صحفيّو غزة قلقون إزاء قصف الجيش الإسرائيلي بيوتهم السكنية

صحفيّو غزة قلقون إزاء قصف الجيش الإسرائيلي بيوتهم السكنية

صحفيّو غزة قلقون إزاء قصف الجيش الإسرائيلي بيوتهم السكنية


كاتب ومترجم فلسطيني‎
16/07/2024

منذ بداية الحرب الإسرائيلية المستعرة على قطاع غزة في 7 تشرين الأول  (أكتوبر) الماضي، يدفع الصحفيون وعائلاتهم ثمناً باهظاً خلال الحرب، في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل باستهداف الصحفيين الذين يواصلون نقل الحقيقة وعمليات الإبادة بحق السكان المدنيين في قطاع غزة، ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، فقد وصل عدد الشهداء الصحفيين إلى (158) منذ اندلاع الحرب، في المقابل أدانت مؤسسات دولية وحقوقية قتل هذا العدد من الصحفيين.

 وبالرغم من أنّ الصحفيين يتمتعون بالحصانة بموجب القوانين الدولية، إلا أنّ الجيش يواصل وبشكل متعمد استهدافهم، لثنيهم عن الاستمرار في نقل الحقيقة، خاصة رصد ونقل جرائم الإبادة والتعذيب التي يقوم بها أفراد الجيش داخل المدن بالصوت والصورة، ويسعى الجيش من وراء قتلهم للتستر على الجرائم البشعة التي يرتكبها بحق المدنيين العزّل، وقد باتت عمليات استهداف الصحفيين داخل منازلهم وخلال أداء عملهم في الميدان وحتى في مقرات عملهم تسير بوتيرة مرتفعة جداً؛ الأمر الذي يزيد من الخوف والقلق لدى الصحفيين وعائلاتهم.   

ويأتي شكل الملاحقة للصحفيين بطرق عدة؛ ومنها القتل المتعمد والاعتقال والتنكيل بهم، فبعد انتهاء الهدنة الإنسانية الأولى مطلع كانون الأول  (ديسمبر) الماضي، قتلت إسرائيل (3) مصورين يعملون لصالح وكالات عربية ودولية، وبعدها بأيام قليلة قتلت عدداً آخر من الصحفيين خلال محاولتهم تغطية عملية استهداف أحد الأبراج السكنية في مدينة غزة، إلى جانب استهداف صحفيين داخل خيام عملهم في مدينة دير البلح وخان يونس ومدينة رفح قبل العملية البرية، ولكن كان حدث استهداف الاحتلال لعائلة مراسل قناة (الجزيرة) في غزة وائل الدحدوح الأبرز رغم ما سبق وتلا من عمليات قتل الصحفيين، فقد تعمد الاحتلال تدمير المنزل على رؤوس أفراد أسرته خلال مواصلة عمله، إلى جانب استهداف نجله الأكبر أثناء عمله الصحفي، ومن ثم الإقدام على استهداف المراسل الدحدوح برفقة زميله المصور سامر أبو دقة، الذي استشهد نتيجة القصف المباشر عليهم أثناء تغطية مجازر الاحتلال في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ونتيجة لذلك بات الصحفيون في مختلف مناطق قطاع غزة يتحركون بحذر شديد خلال تغطيتهم للأحداث، في ظل الملاحقة المتعمدة لهم في كافة أماكن تواجدهم، وهو ما بات يقلق الصحفيين وعائلاتهم من خطر استهداف منازلهم سواء خلال تواجدهم بداخلها أو أثناء عملهم، في ظل تسجيل حالات عدة خلال الأيام والأسابيع الماضية لقصف منازل صحفيين، لكن رغم الخطر الشديد الذي يتعرض له الصحفيون، إلا أنّهم يستمرون في نقل الحقيقة، ويتحدون محاولات الجيش لثنيهم عن الاستمرار في نقل الرسالة.

هناك حالة من الإحباط والقلق تخيّم على جموع الصحفيين

ووفق بيانات وإحصاءات لجنة حماية الصحفيين الدولية، ومقرها نيويورك، فإنّ الحرب على غزة أصبحت الأكثر دموية للصحفيين. وأعلن المركز الدولي للصحفيين أنّ الحرب على غزة شهدت أعلى مستويات عنف ضد الصحفيين منذ (30) عاماً، ودعا المركز إسرائيل إلى التوقف عن قتل الصحفيين، والتحقيق في حوادث قتلهم على يد قوات الجيش، في المقابل وجهت حركة حماس نداء عاجلاً إلى كل المؤسسات الدولية والشخصيات الإعلامية بضرورة مساندة زملائهم الصحفيين الفلسطينيين، والعمل على استكمال رسالتهم التي تحاول إسرائيل طمسها، وفضح جرائم الاحتلال، وأوضحت الحركة أنّه في كل يوم تودع غزة كوكبة جديدة من الصحفيين الذين ينضمون إلى قافة شهداء حرب الإبادة.

أعلنت منظمة (مراسلون بلا حدود) أنّها تقدمت بطلب لدى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة ضد الصحفيين خلال الحرب على قطاع غزة

وأعلنت منظمة (مراسلون بلا حدود) أنّها تقدمت بطلب لدى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة ضد الصحفيين خلال الحرب على قطاع غزة، في المقابل نددت الهيئة الفلسطينية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني بتواصل حرب الإبادة الإسرائيلية بحق الصحفيين، حيث أقدم الاحتلال على قتل (6) صحفيين في يوم واحد قبل أيام، بعد أن تعمد استهداف منازلهم خلال ساعات الليل وهم آمنون، وهذا ما يؤكد أنّ هناك سياسة ممنهجة وأوامر من قبل قادة الجيش باستهداف الصحفيين، وتعمد انتهاك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة لحماية الصحفيين. وقالت القوات الإسرائيلية خلال تصريحات لوسائل إعلام دولية: إنّها لا تستطيع ضمان سلامة الصحفيين العاملين في قطاع غزة، علاوة على فرض الجيش رقابة على الأخبار المتعلقة بغزة.

وقد عبّر صحفيون في أحاديث منفصلة لمراسل (حفريات) عن بالغ استيائهم من تعرض زملائهم لعمليات قتل واعتقال ممنهجة خلال الحرب المستعرة على قطاع غزة، وما يزيد القلق أكثر توجه الاحتلال إلى قصف منازل الصحفيين برفقة عائلاتهم، في خطوة للضغط عليهم لترك الميدان.

يقول الصحفي ساهر درويش الذي يعمل مراسلاً لإحدى الوكالات الدولية: "نعيش ظروفاً صعبة خلال عملنا الصحفي، خاصة خلال تواجدنا المستمر في مقرات العمل الجماعية، وبالتحديد داخل المستشفيات التي يتوفر فيها كهرباء وشبكات إنترنت، وهذه الخدمات مفقودة في منازل الصحفيين؛ بسبب الدمار الكبير في المدن والبنى التحتية، حيث تعرضت إحدى الخيام التابعة للصحفيين قبل فترة زمنية للقصف داخل المستشفى الإماراتي وسط مدينة رفح، ممّا أدى إلى ارتقاء عدد من الزملاء الصحفيين خلال الاستهداف المتعمد".

ويشير إلى أنّ "هناك حالة من الإحباط والقلق تخيّم على جموع الصحفيين، لا سيّما البارزين الذين يعملون في وكالات دولية من خطر ملاحقتهم، في ظل عدم اكتراث الاحتلال الإسرائيلي لكل المناشدات الدولية للكفّ عن ملاحقة الصحفيين وقتلهم، فكل لحظة تتيح للاحتلال قتل أيّ صحفي خلالها لا تفوتها، وساحة الميدان تثبت حقيقة ذلك".

 رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي

وقد طالب المؤسسات الصحفية الدولية، والمؤسسات الحقوقية الدولية، برفع دعاوى ضد جرائم الاحتلال، كما طالب بتجنب استهداف الكوادر الصحفية العاملة في القطاع، لا سيّما عمليات استهداف الصحفيين برفقة عائلاتهم مؤخراً، والتي يدفع الصحفيون ثمنها بفقدان أفراد عائلاتهم".

من جهته استنكر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي "محاولات إسرائيل المتكررة قتل الصحفيين منذ بداية الحرب الإجرامية على قطاع غزة، خاصة محاولات استهدافهم داخل بيوتهم، للضغط عليهم ومنعهم من الاستمرار في نقل الحقيقة المترتبة على جرائم القتل البشعة بحق المدنيين العزّل في مختلف مناطق قطاع غزة، واصفاً الحرب الحالية بالأكثر دموية على الصحفيين وعائلاتهم".

وأوضح في حديثه لـ (حفريات) أنّ "للاحتلال الإسرائيلي تاريخاً طويلاً من استهداف الصحفيين في فلسطين، وهناك وتيرة متزايدة لعمليات القتل والاعتقال خلال الأعوام الـ (4) الماضية في غزة والضفة والقدس، وما يزيد الطين بلة أنّ الاحتلال لم يُحاسَب على جرائمه حتى الآن، رغم أنّها باتت واضحة للعالم".   

وقد دعا الاتحاد الدولي للصحفيين وكافة المؤسسات الصحفية العالمية  للوقوف إلى جانب الصحفيين الفلسطينيين ومساندتهم في ظل حرب الإبادة التي يتعرضون لها بالتحديد في قطاع غزة، وذلك بالتزامن مع العجز الدولي عن وقف الإبادة الجماعية المستمرة منذ أشهر على الصحفيين والسكان المدنيين".

وللشهر العاشر على التوالي تواصل إسرائيل شن حرب إبادة على قطاع غزة، متجاوزة كافة القرارات والقوانين الدولية، خاصة بعد استهداف الاحتلال لعمّال الإغاثة الدوليين والصحفيين والأطباء والمدنيين العزّل بشكل متعمد، إلى جانب التنكيل بالمعتقلين وتعذيبهم وإهانتهم بأبشع الطرق.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية