طهران ولعبة حافة الهاوية.. كيف يدير خامنئي ملف الاتفاق النووي؟

طهران ولعبة حافة الهاوية.. كيف يدير خامنئي ملف الاتفاق النووي؟


13/07/2021

يبدو أنّ المفاوضات في فيينا تراوح مكانها، على خلفية تباين وجهات النظر في ما يتصل بالأولويات المرتبطة بإحياء الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران؛ إذ إنّ الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، خلال العام 2018، راكم معضلات عديدة، جعلت من "خطة العمل المشتركة"، التي جرى توقيعها، غير مناسبة في ظل التطورات التي حدثت على المشروع النووي الإيراني، وبرنامج الصواريخ الباليسيتة، وكذا التفاعلات الإقليمية المنخرطة فيها طهران، ويضاف إلى ذلك انتخاب الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي، والذي من المحتمل أن تخوض حكومته المفاوضات النووية، خلال المرحلة المقبلة.

لعبة حافة الهاوية

وبحسب وكالة "فارس" الإيرانية، قدّم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، تقريراً إلى رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى الإسلامي، وحيد جلال زادة، وعرج على الإجراءات المتخذة في إطار الاتفاق النووي، والمفاوضات الجارية في فيينا، والتي انعقد منها ست جولات حتى الآن، وقال ظريف إنّ "مفاوضات فيينا الجارية في إطار اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، تقترب من إطار اتفاق محتمل لرفع الحظر الأمريكي اللاقانوني على إيران". بحسب قوله.

وأوضح وزير الخارجية الإيراني، أنّ "هذا التقرير يتضمن أهم منجزات وتحديات تنفيذ الاتفاق النووي خلال الأعوام الستة الماضية، وأحدث نتائج مفاوضات فيينا، التي تبلور فشل الضغوط الأمريكية القصوى أمام مقاومة الشعب الإيراني". وتابع: "هذه المفاوضات تقترب في آخر أسابيع العمل، للحكومة الثانية عشرة (الحالية) من إطار اتفاق محتمل لرفع الحظر الأمريكي اللاقانوني، وآمل باستكمال ما توفر تحقيقه لغاية الآن، عبر استيفاء جميع حقوق الشعب الإيراني".

 

محمد الزغول: ترغب أمريكا في الإبقاء على بعض العقوبات، كأداة نفوذ مستقبلية، في إطار رغبتها بمواصلة التفاوض مع طهران حول قضايا أخرى، مثل: الصواريخ، وأجندة إيران الإقليمية، إلى غير ذلك

 

كما تضمن التقرير الذي عرض على رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي، بمجلس الشورى الإسلامي، جداول حول أوضاع صادرات النفط، بعد توقيع الاتفاق النووي، والعلاقات البنكية، وعدد البنوك الخارجية الوسيطة، ومقارنة الأوضاع النووية الحالية مع ما قبل الاتفاق، وقد عرض "تنفيذ الاتفاق النووي، وجهود إيران لالتزام الخطوط الحمراء، وخروج الولايات المتحدة من الاتفاق، والتزامات وإجراءات أوروبا الباهتة، بعد خروج أمريكا، والحرب الاقتصادية الشاملة من قبل الإدارة الأمريكية ضد الشعب الإيراني.

اقرأ أيضاً: ماذا يعني وما هو وضعه الحالي؟ كُل ما تود أن تعرفه عن الاتفاق النووي الإيراني

 في حديثه لـ"حفريات" يشير الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، محمد الزغول، إلى أنّ انتخاب إبراهيم رئيسي لمنصب رئاسة الجمهورية في إيران، لا يمثل العائق الأهم أمام التوصل إلى حل دبلوماسي للملف النووي الإيراني في فيينا، وذلك على الرغم من أنّ فوز إبراهيم رئيسي، يطرح الكثير من التساؤلات، حول آفاق المحادثات النووية الجارية في فيينا، خاصّة بالنظر إلى صورة، رئيسي، المتشدد الذي يمتلك سجلاً سيئاً في مجال حقوق الإنسان؛ ما قد يوحي بأنّه من المستحيل بالنسبة لواشنطن، التوصل إلى اتفاق معه، في حال عدم التوصل إلى تفاهم قبل رحيل حكومة روحاني، مطلع آب (أغسطس) المقبل.

ويتعلق التشاؤم الذي ساد مؤخراً، حيال مستقبل المحادثات النووية، في معظمه، بالمواقف السياسية والتكتيكات التفاوضية، بحسب الزغول، حيث صدر عن رئيسي، خلال أول مؤتمر صحفي له بعد انتخابه، تصريحات قاسية، بما في ذلك تحذير من أنّ طهران قد تنسحب من المحادثات، في حال عدم التوصل إلى اتفاق بشكل سريع. ورَدَّت واشنطن بسرعة بالمثل، حيث حذر مسؤولون أمريكيون من أنّه لا يمكن لمحادثات فيينا أن تستمر إلى الأبد. لكنَّ أياً من الطرفين لا يرغب بالتصعيد في حرب الكلمات هذه؛ حيث إنّ كل طرف يدرك أنّ لعبة حافة الهاوية، موجهة نحو الجماهير في كل من إيران والولايات المتحدة، ولا يتخيل أيّ من الطرفين التخلي عن المحادثات حالياً.

اقرأ أيضاً: لخيارات الأمريكية ضد الاستفزازات الإيرانية في الملف النووي

وتتمثل النقطة الجوهرية، في رغبة علي خامنئي، وآخرين يقفون خلف فوز رئيسي، في الانتخابات في "تمهيد الطريق أمام التوصل إلى اتفاق نووي، والذي من المحتمل التوصل إليه عند نقطة ما؛ إذ يرغب هؤلاء في امتلاك القدرة للإشادة بالاتفاق، الذي سيزعمون بأنّ التوصل إليه أصعب، وأنّه أفضل من الاتفاق الذي كان روحاني سيتوصل إليه، كما أنّهم لا يرغبون في قيام رئيسي، بالتوقيع على اتفاق جرى التفاوض عليه، إلى حد كبير، في عهد روحاني، ويفسر هذا تظاهر رئيسي، بتبني موقف متصلب، الأمر الذي دعا الأمريكيين للرد بالمثل، كما أنّ سياسة حافة الهاوية، تحدث في مكان آخر، حيث رفضت طهران تمديد اتفاق المراقبة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي انتهى في 24 حزيران (يونيو) الماضي، الأمر الذي أدى إلى انزعاج واشنطن، التي حذرت من احتمال انهيار المحادثات"، وفق قول الزغول.

مناورات خشنة بحثاً عن تسوية رابحة

لا تتعلق نقطة الخلاف بتعاون طهران مع الوكالة، بل بالعقوبات التي يجب رفعها عن إيران، بحسب الباحث المتخصص في الشأن الإيراني؛ حيث ترغب طهران في رفع العقوبات بشكل شامل ودائم، وقابل للتحقق، يمنح الثقة للدول والشركات الراغبة بالعودة إلى السوق الإيرانية، لكنَّ الولايات المتحدة تريد بتقليص رفع العقوبات إلى الحد الأدنى، نظراً لرغبتها في الإبقاء على بعض العقوبات، كأداة نفوذ مستقبلية، في إطار رغبتها بمواصلة التفاوض مع طهران حول قضايا أخرى، مثل: الصواريخ، وأجندة إيران الإقليمية، إلى غير ذلك.

ومن جهته، يرى الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي، طارق الشامي، أنّ الضربات الأمريكية الأخيرة، ضد الميليشيات التابعة لإيران على الحدود العراقية السورية، ليست سوى رد على هجمات هذه الميليشيات بطائرات الدرون، والتي تشكل تهديداً متزايداً للقوات الأميركية، المتمركزة في عدد من القواعد العراقية، وهي رسالة مفادها أنّ أوراق الضغط الإيرانية، يمكن الرد عليها وإلحاق الأذى والضرر بأيادي إيران، في العراق وسوريا.

 

 طارق الشامي: الضربات الأمريكية ضد الميليشيات التابعة لإيران على الحدود العراقية السورية، ليست سوى رد على هجمات هذه الميليشيات بطائرات الدرون

 

ويردف الشامي لـ"حفريات": "يرتبط ذلك بشكل ما، بمسار المفاوضات في فيينا حول الاتفاق النووي، لكنه عامل واحد ضمن مجموعة عوامل أخرى، وما تزال إدارة بايدن راغبة في العودة للاتفاق، وهناك إشارات صدرت مؤخراً؛ باستعداد واشنطن لإسقاط العقوبات الأميركية على المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، كبادرة حسن نية، لكن ذلك لا يعني إسقاط كافة العقوبات الأمريكية، حيث من المتوقع الإبقاء على مجموعة من العقوبات، التي فرضها ترامب خارج إطار الاتفاق النووي".

اقرأ أيضاً: إيران بدأت في إنتاج اليورانيوم المخصب... ما مصير الاتفاق النووي؟

ويرجح الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي أنّ "الإيرانيين وبخاصة خامنئي، الذي يملك كل الأوراق، وهو صاحب القرار الأول والأخير في إيران، لديه رغبة في التوصل لاتفاق، ربما قبل تولي إبراهيم رئيسي، رئاسة البلاد، حتى تقع مسؤولية توقيع الاتفاق على الرئيس المنتهية ولايته، حسن روحاني (من الناحية الشكلية)، ولامتصاص غضب الصقور في إيران؛ الرافضين لتقديم تنازلات لأمريكا؛ كي تعود للاتفاق، ومع ذلك تظل مسألة الصواريخ الباليستية الإيرانية، ودعم إيران للميليشيات في سوريا والعراق ولبنان واليمن، مشكلة كبيرة تقتضي مساومات وحلول وسط ".

أما اذا فشل الطرفان في التوصل لاتفاق، وتولّت حكومة رئيسي، المفاوضات، فسوف تتزايد الأمور تعقيداً، وتستغرق وقتاً أطول، ولكن يظل القرار بيد خامنئي، في النهاية، ولن يكون لدى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ما يخسره، بل على العكس سيخفف ذلك من ضغوط الجمهوريين عليه في الداخل، بحسب المصدر ذاته، والذي يلفت إلى تشديد بايدن على أنّ إيران لن تصنع قنبلة نووية في عهده، وهو تصريح مهم ولافت، كما أنّ له مغزاه أيضاً في الداخل الأمريكي، ولدول الشرق الأوسط، المتخوفة من وصول إيران إلى هذه النقطة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية