم يجدن بديلاً عن ذلك".

وتوضح الفتاة خليل في حديثها لـ (حفريات) أنّ "الظروف الحالية تفرض على النساء مشاركة الرجال في أعمال شاقة لا تتناسب مع طبيعتهن الشخصية، لكنّ قساوة الأيام وانعدام سبل الراحة أمامهن دفعهن إلى الخروج لجمع الحطب وتقطيعه من أجل إعداد الطعام، عدا عن الجلوس أمام مواقد النار التي ينبعث منها الدخان لساعات طويلة يومياً، ممّا يتسبب في مشاكل جلدية وصحية للنساء".

أمّا السيدة أم سند (48 عاماً) التي دفعها الجيش الإسرائيلي للنزوح قسراً من شمال قطاع غزة إلى الجنوب منذ بداية الحرب المستمرة على قطاع غزة، فتبدو ملامح الإرهاق والإعياء واضحة على وجهها نتيجة معاناتها الطويلة والممتدة على مدار (4) أشهر داخل خيام النزوح، تقول: إنّ "واقع النازحين بشكل عام صعب للغاية، ويصل إلى حدٍّ يصعب وصفه مع تفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة مع استمرار الواقع المتأزم واستمرار تكدس النازحين الفارين من الموت نحو مراكز الإيواء وخيام النزوح غير القابلة لاستيعاب المزيد من النازحين، وهذا التكدس يعرّض النساء خاصة إلى ظروف صعبة نتيجة الاختلاط وانعدام الخصوصية".

🎞

وأوضحت خلال حديثها لـ (حفريات) أنّ"دورات المياه المشتركة من أبرز المشاكل التي تواجه النساء، نتيجة الطابور الطويل وعدم توفر المياه بشكل مستمر داخل الدورات، وعدم توفر مواد كيميائية لتنظيف دورات المياه الممتلئة بالقاذورات، وانتشار الروائح الكريهة المنبعثة طوال اليوم منها بين الخيام، وهذا يهدد بانتشار أمراض تنفسية خطيرة، نتيجة الأوبئة والجراثيم المنبعثة من تلك الدورات".

وتشير إلى أنّ "الخوف يزداد أكثر مع صعوبة التوصل إلى حلول تنهي حالة الحرب المدمرة، والخوف يزداد أكثر من توجه الجيش إلى تهجير سكان قطاع غزة إلى خارج القطاع، وهذا إن حصل، فإنّ واقع النساء سيكون أكثر تأثراً وتأزماً، مع تعرض شريحة واسعة من النساء   لظروف نفسية صعبة".     

تفشي الاكتئاب

بدورها تقول الإخصائية النفسية أماني محمود: "تعاني النساء في غزة من ظروف نفسية صعبة، ومن أبرز المشاكل النفسية التي باتت ظاهرة تفشي حالات الاكتئاب الحاد الناجمة عن الضغوط النفسية المتراكمة، حيث تنتقم إسرائيل من النازحين من خلال منع توريد كافة المستلزمات الصحية والخاصة بالنظافة الشخصية، خاصة عدم توفر المستلزمات الأساسية الخاصة بالنساء".

وأشارت في حديثها لـ (حفريات) إلى أنّ "هناك صعوبة كبيرة من قبل النساء للتعامل مع آلام الحيض، لانعدام توفر الفوط الصحية الخاصة، وتوجه العديد من النساء لاستخدام الأوراق وقطع القماش غير الصحية، عدا عن استخدام حفاظات الأطفال التي باتت مفقودة من الأسواق وأسعارها مرتفعة جداً في التعامل مع الدورة الشهرية، وهذا يعرّض النساء لآلام وأزمات صحية تضاف إلى آلام الدورة الشهرية".

🎞

ومنذ اندلاع الحرب المستعرة على قطاع غزة مطلع  تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان القطاع، ودفعت بسكان مدينة غزة وشمالها إلى النزوح نحو مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، وقد أثر التكدس الكبير والازدحام بالنازحين إلى تفشي أزمة إنسانية وكارثية بينهم، وطالت المعاناة النساء بشكل أكبر بسبب الظروف المحرجة والقاسية التي يتعرضن لها، خاصة في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، والتي تضم أكثر من مليون ونصف المليون نازح يعيشون في مساحة ضيقة بين الرمال وركام المنازل المدمرة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية