صهاريج طهران لن تحل أزمات لبنان

صهاريج طهران لن تحل أزمات لبنان


22/09/2021

سعيد الحمد

حتى لو تحوّل السيد زميرة إلى مدير دعاية وإعلان، وحتى ولو حوّل منبره الخطابي التحريضي الصارخ إلى منصة إعلان «للمازوت» الايراني الذي ظل يبشر اللبنانيين به على مدى أسابيع وكأن الحل السحري قادم من طهران ليخرج اللبنانيين من جميع مشاكلهم وكوارثهم وأزمة معيشتهم اليومية وانقطاعات الكهرباء والماء والغذاء والدواء والنفايات والكورونا والبطالة والرواتب التي اختنقت أنفاسها.

وظل السيد زميرة ومساعدوه وزعرانه يرصدون خط سير الباخرة المازوتية منذ خروجها من مرافئ ايران ويتابعون سيرها دقيقةً بدقيقة ويذيعون أخبار المسيرة الموعودة للمازوت السحري القادم بحلول خامنئية لجميع المآسي اللبنانية والذي سينقذ الاقتصاد من التدهور غير المسبوق، وسينهض لبنان من القاع إلى القمة إلى الدرجة التي ستتمنى كل شعوب العالم الثالث والثاني وحتى الأول أن يمن الله عليها بصهاريج مازوت طهران لتفعل فعلها وتقفز ببلدانهم إلى عنان السماء على كل صعيد اقتصادي ومعيشي وعلمي وتعليمي وصحي وسياسي وابداعي وفني واستثماري وتجاري ومصرفي.

وبعد طول انتظار أعطى السيد زميرة إشارة لزعرانه بالتحرك والخروج في قوافل زغاريد وورود وفرحٍ وهتافات وسيارات لاستقبال المازوت وصهاريج المازوت «الحلال» الذي اشتراه السيد زميرة من ايران بأموالٍ ايرانية!!

أجل اشترى السيد زميره المازوت /‏ «هدية» للشعب اللبناني بأموال ايران نفسها، ألم يقل هو وبعظمة لسانه ومن داخل مخبئه إن «أكلنا وشربنا وسلاحنا ورواتبنا وفلوسنا وأموالنا ومصارينا من الجمهورية الاسلامية الايرانية»؟؟

إذن ايران تسترد أموالها وفلوسها ومصاريها على دُفعات، وبهذه الطريقة ما قدمته لزميرة من الباب تأخذه من النافذة أو من الصهاريج.

وصنّاع الدعاية والإعلان من زعران السيد زميرة خرجوا وأعلنوا من فوق المنصات الالكترونية واشتغلوها في الدعاية لحظة الوصول فأطلقوا على صهاريج المازوت الايراني «قافلة الوعد الصادق»، وبعضهم الآخر كتب «يوم من أيام الله» وجميعهم كتبوا «عاشت ايران».

من كسب اذن من المازوت الايراني مدفوع الثمن عدًا ونقدًا سوى إيران وخامنئي ومعه رئيسي صديق زميرة الصدوق، ومتعلقًا بأذيالهم كالعادة السيد زميرة الذي يحضر وبعد الآن خطاب «النصر والوعد الصادق».

هكذا تلاعب المازوت الايراني بأزمات الشعب اللبناني وسط خروج زعران الضاحية للاحتفال بالمازوت بإطلاق رشقات من الرصاص وقذائف الآر بي جي، في استعراض معتادٍ للعنف والقوة على شعب لا يملك قوت يومه أو حبة «بندول».

حسافة وحسرة على لبنان وهو يثير الأسى ويقهر قهرًا وغصبًا للاحتفال بمازوت ايراني تم شراؤه في صفقة بيع وشراء فرض فيها البائع السعر وقبضه، فلماذا الاحتفال بمازوتك أيها البائع؟

السمسار الماكر ورجل الدعاية والإعلان بوصفها مهنة شطارة وعيارة استطاع أن يوحي للبنانيين أنهم انتصروا بالمازوت الايراني، وأنهم موعودون بالحل القادم في صهاريجه.

من خدع.. من؟؟

الصفقة أكبر من الصهاريج، والإلهاء جزء من ايديولوجية الإغواء، والصفقة الكبيرة والأهم لا علاقة لها بصهاريج المازوت فقد تمت وعقدت بين قم وواشنطن وختمت بأختام «سري للغاية».

لكنها الأيام ستبدي لك ما كنت جاهلاً، وستكشف تفاصيل اللعبة وسيختفي المازوت والصهاريج من المشهد الذي سيحتله أبطال صفقة «سري للغاية» وتلك حكاية تطول في تفاصيلها وفي الأدواء المسكوت عنها.

عن "الأيام"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية